الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مواضع استتار الضمير وجوبا]
قال ابن مالك: (فمنه واجب الخفاء وهو المرفوع بالمضارع ذي الهمزة أو النّون، وبفعل أمر المخاطب، ومضارعه، واسم فعل الأمر مطلقا).
قال ناظر الجيش: اعلم أن المضمر إما مستكن وإما بارز، والبارز قسمان:
متصل ومنفصل، والمستكن قسمان: واجب الاستكنان وجائزه.
وبدأ المصنف بالكلام على المستكن، وبدأ منه بما يجب استكنانه؛ فكأنه قال من المضمر مستكن؛ بدليل قوله بعد: ومنه بارز؛ ثم قال: فمنه، أي فمن المستكن واجب الخفاء؛ والمراد بالواجب الخفاء: ما لا يزال مستكنّا ولا يغني عنه ظاهر ولا مضمر بارز.
وذكر أن الخفاء واجب في مواضع خمسة (1) وهي:
المضارع ذو الهمزة والنّون كأفعل ونفعل، وفعل أمر المخاطب كافعل.
وأراد بالمخاطب المفرد المذكر؛ فاستغنى عن التقييد باللفظ؛ فلو كان فعل الأمر لمؤنث أو مثنى أو جمع، برز الضمير كافعلي وافعلا وافعلوا. ومضارع المخاطب (2) والمراد المفرد المذكر أيضا كتفعل واسم فعل الأمر كنزال.
قال المصنف: «فكلّ واحد من هذه الأمثلة الخمسة رافع اسم استغنى بمعناه عن لفظه؛ فإن قصد توكيده جيء بالبارز المطابق له، وهو أنا بعد أفعل، ونحن بعد نفعل، وأنت بعد افعل وتفعل ونزال يا زيد» انتهى (3).
فعلى هذا أنت في قوله تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ * (4) توكيد؛ ولو كان فاعلا لما قيل في خطاب الاثنين والجمع اسكنا أنتما واسكنوا أنتم؛ بل كان يقال اسكن أنتما واسكن أنتم.
وذكر مطلقا بعد اسم الفعل تنبيها على أنه يستوي فيه خطاب الواحد المذكر -
(1) في نسخة (ب): في خمسة مواضع. وهما سيان.
(2)
هذا هو الموضع الرابع من الخمسة التي يجب فيها خفاء الضمير؛ والخامس ما ذكره بعد، واسم فعل الأمر كنزال.
(3)
شرح التسهيل (لابن مالك): (1/ 120) إلا أن كلمة يا زيد غير موجودة في النسخة المحققة.
(4)
سورة البقرة: 35، والأعراف: 19، وانظر في هذا الإعراب تفسير الكشاف (1/ 273)، والتبيان للعكبري (1/ 52).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمؤنث ومثناهما ومجموعهما. ولم يذكر (مطلقا) مع فعل أمر المخاطب ومضارعه؛ تنبيها على أن وجوب خفاء مرفوعهما مخصوص بالإفراد والتذكير [1/ 134].
واستدرك الشيخ على المصنف قسما سادسا يجب فيه خفاء الضمير، وهو اسم الفعل المضارع للمتكلّم نحو أوّه بمعنى أتوجع وأفّ بمعنى أتضجر ونحوهما (1).
والحق أن اسم الفعل مستغنى عن ذكره؛ لأن حكمه في وجوب الاستتار وعدمه حكم الفعل الذي هو بمعناه، فكان ذكر الفعل كافيا.
وإنما خص المصنف اسم فعل الأمر بالذكر لمخالفته حكم فعله؛ وذلك أن فعله إنما يجب استتار مرفوعه إذا كان مسندا لمفرد مذكر.
واسم الفعل إذا كان بمعنى الأمر يجب استتار مرفوعه مطلقا كائنا من كان، كما تقدم (2).
وإذا ذكر اسم فعل الأمر لموجب لا يلزمه ذكر اسم فعل غيره، ولو لم يذكر اسم الفعل أصلا لاستغني عنه؛ لأن حكم اسم كل فعل حكم فعله؛ ولا يضر كون الضمير مع فعل الأمر إذا كان لغير مفرد (مذكر)(3) يبرز بخلاف اسم الفعل؛ لأنه قد علم أن الأسماء لا يبرز معها ضمير رفع؛ فلا حاجة إلى التعرض إليه بالذكر.
وقد استدرك غير الشيخ أيضا المصدر الآتي بدلا من فعل الأمر؛ فإنه يجب معه استتار الضمير (4).
والجواب: أن حكمه في وجوب الاستتار حكم الفعل الذي هو بدل عنه؛ فلذا لم يذكره (5).
(1) انظر: التذييل والتكميل (2/ 130).
(2)
أي قريبا جدّا في شرح هذا الموضع.
(3)
ما بين القوسين مأخوذ من النسخة (جـ) وهو أولى للتوضيح.
(4)
من مثاله قوله تعالى: فَضَرْبَ الرِّقابِ [محمد: 4] أي اضربوا.
وقول الشاعر: (فصبرا في مجال الموت صبرا) أي اصبروا.
(5)
ترك الشارح مواضع أخرى يجب فيها استتار الضمير وهي: فاعل أفعل التعجب، كما أحسن زيدا، وفاعل أفعل التفضيل كزيد أحسن من عمرو، وفاعل أفعال الاستثناء على خلاف في ذلك، مثل: قام الطلاب ما خلا عمرا (انظر الهمع: 1/ 62).