الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الملحق بجمع المذكر السالم]
قال ابن مالك: (وما أعرب مثل هذا الجمع غير مستوف للشّروط فمسموع كنحن الوارثون، وأولي وعلّيّين وعالمين وأهلين وأرضين وعشرين إلى التّسعين).
ــ
المادة؛ لأن من شرط التثنية والجمع الاتفاق في اللفظ. وتصحيح الكلام أن يقال:
وكون التّذكير لبعض مثنّى أو مجموع كاف وكذا العقل في الجمع (1).
وقد شذوا في كلمة فغلبوا فيها المؤنث على المذكر فقالوا ضبعان في ضبع للمؤنث وضبعان للمذكر. وعلل ذلك بما يعرض من الثقل لو قالوا: ضبعانان؛ على أنه قد قيل: ضبعانان، بتغليب المذكر على الأصل.
قال الشيخ: «وكذلك غلّبوا في الجمع، فقالوا: ضباع ولم يقولوا ضباعين» (2).
قال ناظر الجيش: لما انقضى الكلام على شروط الجمع المصحح بالواو والنون، شرع في ذكر ما أعرب [1/ 100] إعراب الجمع المذكور ولم يستوف الشروط المذكورة؛ لكنه حمل على الجمع في إعرابه، ولذا كان موقوفا على السماع.
فمن ذلك الوارد بصورة الجمع من أسماء الله تعالى: مثل: وَنَحْنُ الْوارِثُونَ (3)، وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ (4)، فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (5)؛ لأن معنى الجمعية فيها ممتنع. وما ورد منها بلفظ الجمع فتعظيم مقتصر فيه على السماع.
ومنه: أولو: وهو اسم جمع ومعناه ذوو كما تقدم.
ومنه: عليّون: وهو اسم مفرد وكأنه لما أخذ الغاية في الارتفاع.
قال المصنف (6): هو اسم لأعلى الجنة جعلنا الله من أهله بمنه وكرمه - كأنه في الأصل فعيل من العلو فجمع جمع ما يعقل وسمي به، وله نظائر من أسماء الأمكنة: -
(1) في هامش النسخة (جـ) جاء: فيه نظر تصحيحه أن يقال: وكون التذكير والعقل لبعض مجموع كاف، ويغلبان في التثنية فليتأمل. وأرى أنهما سواء.
(2)
انظر: التذييل والتكميل (1/ 318).
(3)
سورة الحجر: 23.
(4)
سورة الذاريات: 47.
(5)
سورة الذاريات: 48.
(6)
شرح التسهيل (1/ 80، 81).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
منها: صرّيفون وصفّون ونصّيبون وقنّسرون وفلسطون ويبرون ودارون؛ فهذه كلها أسماء لأشياء مفردة ولا واحد لها من لفظها (1).
ومنه: عالمون؛ وجعله المصنف اسم جمع مخصوصا بمن يعقل، قال: وليس جمع عالم لأن العالم عام والعالمين خاص، وليس ذلك شأن الجموع. وكذلك أبى سيبويه أن يجعل الأعراب جمع عرب؛ لأن العرب يعم الحاضرين والبادين والأعراب خاص بالبادين (2).
وجعله بعضهم جمع عالم مرادا به من يعقل؛ وفعل به ذلك ليقوم جمعه مقام ذكره موصوفا بما يدل على عقله.
ورد ذلك المصنف بأنه لو جاز في عالم هذا الذي زعم، لجاز في غيره من أسماء الأجناس الواقعة على ما يعقل وعلى ما لا يعقل، فكنا نقول في جمع شيء إذا أريد به من يعقل: شيئون وفي امتناع ذلك دليل على فساد ما أدى إليه (3).
ومنه أهلون: وهو جمع أهل وأهل ليس بعلم ولا صفة؛ لكنه استعمل استعمال مستحق في قولهم: هو أهل كذا وأهل له فأجري مجراه في الجمع. قال الله تعالى:
شَغَلَتْنا أَمْوالُنا وَأَهْلُونا (4)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنّ لله أهلين من النّاس» (5). -
(1) أما صريفون: فهو بفتح الصاد وكسر الراء وهو موضع بالعراق (اللسان: 4/ 2436) وصفون:
بكسر الصاد وتشديد الفاء موضع بالعراق أيضا كانت فيه حرب مشهورة بين علي ومعاوية سنة (37 هـ).
ذكر في صفف (اللسان: 4/ 2463) قالوا: لأن نونه زائدة بدليل قولهم صفون فيمن أعربه بالحروف.
ونصّيبون: بفتح النون وتشديد الصاد بلد لربيعة بالجزيرة العربية. قنّسرون: بكسر القاف وتشديد النون مكسورة كورة بالشام. فلسطون:
بكسر الفاء وفتح اللام هي فلسطين المشهورة. يبرون: قرية قرب حلب، دارون: موضع بالشام.
انظر حديثا عن إعراب هذه الأماكن والنسب إليها في لسان العرب (مادة: قنسر: 5/ 3751).
(2)
قال سيبويه (3/ 379): وتقول في الأعراب: أعرابي لأنه ليس له واحد على هذا المعنى، ألا ترى أنك تقول العرب فلا تكون على هذا المعنى فهذا يقويه وشرحه السيرافي (في هامش الكتاب) كشارحنا.
(3)
انظر: شرح التسهيل (1/ 81) بتغيير وحذف قليلين جدّا.
(4)
سورة الفتح: 11.
(5)
نص الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (3/ 127، 128) مرويّا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ لله أهلين من الناس» فقيل: من أهل الله منهم؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومنه قول الشاعر:
130 -
وما المال والأهلون إلّا ودائع
…
ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع (1)
قال المصنف: «ومثل أهلين في مخالفة القياس جمع مرء على مرئين في قول الحسن البصري رضي الله عنه: أحسنوا أملاءكم أيّها المرءون» (2).
ومنه أرضون (3): جمع أرض وهي اسم جنس جامد مؤنث دال على ما لا يعقل.
وقيل: إنما قالوا أرضون في أرض على سبيل التعويض كما فعل ذلك بسنة ونحوها؛ لأن الأرض مثلها في التأنيث المجازي وعدة الأصول ونقص ما حقه ألا ينقص؛ لأن الأرض اسم ثلاثي مؤنث فحقه أن يكون بتاء تأنيث؛ فلما خلا منها -
(1) البيت من بحر الطويل من قصيدة للبيد بن ربيعة يرثي بها أخاه أربد صدرها ابن قتيبة في الشعر والشعراء بقوله: ومن جيّد شعره. ومطلعها كما في الديوان:
بلينا وما تبلى النّجوم الطّوالع
…
وتبقى الجبال بعدنا والمصانع
والقصيدة كلها جيدة؛ انظر الديوان (ص 88) والشعر والشعراء (1/ 248).
وشاهده واضح وهو جمع أهل على أهلون.
والبيت في معجم الشواهد (ص 221) ولم يذكر له إلا مرجعا واحدا هو أسرار البلاغة (ص 136).
ولم يرد في التذييل والتكميل.
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 82)، والأملاء جمع ملأ ومعناها هنا الخلق. وانظر الأثر في القاموس:(1/ 30). وعقب أبو حيان عليه بقوله: وهو شاذّ.
(3)
بفتح الراء في الجمع، قيل: ليدخل الكلمة ضرب من التكسير استيحاشا من أن يوفروا لفظ التصحيح ليعلموا أن أرضا مما كان سبيله لو جمع بالتاء أن تفتح راؤه فيقال أرضات. (اللسان:
أرض).
(4)
في معاني القرآن (3/ 247) قال: «يقول القائل: كيف جمع علّيون بالنّون وهذا من جمع الرجال والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية قالوا في المذكر والمؤنث بالنون فمن ذلك هذا وهو شيء فوق شيء غير معروف واحده ولا اثناه.
ثم عرض بعض الجموع الّتي قصد بها الكثرة وبخاصة الأعداد. ثم قال في آخر كلامه: وكذلك علّيون ارتفاع بعد ارتفاع وكأنّه لا غاية له».