الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حد البناء وأنواعه]
قال ابن مالك: (وما جيء به لا لبيان مقتضى العامل من شبه الإعراب وليس حكاية أو إتباعا أو نقلا أو تخلّصا من
[1/ 74] سكونين فهو بناء.
وأنواعه: ضمّ وفتح وكسر ووقف).
ــ
أنتما ساحران تظاهرا.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «والّذي نفس محمّد بيده لا تدخلوا الجنّة حتّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتّى تحابّوا» (1).
قال ناظر الجيش: قصد المصنف بهذا الكلام ثلاثة أمور:
أحدها: ذكر حد البناء كما ذكر حد الإعراب.
ثانيها: تبيين أن هيآت أواخر الكلمة ليست محصورة في الإعراب والبناء، بل ثم أقسام أخر لا يصدق على هيآت أواخرها إعراب ولا بناء.
ثالثها: حصر هيآت أواخر الكلم فيما ذكره.
والأقسام التي تضمنها كلامه منطوقا ومفهوما ستة:
الإعراب والبناء، والحكاية، والإتباع، والنقل، والتخلص من السكونين.
وإنما قال: من شبه الإعراب لأن هيآت المبني من حركة أو سكون، وهيآت الأقسام الأربعة تشبه هيآت المعرب في الصورة.
وإنما الفرق بين هيآت المعرب وهيآت غيره: أن هيآت المعرب جيء بها لبيان مقتضى العامل وهيآت غيره لم يجأ بها كذلك.
قال المصنف: شبه الإعراب يعم البناء اللازم والعارض، والوارد منه بسكون كمن وقم ولن (2)، وبفتحة كأين وذهب وسوف، وبكسرة كأمس وجير، وبضمة -
- وفي الشعر. وساحران خبر مبتدأ محذوف أي أنتما ساحران».
(1)
الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل: (1/ 165) وهو في صحيح مسلم (1/ 53) ونصه فيه:
«لا تدخلون الجنّة حتّى تؤمنوا
…
» وبهذه الرواية لا شاهد فيه.
(2)
يشير إلى أن البناء على السكون يدخل أنواع الكلم الثلاث وكذلك ما بعده، وأما البناء على الكسر والضم فيدخل الاسم والحرف فقط.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كنحن ومنذ، وبنائب عن ضمة كيا زيدان ويا زيدون وبنائب عن فتحة كلا رجلين، وبنائب عن سكون كاخش وافعلا.
ويعم الحكاية نحو: من زيد لقائل مررت بزيد، ومنون لقائل: جاءني رجال.
ويعم الإتباع نحو: الْحَمْدُ لِلَّهِ (1) ولِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا (2).
والأولى قراءة زيد بن علي (3). والثانية قراءة أبي جعفر المدني (4).
والنقل: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ (5).
والتخلص من سكونين: مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ (6) ولكل موضع يبين فيه إن شاء الله تعالى (7).
قال الشيخ: «نقص المصنف حركة سابعة وهي حركة المضاف إلى ياء المتكلم -
(1) سورة فاتحة الكتاب: 2، وانظر في القراءة المحتسب:(1/ 37)، ومعاني القرآن للفراء (1/ 3)، وفي تأويل القراءة قيل: إن جملة الحمد لله كثرت في كلامهم حتى صارت كالاسم الواحد فثقل عليهم أن يجتمع في اسم واحد كسر بعد ضم ووجدوا الكسرتين قد يجتمعان في الاسم الواحد مثل إبل، فكسروا الدال ليكون على المثال من أسمائهم. وفي الآية قراءات أخرى (المحتسب: 1/ 37).
(2)
سورة البقرة: 34، وانظر في القراءة المحتسب:(1/ 71). قال ابن جني: وهذا ضعيف عندنا.
(3)
هو زيد بن علي بن أحمد بن محمد بن عمران بن أبي بلال أبو القاسم العجلي الكوفي شيخ العراق، إمام حاذق ثقة، قرأ على عبد الله بن عبد الجبار والحسين بن جعفر اللحياني وكثيرين، وقرأ عليه بكر بن شاذان وأبو الحسن الحمامي وأحمد بن الصقر. توفي زيد ببغداد سنة (358 هـ). انظر ترجمته في غاية النهاية:(1/ 298).
(4)
هو يزيد بن القعقاع المخزومي بالولاء المدني من التابعين، كان مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وكان أحد القراء العشرة، وعرف بالقارئ فقد كان يقرئ الناس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخذ القراءة عن عبد الله بن عباس وأبي هريرة وروى عنه نافع بن أبي نعيم، كان ثقة قليل الحديث من المفتين والمجتهدين، رؤي في المنام بعد وفاته على صورة حسنة، فقال للذي رآه: بشر أصحابي وكل من قرأ قراءتي أن الله قد غفر لهم وأجاب فيهم دعوتي. توفي بالمدينة سنة 132 على أصح الآراء وللدكتور علي محمد فاخر كتاب كبير في توجيه قراءات الثلاثة بعد السبعة نحويّا وصرفيّا.
انظر ترجمته في (وفيات الأعيان: 7/ 274، غاية النهاية في طبقات القراء: 2/ 382، الأعلام 9/ 341).
(5)
سورة البقرة: 106 وأولها: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها والقراءة المذكورة لورش.
(6)
سورة الأنعام: 39 وأولها: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ
…
إلخ.
(7)
انظر: شرح التسهيل (1/ 53، 54).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غير مثنى ولا مجموع على حده على مذهب الجمهور؛ فإنها ليست حركة بناء عندهم ولا هي من الحركات التي عدها» (1) انتهى.
والظاهر: أن حركة ما قبل ياء المتكلم حال الإضافة كأنها تصير من الكلمات التي بنيت الكلمة عليها لشدة امتزاج الكلمة المضافة إلى الياء بها، ولهذا لزم ما قبل الياء حركة واحدة وهي الكسرة؛ فلم تعد حركة مستقلة لأنها ليست مقصودة في نفسها بخلاف الحركات فيما تقدم ذكره.
وأنواع البناء أربعة كما أن أنواع الإعراب أربعة؛ لكنهم يعبرون عن هذه الأربعة بالضم والكسر والفتح والوقف؛ ليعلم عند الإطلاق من أول وهلة حال الكلمة المعبر عنها بذلك: هل هي معربة أم مبنية.
فإذا قيل رفع علم أنه ضمة في معرب، وإذا قيل ضمة علم أنه ضمة في مبني، وكذلك البواقي.
والناس في هذا الإطلاق تبع لسيبويه؛ حيث قال:
«وإنّما ذكرت ثمانية مجار لأفرّق
…
» إلخ كلامه (2) ومراده: لا فرق بين المعرب والمبني.
واختلف النحاة رحمهم الله تعالى (3): هل يطلق أحد أنواع القسمين على الآخر، فيقال مثلا للمعرب مضموم وللمبني مرفوع أو لا؟ على ثلاثة مذاهب:
فمنهم من قال: لا يجوز الإطلاق؛ لأن المراد الفرق وتجويز الإطلاق يعدم الفرق.
ومنهم من قال: يجوز؛ لأن الإطلاق مجاز والقرينة تبينه.
ومنهم من قال: يطلق أنواع [1/ 75] البناء على أنواع الإعراب ولا تنعكس، فتقول في: هذا زيد مثلا: زيد مرفوع وإن شئت: زيد مضموم. وتقول في حيث مثلا: مضموم ولا تقول مرفوع.
(1) انظر: التذييل والتكميل (1/ 198).
(2)
انظر الكتاب: (1/ 13). ونص كلامه هو قوله: «وإنما ذكرت لك ثمانية مجار؛ لأفرق بين ما يدخله ضرب من هذه الأربعة لما يحدث فيه العامل، وليس شيء منها إلا وهو يزول عنه وبين ما يبنى عليه الحرف بناء لا يزول عنه لغير شيء أحدث ذلك فيه من العوامل
…
» إلخ.
(3)
جملة: رحمهم الله تعالى، ناقصة من نسخة (ب)، (جـ).