الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريف الحرف]
قال ابن مالك: (والحرف كلمة لا تقبل إسنادا وضعيّا بنفسها ولا بنظير).
ــ
النّسوة).
فأدرج الشيخ الألف وأخواتها مع التاء الساكنة والياء؛ بناء منه على أن المصنف شرح العلامة بذلك كله، ويلزم من هذا الإدراج ورود أسماء الفاعلين وما ذكر معها على حد الفعل. والذي ينبغي: أن تفسر العلامة بالتاء والياء المتقدمين فقط.
ولا يلزم من قول المصنف: ومثل التاء في الدلالة كذا وكذا جعل الألف والواو كالتاء في إرادتها [1/ 23] بقوله: علامة فرعية المسند إليه، وإنما لما بين العلامة المرادة نظر بينها وبين ما ذكر باشتراكهما في الدلالة على الفرعية، وليكون ذلك تمهيدا لما ذكره من حكم هلمّ، واختلاف اللغتين فيها.
على أنّا نقول أيضا: لم يطلق الألف والواو بل قال: الألف والواو في أدركا وأدركوا. فنبه بذلك على أن مراده ألف الضمير وواوه؛ فلا يرد عليه أسماء الفاعلين وما ذكر معها؛ لأن الألف والواو اللاحقتين لها حرفان فلم يكونا بمرادين ولا داخلين في عبارته (1).
قال ناظر الجيش: كلمة: جنس يشمل الثلاثة. ولا تقبل إسنادا وضعيّا بنفسها:
فصل أخرج به الاسم والفعل؛ لأنه نفى قبول الإسناد مطلقا، أي: لا يسند إليه ولا يسند.
وقيد الإسناد بكونه وضعيّا لأن غير الوضعي (2) يقبله الحرف كما تقدم. -
(1) وكانت تنفض هذه المعركة لو زاد ابن مالك في شرحه: الألف والواو والنون بشرط كونها ضمائر؛ لأن تلك العلامات إذا لحقت الأسماء كانت حروفا. ثم إن أسماء الفاعلين وما ذكر معها خرجت بقوله: تسند أبدا؛ لأنها تارة تسند كما في قولك: محمد ناجح، وتارة يسند إليها كما
في قولك: الناجح محبوب.
وفي حد ابن مالك للفعل قال أبو حيان في شرحه: (التذييل والتكميل: 1/ 47، 48)«وقد عدل المصنف في حدّ الفعل عمّا حدّه به النحويون إلى هذا الحد الذي ذكره، كما عمل ذلك في حد الاسم وحدّه بأمر عارض للفعل حالة التركيب، لا بما هو ذاتي للماهية، مع غموض قوله: قابلة لعلامة فرعية المسند إليه. ثم حدّ أبو حيان الفعل فقال فيه: كلمة متعرضة ببنيتها لزمان معناها. وشرحه بأن كلمة جنس، وما بعدها مخرج للاسم والحرف» .
(2)
أي: وهو الإسناد اللفظي، وقوله: يقبله الحرف، أي: كما في قولنا: من حرف جر، وعلى للاستعلاء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله: ولا بنظير، فصل ثالث أخرج به هنا من الأسماء ما قصد دخوله في حد الاسم بقوله: أو نظيرها (1). فإن تلك الأسماء يصدق عليها أنها لا تقبل الإسناد المذكور، فعلى هذا لو اقتصر في حد الحرف على قوله: لا يقبل إسنادا، لدخلت في الحد؛ فاحتاج أن يخرج بقوله: ولا بنظيرها؛ فإنها إذا لم تقبل الإسناد بنفسها قبلته بنظيرها. بخلاف الحرف، فإنه غير قابل بنفسه ولا بنظيره.
وها هنا بحثان:
الأول:
قد تقدم أن الأسماء التي قصد دخولها في حد الاسم بقوله: أو نظيرها، قابلة للإسناد إليها، وأنه لا يلزم من عدم استعمالها مسندة إليها عدم صحة ذلك، وأنه لا حاجة إلى قول المصنف: أو نظيرها، فعلى هذا لا حاجة في حد الحرف إلى أن يزيد قوله: ولا بنظير؛ ليحترز عن دخول الأسماء المذكورة؛ إذ لم يصدق عليها أنها لا تقبل الإسناد؛ فهي خارجة بقوله: لا تقبل إسنادا؛ لأن هذه قابلة وإن لم تستعمل مسندة إليها.
البحث الثاني:
أورد الشيخ أن في الحد المذكور صيغة النفي: «وهو لا يقبل، فهو عدميّ والعدميّ لا يكون في الحدّ؛ لأنّ الحدّ لا يكون إلّا بما تقوّمت منه الماهيّة (2). والأعدام سلوب لا تتقوّم منها ماهيّة.
وإنّ فيه أيضا تجوّزا (3)؛ لأنه قال: ولا بنظير؛ احترازا من الأسماء اللّازمة للنداء فإنّها تقبل الإسناد بنظير، وهذا مجاز؛ لم تقبل هي إسنادا لا بنفسها ولا بنظير، إنّما نظيرها هو الذي قبل» (4).
والجواب عن الأول: أن الفصول الوجودية إنما تعتبر في الحدود الحقيقية، أي: التي تحد بها الماهيات الحقيقية وهي التي لها وجود في الخارج. أما الحدود الاصطلاحية، -
(1) وهي أسماء الأفعال كصه، والأسماء الملازمة للنداء كفل، واللازمة للمصدرية كسبحان.
(2)
في النسخة (جـ): لأن الحد إنما يكون بما تقومت منه الماهية.
(3)
في نسخة (ب): وإن فيه تجوزا أيضا.
(4)
انظر: التذييل والتكميل (1/ 50).