الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[نون الوقاية وأحكامها وماذا تلحق]
قال ابن مالك: (فصل (1): تلحق قبل ياء المتكلّم إن نصب بغير صفة، أو جرّ بمن أو عن أو قد أو قط أو بجل أو لدن نون مكسورة للوقاية، وحذفها مع لدن وأخوات ليت جائز، وهو مع بجل ولعلّ أعرف من الثّبوت، ومع ليس وليت ومن وعن وقد وقط بالعكس، وقد تلحق مع اسم الفاعل وأفعل التّفضيل، وهي الباقية في فليني لا الأولى وفاقا لسيبويه).
- قال المصنف: «كذا أنشدهما ابن جنّي في المحتسب بكسر ميم هم القضاة وهم النّاس» (2).
قال ناظر الجيش: إيراد هذا الفصل في هذا الباب ظاهر؛ لأن النون المذكورة إنما تلحق قبل ياء المتكلم، فالكلام فيها متعلق بباب المضمر.
واعلم أن الياء إذا كانت منصوبة (3) لحقت النون قبلها كائنا العامل فيها ما كان؛ ولا يستثنى من العوامل إلا ما كان صفة، فإنه لا يجوز معه لحاق النون ولا تلحق قبل الياء المجرورة إلا إذا كان الجر بأحد كلم ست وهي «من، وعن، وقد، وقط، وبجل، ولدن» ، فعلى هذا لحاق هذه النون على ثلاثة أقسام: واجب، وجائز، وممتنع.
والجائز على ثلاثة أقسام: قسم يرجح فيه اللحوق، وقسم عكسه، وقسم يستوي فيه الأمران.
وتفصيل القول في ذلك: أن الناصب للياء إما فعل، وإما اسم فعل، وإما اسم هو صفة. وإما حرف وهو إن وأخواتها.
فإن كان الناصب صفة امتنعت النون نحو أنت المكرمي (4). -
(1) كلمة فصل: ناقصة من نسخة (ب).
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 134)، وانظر البيتين في المحتسب لابن جني (1/ 45، 46).
(3)
قوله: إذا كانت منصوبة: أي في محل نصب لأن الضمائر كلها مبنية.
(4)
هذا عند سيبويه في الوصف المقترن بأل المضاف إلى الضمير، وعند الأخفش وهشام أيضا اللذين يريان أن الوصف عامل في الضمير النصب مطلقا. وأما عند المبرد والرماني - موافقين للفراء - فالضمير في -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن كان فعلا وجبت، ماضيا كان الفعل أو مضارعا أو أمرا، متصرفا كان أو غير متصرف، وكذا إن كان الناصب اسم فعل، فالنون واجبة أيضا نحو رويدني وعليكني. وإن كان الناصب أحد الأحرف المتقدمة الذكر (1) جاز الأمران لكن الأكثر في ليت اللحوق والترك نادر. والأكثر في لعل تركها واللحوق نادر.
وأما أخواتهما الباقية فيستوي فيها الأمران.
وأما الياء المجرورة (2) فإن جرت بشيء غير الكلم الست المتقدمة الذكر (3) امتنع لحوق النون.
وإن جرّت بشيء مما تقدم؛ فقد جعل المصنف النون معه على ثلاثة أقسام كما كانت مع الأحرف الناصبة.
فثبوتها مع من وعن وقد وقط أكثر من الحذف، والحذف مع بجل أكثر من الثبوت، والأمران مستويان مع لدن.
فتلخص: أن النون تمتنع مع الناصب إذا كان صفة، ومع الجار إذا كان غير الكلمات الستة، وأنها تجب مع الناصب إذا كان غير صفة وغير حرف، وأنها راجحة الثبوت على الحذف إذا نصبت بليت، أو جرت بمن أو عن أو قد أو قط، وأنها راجحة الحذف على الثبوت إذا نصبت بلعل أو جرت ببجل، وأنها مستو فيها الأمران إذا نصبت بأخوات ليت ولعل أو جرت بلدن، ولا يخفى تطبيق كلام المصنف على ما قلناه.
وإنما كسرت النون المذكورة لأجل [1/ 149] الياء.
وإنما سميت نون الوقاية لأنها وقت الفعل من الكسر. هذا هو المشهور ولم يرضه المصنف. -
- موضع خفض بالإضافة. (حاشية الصبان: 2/ 246).
(1)
وهي إن وأخواتها.
(2)
مراده بالمجرورة أيضا أي التي في محل جر.
(3)
بأن تجر بالإضافة مثلا سواء كان المضاف اسما جامدا أو صفة خالية من أل عند سيبويه وعند المبرد والرماني مطلقا.
ومراده بالكلمات الستة المتقدمة الذكر أنها: من وعن وقد وقط وبجل ولدن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال: «لأن الكسر يلحق الفعل مع ياء المخاطبة لحاقا هو أثبت من لحاق الكسر لأجل ياء المتكلم؛ لأن ياء المتكلم فضلة فهي في تقدير الانفصال بخلاف ياء المخاطبة فإنها عمدة، ولأن ياء المتكلم قد يغني عنها الكسرة التي قبلها
ثم يوقف على المكسورة بالسكون نحو: فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (1) وياء المخاطبة لا يعرض لها ذلك» (2).
قال: «وإنما سميت نون وقاية لأنها وقت محذورين في فعل الأمر لو اتصل بالياء دونها: أحدهما: «التباس ياء المتكلم بياء المخاطبة» . والثاني: «التباس أمر المذكر بأمر المؤنثة» (3). فلما صحبت النون الياء مع فعل الأمر صحبتها مع أخويه ومع اسم الفاعل وجوبا؛ ليدل لحاقها على نصب الياء، ولحقت إن وأخواتها جوازا لشبهها بالأفعال» (4).
ثم قال: «وقد يؤيد اعتبار وقاية الفعل من الكسر بأن الكسر الذي وقيه الفعل إنما -
(1) سورة الفجر: 15 وفيها حذف ياءين واكتفي بالكسرة قبلهما.
(2)
شرح التسهيل (1/ 135).
(3)
معناه أنك إذا قلت: اضربي - دون نون وقاية، ومعناه أمر المخاطب أن يضربك - اضربني - فإنه يلتبس بأمر المؤنثة لأن الصيغة واحدة فيهما، ويتبع ذلك أيضا التباس ياء المتكلم بياء المخاطبة، وحين تلحق النون أحد الفعلين زال الالتباس.
(4)
المرجع السابق. وعلل أبو حيان الجواز بقوله: «وإنما لحقت نون الوقاية لإن وأخواتها؛ لأنها لمّا عملت عمل الفعل أجريت مجراه في لحاق نون الوقاية تكميلا للشبه. وإنما جاز حذفها فيما عدا ليت لأنّ لحاقها لهن أضعف من لحاقها للفعل إذ هي محمولة على الفعل ولاجتماع الأمثال في إنّ وأخواتها والمتقاربات في لعل، ولأنها طرف والطرف يسرع إليه الإعلال» (التذييل والتكميل: 1/ 453).
(5)
أي حين يقال في محمد يكرمني: محمد يكرمي.
(6)
شرح التسهيل (1/ 135).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو كسر يلحق الاسم مثله، وهو كسر ما قبل ياء المتكلم لا كسر ما قبل ياء المخاطبة؛ فإنه خاص بالفعل فلا حاجة إلى صون الفعل منه. وهذا فرق حسن لكنه مرتب على ما لا أثر له في المعنى؛ بخلاف الذي اعتبرته فإنه مرتب على صون من خلل ولبس فكان أولى» (1) انتهى.
ثم ها هنا تنبيهات:
الأول: أن النون قد لا يقصد بها الوقاية من الكسر؛ بل المحافظة على بقاء سكون آخر تلك الكلمة التي تتصل النون بها، كما في من وأخواتها.
الثاني: قد تقدم أن النون كما تلحق الفعل المتصرف تلحق غير المتصرف، فتلحق هب أخت ظن، وعسى، وليس، وفعل التعجب؛ إلا أن ليس لشبه لفظها بلفظ ليت جاز خلوها منها، كما يخلو ليت أيضا؛ ولهذا سوى المصنف في متن الكتاب بينها وبين ليت في قلة الحذف معها (2).
قال المصنف (3): ولم يرد ليسي إلا في نظم كقول الراجز:
205 -
عددت قومي كعديد الطّيس
…
إذ ذهب القوم الكرام ليسي (4)
وأما فعل التعجب فنقل الشيخ أن مذهب الكوفيين فيه لحاق النون جوازا لا لزوما.
قال: «واختاره بعض أصحابنا فيقول: ما أجملني وما أجملي وما أظرفني وما أظرفي» . قال الشيخ: «وما أجازه الكوفيّون هو سماع عن العرب. وقد استعمله بعض مشايخنا النّحاة الأدباء في شعره [1/ 150] فقال: -
(1) المرجع السابق.
(2)
قال في المتن عن نون الوقاية: «وحذفها مع لدن وأخوات ليت جائز، وهو مع بجل ولعلّ أعرف من الثّبوت ومع ليس وليت ومن وعن وقد وقط بالعكس» .
(3)
شرح التسهيل (1/ 149).
(4)
البيتان من الرجز المشطور، وهما في زيادات ديوان رؤبة (ص 175).
اللغة: عديد: بمعنى عدد. الطيس: الرمل أو التراب. ليسي: أصله ليس الذاهب إياي، فاستتر الاسم واتصل الضمير بالخبر.
والشاهد في البيتين واضح. وانظر مراجعهما في معجم الشواهد (ص 175)، وشرح التسهيل (1/ 136، 155)، والتذييل والتكميل (2/ 185). وسيأتيان بعد ذلك أيضا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
206 -
يا حسنا ما لك لم تحسن
…
إلى نفوس في الهوى متعبة
طرّزت بالورد وبالسّوسن
…
صفحة خدّ بالسّنا مذهبة
يا حسنه إذ قال ما أحسني
…
ويا لذاك اللّفظ ما أعذبه
قلت له كلّك عندي سنا
…
وكلّ ألفاظك مستعذبة (1)
في أبيات ذكرها (2).
الثالث: قال المصنف: «حكى سيبويه: «عليكني وعليك بي» (3) وسمع الفراء بعض بني سليم يقول: «مكانك» يريد انتظرني في مكانك. وإذا أعملت رويد في الياء، قلت: رويدني أي أمهلني، وكذلك يفعل بكل متعد من أسماء الأفعال».
الرابع: قال المصنف: كان مقتضى الدليل استواء ليت وأخواتها في لحاق النون لشبهها بالأفعال المتعدية، لكن استثقل لحاقها بأواخر غير ليت لأجل التضعيف، فحسن حذفها تخفيفا وثبوتها للشبه المذكور، ولم يكن في ليت معارض للشبه فلزمها ثبوتها في غير ندور (4)، ولم يرد الحذف إلا في نظم كقول زيد الخيل (5):
207 -
كمنية جابر إذ قال ليتي
…
أصادفه وأفقد بعض مالي (6)
-
(1) الأبيات من بحر الرجز التام وهي في الغزل. (انظر حياة الحيوان الكبرى لكمال الدين محمد بن موسى الدميري، طبعة دار التحرير سنة 1965 م (2/ 251) بحث عقرب).
وشاهده قوله: إذ قال ما أحسني؛ حيث جاء فعل التعجب دون نون الوقاية متصلا بياء المتكلم على مذهب الكوفيين وهو عند البصريين شاذ.
(2)
التذييل والتكميل (2/ 178).
وانظر طرفا من هذا الخلاف في كتاب الإنصاف (1/ 79، 80).
(3)
الكتاب (2/ 361). ونص ما قاله: «وحدّثنا يونس أنّه سمع من العرب من يقول: عليكني من غير تلقين، ومنهم من لا يستعمل ني ولا نا في ذا الموضع استغناء بعليك بي وعليك بنا» .
(4)
شرح التسهيل (1/ 138). وإنما لزم ثبوتها في غير ندور مع ليت للخلو من التضعيف كما في أخواتها.
(5)
هو زيد بن مهلهل من طيئ، جاهلي أدرك الإسلام ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد طيئ سنة تسع من الهجرة ليسلموا جميعا، ولما أسلم زيد سماه الرسول «زيد الخير». وقال له النبي:«ما وصف لي أحد في الجاهليّة فرأيته في الإسلام إلّا رأيته دون الصّفة ليسك» يريد غيرك. وقطع له النبي أرضا.
وكان لزيد ولدان شهدا حروب الردة مع خالد بن الوليد.
(ترجمته وأخباره في الشعر والشعراء (1/ 292)، وفيات الأعيان: 6/ 47).
(6)
البيت من بحر الوافر قاله زيد الخيل كما هو مذكور في الشرح وفي مراجع البيت.
وقد استشهد بالبيت على سقوط نون الوقاية من ليت ضرورة، هذا كلام ابن مالك هنا. إلا أنه قال -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولما نقص شبه لعل بالفعل من أجل أنها تعلق في الغالب ما قبلها بما بعدها (1)، ومن أجل أنها تجر على لغة ضعف موجب لحاق النون المذكورة لها، فكثر «لعلّي» كقوله تعالى حكاية: لَعَلِّي أَبْلُغُ (2)، ولَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ (3).
وقلّ «لعلني» ومنه قول الشاعر:
208 -
فقلت أعيراني القدوم لعلّني
…
أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد (4)
الخامس: قال المصنف (6): «لحاق النون مع لدن أكثر من عدم لحاقها، وزعم سيبويه أن عدم لحاقها من الضرورات وليس هو كذلك بل هو جائز في الكلام الفصيح، ومن ذلك قراءة نافع (7):
…
-
- في الألفية: وليتني فشا وليتي ندرا
…
إلخ، وفرق بين الندور والضرورة. والبيت في معجم الشواهد (ص 315)، وفي شرح التسهيل (1/ 136)، وفي التذييل والتكميل (2/ 186).
(1)
هو معنى التعليل الذي ذكره الأخفش والكسائي في معانيها، ومثّلا له بقوله تعالى: فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى [طه: 44] انظر الهمع (1/ 134).
ومثال جرها على لغة عقيل ما قاله كعب بن سعد الغنوي (من الطويل):
فقلت ادع أخرى وارفع الصّوت جهرة
…
لعلّ أبي المغوار منك قريب
وقول الآخر (من الوافر) لعلّ الله فضّلكم علينا. انظر شرح الأشموني (2/ 204).
(2)
سورة غافر: 36.
(3)
سورة يوسف: 46.
(4)
البيت من بحر الطويل استشهد به كثيرون ولم ينسبوه.
اللغة: أعيراني: روي في مكانه أعيروني من العارية وهو الانتفاع بالشيء ثم رده. القدوم: بفتح فضم مخفف آلة ينخر بها الخشب. قبرا لأبيض
ماجد: أراد أن يصنع جرابا لسيفه.
وشاهده واضح من الشرح ومثله قول حاتم الطائي (من الطويل):
أريني جوادا مات هزلا لعلني
…
أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا
وانظر الشاهد في معجم الشواهد (ص 115)، شرح التسهيل (1/ 137)، التذييل والتكميل (2/ 155).
(5)
التذييل والتكميل (2/ 184).
(6)
شرح التسهيل (1/ 136).
(7)
هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم أحد القراء السبعة. كان إمام أهل المدينة والذين صاروا إلى قراءته ورجعوا إلى اختياره، وهو من الطبقة الثالثة بعد الصحابة، قرأ عليه مالك رضي الله عنه كما قرأ هو على ميمون مولى أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان له راويان: ورش وقنبل. وتوفي نافع سنة (159 هـ) بالمدينة.
تنظر ترجمته في وفيات الأعيان (5/ 368)، غاية النهاية (2/ 330).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (1) بتخفيف النون وضم الدال.
ولا يجوز أن يكون نون لدني نون الوقاية ويكون الاسم لد؛ لأن لد متحرك الآخر، والنون في لدن وأخواته إنما جيء بها لصون أواخرها من زوال السكون، فلا حظ فيها لما آخره متحرك، وإنما يقال في لد مضافا إلى الياء لدي. نص على ذلك سيبويه (2).
وقرأ أبو بكر (3) مثل نافع إلا أنه أشم الدال ضمّا، وقرأ الباقون بضم الدال وتشديد النون مدغمين نون لدن في نون الوقاية.
السادس: قال المصنف: معنى بجل: حسب، وكذلك معنى قد وقط، ومن قال: بجلي وقدي وقطي بلا نون، فلشبهها بحسب، إلا أن بجل أشبه لأنه ثلاثيّ مثله، ولمساواته له في اشتقاق فعل منه؛ إذ قيل أبجله وأحسبه بمعنى كفاه، فلذلك فاق عدم النون مع بجل ثبوتها بخلاف قد وقط. وفي الحديث:«قط قط بعزّتك وكرمك» (4) يروى بسكون الطاء وبكسرها مع ياء ودون ياء، ويروى قطني قطني بنون الوقاية وقط التنوين وبالنون أشهر [1/ 151].
قال الراجز:
209 -
امتلأ الحوض وقال قطني
…
مهلا رويدا قد ملأت بطني (5)
-
(1) سورة الكهف: 76. وفي الآية قراءات ثلاثة ذكرها الشارح هي في الحجة لابن خالويه (ص 228)، وتقريب النشر (ص 137).
(2)
الكتاب (2/ 371) وكانت لد عنده نظير مع في التمثيل.
(3)
هو شعبة بن عياش بن سالم الأزدي الكوفي الخياط، من مشاهير القراء، وكان نظير حفص في الرواية عن عاصم، كما كان عالما فقيها في الدين، وقد ولد سنة (95 هـ) وتوفي سنة (193 هـ).
ترجمته في الأعلام (3/ 242)، وغاية النهاية (1/ 325).
(4)
الحديث في صحيح مسلم (8/ 152) مرويّا عن أنس بن مالك، ونصه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
وهو في صحيح البخاري (3/ 119)، وفي مسند الإمام (2/ 169، 507).
(5)
البيتان من بحر الرجز المشطور، وهما بلا نسبة مع كثرة مراجعهما، وهما في وصف حوض امتلأ بالماء وفاض.
وقطني بمعنى حسب، وهو موضع الشاهد حيث اتصلت به نون الوقاية وهو الكثير.
والبيتان في شرح التسهيل: (1/ 137)، وهما في معجم الشواهد (ص 552).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال آخر في قدني:
210 -
قدني من نصر الخبيبين قدي
…
ليس الإمام بالشّحيح الملحد (1)
قال الشيخ (2): ما ذكره المصنف من أن الياء مجرورة بالإضافة إليها مع قد؛ هو مذهب سيبويه والخليل (3)، ونقل الكوفيون في قد وقط وجهين عن العرب:
أحدهما: أنهما اسما فعل وهما مبنيان على السكون، وينصبون بهما فيقولون:
قط زيدا درهم، وإذا اتصل بهما ضمير المتكلم لحقتهما نون الوقاية.
والثاني: أن من العرب من يقول: قد عبد الله درهم، وقط عبد الله درهم؛ فيرفعهما ويجر ما بعدهما بإضافتهما إليه، ويكونان بمعنى حسب، وإذا أضاف إلى نفسه لا تلحق نون الوقاية كما لا تلحق حسب، وقد ذكر المصنف في باب أسماء الأفعال: أنهما يكونان اسمي فعل في أحد الوجهين (4)، وذكر في باب تتميم الكلام: أنّ قد تكون اسما لكفى (5).
قال (6): والذي أختاره أن من قال من العرب قدني وقطني فإنهما عنده اسم فعل والياء في موضع نصب، ومن قال قدي وقطي فهما بمعنى حسب والياء في موضع جر، كما فعل الكوفيون. انتهى.
ومثال الحذف مع من وعن قول الشاعر: -
(1) البيتان من بحر الرجز المشطور، وقد سبق الاستشهاد بهما في باب الجمع.
ويستشهد بهما هنا على حذف نون الوقاية من قد بمعنى حسب عند إضافتها لياء المتكلم وهو ضرورة.
والبيتان في معجم الشواهد (ص 466)، وفي شرح التسهيل:(1/ 70، 137)، (4/ 107)، وفي التذييل والتكميل:(1/ 268)، (2/ 183 - 187).
(2)
التذييل والتكميل: (1/ 449).
(3)
كتاب سيبويه: (1/ 372) بتحقيق هارون.
(4)
تسهيل الفوائد (ص 212). والوجه الآخر كونها بمعنى حسب، فعلى الوجه الأول تقول: قطني وقدني بالنون بمعنى يكفيني. وعلى الثاني تحذف النون كما تقول: حسبي. وقد اجتمع الوجهان في البيت المذكور قريبا.
(5)
تسهيل الفوائد (ص 242) وفيه يقول ابن مالك: «فصل: تكون قد اسما لكفى فتستعمل استعمال أسماء الأفعال وترادف حسبا فتوافقها في الإضافة إلى غير ياء المتكلّم» .
(6)
القائل هو أبو حيان. انظر التذييل والتكميل: (1/ 180).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
211 -
أيّها السّائل عنهم وعني
…
لست من قيس ولا قيس مني (1)
قال الشيخ: «ظاهر كلام المصنّف أنّ حذف النّون من: من وعن وقد وقط؛ جائز في الكلام، ونصّ أصحابنا على أنّ الحذف لا يكون إلّا في الضرورة» انتهى (2).
وبقي الكلام من الفصل على مسألتين:
الأولى: أن نون الوقاية قد تلحق مع اسم الفاعل وأفعل التفضيل، وهذا كالاستثناء من الأصل المتقدم؛ وهو أن نون الوقاية لا تلحق مع الصفة ناصبة كانت أو جارة.
فمثال اسم الفاعل ما أنشده الفراء (3) من قول الشاعر:
212 -
وما أدري وظنّي كلّ ظنّ
…
أمسلمني إلى قوم شراحي (4)
-
(1) البيت من بحر الرمل، وعدم معرفة قائله طعن في صحته ونسبته، ورمي بأنه مصنوع من بعض النحاة لهذه القاعدة.
وقيس إن أريد به القبيلة فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، وإن أريد به الرجل فهو مصروف.
واستشهد به على شذوذ حذف نون الوقاية من: من وعن المتصل بهما ياء المتكلم.
والبيت على شهرته ليس في معجم الشواهد، وهو في الدرر (1/ 43)، وفي شرح المفصل (3/ 125)، وفي حاشية الصبان (1/ 124)، وفي شرح التسهيل (1/ 138)، وفي التذييل والتكميل (2/ 187).
(2)
كلام ابن مالك الذي أخذ منه أبو حيان ذلك هو ما قاله في المتن؛ حيث لم يحكم على الإلحاق بالوجوب، وما قاله في الشرح وهو قوله: ومن قال بجلي وقدي وقطي بلا نون شبّهها بحسب
…
ثم تمثيله بالبيتين اللذين فيهما قد ومن وعن بدون نون الوقاية وتصديره لهما بقوله:
وقال الشاعر في الحذف .. دون أن يذكر بعدهما وهو من الشذوذ أو الضرورة، لكنه في الألفية حكم على الحذف في من وعن بالضرورة وعليه في قد وقط بالقلة. يقول:
…
واضطرارا خفّفا
…
منّي وعنّي بعض من قد سلفا
وفي لدنّي لدني قلّ وفي
…
قدني وقطني الحذف أيضا قد يفي
(3)
معاني القرآن للفراء (2/ 386).
(4)
البيت من بحر الوافر ورد في مراجعه منسوبا إلى يزيد بن محمد الحارثي.
اللغة: شراحي: مرخم شراحيل دون نداء، وهو شاهد آخر في هذا البيت. وفي البيت يقول الفراء:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأنشد ابن طاهر (1) في تعليقه على كتاب سيبويه:
213 -
وليس بمعييني وفي النّاس ممتع
…
صديق إذا أعيا عليّ صديق (2)
قال: وأنشد غيرهما:
214 -
وليس الموافيني ليرفد خائبا
…
فإنّ له أضعاف ما كان آملا (3)
قال المصنف (4): «ومعييني والموافيني يرفعان توهم كون نون مسلمني تنوينا؛ لأن ياء المنقوص المنون لا ترد عند تحريك التنوين لملاقاة ساكن نحو: أغاد ابنك أم رائح؟ وياء معييني الثانية ثابتة في: وليس بمعييني، فعلم أن النون الذي وليه ليس تنوينا وإنما هو نون الوقاية؛ ولذلك ثبت مع الألف واللام في الموافيني.
وأيضا فإن التنوين إذا اتصل بما هو معه كشيء واحد، حذف تنوينه نحو: وابن -
- ثم أنشد البيت المذكور ومعه بيت آخر وقال:
«لم يقل أمسلمي وهو وجه الكلام» . (معاني القرآن: 2/ 386).
وانظر البيت في معجم الشواهد (ص 89)، وفي شرح التسهيل (1/ 138)، وفي التذييل والتكميل (1/ 187).
(1)
هو أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر الأنصاري، له تعليقات على كتاب سيبويه ضمنها ابن خروف شرحه عليه. وقال السيوطي: وقفت على حواشيه على الكتاب بمكة المكرمة (بغية الوعاة: 1/ 28).
سبقت ترجمته بالتفصيل.
(2)
البيت من بحر الطويل وهو في العزة والكرامة لشاعر مجهول.
اللغة: معييني: من قولهم: أعياه الأمر إذا أعجزه. ممتع: بفتح أوله وثالثه اسم مكان من قولهم:
رجل ماتع أي كامل في خصائل الخير، وقيل اسم فاعل من قولهم: أمتعني الله بك.
ومعنى البيت: إذا صد عني بعض الأصدقاء طلبت صديقا غيره حسن العشرة وفي الناس خير كثير.
والشاهد فيه واضح من الشرح. وانظر البيت في شرح التسهيل: (1/ 138)، وفي التذييل والتكميل (2/ 188)، وفي معجم الشواهد (ص 247).
(3)
البيت من بحر الطويل ولم ينسب فيما ورد من مراجع، وهو في الفخر بالكرم.
اللغة: الموافيني: اسم فاعل من وافاك يوافيك موافاة إذا جاءك وأتاك. ليرفد: بالبناء المجهول، مأخوذ من الرفد بالفتح مصدر رفدته إذا أعطيته، والرفد بالكسر هو العطاء. آملا: راجيا وطالبا.
وشاهده قوله: وليس الموافيني حيث لحقت نون الوقاية اسم الفاعل المضاف إلى ياء المتكلم. ويرى ابن عصفور في ذلك رأيا آخر مذكورا في الشرح.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 152)، وفي التذييل والتكميل (2/ 188)، وفي معجم الشواهد (ص 265).
(4)
انظر شرح التسهيل: (1/ 138).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زيداه ولا [1/ 152] يقال: وابن زيدناه فتحرك التنوين؛ بل تحذف لأن زيادة الندبة والمندوب كشيء واحد، وكذا ياء المتكلم مع متلوها كشيء واحد؛ ولذا كسر ما قبلها كما كسر ما قبل ياء النسب.
وأيضا فمقتضى الدليل مصاحبة النون الياء مع الأسماء المعربة لتقيها خفاء الإعراب؛ فلما منعوها ذلك كان
كأصل متروك فنبهوا عليه في بعض أسماء الفاعلين، ومن ذلك قراءة بعض القراء:(هل أنتم مطلعون) بتخفيف الطاء وكسر النون (1).
وفي البخاري (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لليهود:
«هل أنتم صادقوني؟» (3) كذا في ثلاثة مواضع في أكثر النسخ المعتمد عليها» انتهى.
وإنما احتاج المصنف إلى إقامة الدليل على ما ذكر؛ لأن غيره يدعي أن النون في أمسلمني نون التنوين لا نون الوقاية. قال ابن عصفور في المقرب (4): -
(1) سورة الصافات: 54 وانظر القراءة في المحتسب لابن جني (2/ 220) قراءة عمار بن أبي عمار - قال عن القراءة: إنها لغة ضعيفة وهو أن يجري اسم الفاعل مجرى الفعل المضارع لقربه منه فيجري مطلعون مجرى يطلعون وعليه قال بعضهم:
وما أدري وظنّي كلّ ظن
…
أمسلمني ......
إلخ يريد أمسلمي، وهذا شاذ كما ترى؛ فلا وجه للقياس عليه.
(2)
هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبو عبد الله، حبر الإسلام والحافظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولد في بخارى سنة (194 هـ)، ونشأ يتيما وقام برحلة طويلة في طلب الحديث سنة (210 هـ)، فزار خراسان ومصر والعراق والشام، وسمع من نحو ألف شيخ.
صنف صحيح البخاري، وهو أوثق الكتب الستة المعول عليها في الحديث، وأصح كتب الأحكام الشريفة بعد القرآن الكريم. وقد طبع عدة مرات.
توفي بسمرقند سنة (256 هـ). ترجمته في الأعلام (6/ 258).
(3)
الحديث في صحيح البخاري في كتاب الطب (7/ 139). ونصه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لمّا فتحت خيبر هديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سمّ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجمعوا لي من كان هاهنا من اليهود» فجمعوا له. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّي سائلكم عن شيء، فهل أنتم صادقوني عنه؟» . قالوا: نعم يا أبا القاسم
…
إلخ.
والحديث أيضا في مسند الإمام أحمد بن حنبل (2/ 451).
(4)
انظر نص ذلك في المقرب ومثل المقرب (ص 189، 190)(عادل عبد الموجود). وبقية كلامه: «بل تقول ضاربك وضارباك وضاربوك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإذا كان معمول اسم الفاعل ضميرا متصلا لم يثبت فيه نون ولا تنوين، وقد يثبتان في الضرورة نحو قوله:«وما أدري وظنّي» البيت المتقدم الإنشاد، ونحو قول الآخر:
215 -
ولم يرتفق والنّاس محتضرونه
…
جميعا وأيدي المعتفين رواهقه (1)
ومثال أفعل التفضيل قول النبي صلى الله عليه وسلم: «غير الدّجّال أخوفني عليكم» (2).
قال المصنف (3): «لما كان لأفعل التفضيل شبه بالفعل معنى ووزنا، وخصوصا بفعل التعجب - اتصلت به النون المذكورة، قال: والأصل في الحديث: أخوف مخوّفاتي عليكم؛ فحذف المضاف إلى الياء وأقيمت هي مقامه، فاتصل أخوف بالياء معمودة بالنون، كمل فعل بأسماء الفاعلين المذكورين، وأفعل على هذا الوجه مصوغة من فعل المفعول كقولهم: «أشغل من ذات النّحيين» (4)، و «أزهى من ديك» ، وقوله عليه الصلاة والسلام:
«أخوف ما أخاف على أمّتي الأئمّة المضلّون» (5).
ويجوز أن يكون من أخاف؛ لأن صوغ أفعل التفضيل من فعل على أفعل مطرد عند سيبويه، فيكون المعنى على هذا: غير الدّجّال أشدّ إخافة عليكم من الدّجّال، -
(1) البيت من بحر الطويل ولم ينسب فيما ورد من مراجع.
وفي البيت ومعناه والشاهد فيه يقول ابن يعيش: الشاهد فيه: الجمع بين النون والمضمر والوجه محتضروه، يصفه بالبذل والعطاء يقول: غشيه المعتفون وهم السائلون واحتضره الناس للعطاء. فسيبويه يجعل الهاء فيه كناية، ويزعم أن ذلك من ضرورة الشعر. وكان أبو العباس المبرد يذهب إلى أنها هاء السكت وكان حقها أن تسقط في الوصل، فاضطر الشاعر، فأجراها في الوصل مجراها في الوقف، وحركها لأنها لما ثبتت في الوصل أشبهت هاء الإضمار نحو غلامه. وكلاهما ضعيف والأول أمثل؛ لأن فيه ضرورة واحدة وفي هذا ضرورتان (شرح المفصل: 2/ 125).
وانظر: البيت في التذييل والتكميل (2/ 189)، وفي معجم الشواهد (ص 247).
(2)
الحديث في صحيح مسلم في كتاب الفتن (8/ 197). وبقيته: «إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كلّ مسلم
…
» إلخ.
(3)
شرح التسهيل (1/ 139).
(4)
مثل من أمثال العرب (مجمع الأمثال: 2/ 184) يضرب لمن هو في شغل وفي عمل منهمك.
(5)
نص الحديث في مسند الإمام أحمد بن حنبل (6/ 441)
…
عن أبي الدرداء قال: عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الأئمّة المضلّون» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويجوز أن يكون من باب وصف المعاني على سبيل المبالغة بما يوصف به الأعيان، كما يقال: شعر شاعر، وخوف خائف، وموت مائت، وعجب عاجب، ثم يصاغ أفعال باعتبار ذلك المعنى، فيقال: شعرك أشعر من شعره، وخوفي أخوف من خوفك ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم (1): «أشعر كلمة تكلّمت بها العرب كلمة لبيد:
216 -
ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل»
…
[وكلّ نعيم لا محالة زائل](2)
ومنه أيضا قول الشاعر:
217 -
يداك يد خيرها يرتجى
…
وأخرى لأعدائها غائظه
فأمّا الّتي يرتجى خيرها
…
فأجود جودا من اللّافظه
وأمّا التي يتّقى شرّها
…
فنفس العدوّ بها فائظه (3)
وتقدير الحديث مسلوكا به هذا السبيل.
خوف غير الدّجّال أخوف خوفي عليكم؛ فحذف المضاف إلى غير، وأقيم غير مقامه، وحذف المضاف إلى الياء، وأقيمت الياء مقامه، فاتصل أخوف بالياء -
(1) الحديث في صحيح مسلم (7/ 49) وقد سبق الاستشهاد به في أول هذا التحقيق وقد روي بروايات مختلفة هناك.
(2)
البيت من بحر الطويل، وهو للبيد بن ربيعة العامري، وقد سبق الاستشهاد به وشاهده هنا واضح من الشرح.
(3)
أبيات ثلاثة من بحر المتقارب، وهي لطرفة بن العبد يصف فيها ممدوحه بالكرم والشجاعة. والأبيات ليست في ديوان طرفة المحقق (طبعة بيروت).
اللغة: اللّافظة: قيل البحر لأنه يلفظ بكل ما فيه من العنبر والجواهر، والهاء فيه للمبالغة. وقد فسر بتفسيرات أخرى. فائظة: من فاظت نفسه إذا قاربت الموت، ومعنى الأبيات واضح.
وشاهده قوله: فأجود جودا
…
إلخ، حيث وصف الجود بالجواد من باب وصف المعاني بما توصف به الأعيان على سبيل المبالغة في الوصف. والبيت في شرح التسهيل (1/ 140)، وفي معجم الشواهد (ص 207).
ترجمة الشاعر: هو طرفة بن العبد بن سفيان، شاعر جاهلي له معلقة مشهورة:«لخولة أطلال ببرقة ثهمد» كان في حسب من قومه، وقد مات أبوه وهو صغير، فنهب أعمامه ماله كما نهب أخواله مال أمه، ومن هنا تحدث عن الظلم كثيرا في شعره. وقد مات طرفة بعد العشرين بقليل، وسبب موته أنه هجا عمرو ابن هند، ثم ذهب إليه في الحيرة، فكتب عمرو إلى عامله بالبحرين أن يقتل هذا الشاعر وكان معه خاله المتلمس، وكان قد ظن الرجلان أن عمرا يكتب لهما بخير، ففض المتلمس كتابه فنجا من الموت، أما طرفة فقد قتله عامل البحرين. ترجمته في الشعر
والشعراء (1/ 191)، معجم الشعراء (ص 5).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
معمودة بالنون على ما تقرر (1).
المسألة الثانية (2)[1/ 153]:
بقاء نون الوقاية أو حذفها إذا لقيت مثلها ودعت الحاجة إلى حذف أحدهما:
قال المصنف: «لما كان للفعل بهذه النون صون ووقاية مما ذكر، حوفظ على بقائها فيه مطلقا، أي إذا لقيها مثلها ودعت الحاجة إلى حذف فهي الباقية عند سيبويه (3) في قول الشاعر:
218 -
تراه كالثّغام يعلّ مسكا
…
يسوء الفاليات إذا فليني (4)
أراد فلينني فحذفت الأولى وبقيت الثانية. -
(1) شرح التسهيل (1/ 139).
(2)
المسألة الأولى تقدم ذكرها، وهي إلحاق نون الوقاية لاسم الفاعل وأفعل التفضيل.
(3)
قال سيبويه (3/ 519). «تقول هل تفعلنّ ذاك، تحذف نون الرّفع؛ لأنّك ضاعفت النون وهم يستثقلون التضعيف فحذفوها؛ إذ كانت تحذف، وهم في ذا الموضع أشد استثقالا للنونات، وقد حذفوها فيما هو أشد من ذا. بلغنا أن بعض القراء قرأ: أتحجوني، وكان يقرأ: فَبِمَ تُبَشِّرُونَ وهي قراءة أهل المدينة؛ وذلك لأنهم استثقلوا التضعيف» ثم أنشد البيت الذي سيأتي.
(4)
البيت من بحر الوافر، قاله عمرو بن معدي كرب الزبيدي يخاطب امرأته وقد عيرته بالشيب.
تقول حليلتي لما رأتني
…
شرائح بين قدري وجون
وروي بيت الشاهد رأته مكان تراه. وضمير الغيب عائد على شعره.
اللغة: شرائح: خبر مبتدأ محذوف. أي شعرك شرائح ومعناه أنواع. قدري: منسوب إلى القدرة، وهي لون معروف قريب من البياض. جون: بفتح أوله من الأضداد يطلق على الأبيض والأسود. الثغام:
كسحاب جمع ثغامة وهو نبت له نور أبيض يشبه به الشيب. يعل: بالبناء للمجهول يطيب شيئا بعد شيء. الفاليات: جمع فالية وهي التي تبحث عما في رأس الصبي من قاذورات. فليني: أصلها فلينني.
وهو موضع الشاهد؛ حيث اجتمعت نون النسوة ونون الوقاية في كلمة، فحذفت الأولى وهي نون النسوة للتخفيف، وذلك على مذهب سيبويه.
انظر مراجع البيت في معجم الشواهد (ص 404)، شرح التسهيل (1/ 140)، والتذييل والتكميل (2/ 191).
ترجمة الشاعر: هو عمرو بن معدي كرب الزبيدي، من فرسان العرب المشهورين بالبأس في الجاهلية، أدرك الإسلام وقدم على رسول الله صلّى
الله عليه وسلّم في المدينة، وأسلم ثم ارتد وأسلم مرة أخرى، شهد القادسية وأبلى بلاء حسنا، والتقى بعمر بن الخطاب. مات شهيدا في فتح نهاوند.
انظر: أخباره في الشعر والشعراء (1/ 379).