المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[تعريف المثنى وإعرابه] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ١

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أما قسم الدراسة فقد جعلناه في: تمهيد وعشرة فصول

- ‌وأما القسم الثاني وهو «التحقيق» فقد سرنا فيه وفق الخطوات التالية:

- ‌تمهيد

- ‌العصر الثقافي أو الحياة العلمية في عصر ناظر الجيش:

- ‌خصائص المدرسة النحوية في عصر «ناظر الجيش»:

- ‌الفصل الأول حديث موجز عن ابن مالك صاحب «التسهيل»

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌كنيته ولقبه:

- ‌مولده وموطن ولادته:

- ‌ثناء الناس على ابن مالك:

- ‌مؤلفات ابن مالك (النحوية فقط):

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثاني حديث عن ناظر الجيش صاحب «شرح التسهيل»

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌لقبه وكنيته:

- ‌مولده وموطن ولادته:

- ‌شيوخه:

- ‌1 - أبو حيان:

- ‌2 - تاج الدين التبريزي:

- ‌3 - التقي السبكي:

- ‌4 - التقي الصائغ:

- ‌5 - الجلال القزويني:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثقافته:

- ‌ مؤلفاته

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌المناصب التي تولاها:

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثالث كتاب التسهيل لابن مالك وقيمته العلمية

- ‌ قيمة التسهيل العلمية:

- ‌شروح التسهيل:

- ‌أثر التسهيل في المؤلفات النحوية بعده:

- ‌باحث معاصر حقق الكتاب:

- ‌الفصل الرابع كتاب شرح التسهيل لناظر الجيش المسمى «تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد»

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌نسبة الكتاب لناظر الجيش:

- ‌الغاية من تأليفه:

- ‌زمن تأليف الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب العلمية:

- ‌الفصل الخامس مصادر ومراجع كتاب شرح التسهيل لناظر الجيش

- ‌أما النحاة فنجد من أبرزهم:

- ‌ومن اللّغويين:

- ‌وأما رجال الحديث، والمفسرون، والقراء، والصحابة، فمنهم:

- ‌وأما الشعراء والرجاز:

- ‌الفصل السادس منهج ناظر الجيش في شرحه للتسهيل وأسلوبه فيه

- ‌ أولا: منهجه في التأليف:

- ‌ثانيا: أسلوبه في شرح التسهيل:

- ‌الفصل السابع شخصية ناظر الجيش النحوية

- ‌أولا: ناظر الجيش وسيبويه إمام النحاة:

- ‌ثانيا: ناظر الجيش وأبو علي الفارسي:

- ‌ثالثا: ناظر الجيش وابن جني:

- ‌رابعا: ناظر الجيش والزمخشري:

- ‌خامسا: ناظر الجيش وابن الحاجب:

- ‌سادسا: ناظر الجيش وابن عصفور:

- ‌سابعا: ناظر الجيش وابن مالك:

- ‌ثامنا: ناظر الجيش وأبو حيان:

- ‌الفصل الثامن موقف ناظر الجيش من قضية الاستشهاد والأدلة النحوية

- ‌أولا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيا: القراءات القرآنية:

- ‌ثالثا: الحديث الشريف:

- ‌رابعا: الشعر:

- ‌خامسا: النّثر:

- ‌الفصل التاسع ناظر الجيش مذهبه النحوي - بعض اختياراته

- ‌ أولا: مذهبه النحوي:

- ‌ثانيا: اختياراته النحويّة:

- ‌الفصل العاشر شرح ناظر الجيش - بين التأثر والتأثير - ما له وما عليه

- ‌ أولا: التأثر:

- ‌ثانيا: التأثير:

- ‌ميزات الكتاب:

- ‌مآخذ الشرح:

- ‌خاتمة

- ‌وقد خرجنا من البحث بالنتائج التالية:

- ‌منهجنا في التحقيق بإيجاز بعد أن ذكرناه بالتفصيل في المقدمة:

- ‌وصف النسخ التي اعتمدنا عليها في التحقيق:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الكلام على خطبة الكتاب

- ‌الباب الأول (*) باب شرح الكلمة والكلام وما يتعلّق به

- ‌[تعريف الكلمة]

- ‌[تقسيم الكلمة]

- ‌[تعريف الكلام]

- ‌[تعريف الاسم]

- ‌[تعريف الفعل]

- ‌[تعريف الحرف]

- ‌[علامات الاسم]

- ‌[علامات الفعل]

- ‌[أقسام الفعل]

- ‌[علامات الفعل الماضي والمضارع]

- ‌[زمن الأمر]

- ‌[زمن الفعل المضارع]

- ‌[ترجح زمن الحال في المضارع]

- ‌[تعيين زمن الحال للمضارع]

- ‌[الأمور التي تخلص المضارع للاستقبال]

- ‌[انصراف الفعل المضارع إلى زمن المضي]

- ‌[صرف الماضي إلى الحال والاستقبال]

- ‌[احتمال الماضي للحال والاستقبال]

- ‌الباب الثاني باب إعراب الصّحيح الآخر

- ‌[تعريف الإعراب]

- ‌[الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال]

- ‌[متى يعرب المضارع ومتى يبنى

- ‌[وجوه الشبه بين الاسم والحرف]

- ‌[أنواع الإعراب]

- ‌[علامات الإعراب الأصلية]

- ‌[ما ينوب عن الفتحة]

- ‌[ما ينوب عن الضمة]

- ‌[اللغات في الأسماء الستة]

- ‌[اللغات في: فم]

- ‌[إعراب الأمثلة الخمسة عند الرفع]

- ‌[الأمثلة الخمسة عند النصب والجزم]

- ‌[حد البناء وأنواعه]

- ‌الباب الثالث باب إعراب المعتلّ الآخر

- ‌[كيفية إعراب المضارع المعتل الآخر]

- ‌[بناء حرف العلة مع الجازم للضرورة]

- ‌[الضرورة وإعراب الأفعال والأسماء]

- ‌الباب الرابع باب إعراب المثنّى والمجموع على حده

- ‌[تعريف المثنى وإعرابه]

- ‌[الملحق بالمثنى وأنواعه]

- ‌[حكم العطف دون التثنية]

- ‌[تعريف جمع المذكر السالم]

- ‌[إعراب جمع المذكر السالم]

- ‌[الآراء في إعراب المثنى وجمع المذكر والأسماء الستة]

- ‌[تعريف جمع المؤنث السالم]

- ‌[شروط جمع المذكر السالم]

- ‌[الملحق بجمع المذكر السالم]

- ‌[حكم سنين وبابه]

- ‌[إعراب المعتل اللام من جمع المذكر وجمع المؤنث]

- ‌الباب الخامس باب كيفيّة التّثنية وجمعي التّصحيح

- ‌[تعريف المقصور والمنقوص والممدود]

- ‌[تثنية الاسم غير المقصور والممدود]

- ‌[تثنية المقصور]

- ‌[تثنية الممدود]

- ‌[تثنية خاصة لبعض الأسماء]

- ‌[جمع المقصور والمنقوص الجمع الصحيح]

- ‌[تثنية خاصة لأسماء مخصوصة]

- ‌[جمع بعض الأسماء الجمع الصحيح]

- ‌[جمع فعلة جمعا مؤنثا وحكم العين فيه]

- ‌[تثنية محذوف اللام وحكمه]

- ‌[تثنية اسم الجمع وجمع التكسير]

- ‌[الأوجه الجائزة في المضاف إلى المثنى]

- ‌[الأوجه الجائزة في مثل: عيناه حسنتان]

- ‌[ما يجمع بالألف والتاء]

- ‌الباب السادس باب المعرفة والنّكرة

- ‌[أنواع المعرفة]

- ‌[ترتيب المعارف]

- ‌[تفوق الأقل في التعريف]

- ‌[تعريف النكرة]

- ‌[اختلاف النحويين في ترتيب المعارف]

- ‌الباب السابع باب المضمر

- ‌[تعريف الضمير]

- ‌[مواضع استتار الضمير وجوبا]

- ‌[مواضع استتار الضمير جوازا]

- ‌[الحديث عن الضمير المتصل المرفوع]

- ‌[حكم الفعل الماضي المسند إلى الضمائر]

- ‌[نيابة بعض الضمائر عن بعض]

- ‌[بقية الحديث عن نيابة بعض الضمائر عن بعض]

- ‌[الحديث عن الضمير المتصل المنصوب والمجرور]

- ‌[أحكام ضمائر التثنية والجمع]

- ‌[نون الوقاية وأحكامها وماذا تلحق]

- ‌[الحديث عن ضمائر الرفع المنفصلة]

- ‌[اللغات في هو وهي]

- ‌[الحديث عن ضمائر النصب المنفصلة]

- ‌[مواضع انفصال الضمير]

- ‌[مواضع جواز الاتصال والانفصال]

- ‌[المختار في مواضع جواز الاتصال والانفصال]

- ‌[فصل الضمير الواجب الاتصال]

- ‌[مفسّر ضمير الغائب وتقديمه]

- ‌[مفسّر ضمير الغائب وتأخيره جوازا]

- ‌[مفسّر ضمير الغيبة وتأخره لزوما]

- ‌[ضمير الشأن وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى تخص ضمير الشأن]

- ‌[حكم ضمير الشأن من بروزه أو استتاره]

- ‌[أسباب بناء الضمائر]

- ‌[ضمير الفصل وأحكامه]

- ‌[استثناء من بعض أحكام الضمير]

- ‌[مسائل وأحكام أخرى لضمير الفصل]

الفصل: ‌[تعريف المثنى وإعرابه]

‌الباب الرابع باب إعراب المثنّى والمجموع على حده

* ‌

[تعريف المثنى وإعرابه]

قال ابن مالك: (التّثنية جعل الاسم القابل دليل اثنين متّفقين في اللّفظ غالبا، وفي المعنى على رأي بزيادة ألف في

آخره رفعا وياء مفتوح ما قبلها جرّا ونصبا تليهما نون مكسورة فتحها لغة، وقد تضمّ وتسقط للإضافة أو للضّرورة، أو لتقصير صلة ولزوم الألف لغة حارثيّة).

قال ناظر الجيش: هذا آخر أبواب الكلام على الإعراب، وأراد بقوله:

والمجموع على حدّه: ما جمع بالواو والنون؛ لأنه كالمثنى في كون دلالته على ما زاد على الواحد بزيادة في الآخر وكون الزيادة حرفين، وكون الحرف الأول منهما يتغير في حالتي النصب والجر.

وقدم المصنف على ذكر إعرابيهما (1) ذكر حدي التثنية والجمع [1/ 80].

وإنما قال: جعل الاسم، ولم يقل جعل الواحد؛ لأن المجعول مثنى يكون واحدا كرجل ورجلين، ويكون جمعا واسم جمع واسم جنس كجمالين وركبين وغنمين.

أما كون تثنية هذه الثلاثة غير مقيس فهو شيء آخر؛ وإنما أراد المصنف أنها تثنى في الجملة.

قال المصنف: «والمراد بالجعل تصرّف النّاطق بالاسم على هذا الوجه المذكور، وليس المراد به وضع الواضع فيدخل في الحدّ نحو زكا من الموضوع لاثنين» (2). وهذا ليس بجيد؛ لأن الإرادات في الحدود مردودة، وأيضا فالمثنى والمجموع من قبيل الكلمات المفردة المعتبر فيها الوضع، فالحق أن لا يراد بالجعل خلاف ما يفهم منه ابتداء وهو الوضع.

ولا يضر دخول نحو زكا في الحد؛ لأنه يخرج بقوله بعد: بزيادة ألف في آخره.

ونبه بقوله: القابل على أن من الأسماء غير قابل للتثنية كالمثنى والمجموع على -

(1) انظر إلى قوله: إعرابيهما من تثنية المضاف إلى ما يتضمنه من مثنى والمختار فيه الجمع: أعاريب، ثم المفرد: إعراب.

(2)

الزكا: بفتح الزاي مقصور الشفع من العدد، وانظر في كلام المصنف: شرح التسهيل (1/ 62).

ص: 305

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حدّه والمجموع الذي لا نظير له في الآحاد (1). وأسماء العدد غير المائة والألف وليس للتثنية. على أن من الأسماء ما لا يقبل التثنية فدخل في الحد، فكان الأولى إهمال لفظ القابل.

وقوله: دليل اثنين هو متعلق جعل؛ فهو تبيين لمعنى المثنى. وجعله الشيخ احترازا عن الجمع المسلم (2)، وليس بجيد؛ لأنه لم يتقدم ما يدخل فيه الجمع فيخرجه.

وأشار بقوله: متّفقين في اللفظ إلى أن شرط المثنى أن يكون مفرداه متفقي اللفظ كرجلين. وأما غالبا فاحترز به

من نحو القمرين في الشمس والقمر. وليس بجيد؛ فإنه يقتضي إطلاق المثنى على نحو القمرين وهو الذي يقتضيه كلامه في الشرح أيضا؛ لأنه قال (3): «ولما كان من المثنى ما مفرداه متفقا اللفظ وهو المقيس كرجلين وما مفرداه مختلفا اللفظ وهو محفوظ كالقمرين نبهت على ذلك بقولي: غالبا» .

والحق أن القمرين ليس بمثنى، وقد قال المصنف بعد أن قيل فيه مثنى في مقتضى اللغة لا الاصطلاح: كما يقال لاسم الجمع جمع.

وأما اتفاق مفردي المثنى في المعنى ففي اشتراطه خلاف:

ذهب الجمهور إلى اشتراطه كما أنه يشترط الاتفاق في اللفظ، وذهب بعضهم إلى عدم اشتراطه فأجاز تثنية المختلفي المعنى، وإليه جنح المصنف (4). ولهذا قال:

وفي المعنى على رأي، فأشعر أن مختاره خلاف ذلك وهو عدم الاشتراط.

قال المصنف: كعين ناظرة وعين نابعة؛ فأكثر المتأخّرين على منع تثنية هذا النّوع وجمعه والأصح الجواز. -

ص: 306

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقوله: بزيادة ألف في آخره رفعا وياء مفتوح ما قبلها نصبا وجرّا متعلق بقوله دليل اثنين أي دلالته على الاثنين بزيادة كذا وكذا.

قال المصنف (1): وقيّد بالزّيادة لئلّا يدخل المصدر المجعول للاثنين خبرا أو نعتا نحو: هذان رضا ومررت برجلين رضا. وهذا ليس بجيد؛ فإن المصدر لم يجعل دليل اثنين حتى يحترز عنه، إنما أطلق على اثنين، ولا يلزم من الإطلاق كونه دالّا عليهما.

وعلى هذا ينبغي أن يكون بزيادة مخرجا لنحو زكا كما تقدم التنبيه عليه.

وقوله: تليهما نون مكسورة أي تلي الألف والياء وسيأتي الكلام على الألف والياء وعلى النون [1/ 81] أيضا. هذا شرح الحد. وقد علمت ما فيه وما توجه على كلامه في المتن والشرح من المناقشة.

ثم ها هنا أبحاث:

الأول:

قد علمت أن من الأسماء ما لا يثنى:

وذلك إما لأمر يرجع إلى المعنى: وهو عدم الفائدة لو ثني نحو كلّ وبعض وواحد وعريب (2). وهذا النوع لم يتعرض المصنف إلى النص على عدم تثنيته لوضوح الأمر فيه.

وإما لأمر يرجع إلى اللفظ: وهو إما الاستغناء عن تلك الكلمة بغيرها كأجمع وجمعاء في مذهب البصريين للاستغناء عن تثنيتهما بكلا وكلتا (3)، أو بلفظ موضوع للمعنى الذي يقصد الدلالة عليه بالاسم الذي يراد تثنيته: كأسماء العدد؛ فإنه استغني عن تثنية خمسة بعشرة وعن تثنية عشرة بعشرين مثلا. -

(1) انظر: شرح التسهيل (1/ 59).

(2)

يقال: دار ما بها عريب ومعرب: أي ما بها أحد.

(3)

قال ابن مالك في ألفيته:

واغن بكلتا في مثنّى وكلا

عن وزن فعلاء ووزن أفعلا

قال الأشموني: (3/ 78): «فلا يجوز جاء الزيدان أجمعان ولا الهندان جمعاوان. وأجاز ذلك الكوفيّون والأخفش قياسا معترفين بعدم السّماع» .

وقال السيوطي في الهمع: (1/ 43): «ممّا لا يثنّى لتعريفه أجمع وجمعاء في التّوكيد وأخواته خلافا للكوفيّين» .

ص: 307

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإما لمشابهة ما لا يثنى (1) كأفعل من؛ فإنه جار مجرى فعل التعجب. وإما لكون الكلمة مطلوبة الحكاية كالجمل المسمى بها نحو تأبط شرّا.

وإما للاستثقال كما في المثنى والمجموع على حده؛ لاستلزامه إعرابين في كلمة.

وإما لأنه لا يشبه المفرد كالجمع الذي لا نظير له في الآحاد.

وقد ذكر المصنف كلّا من هؤلاء المسائل في بابه (2)، وذكر المثنى والمجموع على حده هنا، والجمع الذي لا نظير له أيضا؛ لأن هذا الباب موضع ذكرها، وضم إليها أسماء العدد؛ ليشعر أن الحكم المذكور ليس مقصورا على المذكورات، وإلا فهذا الباب ليس موضع ذكرها، ولهذا ذكرها في باب العدد.

البحث الثاني:

استدل المصنف على جواز تثنية ما اختلف معناه وجمعه بأن «أصل التثنية والجمع العطف وهو في القبيلين جائز باتفاق والعدول عنه اختصار، وقد أوثر استعماله في أحدهما فليجز في الآخر قياسا» انتهى (3) ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال (4).

ثم قال: «وقال بعضهم: اختصار التثنية كاختصار الخبر فكما جاز: زيد ضارب وعمرو فحذف خبر عمرو اكتفاء بخبر زيد لتوافقهما معنى، كذلك جاز أن يقال:

جاء الضاربان في المتوافقين معنى؛ وكما لم يجز حذف خبر عمرو إذا خالف خبر زيد معنى وإن وافقه لفظا، كذلك لا يجوز أن يقال زيد وعمرو ضاربان مع تخالف المعنى».

قال المصنف: والجواب عن ذلك من وجوه (5): -

(1) النوع الثالث من الأنواع التي لا تثنى.

(2)

انظر الحديث عن الجمل المسمى بها في باب العلم، قال الشارح: وأما النقل من الفعل الماضي فنحو شمر وكعسب، فالأول من: شمر إزاره إذا رفعه أو شمر في الأمر خف والثاني من: كعسب إذا أسرع أو قارب الخطا. وأما الفعل المضارع فنحو تغلب ويشكر. وأما الأمر فنحو اصمت.

وقال ابن مالك في تسهيل الفوائد (ص 119): في باب العدد: فصل: «لا يثنّى ولا يجمع من أسماء العدد المفتقرة إلى تمييز إلا مائة وألف» . وقال في باب أفعل التفضيل (ص 133): «ويلزم أفعل التفضيل عاريا الإفراد والتذكير» . وقال في باب التوكيد (ص 165): «ولا يثنى أجمع ولا جمعاء خلافا للكوفيين ومن وافقهم» .

(3)

انظر: شرح التسهيل (1/ 60).

(4)

وجه الضعف: أنه لا يشترط في المتعاطفين اتفاق أي اتفاق.

(5)

انظر: شرح التسهيل (1/ 63) واعلم أن المصنف يجوز تثنية المتحدين لفظا المختلفين معنى، تقول: -

ص: 308

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدها: «أن حذف الخبر المخالف معنى لم يجز؛ لأنه حذف بلا عوض في اللفظ، ولا دليل على معناه وأحد مفردي

المثنى معوض عنه علامة التثنية ومقدور على الدلالة عليه بقرينة».

الثاني: «أن ذكر عمرو في المثال المذكور يوقع في محذورين:

أحدهما: توهم المحذوف مماثلا للمذكور.

والآخر: توهم إلغاء ذكر عمرو والمثنى لا يتوهم فيه إلغاء».

الثالث: «أن التخالف في اللفظ لا بد فيه من تخالف المعنى ولم يمنع من التثنية (1) فأن لا يمنع منها التخالف في المعنى مع عدم التخالف في اللفظ أحقّ وأولى» انتهى.

وفيما ذكره من الأوجه الثلاثة نظر:

أما الوجه الأول وقوله فيه: إن أحد مفردي المثنى [1/ 82] معوض عنه علامة التثنية فغير ظاهر؛ لأن العوضية لا تتحقق؛ إذ الاسم برمته هو الدال على المثنى، ومقتضى كلامه أن لفظ زيد مثلا في نحو الزيدين دال على أحد الاسمين، والعلامة دالة على الاسم الآخر. وبتقدير تحقق العوضية يجب أن يكون معنى ما هي عوض عنه معنى الاسم المقرون بها وإلا انتفت الدلالة عليه للمخالفة.

وأما الوجه الثاني: فغير مسلم؛ لأنا كما نتوهم أن المحذوف مماثل للمذكور كذلك نتوهم أن المعنيين متفقان فيما ثني، فالمحذور حاصل في التثنية عند المخالفة كما هو حاصل عند حذف الخبر المخالف.

وأما الوجه الثالث فقوله فيه: إن التخالف في اللفظ لا بد معه من تخالف المعنى ولم يمنع من التثنية يقتضي جواز (2) تثنية المختلفي اللفظ، وذلك ممنوع؛ لأنه لا تثنية -

- هذان عينان، تقصد الناظرة والنابعة، ومنعه بعضهم وقاسوا ذلك على الخبر؛ فلا يجوز مثلا: زيد ضارب وعمرو أي كذلك على أن الضرب الأول من العقاب والثاني من السفر، وعليه فلا يصح: هذان ضاربان بالمعنيين السابقين، ورد المصنف ذلك ونقض هذه المناظرة بما سيذكره من وجوه. وقد أبطل ناظر الجيش هذه الوجوه ومنع تثنية المتحدين لفظا المختلفين معنى.

(1)

يشير بذلك إلى جواز تثنية الشمس والقمر بالقمرين والأب والأم بالأبوين، وأبي بكر وعمر بالعمرين.

(2)

هذا جواب أما وكان الواجب دخول الفاء عليه، ولكنه أدخلها على ما ليس بجواب في أول كلامه والصحيح أن يقال: وأما الوجه الثالث وقوله فيه .... فيقتضي جواز .... إلخ.

ص: 309

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مع التخالف في اللفظ، وقد تقدم أن نحو القمرين ليس بمثنى صناعي؛ فلا يتوجه الاستدلال به على ما قصده.

ثم قال المصنف: «وممّن صرّح بجواز ذلك ابن الأنباري رحمه الله (1) واحتجّ بقوله عليه الصلاة والسلام:

«الأيدي ثلاث فيد الله تعالى العليا ويد المعطي ويد السّائل السفلى إلى يوم القيامة» (2).

قال: ويؤيّد ذلك قول العرب: «خفّة الظّهر أحد اليسارين والغربة أحد السّبائين واللبن أحد اللّحمين والحمّة أحد الموتين» (3).

ويمكن أن يكون من ذلك قول الشّاعر:

88 -

يداك كفت إحداهما كلّ يائس

وأخراهما كفّت أذى كلّ معتدي (4)

-

(1) هو محمد بن القاسم بن محمد بن بشار بن الحسين الإمام أبو بكر بن الأنباري النحوي اللغوي، ولد سنة (270 هـ)، وكان من أعلم الناس بالأدب والنحو، غلبت عليه النزعة الكوفية، كان يملي في ناحية وأبوه يملي مقابله، وكان مع علمه وأدبه زاهدا متواضعا إلا أنه كان بخيلا لا يعطي مع ثرائه. سمع من ثعلب وغيره وكان من أهل السنة.

مصنفاته: كثيرة منها غريب الحديث، أدب الكاتب، الواضح في النحو، الأضداد، شروح شعر الأعشى والنابغة وزهير، توفي ببغداد سنة 327 هـ، انظر ترجمته في بغية الوعاة:(1/ 212) الأعلام (7/ 226) نشأة النحو (ص 151).

(2)

انظر في ذلك الهمع: (1/ 43)، قال السيوطي: «للتثنية والجمع شروط: الإفراد والإعراب وعدم التركيب والتنكير والخامس: اتفاق اللفظ

وهل يشترط اتفاق المعنى فيه أقوال أحدها: نعم وعليه أكثر المتأخرين

والثاني: لا وصححه ابن مالك تبعا لأبي بكر بن الأنباري قياسا على العطف». والحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل: (4/ 137)، ونصه فيه هكذا: عن مالك بن نضلة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى فأعطين الفضل ولا تعجز عن نفسك» .

(3)

انظر الأمالي لأبي علي القالي: (2/ 64)، وزاد فيه: وتعجيل اليأس أحد اليسرين، والشعر أحد الوجهين والرواية أحد الهاجيين. وفي الأمالي وغيره (التذييل والتكميل: 1/ 217) الحمية بكسر أوله وياء وهو خطأ والصحيح ما أثبتناه بضم أوله دون ياء ومعناه السم أو الإبرة التي تضرب بها الحية، لسان العرب (2/ 1015). وقوله: الغربة روي بالغين والراء فتكون بمعنى البعد عن الأهل، كما روي بالعين والزاي فتكون بمعنى من لم يتزوج، وكلا المعنيين صحيح فيما يعود عليه من الخبر.

(4)

البيت من بحر الطويل مجهول القائل والقصيدة التي منها وهو في المدح، وفيه يصف الشاعر ممدوحه في الشطرة الأولى بالكرم وفي الثانية بالشجاعة. وشاهده قوله: يداك: حيث أراد بواحدة النعمة وبالثانية -

ص: 310

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد يد النعمة ويد الجارحة، ويؤيد ذلك قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ (1) فإن الواو إما عائدة على المعطوف والمعطوف عليه، أو على المعطوف وحده مستغنى بخبره عن خبر المعطوف عليه؛ فهذا ممتنع؛

لأنّه من باب الاستدلال بالثاني على الأول كقول الشاعر:

89 -

نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راض والرأي مختلف (2)

وهو ضعيف وإنما الجيد الاستدلال بالأول كقوله تعالى: وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ (3). وصون القرآن العزيز عن الأوجه الضعيفة واجب.

ولو سلم استعمال هذا الوجه مع ضعفه لمنع من استعماله هنا تخالف (4) المستدلّ به والمستدلّ عليه في المعنى، وذلك لا يجوز بإجماع فتعين عود الواو إلى المعطوف والمعطوف عليه، وكون الصلاة معبرا بها عن حقيقتين مختلفتين وهو المطلوب (5) انتهى.

والحق أن تثنية ما اختلف معناه وجمعه لا يجوزان إلا سماعا؛ بل ينبغي أن -

- الجارحة المعروفة؛ وعليه فلا يشترط في التثنية اتحاد المعنى، ويكفي الاتحاد في اللفظ كما في هذا البيت.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 61) وفي التذييل والتكميل (1/ 230).

(1)

سورة الأحزاب: 56.

(2)

البيت من بحر المنسرح، واختلف في قائله، فقيل: قيس بن الخطيم، والبيت في ديوانه (ص 63، 173) من قصيدة مطلعها شاهد آخر وهو:

الحافظو عورة العشيرة لا

يأتيهم من ورائنا نطف

وقيل: قائله عمرو بن امرئ القيس من بني الحارث بن الخزرج جاهلي؛ قالها في بني مالك بن العجلان البخاري. انظر معجم الشعراء (ص 55، 56). ويستشهد بالبيت على حذف الخبر من المبتدأ الأول لدلالة خبر الثاني عليه، وهو ضعيف كما ذكره الشارح. والبيت في شرح التسهيل (1/ 61)، وفي التذييل والتكميل (1/ 230) وفي معجم الشواهد (ص 239) في مراجع كثيرة.

ترجمة قيس بن الخطيم: هو قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي أبو يزيد شاعر الأوس له في وقعة بعاث التي كانت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة أشعار كثيرة، أدرك الإسلام وتريث في قبوله فقتل قبل أن يدخل فيه، وكانت وفاته قبل الهجرة بعامين. له ديوان شعر مطبوع وشعره جيد ومن الأدباء من يفضله على حسان.

انظر ترجمته في الأعلام (6/ 55).

(3)

سورة الأحزاب: 35.

(4)

في النسخ: خلاف مكان تخالف وما أثبتناه - وهو أولى - من شرح التسهيل (لابن مالك)(1/ 61).

(5)

انظر: شرح التسهيل (1/ 61).

ص: 311

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يحكم على ما ورد من ذلك بأنه تثنية وجمع لغويان لا صناعيان (1)، كما حكم على نحو العمرين والأبوين والقمرين مما دل على اثنين، والخبيبين مما دل على جمع بذلك وإن أطلق على الوارد من المختلف المعنى بتثنية أو جمع من حيث الصناعة النحوية فإنما ذلك بطريق المجاز لا الحقيقة.

وأما إثبات مطلوبه بكون الصلاة معبرا بها عن حقيقتين مختلفتين فصحيح، وقد ذكر ابن الحاجب أن الأكثر على أن جمع المختلف المعنى مبني على صحة إطلاق ذلك اللفظ على معانيه المختلفة دفعة؛ ولكن ذلك الإطلاق مجاز لا حقيقة، فليكن ما انبنى عليه مجازا أيضا (2)[1/ 83].

البحث الثالث:

لم يذكر المصنف حد المثنى وكان بالذكر أحق من ذكر حدّ التثنية؛ لأنه هو المقصود بالكلام عليه ولأن ترجمة الباب له.

فالمثنى: هو ما دل على اثنين بزيادة صالحا للتجريد منها وعطف مثله عليه. وسيأتي الكلام على قيود الحد المذكور عند الكلام على قوله: وما أعرب إعراب المثنّى.

أما الكلام عن الألف والياء فسيأتي عند قوله: وليس الإعراب انقلاب الألف.

وأما النون فيأتي الكلام على كونها عوضا أو غير عوض عند الكلام على أحرف العلة المذكورة.

أما أحكامها اللفظية: فمنها الحركة وقد ذكر أنها مكسورة، وأن فتحها لغة لقوم من العرب، وأنها قد تضم (3). -

ص: 312

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أما الكسر: فقد اختلف في علته فقيل: كسرت للفرق بينهما وبين نون الجمع، وقيل: لالتقاء الساكنين، ونسب كلّ منهما إلى سيبويه (1) والقول الثاني أقرب.

وأما الفتح: فاستشهد له بما أنشده الفراء (2) من قول حميد بن ثور (3):

90 -

على أحوذيّين استقلّت عشيّة

فما هي إلّا لمحة وتغيب (4)

وبقول الآخر:

91 -

يا ربّ خال لك من عرينه

حجّ على قليّص جوينه

فسوته لا تنقضي شهرينه

-

- ذلك السيوطي في الهمع فقال: «الشائع في هذه النون الكسر في المثنّى والفتح في الجمع؛ وإنما حرّك لالتقاء السّاكنين وخولف بينهما للفرق، وخص كلّ بما فيه لخفة المثنى وثقل الكسر وثقل الجمع وخفة الفتح فعودل بينهما، وورد العكس وهو فتحها مع المثنى وكسرها مع الجمع، فقيل: هو لغة، وقيل:

فتح نون المثنى لغة وكسر نون الجمع ضرورة

وقال ابن جني: ومن العرب من يضم النّون في المثنّى وهو من الشّذوذ بحيث لا يقاس عليه» (الهمع: 1/ 49).

(1)

قال سيبويه (الكتاب: 1/ 18): إذا جمعت على حدّ التّثنية لحقتها زائدتان: الأولى منهما حرف المدّ واللّين، والثّانية نون. وحال الأولى في السّكون وترك التنوين وأنها حرف الإعراب حال الأولى في التّثنية؛ إلا أنّها واو مضموم ما قبلها في الرفع وفي الجر والنصب ياء مكسور ما قبلها ونونها مفتوح فرقوا بينها وبين نون الاثنين.

(2)

قال الفراء في كتابه معاني القرآن: (2/ 423): «قال الكسائي: سمعت من العرب ما هيّ إلّا ضربة من الأسد فيحطم ظهره وفيحطم قال: وأنشدني الأسدي: «على أحوذيين .... إلخ» .

(3)

هو حميد بن ثور بن عبد الله الهلالي أحد الشعراء المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام وقيل: إنه قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر ياقوت عن ابن منده: أن حميدا قد أسلم وأتى النبي وأنشده بعض شعره مادحا له، ومن أخباره أنه لما منع عمر بن الخطاب الشعراء في عهده من التشبيب بالنساء، قال حميد من قصيدة له:

فهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة

من السّرح مسدود عليّ طريق

كنى عن المرأة بالسرحة. وقال الأصمعي: «الفصحاء من شعراء العرب أربعة في الإسلام: راعي الإبل النميريّ، وتميم بن معقل، وابن أحمر، وحميد بن ثور» . توفي في خلافة عثمان رضي الله عنه. وله ديوان شعر صغير مطبوع متداول. انظر ترجمته في الشعر والشعراء (1/ 397).

معجم الأدباء (11/ 8).

(4)

البيت من بحر الطويل من قصيدة طويلة في الوصف لحميد بن ثور الهلالي في ديوانه (ص 55).

اللغة: أحوذيين: جناحين. استقلت: ارتفعت في الهواء. عشية: ما بين الزوال إلى المغرب.

والبيت شاهد على: فتح نون المثنى والقياس كسرها وهذا ليس بضرورة بل هو لغة لبني أسد. وانظر البيت في شرح التسهيل (1/ 62)، والتذييل والتكميل (1/ 238). ومعجم الشواهد (ص 38).

ص: 313

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شهر ربيع وجماديينه (1)

قال الشيخ (2): «نصّ الكسائي والفرّاء على أنّ فتح النّون لا يجوز مع الألف؛ إنما هو في حالة النّصب والخفض» فجعل ذلك استدراكا على المصنف.

وقد أنشدوا شاهد الفتح مع الألف قول الشاعر:

92 -

أعرف منها الأنف والعينانا

ومنخرين أشبها ظبيانا (3)

ورد بأنه لا يعرف قائله.

قال ابن عصفور (4): «من العرب من يفتحها مع الألف إلّا أنّ ذلك لم يجئ إلّا في حالة النّصب وكأنّهم أجروا الألف في ذلك مجرى الياء» . وأنشد البيت المتقدم، وقال ابن جني:«فتحها بعضهم في الثلاثة حملا للواحد على الحالتين» (5).

وأما الضم: فقال المصنف (6):

«حكى الشيبانيّ عن العرب: هما خليلان (7)، وقال: ضمّ نون التّثنية لغة» . -

(1) أربعة أبيات من الرجز المشطور نسبت لامرأة من فقعس كما في مراجعها.

اللغة: عرينة: قبيلة باليمن. قليص: تصغير قلوص وهي الناقة الشابة. جوينة: مصغر جون وهي من الإبل والخيل الشديد السواد. الفسوة: ريح تخرج بغير صوت، والكلام على تقدير مضاف أي ريح فسوته. جماديان: هما الأولى والثانية من الشهور العربية. وهي في الأبيات تهجو رجلا بريحته المنتنة. والاستشهاد: على أن نون المثنى قد تفتح كما في شهرين وجماديين، والهاء فيهما للسكت. وانظر الأبيات في التذييل والتكميل (1/ 239) وفي معجم الشواهد (ص 549).

(2)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 239).

(3)

البيتان من رجز رؤبة المشطور من قصيدة قصيرة يهجو بها امرأة عجوزا تدعى سلمى في بيت قبل ذلك (انظر ملحقات ديوان رؤبة ص 187). اللغة: أعرف: روي مكانها أحب. الأنف: روي مكانها الجيد، منخرين:

مثنى منخر وأصله موضع النخير وهو الصوت من الأنف، ويقال له نخر ينخر. ظبيان: اسم رجل لا مثنى ظبي.

والشاهد في البيتين: قوله: العينان حيث فتح نون المثنى مع الألف، كما يستشهد به على إلزام المثنى الألف في كل أحواله. وانظر البيت في مراجعه في معجم الشواهد (ص 547). والتذييل والتكميل (1/ 239).

(4)

انظر شرح الجمل له: (1/ 87)(فواز الشغار - إميل يعقوب). وقد علق على البيت السابق بقوله: «وهذا البيت لا حجّة فيه؛ لأنّه لا يعرف قائله» . وإنما جهل القائل؛ لأن البيت نسب في مراجعه لرجل مجهول من ضبة وقيل لرؤبة إلا أني وجدته في ديوان رؤبة كما سبق ذكره.

(5)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 240).

(6)

شرح التسهيل (1/ 65).

(7)

في الهمع (1/ 49): «قال الشّيبانيّ: ضمّ نون التّثنية لغة قال أبو حيّان: يعني مع الألف لا مع -

ص: 314

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال الشيخ: «ومن ذلك قول فاطمة رضي الله عنها: يا حسنان يا حسينان تريد الحسن والحسين رضي الله عنهما فغلّبت لفظ أحدهما على الآخر» .

وقال: «كان ينبغي للمصنف أن يقيد المثنى بكونه بالألف؛ لأن الضمّ مع الياء لا يجوز. وقال بعضهم: من العرب من يجعل الإعراب في النون إجراء للتّثنية مجرى المفرد وذلك قليل جدّا» انتهى (1).

فعلى هذا لا يكون قولهم هما خليلان من ضم نون التثنية في شيء.

ومن أحكامها أيضا: الحذف وعبر عنه بقوله: وتسقط للإضافة أو للضّرورة أو لتقصير صلة.

أما الإضافة: فكقوله تعالى: بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ (2).

وأما سقوطها للضرورة: فشاهده قول الشاعر:

93 -

هما خطّتا إمّا إسار ومنّة

وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر (3)

-

- الياء؛ لأنّها شبّهت بألف عثمان وغضبان، أنشد المطرز في اليواقيت (من الرجز):

يا أبتي أرّقني القذّان

فالنّوم لا تألفه العينان

والشيباني: هو إسحاق بن مرار الكوفي وكنيته أبو عمرو، سكن بغداد ومات بها؛ وأصله من الموالي إلا أنه جاور بني شيبان وأدب بعض

أولادهم فنسب إليهم، وكان الشيباني واسع العلم باللغة والشعر ثقة في الحديث عالما بكلام العرب وأخذ عنه جماعة كبار منهم أحمد بن حنبل. له مناظرات مع الأصمعي (نزهة الألباء ص 94) تدل على براعته في اللغة. من مصنفاته: كتاب كبير جمع فيه أشعار القبائل العربية، وله كتاب في غريب الحديث والنوادر والخيل وغير ذلك، عمّر طويلا حيث ولد سنة (94 هـ) ومات سنة (206 هـ).

انظر ترجمته في نزهة الألباء (ص 93)، بغية الوعاة (1/ 439). الأعلام (1/ 289).

(1)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 241) بتلخيص من الشارح.

(2)

سورة المائدة: 64.

(3)

البيت من بحر الطويل وهو لتأبط شرّا من مقطوعة قصيرة مطلعها (الحماسة: 1/ 74):

إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه

أضاع وقاسى أمره وهو مدبر

ولكن أخو الحزم الّذي ليس نازلا

به الخطب إلّا وهو للقصد مبصر

والأبيات في الشجاعة والصعلكة وقد كان صاحبها كذلك.

الشاهد فيه: قوله: هما خطّتا حيث حذفت النون منه للضرورة، وقد وجهوه على رفع إسار باستطالة الاسم كأنه استطال خطتا مع بدله وهو قوله: إما إسار ومنة، كما استطال الشاعر الموصول مع الصلة والموصوف مع الصفة في الشواهد الآتية بعد. وإذا جررت إسار كان حذف النون لنية الإضافة، والتقدير: هما خطتا إسار ومنّة (الحماسة: 1/ 81). ومثل بيت الشاهد في حذف النون قول الآخر -

ص: 315

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقول الآخر:

94 -

لنا أعنز لبن ثلاث فبعضها

لأولادنا ثنتا وما بيننا عنز (1)

ونقل عن الكسائي أنه يجيز حذف هذه النون دون ضرورة، فيجيز: قام الزّيدا بغير نون (2).

وقد جاء في كلام العرب مما عزي إلى الحجلة تخاطب [1/ 84] القطا:

قطا قطا بيضك ثنتا وبيضي مائتا أي ثنتان ومائتان.

أما سقوطها لتقصير الصلة:

فقد تكون في صلة الألف واللام، وقد تكون في صلة ما ثني من الموصول نحو الذي والتي.

فمثال الأول ما أنشده المصنف من قول الشاعر:

95 -

خليليّ ما إن أنتما الصّادقا هوى

إذا خفتما فيه عذولا وواشيا (3)

-

- (من الرمل):

ولقد يغني به جيرانك ال

ممسكو منك بأرباب الوصال

وانظر الشاهد في شرح التسهيل (1/ 62) والتذييل والتكميل (1/ 242)، ومعجم الشواهد (ص 952).

ترجمة الشاعر: هو ثابت بن جابر بن سفيان أحد لصوص العرب وأحد عدائيها المشهورين، كان يغزو على رجليه وكان إذا جاع نظر إلى الظباء فيقع نظره على أسمنها ثم يجري خلفه فلا يفوته حتى يأخذه.

وفي تلقيبه بهذا اللقب أقوال كثيرة. انظر ذلك في خزانة الأدب (1/ 66) وانظر أخباره في الشعر والشعراء (1/ 318).

(1)

البيت من بحر الطويل لم ينسب في مراجعه وصاحبه يقسم فيه أملاكه. اللغة: أعنز: جمع عنز وهي الأنثى من المعز مضى عليها حول. لبن: جمع لبون وهي ذات اللبن غزيرة كانت أم لا. ثنتا: أي اثنتان. وشاهده: حذف النون من ثنتا للضرورة. والبيت في معجم الشواهد (ص 194) وهو في شرح التسهيل (1/ 62). والتذييل والتكميل (1/ 242).

(2)

في التذييل والتكميل: (1/ 242): «وأمّا الكسائي فإنّه يجوز عنده حذف هذه النّون ولا يعتدّ حذفها ضرورة فيجوز عنده: قام الزّيدا بغير نون» . وفي نسخة (ب)، (جـ): قام اللذا مكان قام الزيدا. وما أثبتناه أفضل. وهو في الأصل؛ لأن الموصول سيأتي بعد.

(3)

البيت من بحر الطويل مجهول القائل وهو في العتاب بين الأصحاب. ويستشهد به على حذف نون المثنى لتقصير صلة الألف واللام. ورده أبو حيان وذكر أن حذف النون فيه للإضافة كما سيبينه الشارح. -

ص: 316

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثال الثاني قول الشاعر:

96 -

أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا

قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا (1)

وذهب أبو العباس المبرد إلى أنه لا يجوز حذف النون إلا مع موصول غير ألف ولام لطول الاسم (2) قيل: ولم يحفظ حذف النون في صلة الألف واللام في المثنى، إنما سمع في الجمع فقاسوا المثنى عليه.

وقال الشيخ (3): «يجوز في البيت الذي أنشده أن تكون نون الصّادقا حذفت للإضافة وهو مخفوض بإضافة اسم الفاعل إليه؛ لأنه مثنّى فتجوز إضافته إلى ما ليس فيه ألف ولام» انتهى وهو ظاهر. وقال الشيخ:

«النّون تحذف لشبه الإضافة: وذلك في اثنا عشر واثنتا عشرة وفي لا غلامي لك (4) على رأي المصنف فيه» فنقص المصنف ذلك (5).

والجواب: أنه إذا كان الحذف لشبه الإضافة استغني عن ذكره؛ لأن الإضافة -

- والبيت في شرح التسهيل (1/ 62)، والتذييل والتكميل (1/ 243)، ومعجم الشواهد (ص 426).

(1)

البيت من بحر الكامل قاله الأخطل من قصيدة طويلة بدأها بالغزل يهجو فيها جريرا، ويفتخر بقبيلته على بني كلب قوم جرير وهي في ديوان الأخطل (ص 387). وعمّا الأخطل هما: عمرو، ومرة ابنا كلثوم قتل الأول عمرو بن هند وقتل الثاني المنذر بن النعمان بن المنذر.

والأغلال: جمع غل: وهو طوق من حديد يجعل في عنق الأسير. والأخطل يمدح قومه بالشجاعة والمروءة.

وشاهد البيت واضح. وقد دار هذا الشاهد في كتب النحو واللغة ونسب في بعضها للفرزدق (شرح التصريح (1/ 132). وهو في شرح التسهيل (1/ 62)، والتذييل والتكميل (1/ 244). ومعجم الشواهد (ص 271).

(2)

انظر المقتضب (4/ 145)، وملخص رأيه في ذلك قال:

«نقول هذان الشّاتمان عمرا، فإذا أسقطت النّون أضفت: هذان الشّاتما عمرو، وأما الحافظو عورة العشيرة بالنصب فهذا لم يرد الإضافة فحذف النون لغير معنى فيه وذلك لطول الاسم إذا صار ما بعد الاسم صلة له، والدليل على ذلك حذف النون مما لم يشتق من فعل ولا تجوز فيه الإضافة فيحذفون لطول الصلة. فمن ذلك قول الأخطل وأنشد بيت الشّارح ثم أتبعه بقول الآخر:

وإن الّذي حانت بفلج دماؤهم

إلخ».

(3)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 244).

(4)

أصله: لا غلامين لك فحذفت منه النون لشبه الإضافة.

(5)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 245).

ص: 317

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

هي الأصل وما أشبهها حكمه حكمها.

وجعل الأعلم مما حذفت فيه النون لشبه الإضافة: لبّيك وسعديك وأخواتهما؛ فالكاف عنده حرف خطاب كما هي في قولهم: أبصرك زيدا (1).

وذهب الأخفش وهشام إلى أن النون تحذف لإضافة الضمير في نحو ضارباك؛ لأن هذا الضمير عندهما منصوب المحل، وسيأتي الكلام على الأول في باب الإضافة وعلى الثاني في باب اسم الفاعل إن شاء الله تعالى (2).

وأشار المصنف بقوله: ولزوم الألف إلى أن لغة بني الحارث بن كعب إلزام المثنى وما جرى مجراه الألف في كل حال ووافقهم في ذلك بنو الهجيم وبنو العنبر وغيرهم أيضا أجروا المثنى مجرى الاسم المقصور، قال الشاعر:

97 -

إنّ أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها (3)

وقال الآخر:

98 -

وأطرق إطراق الشّجاع ولو رأى

مساغا لناباه الشّجاع لصمّما (4)

-

(1) قال أبو حيان: «ذهب أبو الحجاج الأعلم إلى أنّ نون التثنية تحذف لغير ما ذكر المصنف من الإضافة والضرورة وتقصير الصلة وذلك هو حذفها في شبه الإضافة في قولك: لبّيك وسعديك فالكاف عنده ليست ضميرا وإنما هي حرف خطاب كما هي في قولك: أبصرك زيدا. وحذفت النون في لبيك وأمثاله لشبه الإضافة؛ لأن الكاف تطلب الاتصال بالاسم كاتصالها باسم الإشارة نحو ذلك والنون تمنع من ذلك فحذفت لذلك» (التذييل والتكميل 1/ 248).

(2)

قال ناظر الجيش في باب اسم الفاعل:

«وزعم الأخفش وهشام الكوفيّ أن كاف مكرمك وشبهه في موضع نصب؛ لأن موجب النصب المفعوليّة وهي محققة وموجب الجر الإضافة وهي غير محققة؛ إذ لا دليل عليها إلا حذف التنوين ونون التثنية والجمع. ولحذفها سبب غير الإضافة وهو صون الضّمير المتصل من وقوعه منفصلا وهذه شبهة تحسب قوية وهي ضعيفة ثم علّل وجه الضّعف» . انظر باب إعمال اسم الفاعل وباب الإضافة في هذا التحقيق.

(3)

البيتان من الرجز المشطور قيل لأبي النجم وقيل لرؤبة، وقد سبق الحديث عنهما في الأسماء الستة.

وشاهده هنا قوله: بلغا في المجد غايتاها حيث جاء المثنى منصوبا بالفتحة المقدرة على لغة من يلزمه الألف في كل أحواله.

(4)

البيت من بحر الطويل من قصيدة للمتلمس يعاتب فيها خاله الحارث بن التوأم اليشكري وكان قد -

ص: 318