الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريف النكرة]
قال ابن مالك: (والنّكرة ما سوى المعرفة).
ــ
معناه لا لبس فيها، فيحتاج إلى الإزالة. وإنما ذكر ليعلم المخاطب أن المتكلم صاحب هذا الاسم، أي الذي يطلق
عليه هذا الاسم؛ فإن المخاطب قد كان يعرف اسما ولا يدري من هو المراد به، فأفاده المتكلم أنه هو المراد بذلك الاسم، فالمخاطب إنما كان يجهل المراد بذلك الاسم، ولم يجهل المتكلم أصلا، وفي قوله تعالى: قالَ أَنَا يُوسُفُ بعد قول إخوة يوسف - عليه وعليهم السّلام -: قالُوا أَإِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ (1) ما يشعر بما ذكرته.
قال ناظر الجيش: قال المصنف: «تمييز النكرة بعد عد المعارف بأن يقال:
وما سوى ذلك نكرة - أجود من تمييزها بدخول رب والألف واللام، لأن من المعارف ما تدخل عليه الألف واللام كفضل وعباس، ومن النكرات ما لا يدخل عليه رب ولا الألف واللام، كأين وكيف وعريب وديّار» انتهى (2).
واعلم أن غير المصنف تعرض لذكر رتب الأسماء في التنكير، كما ذكر رتبها في التعريف، فقالوا:«أنكر النّكرات شيء ثمّ متحيز ثم جسم ثم نام ثم حيوان ثم ماش ثم ذو رجلين ثم إنسان ثم رجل» . فهذه تسعة أشياء. وحكم ما يقابل كل واحد من هذه الأسماء حكم ما هو في مرتبته؛ فأما شيء فليس له ما هو في مرتبته؛ لأنه أعم النكرات؛ ومتحيز في مرتبته غير متحيز، وجسم في مرتبته هيئة، ونام في مرتبته غير نام، وحيوان في مرتبته جماد، وماش في مرتبته سابح وطائر، وذو رجلين في مرتبته [1/ 130] غير ذي رجلين، وذو أرجل وإنسان في مرتبته بهيمة، ورجل في مرتبته امرأة (3).
قال ابن عصفور (4) - لما رد على أبي القاسم (5) تقسيمه -:
«والصحيح أنّ كلّ نكرة يدخل غيرها تحتها ولا تدخل هي تحت غيرها فهي -
(1) سورة يوسف: 90.
(2)
شرح التسهيل (1/ 117).
(3)
التذييل والتكميل (2/ 102) وقد نقل الشارح منه دون أن يشير.
(4)
شرح الجمل له: (2/ 236 - 237) بتحقيق الشغار ويعقوب.
(5)
هو عبد الرحمن بن إسحاق المشهور بالزجاجي صاحب الجمل (سبقت ترجمته).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنكر النّكرات؛ فإن دخلت تحت غيرها، ودخل غيرها تحتها؛ فهي بالإضافة إلى ما يدخل تحتها أعمّ وبالإضافة إلى ما تدخل تحته أخصّ».
وقال ابن الضائع - ما معناه -: «إن قول النحاة: أنكر النكرات كذا ثم كذا، إنما يكون في الأمور التي ينسب بعضها إلى بعض بالعموم والخصوص المطلق، فالأمور المتباينة أو المتساوية في العموم والخصوص، أو التي ينسب
بعضها إلى بعض بالعموم والخصوص من وجه لا يكون فيها ذلك».
قال بعد تقسيم ذكره: «فمعنى قولهم: أنكر النكرات شيء - يعنون أنكر النكرات الداخل بعضها تحت بعض المتفاضلة في العموم والخصوص» . قال:
«ولذلك لا يرد عليهم أن يقال ليس شيء أنكر من موجود» . ثم قال:
«فإن قيل: معلوم أنكر من شيء؛ لأن المعلوم يقع على المعدوم.
قيل: ربّ شيء ليس بمعلوم لنا؛ فلفظة معلوم من حيث هي فقط لا بالنظر إلى العالم ليست بأعم من شيء على الإطلاق. ولا يرد علينا أن كلّ شيء معلوم لله تعالى؛ فإن من الأشياء ما هو مجهول عندنا فيصدق عليه أنه ليس بمعلوم. فلفظة معلوم إضافية لا ينبغي أن تقرن بما هو موضوع على ذاته من حيث هي تلك الذات لا بالنظر إلى غيرها» انتهى كلام ابن الضائع (1).
واعلم أن مذهب سيبويه (2) أن النكرة أول والمعرفة بعدها وطارئة عليها؛ وزعم الكوفيون وابن الطراوة (3) أن الأمر ليس على ما ذهب إليه سيبويه، قالوا:«لأن من الأسماء ما التعريف فيه قبل التنكير، نحو مررت بزيد وزيد آخر، ومنها ما لا يفارقه التعريف كالمضمرات، ومنها ما التنكير فيه قبل التعريف، كما قال سيبويه؛ فضم الجميع إلى هذا الضرب الواحد غير صحيح» . -
(1) انظر نص ذلك في شرح الجمل لابن الضائع، مخطوط بدار الكتب (رقم 19 نحو، جزء 2، ورقة 10) وقد نقله صاحب التذييل والتكميل (2/ 104) دون أن يشير إلى ابن الضائع.
(2)
انظر الكتاب: (1/ 22). وفيه يذكر سيبويه بحوثا طريفة يبين فيها أن الاسم أخف على لسان العرب من الفعل، والنكرة أخف عليهم من المعرفة. والواحد أخف من الجمع، والمذكر أخف من المؤنث.
(3)
التذييل والتكميل (2/ 105)، والهمع (1/ 55).