الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال]
قال ابن مالك: (وهو في الاسم أصل لوجوب قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة والفعل والحرف ليسا كذلك فبنيا إلّا المضارع فإنه شابه الاسم بجواز شبه ما وجب له فأعرب).
ــ
ونازعه الشيخ في دعوى الإجماع على صحة إضافة أحد الاسمين إلى الآخر مع توافقهما معنى، وقال:«إنّ البصريّين لا يجوّزون ذلك» انتهى (1).
قال ناظر الجيش: اعلم أن المعاني التي تعرض للكلم على ضربين:
أحدهما: ما يعرض قبل التركيب: كالتصغير والجمع والمبالغة والمفاعلة والمطاوعة والطلب، وهذا الضرب بإزاء كل معنى من معانيه صيغة تدل عليه؛ فلا حاجة إلى الإعراب بالنسبة إليه.
والثاني من الضربين: ما يعرض مع التركيب: كالفاعلية والمفعولية والإضافة، وكون الفعل المضارع مأمورا به أو علة أو معطوفا أو مستأنفا.
وهذا الضرب تتعاقب معانيه على صيغة واحدة فيفتقر إلى إعراب يميز بعض معانيه من بعض. والاسم والفعل المضارع شريكان في قبول ذلك مع التركيب، فاشتركا في الإعراب؛ لكن الاسم عند التباس بعض ما يعرض له ببعض ليس له ما يغنيه عن الإعراب، كما في: ما أحسن زيدا إذا أريد [1/ 52] به أحد معانيه الثلاثة التي هي التعجب والنفي والاستفهام (2) وذلك لأن معانيه مقصورة عليه فجعل قبوله لها واجبا؛ لأن الواجب لا محيص عنه.
والفعل المضارع وإن كان قابلا بالتركيب لمعان يخاف التباس بعضها ببعض، فقد يغنيه عن الإعراب تقدير اسم
مكانه نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا؛ فإنه يحتمل أن يكون نهيا عن الفعلين مطلقا وعن الجمع بينهما وعن الجفاء وحده مع استئناف الثاني، فالجزم دليل على الأول، والنصب دليل على الثاني، والرفع دليل على الثالث. ويغني عن ذلك وضع اسم موضع كل واحد من المجزوم والمنصوب -
(1) التذييل والتكميل (1/ 113)، وانظر المسألة رقم 61 في كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف:(1/ 437).
ملحوظة: يوجد فراغ أبيض بعد ذلك حوالي نصف صفحة في النسخ الثلاث، وأرى أنه لم يسقط شيء.
(2)
انظر تفصيل ذلك والتمثيل له بعد صفحات من هذا التحقيق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمرفوع نحو أن تقول: لا تعن بالجفاء ومدح عمرو (1)، ولا تعن بالجفاء مادحا عمرا، ولا تعن بالجفاء ولك مدح عمرو.
فقد ظهر بهذا تفاوت ما بين سببي إعراب الاسم وإعراب الفعل في القوة والضعف؛ فلذا جعل الاسم أصلا والفعل المضارع فرعا فهذا كلام المصنف. وهو جيد (2).
وإذا تقرر ذلك فقوله: وهو أي الإعراب أصل في الاسم لوجوب قبوله بصيغة واحدة معاني مختلفة وهي الفاعلية والمفعولية والإضافة.
وقوله: والفعل والحرف ليسا كذلك أي. ليس الإعراب فيهما أصلا؛ بمعنى أنهما لا يستحقانه؛ لأنهما لا يجب أن يقبلا بصيغة واحدة معاني مختلفة. ونفي وجوب قبولهما لذلك تحته أمران:
أحدهما: نفي القبول من أصله كما في الحرف والفعل الماضي وفعل الأمر؛ فهذه (3) لا مدخل للإعراب فيها البتة؛ إذ لا مقتضى له في شيء منها.
الثاني: نفي الوجوب بخصوصه؛ فلا ينتفي أصل القبول كما في الفعل المضارع؛ فإنه يقبل بصيغته الواحدة عدة معان كما تقدم؛ لكن قبوله لذلك ليس واجبا بل جائزا؛ لأنه قد يقع اسم مكانه ويفيد إفادته فيستغنى عن الفعل بخلاف الاسم؛ إذ لا يتأتى ذلك فيه؛ ومن حيث كان ذلك القبول واجبا في الاسم جائزا في الفعل المضارع، جعل الإعراب في الاسم أصلا وفي الفعل فرعا (4).
ولما كان قوله: والفعل والحرف ليسا كذلك محتملا لنفي القبول من أصله قال: فبنيا.
أي كما أن الاسم استحق الإعراب للقبول استحق الفعل والحرف البناء لعدم القبول. -
(1) بجر مدح عطفا على الجفاء، ويكون المراد النهي عنهما.
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 34، 35).
(3)
الإشارة إلى الحرف والفعل الماضي وفعل الأمر، والمعنى: فهذه الأشياء.
(4)
هذا مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى أن الإعراب أصل في الأسماء والأفعال معا (انظر البحث الثاني من الأبحاث التي سيذكرها الشارح آخر هذا الحديث).
وانظر المسألة بالتفصيل وحجة كل من الفريقين في التذييل والتكميل (1/ 121 - 123)، والهمع:(1/ 15)، قال أبو حيان: وهذا من الخلاف الذي ليس فيه كبير منفعة (ارتشاف الضرب 1/ 413) تحقيق د/ مصطفى النماس (1984 م).
وقال ناظر الجيش: ومثل هذا ينبغي ألّا يتشاغل به. ولم يذكر هذه المسألة صاحب الإنصاف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ثم استثنى المضارع لكونه يقبل كالاسم، لكنه بين أن الإعراب ليس أصلا فيه، بل فرع؛ لكون القبول ليس على سبيل الوجوب؛ فقال:
فإنه شابه الاسم بجواز شبه ما وجب له أي أعرب الفعل المضارع لمشابهة الاسم في جواز قبول ما أوجب الإعراب فيه. وظاهر عبارته تقتضي أن الفعل أعرب لمشابهته الاسم في القبول؛ فتكون العلة في الإعراب المشابهة.
والذي علمناه من تقريره في الشرح (1): أن العلة في إعراب المضارع إنما هي القبول نفسه كما في الاسم لا المشابهة. وكان الأولى أن يقول إلا المضارع فإنه جاز فيه ما وجب في الاسم من القبول فأعرب، ولا شك أن هذا مراده. ويمكن الرجوع بعبارته إليه ولكن بتكلف.
ولا أعلم لم قال بجواز شبه ما وجب، ولم يقل بجواز ما وجب؟
وقال [1/ 53] الشيخ: «إنّما قال بجواز شبه؛ لأن المعاني التي أوجبت للاسم الإعراب ليست المعاني التي جوزت الإعراب للفعل بل هذه شبه لتلك؛ لأن الفاعلية والمفعولية والإضافة لا تكون للفعل؛ فلذلك قال: بجواز شبه ولم يقل بجواز ما وجب له» انتهى (2).
وما قاله غير ظاهر؛ لأن الذي أوجب الإعراب في الاسم وجوزه في الفعل إنما هو القبول بلفظ واحد لمعان تعتور عليهما؛ وهذا أمر واحد مشترك بينهما، وإن كانت المعاني المعتورة على الاسم غير المعاني المعتورة على الفعل؛ لكن المقتضي للإعراب لما هو الأمر المشترك وهو القبول. وعلى هذا لا يتم كلام الشيخ.
وكان الأولى أن يقول المصنف: بجواز ما وجب له، وأن يسقط لفظ شبه؛ إذ لا فائدة به.
ثم ها هنا أبحاث:
الأول:
اعترض الشيخ على المصنف في قوله: إن الحرف لا يقبل بصيغة واحدة معاني -
(1) أي شرح التسهيل انظره: (1/ 35).
(2)
انظر التذييل والتكميل (1/ 126).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مختلفة بأنا نجد كثيرا من الحروف تكون لمعان كثيرة يفهم من كل معنى منها حالة التركيب، وذلك نحو من؛ فإنها تكون لابتداء الغاية وللتبعيض وللتبيين ولم يعرب شيء منها. انتهى (1).
والجواب: أن المعاني المعتورة على الاسم أمور زائدة على مدلوله؛ فمدلول الاسم واحد، وتعتور عليه معان ثلاثة مختلفة تحتاج إلى أمر يدل عليها ويفصل بعضها من بعض، وذلك الأمر هو الإعراب. وأما الحرف إذا دل على معان متعددة فكل معنى منها هو مدلول الحرف حال دلالته عليه؛ فالمعاني التي له هي مدلولاته، وليس ثم أمر زائد يحتاج بسببه إلى الإعراب، ولا يفتقر الدال في دلالته على معناه إلى الإعراب؛ بل ولا إلى التركيب أيضا. فظهر أن اعتراض الشيخ ساقط (2).
البحث الثاني:
قد تقرر أن الإعراب أصل في الاسم فرع في الفعل. وهذا هو مذهب البصريين؛ إلا أنهم لم يجعلوا علة إعراب الفعل ما ذكره المصنف (3). بل العلة عندهم ما سنذكره بعد. ومذهب الكوفيين أن الإعراب أصل في الفعل كما هو أصل في الاسم؛ واحتجوا بأن موجب الإعراب في الاسم هو كونه يفتقر إليه لتبيين المعاني المعتورة عليه في بعض المواضع هو بعينه موجود في الأفعال في بعض المواضع نحو:
لا تأكل السّمك وتشرب اللبن؛ فإنما يفهم من الجزم النهي عن الفعلين مجتمعين ومفترقين. ومن النصب النهي عن الجمع بينهما. ومن الرفع النهي عن الأول وإباحة -
(1) انظر التذييل والتكميل: (1/ 121) وأمثلة معاني من التي ذكرها أبو حيان هي كالآتي بالترتيب:
سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [الإسراء: 1]، لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]، فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30].
(2)
يذكر أبو حيان - معترضا على ابن مالك - أن كثيرا من الحروف لها معان كثيرة، ومع ذلك فالحروف كلها مبنية.
ويجيب ناظر الجيش قائلا: إن هذه المعاني التي تأتي للحرف هي مدلول الحرف ومعناه؛ فليس هناك أمر زائد على المعنى يحتاج الحرف بسببه إلى الإعراب بخلاف الأسماء للأسماء؛ فإن معانيها في نفسها أولا كزيد الدال على إنسان صفته كذا وكذا، وجمل الدال على حيوان صفته كذا وكذا ثم تصير للأسماء معان أخر زائدة يحتاج بسببها إلى الإعراب كالفاعلية والمفعولية والإضافة وهكذا.
(3)
وهو قبول الفعل بصيغة واحدة معاني مختلفة نحو: لا تعن بالجفاء وتمدح عمرا، ونحو ما سيذكره الشارح: لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثاني. وبهذا علل المصنف إعراب الفعل فوافق الكوفيين؛ إلا أنه لم يوافقهم في كون إعرابه أصلا كما هو في الاسم وقد تقدم ذلك.
ونقل الشارح مذهبا ثالثا وهو عكس مذهب البصريين، قال:
ومثل هذا ينبغي ألا يتشاغل به.
البحث الثالث:
الذي تمسك به البصريون في كون الإعراب أصلا في الاسم هو ما تقدم من أنه يقبل بصيغة واحدة معاني مختلفة، وتقريره في نحو: ما أحسن زيدا إذا تعجبت منه، وما أحسن زيد إذا نفيت عنه الإحسان، وما أحسن زيد؟ إذا استفهمت.
قالوا: فلولا الإعراب [1/ 54] لالتبست هذه المعاني، ثم حمل ما لا لبس فيه من الأسماء على ما فيه لبس نحو: شرب زيد الماء كما حملت أخوات يعد في الحذف عليه (2) قالوا: ولا كذلك الأفعال؛ لأنه لو زال الإعراب منها ما التبست معانيها.
وأجابوا عما ذكره الكوفيون في نحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، بأن النصب على إضمار أن والجزم على إرادة لا والرفع على القطع. قالوا: فلو ظهرت العوامل المضمرة لكانت دالة على المعاني ولم يحتج إلى الإعراب؛ فالإعراب إنما دل على المعاني لما حذفت العوامل وجعل هو دليلا عليها؛ وذلك فرع والأصل ما ذكرنا (3) انتهى.
وضعف هذا الوجه غير خفي.
البحث الرابع:
جعل البصريون العلة في إعراب المضارع مشابهة الاسم في الإبهام والتخصيص -
(1) انظر: التذييل والتكميل (1/ 122).
(2)
أخوات يعد هي: أعد ونعد وتعد. وإنما كانت يعد هي الأصل لوجود علة حذف الواو فيها، وهي الثقل الناشئ من اجتماع ما يشبه أحرف العلة الثلاثة؛ حيث وقعت الواو بين الياء المفتوحة والكسرة، والفتحة بعض الألف والكسرة بعض الياء، ثم حمل على ذلك ما ليس مبدوءا بالياء من المضارع.
(3)
أي من إظهار العوامل في المثال المذكور وهي أن في النصب ولا في الجزم، ومن العامل المعنوي في الرفع وهو القطع (انظر التذييل والتكميل 1/ 122 - 123).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ودخول لام الابتداء ومجاراته اسم الفاعل في الحركة والسكون (1).
قال المصنف: وهذه المشابهة التي اعتبروها بمعزل عن ما جيء بالإعراب لأجله، ثم نقض بالفعل الماضي، فقال:
إن فيه من مشابهة الاسم ما يقاوم المشابهة المعزوة للمضارع ولعلها أكمل.
فمن ذلك أن الماضي إذا ورد مجردا من قد، كان مبهما في بعد المضي وقربه، وإذا اقترن بقد تخلص للقرب؛ فهذا شبيه بإبهام المضارع عند تجرده من القرائن وتخلصه للاستقبال بحرف التنفيس.
وأما لام الابتداء وإن كان للمضارع بها مزيد شبه بالاسم لكونها لا تدخل إلا عليهما فتقاومها اللام الواقعة بعد لو؛ فإنها تصحب الاسم والفعل الماضي خاصة، كقوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ (2)، وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا (3).
وليس اعتبار تلك أحق من اعتبار هذه، ولو لم يظفر بهذه لقاوم تلك تاء التأنيث؛ فإنها تتصل بآخر الفعل الماضي كما تتصل بآخر الاسم؛ فحصل للفعل الماضي بذلك من مشابهة الاسم مثل ما حصل للمضارع بلام الابتداء.
ويقاوم لام الابتداء أيضا مباشرة مذ ومنذ؛ فإن الماضي يشارك الاسم فيها دون المضارع.
وأما مجاراة المضارع اسم الفاعل في الحركة والسكون؛ فالماضي غير الثلاثي شريكه فيها (4)؛ وإنما يختص بها المضارع إذا كان الماضي على فعل مطلقا أو فعل متعديا (5). وللماضي ما يقاوم الفائت من اتحاد وزنه ووزن الصفة والمصدر وتقاربهما. فالاتحاد نحو: طلب طلبا، وجلب جلبا، وغلب غلبا، وفرح وأشر وبطر، وهو فرح وأشر وبطر، والمقاربة نحو: تعب تعبا وحسب حسبا وكذب -
(1) ذكر الشارح لمشابهة المضارع للاسم أربعة أوجه:
أولها وثانيها: الإبهام ثم التخصيص بمعنى أن الاسم يكون نكرة ثم يتخصص بوصف أو بتعريف، وكذلك المضارع يحتمل الحال والاستقبال، ثم يتخصص للأول بأشياء منها: الآن. وللثاني بأشياء منها: حروف التنفيس. والوجهان الثالث والرابع واضحان. وقوله: في الحركة أي مطلقها.
(2)
سورة البقرة: 103.
(3)
سورة الأنفال: 23.
(4)
دون اعتبار الميم الزائدة في الوصف في مثل مقاتل من قاتل.
(5)
وذلك لأن الوصف من هذين (فاعل) يجاري المضارع في الحركات والسكنات بخلاف غيرهما.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كذبا. ولا ريب في أن التوازن في هذا الضرب أكمل منه في يضرب فهو ضارب؛ فبان بما ذكرناه تفضيل ما اعتبرناه. انتهى كلام المصنف وهو كلام جيد (1).
وما ذكره من إبهام الماضي وتخصيصه أقرب شبه من إبهام المضارع وتخصيصه.
وذلك أن دلالته على الزمانين أعني القريب والبعيد بالتواطؤ، كما أن دلالة الاسم على مسماه كذلك.
وأما المضارع إنما يدل على الحال والاستقبال بطريق الاشتراك.
وليس في كلامه شيء غير أن اللام التي استشهد بدخولها في جواب لو - قد [1/ 55] ينازع فيها، فيقال: إن الجملة الاسمية وهي: لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ (2) ليست جوابا؛ بل هي مستأنفة والجواب محذوف فتكون اللام لام الابتداء.
على أن للمعربين فيها قولين:
أحدهما: أنها لام الابتداء. الثاني: أنها اللام الداخلة في جواب لو. فعلى القول الثاني يتم كلام المصنف جميعه (3).
البحث الخامس:
قد تبين مما تقدم أن المصنف وافق البصريين في أن الإعراب أصل في الاسم فرع في الفعل، وخالفهم في التعليل فلم يجعل فرعيته من جهة المشابهة للاسم، وأنه جنح إلى تعليل الكوفيين، ولم يوافقهم في الحكم الذي ادعوه من أصالة الإعراب في الفعل.
ووافق البصريين في الحكم والكوفيين في التعليل؛ فكان اختياره مركبا من المذهبين ولا يبعد ما اختاره من الصواب.
وقال الشيخ: الذي يظهر أن المعاني التي تعتور على الاسم والفعل مشتركة بينهما، فكما دخل الإعراب الاسم كذلك دخل الفعل (4).
(1) انظر شرح التسهيل (1/ 35، 36).
(2)
سورة البقرة: 103.
(3)
انظر الوجه الثاني في إعراب القرآن للعكبري: (1/ 101)، ومثوبة مبتدأ، ومن عند الله صفته، وخير هي الخبر، والجملة لا محل لها من الإعراب لأن لو غير جازمة؛ لأنها تعلق الفعل الماضي بالفعل الماضي والشرط خلاف ذلك. وقرئ «مثوبة» قاسوه على مفعلة من الصحيح.
(4)
من هذه المعاني ما يدخل عليهما قبل التركيب: كالتصغير والجمع في الاسم وكالمضي والاستقبال -