الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس منهج ناظر الجيش في شرحه للتسهيل وأسلوبه فيه
*
أولا: منهجه في التأليف:
ترسم ناظر الجيش في شرحه للتسهيل منهجا لم يحد عنه طوال صحبته لهذا الكتاب الكبير وهو التسهيل. ويتلخص هذا المنهج في عدة أمور:
1 -
ترسم خطى ابن مالك في الأبواب والفصول التي جاءت في التسهيل؛ فهو يعرضها دون تقديم أو تأخير؛ حيث يذكر القطعة من المتن طالت أو قصرت من التسهيل، ثم يأخذ في شرحها مشيرا إلى المتن بـ (ص) وإلى الشرح بـ (ش)(1).
2 -
إيراد ما جاء في شرح التسهيل لابن مالك، وتصدير ذلك بقوله: قال المصنف، على قدر المتن الذي يشرحه
فقط، وقد استمر على هذا المنهج طوال الكتاب؛ لأنه كان يعلم أن ابن مالك هو الوحيد الذي يعرف ما يقصده من كتابه وما يريد من متنه، ثم يختم النقل بقوله: انتهى كلام المصنف رحمه الله تعالى، وإذا أعجب بما قاله ابن مالك وما فتح الله عليه - مدحه بالنثر والشعر من قبل قوله:
وحديثها السحر الحلال لو انّه
…
لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت
…
ودّ المحدّث أنّها لم توجز
شرك العقول ونزهة ما مثلها
…
للمطمئن وعقلة المستوفز
وغير ذلك من ألفاظ الغزل والحب والإعجاب، وما أكثرها في الكتاب! ومن هنا قلنا: إن شرح ناظر الجيش تضمن شرح ابن مالك كله أو يزيد.
3 -
بعد سرد كلام ابن مالك يأخذ ناظر الجيش في مناقشته، ومناقشة أبي حيان لهذا الكلام، واعتراضه عليه، ويورد الاعتراض منقولا من كتاب التذييل،
(1) وقد قمنا بحذف ال (ص) و (ش) فجعلنا مكان ال (ص) عبارة (قال ابن مالك)، ومكان ال (ش) عبارة (قال ناظر الجيش).
وهو شرح أبي حيان، ثم يجيب على هذه الاعتراضات ويبطلها بالحجة والدليل القوي دون غرور أو استعلاء، ويدافع عن ابن مالك إذا قذفه أبو حيان بألفاظ خارجة أو أمور جارحة، ثم يمدح ابن مالك وأن كتبه وصيته في المشرق والمغرب، وأن الشمس لا يستطيع أن يطفئ ضوءها أحد.
4 -
بعد سرد كلام ابن مالك واعتراض أبي حيان عليه، إذا وجد ناظر الجيش أحد العلماء قد سرد المسألة بتوضيح أكثر وبيان أوضح - فلا يتردد في نقله، وقد حشا الكتاب بنقول مختلفة من كتب ضاعت على مر السنين مثل: شرح الإيضاح وشرح المقرب، وكلاهما لابن عصفور، والإفصاح في شرح الإيضاح لابن هشام الخضراوي، وشرح المفصل لابن عمرون. ومن كتب باقية مثل: كتب ابن عصفور والزمخشري وابن الحاجب، كان يسرد ذلك تحت عنوان: أبحاث أو أمور أو تنبيهات قد تصل أحيانا إلى عشرة في كثير من المتن المشروح.
كما كان يعقد مقارنات بين كلام ابن مالك وكلام غيره، فينصف ابن مالك أو ينصف غيره، وأحيانا تكون المقارنة بين رأيين مختلفين لابن مالك في شرح التسهيل وغيره، ولابن عصفور في شرح الجمل وغيره.
5 -
أظهر ناظر الجيش براعة فائقة في مناقشة القضايا والآراء والمذاهب المختلفة، مما دل على اطلاعه الواسع
ووقوفه على كثير من كتب التراث، وهو يناقش القضية أو يذكر المسألة.
6 -
أكثر الشارح من الاستشهاد بالقرآن الكريم وأشعار العرب وأقوالهم وأمثالهم، وكان يقتدي بابن مالك، ذلك الراوية المضروب به المثل في الاطلاع الواسع على دواوين العرب والوقوف على أشعارهم. وأيضا كان يقتدي بأبي حيان العالم الكبير فريد عصره ووحيد دهره.
7 -
ربط ناظر الجيش أبواب الكتاب بعضها ببعض؛ حيث كان لا يكرر الكلام؛ وإنما كان يحيل على أبواب متقدمة سبق الكلام عنها، أو يؤخر الحديث حتى يصل إلى باب كذا مما سيأتي؛ فرارا من تكرار لا داعي إليه.
8 -
لم يكن ناظر الجيش مجرد ناقل من هنا وهناك؛ وإنما كان يقارن ويوازن ويختار الأقرب إلى الصواب في المسألة معللا ومدللا. والأمثلة على ما ذكر هنا وفيما قبله كثيرة منتشرة في الشرح كله.
9 -
ينص ناظر الجيش - في كثير من نقوله - على الكتب التي ينقل منها، كان يقول: وقال ابن عصفور في شرح الإيضاح أو شرح الجمل، وقال ابن مالك في شرح الكافية، وقال أبو حيان في الارتشاف، وإذا أطلق فقال: ابن مالك أو أبو حيان، فإنما يقصد شرحهما على التسهيل، بل لقب ابن مالك بالمصنف وأبا حيان بالشيخ.
هذا هو المنهج العام الذي كان يسير عليه ناظر الجيش في شرحه طوال الكتاب. وأما منهجه في عرض المسائل فكان يتبع الآتي:
1 -
الميل في أكثر الأحيان إلى التقسيم والتنظيم؛ إيثارا للفهم والضبط.
وهذه الطريقة أخذها من ابن عصفور في تآليفه المختلفة وبخاصة المقرب.
2 -
التفصيل بعد الإجمال، وهو امتداد للأمر الأول؛ حيث يعرض المسألة مجملة؛ ليقف عليها القارئ ثم يأخذ في ذكر التفاصيل والمناقشة الواسعة، وهذه هي الطريقة المثلى للفهم والتحصيل، وأحيانا كان يعكس فيجمل بعد تفصيل ويوجز بعد إطناب للغرض نفسه، وهو جمع المسألة؛ ليحفظها القارئ ويقف عليها الطالب.
3 -
طريقة السؤال والجواب: وقد اشتهر بها صاحب الإنصاف وأسرار العربية أبو البركات الأنباري، كما اشتهر بها الزمخشري في كتبه وهي قولهم:
وهنا سؤال، أو قولهم: فإن قيل، أو قولهم: وهنا اعتراض وهكذا.
4 -
تحري الدقة قبل إبداء الرأي: أي أنه كان لا يقول بقول إلا بعد أن يطمئن إليه ويقف عليه فإذا لم يظهر له الصواب كان يعلن ذلك، وقد كثر في شرحه مثل هذه الألفاظ: ولا أفهم مقصود المصنف بذلك، وقوله: والشيخ قد التبس عليه هذا الأمر، وقوله: وقد كان هذا الأمر يدور بخاطري؛ لكن لم