الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريف الاسم]
قال ابن مالك: (فالاسم: كلمة يسند ما لمعناها لنفسها أو نظيرها).
ــ
وأعربت (1).
وأما قوله في الجملة المضاف إليها: إنها في تقدير المفرد؛ لكن صورته صورة ما فيه الإسناد، فتسليم منه أن الإسناد حاصل، وهذا هو المقصود ولهذا احترز المصنف عنه، والتأويل بالمفرد لا يمنع وجود الإسناد؛ لأنه إنما أول لتصح الإضافة.
قال ناظر الجيش: تفسير هذا الحد متوقف على تصور الإسناد.
وقد عرفه المصنف بأنه: «عبارة عن تعليق خبر بمخبر عنه أو طلب بمطلوب منه» (2)، وهو جيد.
وجعله الشيخ غير حاصر لأنواع الإسناد، قال:«لأنّ بعض الإنشاءات كالقسم والعقود يخرج عنه» (3).
والجواب: أن جمل الإنشاء التي لا يراد بها الطلب منقولة من الجملة الخبرية. فما اشتملت عليه من الإسناد داخل في قوله: تعليق خبر بمخبر عنه، وخروج الجمل على الخبرية يعارض النقل إلى معنى الإنشاء لا يخرج ما تضمنته من الإسناد من الحد.
ثم الإسناد قسمان: لفظي ومعنوى.
فاللفظي: ما عضد به الحكم على اللفظ فقط. ويشترك فيه الثلاثة، أعني: الاسم والفعل والحرف. ويشاركها فيه الجملة أيضا، كقولك: زيد معرب، وقام مبني على الفتح، ومن حرف جر «ولا حول ولا قوّة إلّا بالله كنز من كنوز الجنّة» (4).
والمعنوي: ما قصد به الحكم على معنى الكلمة، أي: مدلولها لا على لفظها.
ويسمى وضعيّا وحقيقيّا أيضا. وهذا هو المختص بالأسماء.
فقول المصنف: كلمة: جنس يشمل الثلاثة. -
(1) أي إن أجزاء جملة الصلة تعرب كأنها غير صلة. وينطبق هذا على قولك: جاء الذي يقول الحق.
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 9).
(3)
انظر: التذييل والتكميل (1/ 44).
(4)
قوله: لا حول ولا قوة
…
إلخ حديث في سنن الترمذي (5/ 580) في كتاب الدعوات، باب:
فضل لا حول ولا قوة إلا بالله. ونصه مرويّا عن أبي هريرة أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أكثر من قول لا حول ولا قوّة إلّا بالله فإنّها كنز من كنوز الجنّة»
…
وله بقية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله: يسند ما لمعناها: فصل يفصل الاسم عن الفعل والحرف، إذ كل منهما يسند ما للفظه إليه لا ما لمعناه. وأما الاسم فيسند ما لمعناه إليه، أي: يسند إلى لفظه شيء هو لمدلول ذلك اللفظ، فإذا قلت: قام زيد، فالقيام هو ذلك الشيء وهو لمعنى زيد، أي: لمدلوله وهو المسند، واللفظ الذي هو زيد مثلا هو المسند إليه.
ولما كان من الأسماء ما لا يقبل الإسناد، كأسماء الأفعال، والأسماء الملازمة للنداء والمصدرية والظرفية أتى في الحد بزيادة وهو قوله: أو نظيرها.
فمه ومكرمان وسبحان مثلا لا تقبلن الإسناد لكن يقبله نظيرهن.
ثم ها هنا أبحاث:
البحث الأول:
[1/ 21] قال الشيخ: «إنما حدّ المصنف الإسناد بما ذكره ليخرج الإسناد اللّفظيّ» (2).
وهذا عجب من الشيخ، فإن الحد المذكور شامل لقسمي الإسناد، ولما ذكر المصنف حد الإسناد قال (3):«فإن كان باعتبار المعنى اختصّ بالأسماء. وقيل فيه وضعيّ وحقيقيّ. وإن كان باعتبار اللفظ صلح للاسم ولغيره» . فقسمه إلى القسمين بعد أن ذكر حده وكيف يقال: إن الحد مخصوص بأحدهما؟.
البحث الثاني:
قيل: قول المصنف: «إن الإسناد اللّفظيّ يشرك الاسم فيه غيره» خطأ، بل -
(1) انظر: شرح التسهيل (1/ 9).
(2)
انظر: التذييل والتكميل (1/ 44).
(3)
انظر: شرح التسهيل (1/ 9).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإسناد اللفظي مختص بالأسماء، كاختصاص المعنوي بها، وذلك أنّا إذا قلنا: قام مبني على الفتح، ومن حرف جر، كان قام ومن، في هذين التركيبين، مبتدأين، والمبتدأ لا يكون غير اسم، فلم يسند إلى الفعل وهو باق على الفعلية، ولا إلى الحرف وهو باق على الحرفية؛ بل صير كل منهما اسما، وأسند إليه.
والجواب عن ذلك: أن قام، إنما وضعته العرب فعلا، وكذا من، إنما وضعته العرب حرفا، وإنما الكلام فيما هو اسم بالوضع لا فيما أدت ضرورة التركيب إلى الحكم عليه بالاسمية لعارض، وإذا كان كذلك صدق أن الإسناد إلى فعل وإلى حرف أي: إلى ما وضعته العرب كذلك. ولا يلزم من الحكم عليها بالاسمية؛ لضرورة الحكم عليهما بالابتدائية خروجهما عن الوضع الأصلي، ولو خرجا عن وضعهما لما صحّ قولنا: قام فعل ماض ومن حرف جر.
البحث الثالث:
قد يتوجه على المصنف مؤاخذة في قوله: يسند ما لمعناها. فيقال: إن الذي لمعنى الكلمة وهي زيد، القيام مثلا، وليس القيام بمسند، إنما المسند قائم المتضمن لمعنى القيام.
فإن أجيب بأن المسند وإن كان لفظ قائم إنما هو القيام من حيث المعنى، فيندفع الإيراد، توجهت مؤاخذة أخرى وهي: أنه إذا اعتبر المعنى في جانب المسند، وجب اعتباره في جانب المسند إليه، فلا نقول: إلى نفسها أي إلى لفظها.
لأن المسند إلى اللفظ إنما هو قائم، وأما القيام فإنما هو لمدلول الاسم؛ فهو مسند إلى المعنى لا إلى اللفظ. إلا أن يريد أنه يسند ما للمعنى بلفظ يتضمنه إلى نفس ذلك المعنى فيصح.
البحث الرابع:
نوقش المصنف في قوله: «وليس المراد بالنّظير ما وافق معنى دون نوع؛ بل المراد ما وافق معنى ونوعا» .
فقيل: إذا كان الأمر موقوفا على الموافقة في المعنى والنوع، كانت معرفة كونه نظيرا مستلزمة لمعرفة اسميته، فلا يحتاج إلى أن يعرف بالإسناد إلى نظيره.
ثم ذلك مستلزم للدور؛ لأن معرفة كونه اسما متوقفة على معرفة نظيره وكونه -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يسند إليه، ومعرفة كون ذلك نظيرا، متوقفة على معرفة كون هذا اسما.
والجواب: أن المصنف لم يجعل معرفة اسمية الشيء موقوفة على معرفة كونه نظيرا؛ ليلزم منه أن معرفة كونه نظيرا موقوفة على معرفة اسميته، بل لما حد الاسم بقبوله للإسناد المعنوي، وكان بعض الأسماء [1/ 22] الذي علمت اسميته من خارج لا يقبل ذلك، أراد أن يزيد هذه الزيادة؛ لئلا يصير الحد غير منعكس.
فهو يقول: إن قيل بأن لنا أسماء مقطوعا باسميتها وهي لا تقبل ما ذكرت.
قلت: إن هي لم تقبله قبله نظيرها، ثم بيّن المراد بالنظير ليسلم من الدخل.
البحث الخامس:
لقائل أن يقول: لا حاجة إلى قول المصنّف: أو نظيرها. بل الاقتصار على قوله:
يسند ما لمعناها إلى نفسها - كاف، وتكون الأسماء التي أشار إليها مما لزم في الاستعمال طريقة واحدة، من مصدرية أو ظرفية مثلا، داخلة في الحد غير خارجة عنه؛ لأن المراد إنما هو صحة الإسناد إلى الكلمة وقبول معناها له. ولا شك أن معاني هذه الأسماء قابلة للإسناد، ولا يلزم من استعمالها غير مسند إليها ألا يصح الإسناد إليها؛ فإن المراد إنما هو قبول معنى الكلمة لذلك من حيث الجملة. وجاز أن يسند إليها وألا يسند لعارض الاستعمال اللازم الذي لا تسع مخالفته (1).
(1) وفي آخر هذا البحث قال أبو حيان في شرحه:
وقد عدل المصنف في حد الاسم عما حدّه النحويون إلى هذا الحدّ الذي ذكره، وهذا الذي اختاره غير مختار؛ لأنّ النحويين حدوا الاسم بالأمور الذاتيات التي هي فيه قبل التركيب، والمصنف حدّه بأمر عارض له حالة التركيب وهو الإسناد المعنوي. وليس هذا شأن الحدود مع ما في حده من غموض اللفظ والإبهام والترديد والمجاز الذي هو مناف للحدّ. إذ الحدّ إنما يؤتى به لإيضاح المحدود وبيانه. وصار كلّ قيد فيه يحتاج إلى شرح طويل؛ فتحتاج إلى أن تشرح الإسناد والمعنى والنظير، وهذه أمور فيها غموض لا تناسب المحدود.
والإبهام في قوله: ما لمعناها، والترديد في قوله: أو نظيرها، والمجاز في قوله: إلى نفسها، والكلمة لا يقال لها نفس إلا بمجاز.
ويستمر أبو حيان قائلا: وأحسن ما حدّ به الاسم أن يقال:
الاسم: كلمة دالة بانفرادها على معنى غير متعرضة ببنيتها للزمان.
فقولنا: كلمة، جنس يشمل الاسم والفعل والحرف. وقولنا: دالة بانفرادها على معنى، احتراز من الحرف؛ فإنه لا يدل على معنى إلا بضميمه. وقولنا: غير متعرضة
…
إلخ احتراز من الفعل.
انظر: التذييل والتكميل (1/ 46).