الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحديث عن ضمائر النصب المنفصلة]
قال ابن مالك: (ومن المضمرات إيّا خلافا للزّجّاج. وهو في النّصب كأنا في الرّفع. لكن يليه دليل ما يراد به من متكلّم أو غيره، اسما مضافا إليه وفاقا للخليل والأخفش والمازني، لا حرفا خلافا لسيبويه ومن وافقه. ويقال: إيّاك وإياك وهيّاك وهياك).
ــ
ومثال التشديد على لغة همدان (1) قول الآخر:
227 -
وإنّ لساني شهدة يشتفى بها
…
وهوّ على من صبّه الله علقم (2)
وقول الآخر:
228 -
والنّفس إن دعيت بالعنف آبية
…
وهيّ ما أمّرت باللّطف تأتمر (3)
قال ناظر الجيش: لما انقضى الكلام على المنفصل المرفوع أخذ يتكلم في المنفصل المنصوب، وهو إيا أو ما اتصل بها أو مجموعهما على اختلاف الأقوال.
وذكر المصنف في ذلك ثلاثة مذاهب:
أحدها: أن إيّا اسم ظاهر لا مضمر، وهو مذهب أبي إسحاق الزجاج، فيكون -
(1) انظر في تلك اللغة: الهمع (1/ 61)، وشرح التسهيل (1/ 144).
(2)
البيت من بحر الطويل، قائله رجل من همدان كما في مراجعه.
اللغة: الشّهدة: العسل ما دام في شمعه. يشتفى بها: يشفى بها. علقم: الحنظل، وهو شجر مر كريه الطعم.
ومعنى البيت: يقول الرجل: إنه طيب مع الطيبين وشرس مع غيرهم.
وشاهده: تشديد الواو من ضمير الغيبة في قوله: وهو على من صبه الله.
وفيه شواهد، أخرى بعضها سيأتي، وهي في الدرر (1/ 38)، وحاشية الصبان (1/ 174).
والبيت في شرح التسهيل (1/ 144، 207)، وفي التذييل والتكميل (1/ 204)، وفي معجم الشواهد (ص 340).
(3)
البيت من بحر البسيط لم ينسب في مراجعه، وهو من الحكم.
اللغة: العنف: ضد الرفق، آبية: ممتنعة.
والشاعر يقول: إن النفوس تنقاد وتتبع غيرها بالرفق، أما العنف فينفرها.
وشاهده: تشديد الياء من ضمير الغيبة في قوله: وهيّ ما أمّرت.
والبيت في معجم الشواهد (ص 163)، وفي شرح التسهيل (1/ 144)، وفي التذييل والتكميل (2/ 204).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الضمير ما بعد إيّا (1)، ونسب ابن عصفور هذا المذهب إلى الخليل (2).
الثاني: أن إيّا اسم مضمر، وأن اللواحق التي تلحق أسماء مضافا إليها إيّا.
قال المصنف: «وهو مذهب الخليل والأخفش والمازني» (3).
الثالث: أن إيّا اسم مضمر، وأن اللواحق التي تلحقها حروف دالة على المتكلم وغيره، وهو مذهب سيبويه (4).
وذكر ابن عصفور مذهبين آخرين:
أحدهما: أن إيّا دعامة، أي زيادة يعتمد عليها اللواحق؛ ليتميز المنفصل عن المتصل. قال الشيخ:«وهو مذهب الفرّاء» (5).
الثاني: أن الاسم بجملته هو الضمير، وهو إيّا وما يتصل بها. قال الشيخ:
«ونسب إلى الكوفيّين» (6).
فأما مذهب الزجاج فقال المصنف (7):
«الدليل على أن إيّا ضمير: أنه يخلف ضمير النصب المتصل عند تعذره لتقديم على العامل، نحو: إيّاك أكرمت، أو لإضماره، نحو: إياك والأسد، أو لانفصال بحصر أو غيره، نحو: ما أكرم إلا إيّاك، وأكرمته وإيّاك؛ فخلفه كما يخلف ضمير الرفع المنفصل ضمير الرفع المتصل عند تعذره، فنسبة المنفصلين من المتصلين نسبة واحدة، ولأن بعض المرفوعات كجزء من رافعه، وقد ثبت لضميره منفصل؛ فثبوت ذلك لضمير النصب أولى؛ إذ لا شيء من المنصوبات كجزء من ناصبه، ولأن إيّا لا تقع دون ندور في موضع رفع. [1/ 157] وكل اسم لا يقع في موضع -
(1) همع الهوامع للسيوطي (1/ 61).
(2)
شرح الجمل لابن عصفور (2/ 110).
(3)
شرح التسهيل لابن مالك (1/ 145). ونسب السيوطي هذا الرأي للخليل والمازني وابن مالك (الهمع: 1/ 61).
(4)
الكتاب (2/ 355): قال: «هذا باب علامة المضمرين المنصوبين: اعلم أنّ علامة المضمرين المنصوبين إيّا ما لم تقدر على الكاف التي في رأيتك وكما الّتي في رأيتكما، وكم الّتي في رأيتكم
…
» إلخ.
(5)
التذييل والتكميل (2/ 205).
(6)
المرجع السابق.
(7)
شرح التسهيل (1/ 144، 145).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رفع فهو مضمر أو مصدر أو ظرف أو حال أو منادى، ومباينة إيّا لغير المضمر متيقنة فتعين كونه مضمرا، ولأن إيّا لو كان ظاهرا لكان تأخره عن العامل واتصاله به جائزا، بل راجحا على انفصاله عنه وتقدمه عليه كحال غيره من المنصوبات الظاهرة؛ والأمر بخلاف ذلك فامتنع كونه ظاهرا ولزم كونه مضمرا، لكنه وضع بلفظ واحد، فافتقر إلى وصله بما يبين المراد به من الكاف وأخواتها» انتهى (1).
وناقشه الشيخ في هذه الوجوه المستدل بها بما يمكن المنازعة فيه (2).
وأما مذهب الفراء فأبطل بأن الاسم لا يكون دعامة، وأما مذهب الكوفيين (3) بأن الاسم لا يتغير بعضه بتغير
أحوال المراد به من غيبة وخطاب وتكلم.
وأما مذهب الخليل ومن وافقه وهو أن الكاف وأخواتها ضمائر مجرورة بالإضافة لا حروف، فقال المصنف: «إنه هو الصحيح لأن فيه سلامة من ستة أوجه مخالفة للأصل:
أحدها (4): أن الكاف في إياك لو كانت حرفا كما هي في ذلك لاستعملت على وجهين: مجردة من لام وتالية لها، كما استعملت مع ذا وهنا، ولحاقها مع إيا أولى لأنها كانت ترفع توهم الإضافة، فإن ذهاب الوهم إليها مع إيا أمكن منه مع ذا؛ لأن إيا -
(1) المرجع السابق.
(2)
قال أبو حيان: «لا نسلّم أنّ إيا وحده خلف الضّمير المتصل عند تعذّره، بل مجموع إيا وما بعده من اللّواحق» . ويمكن رده بأن اللواحق علامات وأن إيا هي الضمير.
وقال: «أما قوله: ولأنّ إيّا لا تقع في موضع رفع وكلّ اسم إلى آخره، فلا نسلّم حصر ما لا يقع في موضع رفع فيما ذكره» . والرد عليه أن ابن مالك لا يحصر ما لا يقع في موضع رفع، وإنما يذكر أن إيا ضمير لا ظاهر بدليل أنها لا تقع في موضع رفع.
وقال: «وأما قوله: ولأن إيّا لو كان ظاهرا لكان
…
إلى آخره، فلا نسلّم ملازمة ذلك، بل هو ظاهر؛ لكنه اقترن به ما أوجب له التقدم على العامل وهو اللّواحق».
ويمكن الرد عليه بأن اللواحق لم تؤثر شيئا في التقدم أو غيره.
وانظر هذه الأوجه ووجها رابعا آخر في شرح التذييل والتكميل (2/ 205)، وما بعدها.
وبقي ما ذكره ابن مالك وتبعه شارحنا أن إيا ضمير.
(3)
أي القائل بأن الاسم بجملته هو الضمير وهو إيا وما يتصل بها.
وقوله بأن الاسم: متعلق بمحذوف تقديره: فأبطل بأن الاسم
…
إلخ.
(4)
انظر نص هذه الأوجه في شرح التسهيل (1/ 145، 146).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قد يليها غير الكاف، ولذا لم يختلف في حرفية كاف ذاك، بخلاف كاف إياك (1).
الثاني: أنها لو كانت حرفا لجاز تجريدها من الميم في الجمع كما جاز تجريدها مع ذا. كقوله تعالى: فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ (2)، ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ (3)، (4).
الثالث: أنه لو كانت اللواحق بإيا حروفا، لم يحتج إلى الياء في إياي، كما لم يحتج إلى التاء المضمومة في أنا (5).
الرابع: أن غير الكاف من لواحق إيا مجمع على اسميته مع غير إيا مختلف في اسميتها معها؛ فلا يترك ما أجمع عليه لما اختلف فيه، ثم تلحق الكاف بأخواتها ليجري الجميع على سنن واحد (6).
الخامس: أن الأصل عدم اشتراك اسم وحرف في لفظ، وفي القول باسمية اللواحق سلامة من ذلك فوجب المصير إليه.
السادس: أن هذه اللواحق لو لم تكن أسماء مجرورة المحل، لم يخلفها اسم مجرور بالإضافة فيما رواه الخليل من قول العرب: إذا بلغ الرّجل السّتين فإيّاه وإيّا الشّوابّ، وروي: فإيّاه وإيّا السّوآت يعني بالسين المهملة (7). وهذا مستند قوي؛ لأنه منقول بنقل العدول بعبارتين صحيحتي المعنى» انتهى (8). -
(1) رده أبو حيّان بقوله: «لا يلزم ذلك؛ ألا ترى لحاق الكاف في النّجاءك ورويدك زيدا، ولا تلحق معهما اللام؟» (التذييل والتكميل: 2/ 208).
(2)
سورة البقرة: 85.
(3)
سورة المجادلة: 12.
(4)
ردّه أبو حيّان بقوله: لا يلزم؛ ألا ترى أنّ الكاف اللّاحقة لأرأيتك هي حرف خطاب على أصح المذاهب، ولا يكتفى بها وحدها دون الميم في الجمع، بل تقول: أرأيتكم. (المرجع السابق).
(5)
ردّه أبو حيّان: بأن المنفصل المرفوع مباين بالكلّية للمتّصل المرفوع، فتميز بنفسه ولم يحتج إلى التاء، وأما الياء في إيّاي فاحتاجت إلى المتّصل بها، حتّى صار كله ضميرا منفصلا (المرجع السابق).
(6)
رجحه أبو حيان وقال: «هو صحيح وإلى ذلك نذهب، وهو مذهب الفرّاء» (المرجع السابق).
(7)
أما بالشين فهو جمع شابة والمراد به النساء. وأما بالسين المهملة فمعناه القبائح، وقد شرح هذا القول ابن مالك شرحا حسنا (شرح التسهيل له: 1/ 146).
(8)
شرح التسهيل (1/ 146).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يخفى ضعف بعض هذه الأوجه، بل أكثرها وأقواها الوجه الرابع.
وأما ما رواه الخليل من: فإيّاه وإيّا الشواب، فقد حملوه على الشذوذ.
قال ابن عصفور (1): «بل لنا أن نقول: هذه المضافة إلى الظّاهر ليست بإيّا من إيّاك، وإن اتّفقا في اللّفظ، بل هي اسم مظهر؛ لأنّ المضمر لا يضاف؛ لأنه لا يفارقه التعريف ولا يضاف إلّا ما يتنكّر» انتهى.
قال بعضهم: «فإيّا فيما روى الخليل بمعنى حقيقة، كأنّه قال: فإيّاه وحقيقة الشّوابّ» ثم قال المصنف - بعد إيراد الأوجه الستة - (2):
«فإن قيل هذه الوجوه مؤدية إلى إضافة إيا وهي ممتنعة [1/ 158] من وجهين:
أحدهما: أن إيا لو كان مضافا لم تخل إضافته من قصد تخفيف أو تخصيص.
فقصد التخفيف ممتنع؛ لأنه مخصوص بالأسماء العاملة عمل الأفعال وإيا ليس منها.
وقصد التخصيص ممتنع أيضا، لأن إيا أحد الضمائر، وهي أعرف المعارف، فلا حاجة بها إلى تخصيص.
الثاني: أن إيا لو كان مضافا لكانت إضافته إضافة شيء إلى نفسه وهي ممتنعة.
والجواب أن يقال: أما إضافة التخفيف فمسلم امتناعها من إيا. وأما إضافة التخصيص فغير ممتنعة، فإنها تصير المضاف معرفة إن كان قبلها نكرة، وإلا ازداد بها وضوحا، كما يزداد بالصفة، كقول الشاعر:
229 -
علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم
…
بأبيض ماضي الشّفرتين يماني (3)
-
(1) نصه في شرح الجمل له (2/ 11).
(2)
شرح التسهيل (1/ 146).
(3)
البيت من بحر الطويل، نسب لرجل يدعى زيدا من ولد عروة بن زيد الخيل، وهو في الفخر.
اللغة: علا: يقال علاه بالسيف إذا ضربه به. النّقا: الكثيب من الرمل، وكتب بالألف لأنه من الواو بدليل ظهورها في التثنية نحو نقوان. الأبيض: السيف. الماضي: النافذ القاطع. الشّفرتين: الشفرة حد السيف، وثناه باعتبار وجهيه.
والشاعر يذكر أعداءه بانتصار قومه عليهم وغلبتهم لهم يوم النّقا.
واستشهد به هنا على أن إضافة العلم زادته وضوحا كوصفه تماما.
واستشهد به آخرون على أنه أضاف زيدا إلى المضمر، فجرى في تعريفه بالإضافة مجرى أخيك وأبيك.
(شرح المفصل: 1/ 44) وسيأتي ذلك في التحقيق. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فإضافة زيد هنا أوجبت له من زيادة الوضوح مثل ما يوجب وصفه إذا قيل: علا زيد الذي منا زيدا الذي منكم. فكما قبل زيادة الوضوح بالصفة، قبل زيادة الوضوح بالإضافة من غير حاجة إلى انتزاع تعريفه.
وقد يضاف علم لا اشتراك فيه على تقدير وقوع الاشتراك المحوج إلى زيادة الوضوح، كقول ورقة بن نوفل (1):
230 -
ولوجا في الّذي كرهت قريش
…
ولو عجّت بمكّتها عجيجا (2)
وإذا جازت إضافة مكة ونحوها مما لا اشتراك فيه، فإضافة ما فيه اشتراك أولى بالجواز كإيا، فإنه قبل ذكر ما يليه صالح أن يراد به واحد من اثني عشر معنى؛ فالإضافة إذا له صالحة، وحقيقته بها واضحة، وكأن انفرادها بالإضافة دون غيرها من الضمائر كانفراد أي بها دون سائر الموصولات. ورفعوا توهم حرفية ما يضاف إليه بإضافتها إلى الظاهر في قولهم: فإيّاه وإيّا الشّوابّ.
والاحتجاج بهذا للخليل على سيبويه (3) شبيه باحتجاج سيبويه على يونس (4) -
- والبيت في معجم الشواهد (ص 396)، وشرح التسهيل (1/ 147)، والتذييل والتكميل (2/ 211).
(1)
هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى، من قريش، حكيم جاهلي، اعتزل الأصنام قبل الإسلام وتنصر وقرأ كتب الأديان، وأدرك عصر النبوة ولم يدرك الدعوة، وهو ابن عم خديجة أم المؤمنين، وعند ما نزل جبريل على الرسول صلى الله عليه وسلم أخذته خديجة إلى ورقة فطمأنها وأخبرها بأن هذا هو النبي المنتظر، وبشر محمدا بالنبوة، وتمنى أن يعيش حتى الدعوة لينصر محمدا ودين محمد، ولكنه توفي بعد بدء الوحي بقليل. وكان ذلك قبل الهجرة باثني عشر عاما. وهل هو من الصحابة أم لا؟ رأيان. وسئل عنه النبي عليه السلام فأثنى عليه. ترجمته في الأعلام (6/ 131).
(2)
البيت من بحر الوافر، من قصيدة قالها ورقة بن نوفل لما ذكرت له أم المؤمنين خديجة ما رآه ميسرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما مسافران للتجارة وما قاله بحيرا الراهب في شأنه.
اللغة: ولوجا: مصدر ولج أي دخل، ويقصد به هنا الدخول في الإسلام. عجّت: من العجيج وهو رفع الصوت في التلبية وغيرها. وفي البيت يذكر ورقة أنه سيدخل في الإسلام رغما عن قريش. وشاهده واضح من الشرح.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 147)، والتذييل والتكميل (2/ 211)، وليس في معجم الشواهد.
(3)
معناه أن إضافة إيا إلى الظاهر في القول المذكور، دل على أن اللواحق من الكاف وغيرها أسماء؛ لأن المضاف إليه لا يكون إلا اسما، وهذا هو مذهب الخليل في أن إياك اسمان بخلاف مذهب سيبويه الذي ينص على أن إيا هي الضمير الاسم، أما اللواحق بها فهي حروف دالة على التكلم وغيره. وسيبويه نفسه استدل على أن ياء لبيك للتثنية ببقائها عند الإضافة إلى الظاهر في البيت المذكور الآتي.
(4)
انظر نصه في الكتاب (1/ 351) يقول سيبويه: «وزعم يونس أن لبيك اسم واحد ولكنه جاء على -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بقول الشاعر:
231 -
دعوت لما نابني مسورا
…
فلبّي فلبّي يدي مسور (1)
لأن يونس يرى أن ياء لبيك ليست للتثنية، بل هي كياء لديك؛ فاحتج سيبويه بثبوت ياء لبي مع الظاهر، ولو كانت كياء لدى لم تثبت إلا مع المضمر، كما أن ياء لدى لا تثبت إلا مع المضمر.
وأما إلزامهم بإضافته أيضا إضافة الشيء إلى نفسه، فنلتزمها معتذرين بما اعتذر عنها في نحو: جاء زيد نفسه وأشباه ذلك» انتهى (2) وهو كلام حسن.
قال الشيخ: «الذي يقطع ببطلان اسمية ما أضيف إليه إيّا، أنه كان يلزم إعراب إيّا كما لزم إعراب أي؛ فإنّ سبب إعراب أي إنما هو لزوم الإضافة، وذلك موجود في إيّا» انتهى (3).
وما ذكره غير لازم؛ إذ لا يلزم من اعتبار الإضافة في أي اعتبارها في غيرها، على أنه قد تقدم في باب الإعراب أن المقتضي لإعراب أي أمران:
وهما لزوم الإضافة، وكونها بمعنى بعض مع المعرفة، وبمعنى كل مع النكرة.
وإذا كان كذلك فلا يلزم المصنف بإعراب إيا؛ لأن المقتضي بتمامه لم يوجد فيه، إنما [1/ 159] وجد جزؤه وجزء العلة ليس بعلة.
وذكر المصنف فيها غير اللغة المشهورة أربع لغات (4): -
- هذا اللفظ في الإضافة كقولك عليك، وزعم الخليل أنها تثنية بمنزلة حنانيك؛ لأنا سمعناهم يقولون:
حنان، وبعد أن أنشد بيت الشاهد قال: فلو كان بمنزلة على لقال: فلبي يدي مسور؛ لأنك تقول: على زيد إذا أظهرت الاسم».
(1)
البيت من بحر المتقارب، وهو لرجل من بني أسد لم تعينه مراجعه رغم كثرتها.
اللغة: نابني: نزل بي. مسور: رجل استغاث به الشاعر فأغاثه، وكان الشاعر قد دعا مسورا المذكور ليغرم عنه دية لزمته، وخص يديه بالذكر لأنهما اللتان أعطياه المال حتى تخلص من نائبته.
وشاهده: واضح من الشرح، وهو ثبوت ياء لبي مع الظاهر ساكنة، فدل على أنه مثنى.
وانظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص 193)، وهو أيضا في شرح التسهيل (1/ 147)، والتذييل والتكميل (1/ 476).
(2)
شرح التسهيل (1/ 147).
(3)
التذييل والتكميل (2/ 212).
(4)
شرح التسهيل (1/ 147).