الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تفوق الأقل في التعريف]
قال ابن مالك: (وقد يعرض للمفوق ما يجعله مساويا أو فائقا).
ــ
المضاف إلى المضمر، فجعل المضاف إلى كل منها دونه في التعريف، ورد عليه بقوله تعالى: وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ (1) فوصف المضاف إلى ما فيه اللام بما فيه اللام؛ والمتقرر أن النعت لا بد أن يكون مساويا للمنعوت في التعريف أو أقل منه تعريفا، ويلزم من قول المبرد أن يكون النعت فائقا للمنعوت في التعريف، وهو لا يجوز.
وأنشد ابن عصفور في شرح الجمل ردّا على المبرد، قول الشاعر:
180 -
فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه
…
يمرّ كخذروف الوليد المثقّب (2)
وقول الآخر:
181 -
كتيس الظّباء الأعفر انضرجت له
…
عقاب تدلّت من شماريخ ثهلان (3)
ووجه الرد فيما قرر في الآية الكريمة.
قال ناظر الجيش: لم يمثل المصنف لمفوق جعل مساويا؛ بل مثل لمفوق جعل فائقا، قال: «كقولك لرجلين حضراك دون ثالث: لك مبرّة بل لك، فإنهما -
(1) سورة طه: 80.
(2)
البيت من بحر الطويل من قصيدة لامرئ القيس في الغزل والوصف، وهي مليئة بالغريب كشعر امرئ القيس كله ومطلعها (الديوان ص 41 - 55):
خليليّ مرّا بي على أمّ جندب
…
نقضّي لبانات الفؤاد المعذّب
وهو في بيت الشاهد يصف شدة عدو فرسه وتحريكه له. وأن زجره يلهبه حتى يصير في شدة جريه كخذروف الوليد إذا أداره؛ ومع ذلك فقد أدرك الفرس صيده دون مشقة.
والبيت يحتج به ابن عصفور على المبرد القائل: إن المضاف إلى أحد المعارف دون المضاف إليه في التعريف، بأنه يلزم منه أن يكون النعت فائقا المنعوت في التعريف في مثل هذا البيت (حيث وصف الخذروف بالمثقب) وهو لا يجوز؛ فدل على أن المضاف إلى أحد المعارف مساو للمضاف إليه.
والبيت ليس في معجم الشواهد وهو في التذييل والتكميل: (2/ 118).
(3)
البيت من قصيدة لامرئ القيس أيضا من بحر الطويل ومطلعها (الديوان ص 89 - 93):
قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
…
ورسم عفت آياته منذ أزمان
وبيت الشاهد في وصف فرس له.
اللغة: تيس الظباء: الذكر من الظبي. الأعفر: ما يعلو بياضه حمرة. انضرجت له: انقضت عليه.
العقاب: بالضم طائر قوي. تدلّت: ظهرت. شماريخ ثهلان: أعالي الجبل المسمى بثهلان. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يعرفان بمجرد هذا اللفظ المعطوف من المعطوف عليه ما لم يعضد اللفظ بمواجهة أو نحوها؛ بخلاف قولك: للكبير منكما مبرّة بل للصّغير أو بالعكس، أو تقول:
للّذي سبق منكما مبرّة، بل للّذي تأخّر، فإنهما لا يرتابان في مراده بالأول والثاني فقد عرض لذي الأداة
والموصول ما جعلهما فائقين في الوضوح لضمير الحاضر.
وكذلك يعرض للعلم ما يجعله أعرف من ضمير المتكلم [1/ 129] كقول من شهر باسم لا شركة فيه لمن قال له: من أنت؟ أنا فلان، ومنه قوله تعالى: أَنَا يُوسُفُ (1) فالبيان لم يستفد بأنا بل بالعلم بعده.
وقد يعرض للموصول مثل ما عرض للعلم، كقول من شهر بفعل لا شركة فيه لمن قال له: من أنت؟ أنا الذي فعل كذا. ومن هذا القبيل سلام الله على من أنزل عليه القرآن، وعلى من سجدت له الملائكة. ومنه: وا من حفر بئر زمزماه» انتهى (2).
وفيما ذكره نظر؛ وذلك أن ضمير المخاطب إنما يدل على معناه بالمواجهة. وقول المصنف: ما لم يعضد اللفظ بمواجهة، يدل على أن المواجهة في إيراد المثال الذي ذكره مفقودة، وإذا فقدت المواجهة فقد الخطاب، وإذا فقد الخطاب فقدت دلالة اللفظ على ما يقصد به.
ولا شك أن قولنا للكبير أو للصغير أو للذي سبق أو تأخر، يتطرق إليه من الاحتمال ما لا يتطرق إلى الضمير في قولنا: لك بل لك إذا حصلت المواجهة من المتكلم للمخاطب، فكيف يكون ما يتطرق إليه الاحتمال أعرف من الذي لا يتطرق إليه احتمال، أو يكون النظر إليه أقل، فلم يظهر أن ذا الأداة والموصول فاقا ضمير الحضور في الوضوح.
وأما قوله: إن العلم قد يكون أعرف من ضمير المتكلم كقول القائل: أنا فلان - فغير ظاهر، وذلك أن العلم لم يذكر بعد الضمير للإيضاح؛ لأن دلالة الضمير على -
- وامرؤ القيس يصف فرسه بالقوة وأنه يشبه في عدوه تيس ظباء ظهرت له عقاب من أعالي الجبل، فخاف وذعر واشتد في الجري.
والشاهد فيه: كما في البيت السابق.
والبيت في معجم الشواهد (ص 396)، وهو في التذييل والتكميل (2/ 118).
(1)
سورة يوسف: 90.
(2)
شرح التسهيل (1/ 117).