الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بناء حرف العلة مع الجازم للضرورة]
قال ابن مالك: (إلّا في الضّرورة فيقدّر لأجلها جزمها).
قال ناظر الجيش: هذا استثناء من قوله: وينوب حذف الثّلاثة عن السّكون، يعني أن الأحرف المذكورة قد لا تحذف
حال الجزم بل تقر للضرورة.
قال المصنف (1): اكتفي بتقدير طرآن السكون مسبوقا بحركة، وأنشد قول الشاعر:
72 -
إذا العجوز غضبت فطلّق
…
ولا ترضّاها ولا تملّق (2)
وقول الآخر:
73 -
ألم يأتيك والأنباء تنمي
…
بما لاقت لبون بني زياد (3)
-
(1) انظر: شرح التسهيل (1/ 55).
(2)
البيتان من رجز رؤبة المشطور (ملحقات ديوان رؤبة ص 189)، وهما أيضا في معجم الأدباء لياقوت (11/ 150) في ترجمة رؤبة. وهو ينصح الرجال وبعدهما قوله:
واعمد لأخرى ذات دلّ مؤنق
…
ليّنة اللّمس كلمس الخرنق
اللغة: تملق: من معنى ترضى. دل مؤنق: أي معجب اسم فاعل من أنق. الخرنق: بكسر أوله وثالثه: ولد الأرنب.
وشاهده: واضح. وقال بعضهم: ليست لا الناهية الجازمة، وإنما هي النافية والواو فيه للحال (حاشية يس على التصريح: 1/ 87) والتمثيل بالأبيات الثلاثة للألف والياء والواو.
والبيت في التذييل والتكميل (1/ 207)، ومعجم الشواهد (ص 508).
(3)
البيت من بحر الوافر مطلع قصيدة لقيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسي قالها في قصة شحناء وقعت بينه وبين بني زياد بسبب درع أخذها الربيع بن زياد منه فأخذ قيس إبلهم، فباعها لعبد الله ابن جدعان القرشي بمكة، وذلك قوله بعد بيت الشاهد:
ومحبسها على القرشيّ تشرى
…
بأدراع وأسياف حداد
انظر القصيدة في أمالي ابن الشجري (1/ 85).
اللغة: الأنباء: الأخبار، تنمي: تشيع وتنشر. لبون: الناقة الشابة ويروى مكانها قلوص. بنو زياد: هم الربيع وإخوته: عمارة وقيس وأنس وأمهم فاطمة بنت الخرشب الأنمارية إحدى المنجبات في العرب.
وقيس يفتخر بشجاعته وقوته على بني زياد حيث اغتصب إبلهم. وشاهده كالذي قبله وقوله: بما لاقت:
فاعل يأتيك زيدت فيه الباء ضرورة وقيل الفاعل مضمر وهذا يتعلق به، والبيت في شرح التسهيل (1/ 56)، وفي التذييل والتكميل (1/ 206)، وفي معجم الشواهد (ص 123).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقول الآخر:
74 -
هجوت. زبّان ثمّ جئت معتذرا
…
من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع (1)
فاكتفى قائل ذلك بحذف الحركة المقدرة. وهذا مما يقوى به مذهب سيبويه، وهو أن الفعل المعتل يقدر فيه الحركات كما يقدر في الاسم المعتل.
ومنع بعضهم إثبات الألف، وعلله بأن الألف لا تقبل الحركة فلا يجوز لذلك إجراء ما هي فيه مجرى الصحيح. وبأن الجازم (2) إذا حذف الحركة المقدرة فيها، وجب رجوع الألف إلى أصلها لفقد الموجب لانقلابها وهو الحركة، فيقال:
لم يخش؛ فلما لم يقولوا ذلك دل على أنهم لا يحذفون الحركة المقدرة في الألف.
وقد استدل على إثبات الألف حال الجزم بقوله تعالى: لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى (3) وبقول القائل: «ولا ترضّاها» في البيت المتقدم. وبقول الآخر:
75 -
وتضحك منّي شيخة عبشميّة
…
كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا (4)
-
(1) البيت من بحر البسيط وهو لأبي عمرو بن العلاء، وقد احتج به صاحب نزهة الألباء على أن أبا عمرو اسمه زبان وأن الفرزدق كان قد هجاه، ثم جاء يعتذر إليه، فقال له أبو عمرو هذا البيت (نزهة الألباء ص 24).
اللغة: زبان: أصله من الزبب وهو كثرة الشعر وطوله وهو أحد ألقاب أبي عمرو أو أحد أسمائه.
ولم تدع: لم تترك الهجو. ومعناه واضح.
والشاهد في هذه الأبيات الثلاثة: بقاء حرف العلة في المضارع المجزوم للضرورة وهو في الأول: الألف وفي الثاني: الياء وفي الثالث: الواو.
ومثل ذلك قوله (من الوافر):
فإنك إن ترى عرصات جمل
…
بعافية فأنت إذا سعيد
وقول امرئ القيس (من الطويل) وهو في الأمر: ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلي. وبيت الشاهد في شرح التسهيل (1/ 56)، وفي التذييل والتكميل (1/ 206)، وفي معجم الشواهد (ص 230).
(2)
علة ثانية لوجوب حذف الألف عند دخول الجازم.
(3)
سورة طه: 77. وفي نسخة (ب): لا تخاف، والاستشهاد على أن لا فيه ناهية فيجب جزمه.
قال ابن خالويه (الحجة في القراءات ص 245):
«أجمع القراء على الرفع في: لا تخاف إلا حمزة؛ فإنه قرأه بالجزم على طريق النّهي فالحجة لمن رفع أنه جعل لا فيه بمعنى ليس. فإن قيل: فما حجّة حمزة في إثبات الياء في تخشى وحذفها علم الجزم؟
قيل: له في ذلك وجهان ....» انظر الشرح وانظر القراءات في كتاب النشر (2/ 321).
(4)
البيت من بحر الطويل من قصيدة قالها عبد يغوث بن وقاص الحارثي، وكان أسر يوم الكلاب مطلعها:
ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا
…
فما لكما في اللّوم خير ولا ليا
-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتأول السيرافي الآية الكريمة: على أن: ولا تخشى مجزوم بحذف الألف، وأن هذه الألف جيء بها لمراعاة الفواصل، وتأوله بعضهم على أنه مرفوع على الاستئناف أي: ولأنت لا تخشى (1).
وأما: ولا ترضّاها فيؤول على أنه فعل مرفوع خبر لمبتدأ محذوف، والجملة حالية أو مستأنفة.
وأما: كأن لم ترى قبلي، في رواية من رواه بالألف: فقيل: الألف إشباع.
وتأوله الفارسي: على أن أصله ترأى على لغة من قال: رأى يرأى بإثبات الهمزة في المضارع، فلما دخل الجازم حذف الألف، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء وأبدلت الهمزة ألفا، كما قالوا في المرأة والكمأة: المراة والكماة. ولم تحذف الهمزة على قياس النّقل، والتخفيف الكثير في كلامهم (2). -
- وبعد بيت الشاهد قوله:
وظلّ نساء الحيّ حولي ركّدا
…
يراودن منّي ما تريد نسائيا
وقد علمت عرسي مليكة أنني
…
أنا الليث معديّا عليه وعاديا
انظر القصيدة في المفضليات: (2/ 607)(الآباء اليسوعيين - بيروت سنة 1920).
اللغة: شيخة عبشميّة: أي من بني عبد شمس، وقد ضحكت منه لأن ابنها الأهوج أسره، وكان عبد يغوث سيد قومه.
وشاهده: بقاء حرف العلة مع الجازم فقيل ضرورة وقيل الياء ليست حرف علة وإنما هي ياء المخاطبة وفي البيت التفات من الغيبة إلى الخطاب والفعل مجزوم بحذف النون. وانظر رأي الفارسي أيضا في الشرح.
والبيت في التذييل والتكميل (1/ 197)، وفي معجم الشواهد (ص 423).
ترجمة الشاعر: هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، شاعر من أهل بيت شعر معروف في الجاهلية والإسلام.
كان فارسا وسيدا لقومه بني الحارث بن كعب وكان قائدهم في يوم الكلاب وفي هذا اليوم أسر وقتل.
انظر ترجمته وأخبار أسره وقتله وقصة بيت الشاهد في الخزانة (2/ 172).
(1)
قال السيرافي في شرحه لكتاب سيبويه (4/ 459)(رسالة دكتوراه بكلية اللغة العربية) وتقول:
«ذره يقل ذاك وذره يقول ذاك فالرفع من وجهين: أحدهما على الابتداء والآخر على قوله: ذره قائلا ذاك فتجعل يقول في موضع قائل. فمثال الجزم قوله تعالى: ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ [الحجر: 3].
ومثال الرفع قوله جل ثناؤه: ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ [الأنعام: 91]، وقال الله تعالى: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى فالرفع على الوجهين على الابتداء وعلى قوله: اضرب غير خائف ولا خاش».
(2)
انظر في تخريج رأي أبي علي الفارسي: المسائل العسكريات له (ص 264) د/ الشاطر.