الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أنواع الإعراب]
قال ابن مالك: (وأنواع الإعراب: رفع ونصب وجرّ وجزم وخصّ الجرّ بالاسم؛ لأنّ عامله لا يستقلّ فيحمل غيره عليه، بخلاف الرّفع والنّصب وخصّ الجزم بالفعل لكونه فيه كالعوض من الجرّ).
ــ
والجواب: أنه لا يلزم من اعتبار لزوم الإضافة في أي، اعتباره في لدن؛ لجواز أن يمنع منه مانع (1)، وبتقدير التسليم فليس شبه لدن بعند كشبه أي بكل وبعض. ولو سلم فليس لدن بمعنى عند. وقد قال المصنف في باب الظروف (2):
«وليست لدى بمعناها بل بمعنى عند على الأصحّ» ، فدل على أن معنى لدن ومعنى عند غيران (3).
قال ناظر الجيش: إنما قال: وأنواع الإعراب لما علم من أن الإعراب عنده لفظي.
ومن الإعراب عنده معنوي (4)، يقول: ألقاب الإعراب وعلامات الإعراب.
«ولما كان المضارع شريك الاسم في الإعراب، وكان الكلام في الإعراب عموما لم يستغن عن ذكر الأنواع الأربعة.
وقدم الرفع لأن الكلام قد يستغني به عن غيره، وقدم الجر لأنه خاص بما هو أصل وأخر الجزم لأنه خاص بما هو فرع (5). -
(1) وهو مجيء غدوة بعدها منصوبة (كتاب سيبويه: 1/ 59)، واستشهدوا له بقول الشاعر (من الطويل):
فما زال مهري مزجز الكلب منهمو
…
لدن غدوة حتّى دنت لغروب
(2)
انظر تسهيل الفوائد (ص 97). والضمير في بمعناها يعود على لدن بالنون.
ومعنى كلامه: أن لدى ليست بمعنى لدن وإنما لدى بمعنى عند؛ فينتج أن لدن ليست بمعنى عند وهو المقصود.
وانظر ستة أمور تختص بها لدن دون عند في حاشية الصبان (2/ 264).
(3)
قوله: غيران: هكذا ورد في المخطوطة الأصل ومعناه متغايران. أما ضبطه فهو غريب: هل هو مثنى غير كبعل لم يرد، وإنما الذي ورد أن يجمع غير التي بمعنى سوى على أغيار.
ولعل ضبطه بكسر أوله وفتح ثانيه، ففي اللسان قولهم: لا أراني الله بك غيرا. والغير من تغير الحال وهو اسم بمنزلة القطع والعتب وما أشبههما.
وفيه أيضا الغير من قولك: غيرت الشيء فتغير (اللسان: مادة غير).
(4)
انظر الاختلاف في ذلك في أول هذا الباب.
(5)
المقصود بالأصل هو الاسم وبالفرع هو الفعل، وهذا معلوم مما تقدم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولما كان الاسم في الإعراب أصلا للفعل كانت عوامله أصلا لعوامله، فقيل:
رافع الاسم وناصبه أن يفرع عليهما لاستقلالهما بالعمل وعدم تعلقهما بعامل آخر.
بخلاف عامل الجر فإنه غير مستقل لافتقاره إلى ما يتعلق به من فعل أو ما يقوم مقامه، فموضع المجرور نصب بما يتعلق به الجار. ولذلك إذا حذف الجار نصب معموله وإذا عطف على المجرور جاز نصب المعطوف وربما اختير النصب. فشارك المضارع الاسم في الرفع والنصب لقوة عامليهما بالاستقلال وإمكان التفريع عليهما، وضعف عامل الجر لعدم استقلاله عن تفريع غيره عليه، فانفرد به الاسم وجعل جزم الفعل عوضا عما فاته من المشاركة في الجر، وانفرد به ليكون لكل واحد من صنفي المعرب ثلاثة أوجه من الإعراب بتعادل، وذلك أن الجزم راجح باستغناء عامله عن تعلق غيره والجر راجح بكونه ثبوتيّا؛ بخلاف الجزم فإنه حذف حركة أو حرف فتعادلا». هذا كلام المصنف وهو جيد (1).
ولما كانت العوضية في الفعل غير متحققة، قال: كالعوض من الجر، ولم يقل عوضا من الجر، وفي جعل الجزم في الفعل كالعوض من الجر [1/ 61] استغناء عن ذكر علة عدم دخوله في الاسم.
وقد ذكر لعدم دخول الجر في الفعل تعليل حسن وهو: أن الرفع في الأسماء وجد أصلا في بعضها وفرعا في بعضها وكذلك النصب بخلاف الجر فإنه أصل في المجرور جميعه (2)؛ فلما وجدت فرعية كل من الرفع والنصب فيما هو مستحق للإعراب بطريق الأصالة، وكان إعراب الفعل فرعا أمكن دخولهما في الفعل.
ولما لم توجد في الجر فرعية في الاسم لم يجز أن يفرع الفعل على الاسم. ثم أتى -
(1) انظر: شرح التسهيل (1/ 42).
(2)
في شرح ذلك يقول الزمخشري «الرّفع والنّصب والجرّ علم على معنى فالرفع علم الفاعليّة والفاعل واحد ليس إلّا، وأمّا المبتدأ وخبره وخبر إنّ وأخواتها ولا الّتي لنفي الجنس واسم ما ولا المشبّهين بليس فملحقات بالفاعل على سبيل التّشبيه والتّقريب، وكذلك النصب علم المفعوليّة والمفعول خمسة أضرب:
المفعول المطلق والمفعول به والمفعول فيه والمفعول معه والمفعول لأجله، وأمّا الحال والتمييز والمستثنى المنصوب والخبر في باب كان والاسم في باب إنّ والمنصوب بلا التي لنفي الجنس وخبر ما ولا المشبهتين بليس فملحقات بالمفعول والجرّ علم الإضافة». انظر المفصل للزمخشري (ص 18) طبعة بيروت، دار الجيل.