الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أسباب بناء الضمائر]
قال ابن مالك: (وبني المضمر لشبهه بالحرف وضعا، وافتقارا، وجمودا، أو للاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني. وأعلاها اختصاصا ما للمتكلّم وأدناها ما للغائب، ويغلّب الأخصّ في الاجتماع).
ــ
واستكنانه في باب كاد، كقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ (1) في قراءة حمزة وحفص؛ فإنهما قرءا يزيغ بالياء، فهو مستند إلى قلوب، والجملة التي من الفعل والفاعل خبر كاد، واسم كاد ضمير الأمر (2).
قال ناظر الجيش: ذكر لبناء المضمر سببين:
أحدهما: شبه الحرف. والثاني: الاستغناء عن الإعراب لعدم الحاجة فيه.
وجعل شبهه للحرف في ثلاثة أمور: الوضع والافتقار والجمود.
ومراده أن كلّا من هذه الأمور مستقل بالعلية، كما أن مجموعها علة واحدة.
والمراد بشبه الحرف وضعا: كون بعض المضمرات على حرف واحد، كتاء فعلت وكاف حديثك. وعلى حرفين كنا، وما كان [1/ 178] من المضمرات على أكثر من حرفين فمحمول على غيره؛ لأن ما هو على أقل من ثلاثة منها فهو أصل أو كالأصل، وأيضا كأنهم قصدوا جري الباب على سنن واحد. -
-
هي الشّفاء لدائي لو ظفرت به
…
وليس منها شفاء الدّاء مبذول
وانظر بيت الشاهد في معجم الشواهد (ص 217)، وهو في شرح التسهيل (1/ 165)، وفي التذييل والتكميل (2/ 282).
ترجمة الشاعر: هو عمير بن عبد الله من بني سلول بنت ذهل بن شيبان، ولقبه عجير، ويكنى بأبي الفرزدق وأبي الفيل، عاش أيام عبد الملك بن مروان، فهو شاعر إسلامي يحتج بشعره، وجعله ابن سلام في شعراء الطبقة الخامسة من الإسلاميين، وقد أورد له أبو تمام مختارات في الحماسة. توفي سنة (90 هـ).
ترجمته في الأعلام للزركلي (5/ 5).
(1)
سورة التوبة: 117.
(2)
كما حملت قراءة حمزة وحفص بالياء على غير ضمير الشأن، فتجعل القلوب اسم كاد، وذكر الفعل على تذكير كاد، أو لأنه جمع ليس
لتأنيثه حقيقة.
وقرأ الباقون غير حمزة وحفص بالتاء، والحجة في ذلك أنه أراد تقديم القلوب على الفعل، فدل بالتاء على التأنيث لأنه جمع (الحجة في القراءات السبع: ص 178).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمراد بالافتقار: كون المضمر لا تتم (1) دلالته على مسماه إلا بضميمة من مشاهدة أو ما يقوم مقامها؛ فأشبه بذلك الحرف؛ لأنه لا يفهم معناه بنفسه بل بضميمة.
والمراد بالجمود: عدم التصرف في لفظه بوجه من الوجوه حتى ياء التصغير، وبأن يوصف أو يوصف به كما فعل بالمبهمات (2).
وأما الاستغناء باختلاف صيغه لاختلاف المعاني: فالمراد به أن المتكلم إذا عبر عن نفسه خاصة فله تاء مضمومة في الرفع وفي غيره ياء، وإذا عبر عن المخاطب فله تاء مفتوحة في الرفع، وفي غيره كاف مفتوحة في التذكير ومكسورة في التأنيث؛ فأغنى ذلك عن إعرابه، لأن الامتياز حاصل بدونه.
وما قاله حق أن لو كان اختلاف صيغ المضمر إنما هو للدلالة على التكلم وقسيميه؛ لكن الدال منه على التكلم للمرفوع منه صيغة، وكذا للمنصوب والمجرور أيضا. وكذا الدال على الخطاب والدال على الغيبة. والمضمر وإن انقسمت صيغه بالقسمة الأولى إلى الدلالة على التكلم والخطاب والغيبة، فهي منقسمة بالقسمة الثانية إلى ما هو للمرفوع وللمنصوب والمجرور، وقد اختلفت صيغه لاختلاف المعاني الثلاثة التي جيء بالإعراب لأجلها.
وأما قول المصنف: وأعلاها اختصاصا أي أعلى الضمائر، فقد تقدمت الإشارة إليه في أول باب المعرفة والنكرة حيث قال: -
(1) كلمة لا تتم ناقصة من الأصل خطأ.
(2)
المعنى أن الضمائر لجمودها لا توصف ولا يوصف بها، كما فعل بالمبهمات من أسماء الإشارة والشرط والاستفهام. وهذا بخلاف ما ذهب إليه الكسائي من أن ضمير الغيبة ينعت محتجّا بقولهم:
اللهم صلّ عليه الرءوف الرّحيم. وغيره يجعله بدلا كما سبق.
(3)
التذييل والتكميل (2/ 284).