المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[انصراف الفعل المضارع إلى زمن المضي] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ١

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌أما قسم الدراسة فقد جعلناه في: تمهيد وعشرة فصول

- ‌وأما القسم الثاني وهو «التحقيق» فقد سرنا فيه وفق الخطوات التالية:

- ‌تمهيد

- ‌العصر الثقافي أو الحياة العلمية في عصر ناظر الجيش:

- ‌خصائص المدرسة النحوية في عصر «ناظر الجيش»:

- ‌الفصل الأول حديث موجز عن ابن مالك صاحب «التسهيل»

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌كنيته ولقبه:

- ‌مولده وموطن ولادته:

- ‌ثناء الناس على ابن مالك:

- ‌مؤلفات ابن مالك (النحوية فقط):

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثاني حديث عن ناظر الجيش صاحب «شرح التسهيل»

- ‌ اسمه ونسبه:

- ‌لقبه وكنيته:

- ‌مولده وموطن ولادته:

- ‌شيوخه:

- ‌1 - أبو حيان:

- ‌2 - تاج الدين التبريزي:

- ‌3 - التقي السبكي:

- ‌4 - التقي الصائغ:

- ‌5 - الجلال القزويني:

- ‌تلاميذه:

- ‌ثقافته:

- ‌ مؤلفاته

- ‌صفاته وأخلاقه:

- ‌المناصب التي تولاها:

- ‌وفاته:

- ‌الفصل الثالث كتاب التسهيل لابن مالك وقيمته العلمية

- ‌ قيمة التسهيل العلمية:

- ‌شروح التسهيل:

- ‌أثر التسهيل في المؤلفات النحوية بعده:

- ‌باحث معاصر حقق الكتاب:

- ‌الفصل الرابع كتاب شرح التسهيل لناظر الجيش المسمى «تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد»

- ‌ اسم الكتاب:

- ‌نسبة الكتاب لناظر الجيش:

- ‌الغاية من تأليفه:

- ‌زمن تأليف الكتاب:

- ‌قيمة الكتاب العلمية:

- ‌الفصل الخامس مصادر ومراجع كتاب شرح التسهيل لناظر الجيش

- ‌أما النحاة فنجد من أبرزهم:

- ‌ومن اللّغويين:

- ‌وأما رجال الحديث، والمفسرون، والقراء، والصحابة، فمنهم:

- ‌وأما الشعراء والرجاز:

- ‌الفصل السادس منهج ناظر الجيش في شرحه للتسهيل وأسلوبه فيه

- ‌ أولا: منهجه في التأليف:

- ‌ثانيا: أسلوبه في شرح التسهيل:

- ‌الفصل السابع شخصية ناظر الجيش النحوية

- ‌أولا: ناظر الجيش وسيبويه إمام النحاة:

- ‌ثانيا: ناظر الجيش وأبو علي الفارسي:

- ‌ثالثا: ناظر الجيش وابن جني:

- ‌رابعا: ناظر الجيش والزمخشري:

- ‌خامسا: ناظر الجيش وابن الحاجب:

- ‌سادسا: ناظر الجيش وابن عصفور:

- ‌سابعا: ناظر الجيش وابن مالك:

- ‌ثامنا: ناظر الجيش وأبو حيان:

- ‌الفصل الثامن موقف ناظر الجيش من قضية الاستشهاد والأدلة النحوية

- ‌أولا: القرآن الكريم:

- ‌ثانيا: القراءات القرآنية:

- ‌ثالثا: الحديث الشريف:

- ‌رابعا: الشعر:

- ‌خامسا: النّثر:

- ‌الفصل التاسع ناظر الجيش مذهبه النحوي - بعض اختياراته

- ‌ أولا: مذهبه النحوي:

- ‌ثانيا: اختياراته النحويّة:

- ‌الفصل العاشر شرح ناظر الجيش - بين التأثر والتأثير - ما له وما عليه

- ‌ أولا: التأثر:

- ‌ثانيا: التأثير:

- ‌ميزات الكتاب:

- ‌مآخذ الشرح:

- ‌خاتمة

- ‌وقد خرجنا من البحث بالنتائج التالية:

- ‌منهجنا في التحقيق بإيجاز بعد أن ذكرناه بالتفصيل في المقدمة:

- ‌وصف النسخ التي اعتمدنا عليها في التحقيق:

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الكلام على خطبة الكتاب

- ‌الباب الأول (*) باب شرح الكلمة والكلام وما يتعلّق به

- ‌[تعريف الكلمة]

- ‌[تقسيم الكلمة]

- ‌[تعريف الكلام]

- ‌[تعريف الاسم]

- ‌[تعريف الفعل]

- ‌[تعريف الحرف]

- ‌[علامات الاسم]

- ‌[علامات الفعل]

- ‌[أقسام الفعل]

- ‌[علامات الفعل الماضي والمضارع]

- ‌[زمن الأمر]

- ‌[زمن الفعل المضارع]

- ‌[ترجح زمن الحال في المضارع]

- ‌[تعيين زمن الحال للمضارع]

- ‌[الأمور التي تخلص المضارع للاستقبال]

- ‌[انصراف الفعل المضارع إلى زمن المضي]

- ‌[صرف الماضي إلى الحال والاستقبال]

- ‌[احتمال الماضي للحال والاستقبال]

- ‌الباب الثاني باب إعراب الصّحيح الآخر

- ‌[تعريف الإعراب]

- ‌[الإعراب أصل في الأسماء فرع في الأفعال]

- ‌[متى يعرب المضارع ومتى يبنى

- ‌[وجوه الشبه بين الاسم والحرف]

- ‌[أنواع الإعراب]

- ‌[علامات الإعراب الأصلية]

- ‌[ما ينوب عن الفتحة]

- ‌[ما ينوب عن الضمة]

- ‌[اللغات في الأسماء الستة]

- ‌[اللغات في: فم]

- ‌[إعراب الأمثلة الخمسة عند الرفع]

- ‌[الأمثلة الخمسة عند النصب والجزم]

- ‌[حد البناء وأنواعه]

- ‌الباب الثالث باب إعراب المعتلّ الآخر

- ‌[كيفية إعراب المضارع المعتل الآخر]

- ‌[بناء حرف العلة مع الجازم للضرورة]

- ‌[الضرورة وإعراب الأفعال والأسماء]

- ‌الباب الرابع باب إعراب المثنّى والمجموع على حده

- ‌[تعريف المثنى وإعرابه]

- ‌[الملحق بالمثنى وأنواعه]

- ‌[حكم العطف دون التثنية]

- ‌[تعريف جمع المذكر السالم]

- ‌[إعراب جمع المذكر السالم]

- ‌[الآراء في إعراب المثنى وجمع المذكر والأسماء الستة]

- ‌[تعريف جمع المؤنث السالم]

- ‌[شروط جمع المذكر السالم]

- ‌[الملحق بجمع المذكر السالم]

- ‌[حكم سنين وبابه]

- ‌[إعراب المعتل اللام من جمع المذكر وجمع المؤنث]

- ‌الباب الخامس باب كيفيّة التّثنية وجمعي التّصحيح

- ‌[تعريف المقصور والمنقوص والممدود]

- ‌[تثنية الاسم غير المقصور والممدود]

- ‌[تثنية المقصور]

- ‌[تثنية الممدود]

- ‌[تثنية خاصة لبعض الأسماء]

- ‌[جمع المقصور والمنقوص الجمع الصحيح]

- ‌[تثنية خاصة لأسماء مخصوصة]

- ‌[جمع بعض الأسماء الجمع الصحيح]

- ‌[جمع فعلة جمعا مؤنثا وحكم العين فيه]

- ‌[تثنية محذوف اللام وحكمه]

- ‌[تثنية اسم الجمع وجمع التكسير]

- ‌[الأوجه الجائزة في المضاف إلى المثنى]

- ‌[الأوجه الجائزة في مثل: عيناه حسنتان]

- ‌[ما يجمع بالألف والتاء]

- ‌الباب السادس باب المعرفة والنّكرة

- ‌[أنواع المعرفة]

- ‌[ترتيب المعارف]

- ‌[تفوق الأقل في التعريف]

- ‌[تعريف النكرة]

- ‌[اختلاف النحويين في ترتيب المعارف]

- ‌الباب السابع باب المضمر

- ‌[تعريف الضمير]

- ‌[مواضع استتار الضمير وجوبا]

- ‌[مواضع استتار الضمير جوازا]

- ‌[الحديث عن الضمير المتصل المرفوع]

- ‌[حكم الفعل الماضي المسند إلى الضمائر]

- ‌[نيابة بعض الضمائر عن بعض]

- ‌[بقية الحديث عن نيابة بعض الضمائر عن بعض]

- ‌[الحديث عن الضمير المتصل المنصوب والمجرور]

- ‌[أحكام ضمائر التثنية والجمع]

- ‌[نون الوقاية وأحكامها وماذا تلحق]

- ‌[الحديث عن ضمائر الرفع المنفصلة]

- ‌[اللغات في هو وهي]

- ‌[الحديث عن ضمائر النصب المنفصلة]

- ‌[مواضع انفصال الضمير]

- ‌[مواضع جواز الاتصال والانفصال]

- ‌[المختار في مواضع جواز الاتصال والانفصال]

- ‌[فصل الضمير الواجب الاتصال]

- ‌[مفسّر ضمير الغائب وتقديمه]

- ‌[مفسّر ضمير الغائب وتأخيره جوازا]

- ‌[مفسّر ضمير الغيبة وتأخره لزوما]

- ‌[ضمير الشأن وأحكامه]

- ‌[أحكام أخرى تخص ضمير الشأن]

- ‌[حكم ضمير الشأن من بروزه أو استتاره]

- ‌[أسباب بناء الضمائر]

- ‌[ضمير الفصل وأحكامه]

- ‌[استثناء من بعض أحكام الضمير]

- ‌[مسائل وأحكام أخرى لضمير الفصل]

الفصل: ‌[انصراف الفعل المضارع إلى زمن المضي]

[انصراف الفعل المضارع إلى زمن المضي]

قال ابن مالك: (وينصرف إلى المضيّ بلم ولمّا الجازمة ولو الشّرطيّة غالبا، وإذ وربّما وقد في بعض المواضع).

ــ

وأما إذا أتى بالنون في الفعل نحو: والله ليقومن زيد، فيمكن أن يقال إنه إنما استفيد الاستقبال من النون؛ لأنها من القرائن الاستقبالية.

قال الأبذي: «وهذا الّذي ذهب إليه - يعني الجزولي - في اللّام هو مذهب أكثر النّحويين. ومنهم من ذهب إلى أنّك إذا أقسمت على قيام في الحال، تقول: والله ليقوم زيد، وهو عندي جائز» . انتهى. يعني أن اللام لا تخلص للاستقبال (1).

وزاد الأبذي أيضا في قرائن الاستقبال: عطفه على المستقبل وعطف المستقبل عليه، نحو: سيأكل زيد ويشرب، ويشرب زيد وسيأكل، وقد تقدم نظير ذلك في القرائن الحالية، وأنه قد يستغنى عنه.

وكان ينبغي للمصنف أن يذكر في القرائن المخلصة للاستقبال: لو الشرطية في أحد استعمالها، كما سيأتي بيانه.

قال ناظر الجيش: شرع في ذكر القرائن الصارفة له إلى المضي، وإنما قال:

وينصرف ولم يقل ويتعين أو يتخلص كما قال قبل؛ لأن المضارع لا دلالة له على المضي بالوضع، فكأنه انصرف عن مدلوله بالوضع وهو الحال [1/ 43] أو الاستقبال إلى مدلول آخر بقرينة بخلاف ما إذا تعين لأحد مدلوليه الذي هو موضوع لهما.

فمن القرائن الصارفة له: لم ولمّا:

ولا خلاف أن المضارع المقترن بهما ماضي المعنى، وهل كان ماضي اللفظ فتغير لفظه دون معناه، أو لم يزل مضارعا فتغير معناه دون لفظه؟ -

- مختارات في ديوان الحماسة. وانظر ترجمته في الأعلام (3/ 97).

(1)

يريد أن يذكر أن الفعل يجب تأكيده بالنون عند البصريين إذا اقترن بلام القسم. وعليه: فإذا اقترن بالنون فالواجب تخليصه للاستقبال بها، فإحدى الأداتين خلصته؛ فإذا اقترن بإحداهما فلا داعي للأخرى وهو غير جائز؛ لأنه لا بد من اجتماعهما؛ إلا أن الرد عليه من وجهين: أن الكوفيين لا يوجبون الاجتماع، وأن مذهب بعض النحويين أن اللام لا تخلص للاستقبال.

ص: 204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأول: مذهب طائفة منهم الجزولي (1).

قال الأبذي: «وهو مذهب سيبويه (2) لأنّه جعل لم نفي فعل ولمّا نفي قد فعل» .

والثاني: مذهب المبرد وأكثر المتأخرين واختاره المصنف ومن ثمّ قال: وينصرف إلى المضيّ يعني أن معناه هو الذي تغير، وأن لم ولما إنما دخلتا على لفظ المضارع (3).

واستدل لمذهب سيبويه (4) بأنك إذا ناقضت من أوجب قيام زيد، فقال قام زيد قلت: لم يقم زيد، وإن قال قد قام زيد، قلت: لمّا يقم زيد، والمناقضة إنما تكون بإدخال أداة النفي على ما أوجبه الذي قصدت مناقضة كلامه. وأيضا فإن صرف التغيير إلى جانب اللفظ أولى من صرفه إلى جانب المعنى؛ لأن المحافظة على المعنى أولى.

قال المصنف (5): «وثاني القولين هو الصحيح - يعني ما ذهب إليه المبرد (6) - قال:

لأنه نظير ما أجمع عليه في الواقع بعد لو وربّما وإذ فإنها صرفت المعنى دون اللّفظ اتفاقا».

وقال أيضا: «إنما قيدت لمّا بالجازمة؛ لأنها إذا لم تكن جازمة لا يليها فعل مضارع بل ماضي اللفظ والمعنى إن كانت بمعنى حين، أو ماضي اللفظ مستقبل المعنى إن كانت بمعنى إلا، كقول الشاعر:

33 -

قالت له بالله يا ذا البردين

لمّا غنثت نفسا أو اثنتين (7)

-

(1) انظر (ص 34) من كتاب: المقدمة الجزولية في النحو، للجزولي (607 هـ).

(2)

انظر الكتاب (3/ 117).

(3)

انظر: شرح التسهيل (1/ 28) ورجح المذهب الثاني الرضي في شرحه على الكافية (2/ 232)، وقال: هو أولى؛ لأن قلب المعنى أولى وأكثر في كلامهم، كما ضعف الأول السيوطي في الهمع (1/ 8)، وانظر تلميحا لرأي المبرد في المقتضب:(1/ 46).

(4)

القائل: إن الفعل المضارع كان ماضي اللفظ، وعند دخول لم أو لما عليه تغير لفظه دون معناه.

(5)

انظر: شرح التسهيل (1/ 27).

(6)

وهو الرأي القائل: إن معناه هو الذي تغير دون لفظه.

(7)

البيتان من السريع المشطور الموقوف وهما في معجم الشواهد (ص 543) مجهولا القائل.

اللغة: البردان: مثنى برد وهو ثوب مخطط من أكسية العرب، وذو البردين: لقب عامر بن أحيمر.

غنثت: يقال: غنث غنثا إذا شرب ثم تنفس وهو غير العب؛ لأن العب هو أن تشرب ثم لا تتنفس. قال الشيباني: الغنث هنا كناية عن الجماع (لسان العرب ص 3305 مادة: غنث).

وشاهده: وقوع لما بمعنى إلا في جواب القسم، ومن هنا كان الفعل ماضي اللفظ مستقبل المعنى.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 28)، والتذييل والتكميل (1/ 103).

ص: 205

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأطلقت لم تنبيها على أنها صارفة إلى المضي أبدا ولو لم يكن الفعل مجزوما بعدها، كقول الشاعر:

34 -

لولا فوارس من ذهل وأسرتهم

يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار (1)

فرفع الفعل بعدها وهي لغة لقوم» (2) انتهى.

قال الشيخ: «لا يحتاج إلى تقييد لمّا بالجازمة؛ لأنّها لا تدخل على المضارع إلّا وهي جازمة. ولو كانت تدخل عليه جازمة وغير جازمة ولا تصرفه إلى المضي إلا الجازمة - لاحتيج إلى ذلك التقييد، وأما أن يحترز بذلك من دخولها على الفعل الماضي فلا يصح؛ إذ التقييد إنما يكون في شيء مشترك» انتهى (3).

والجواب: أن المصنف لم يحترز بذلك من شيء؛ بل نبه على أن لما جازمة وغير جازمة، وأن المضارع يختص بالجازمة دون غيرها. ويشعر بذلك قوله:

وقيدتها بالجازمة؛ لأنها إذا لم تكن جازمة لا يليها فعل ماض؛ ولم يقل احترازا من كذا وكذا.

ومنها: لو الشرطية: واعلم أن لو قسمان:

مصدرية: ويتخلص المضارع بها للاستقبال، كما تقدم.

وشرطية: وهي نوعان: شرط في المستقبل، فتكون إذ ذاك بمعنى إن كقوله تعالى:

وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ (4). وقوله تعالى: -

(1) البيت من بحر البسيط وهو في معجم الشواهد (ص 182) في مراجع كثيرة ولم ينسب لقائل.

اللغة: فوارس: جمع فارس على غير قياس. ذهل: حي من بكر ويروى مكانه نعم وقيس.

وأسرتهم: يروى مكانه وإخوتهم وفيه الجر عطفا على المجرور قبله والرفع عطفا على فوارس. الصليفاء:

أرض صلبة. كان فيها قتال بين هوازن وقيس وهو من أيام العرب.

لم يوفون: من الوفاء وفيه الشاهد، قال ابن يعيش (شرح المفصل 7/ 9): هو شاذ لرفع الفعل بعد لم وسبيله عندنا على تشبيه لم بلا، ومثله قول الآخر:

أن تهبطين بلاد قو

م يرتعون من الطّلاح

فهذا على تشبيه أن بما المصدرية وهو طريق الكوفيين.

وأما البصريون فيحملونه وأشباهه على أنها المخففة من الثقيلة.

وانظر الشاهد في شرح التسهيل لابن مالك (1/ 28) ولأبي حيان (1/ 104).

(2)

انظر: شرح التسهيل (1/ 28).

(3)

انظر: التذييل والتكميل (1/ 104).

(4)

سورة النساء: 9.

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ (1)، ومنه قول الشّاعر:

35 -

قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم

دون النّساء ولو باتت بأطهار (2)

فالماضي ينصرف بعدها كما في هذه الأمثلة إلى الاستقبال. وسيبين. وإذا وقع بعد لو هذه مضارع [1/ 44] كان مستقبل المعنى كما يكون حكمه بعد إن كقول الشاعر:

36 -

لا يلفك الرّاجيك إلّا مظهرا

خلق الكرام ولو تكون عديما (3)

وكان ينبغي للمصنف أن يذكرها مع القرائن الاستقبالية كما تقدم التنبيه عليه.

وقد يقال: يمكن أن يدخل تحت قول المصنف فيما تقدم: أو مجازاة أي بمصاحبة أداة مجازاة. ولا شك أن لو إذا كانت بمعنى إن صدق عليها أنها للمجازاة.

وشرط في المضي: وهي المسماة بالامتناعية (4)، وينصرف المضارع بها إلى المضي؛ ومثالها قوله تعالى: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ (5).

ومثله قول كثير (6): -

(1) سورة آل عمران: 91.

(2)

البيت من بحر البسيط من قصيدة طويلة للأخطل يمدح فيها يزيد بن معاوية، وبيت الشاهد آخرها.

انظر ديوان الأخطل (ص 83).

اللغة: المآزر: جمع مئزر وهو الإزار وشده كناية عن ترك الجماع. أطهار: جمع طهر وهو النقاء من دم الحيض. ومعناه واضح.

واستشهدوا به على أن لو بمعنى إن، فيكون الفعل بعدها مستقبلا في المعنى.

والبيت في معجم الشواهد (ص 180) وليس في شرح التسهيل لابن مالك أو أبي حيان.

ترجمة الأخطل: هو غياث بن غوث من بني تغلب، ولد عام (19 هـ)، أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق. مدح خلفاء بني أمية: معاوية ويزيد، ومن بعدهم وأقام معهم في دمشق حينا ومع أهله في الجزيرة العربية حينا وتوفي سنة (90 هـ) (انظر: الشعر والشعراء 1/ 490، الأعلام 5/ 318).

(3)

البيت من بحر الكامل لشاعر مجهول ينصح ممدوحه بأن يكون باشّا مع الذين يرجون إحسانه حتى ولو كان فقيرا. والراجيك: طالب معروفك، ويروى مكانه الراجوك وهو جمعه، وشاهده واضح من الشرح.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 28) وفي التذييل والتكميل (1/ 105) وفي معجم الشواهد (ص 337).

(4)

سميت بذلك لأن معناها امتناع الجواب لامتناع الشرط.

(5)

سورة النحل: 61.

(6)

هو أبو صخر كثير بن عبد الرحمن، أحد عشاق العرب المشهورين، صاحب عزة بنت جميل بن حفص، وله معها حكايات ونوادر مشهورة، وأكثر شعره فيها، وكان قد تزوجها وانفصل عنها، وملأ -

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

37 -

رهبان مكّة والّذين عهدتهم

يبكون من حذر العذاب قعودا

لو يسمعون كما سمعت كلامها

خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا (1)

وقول الآخر:

38 -

لو يقوم الفيل أو فيّاله

زلّ عن مثل مقاسي وزحل (2)

فتقييد المصنف لها بالشرطية احترازا من المصدرية (3).

ثم احترز من التي بمعنى إن بقوله: غالبا وكأنه يقول: إن ورود لو بمعنى إن ليس غالبا؛ وإنما الغالب استعمالها في المضي؛ لكن ظاهر العبارة يوهم أنها الامتناعية وأنها تارة تصرف المضارع إلى المضي وتارة تصرفه إلى

الاستقبال؛ لكن الغالب صرفها إلى المضي، وليس كذلك لما تبين من أنها نوعان (4).

وقد وافق المصنف الجزولي (5) في تسمية لو الامتناعية شرطية. وناقش الأبذي -

- الدنيا عليها شعرا في حياتها وبعد موتها مدح كثيرا من خلفاء بني أمية كعبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز، واستقر به المقام في مصر بعد الإقامة في المدينة ودمشق وكان قبيح المنظر إلا أن شعره رفع مجلسه إلى الملوك. له ديوان مشروح. توفي سنة (105 هـ). انظر ترجمته في الشعر والشعراء (1/ 510)، وفيات الأعيان (4/ 113)، الأعلام (6/ 72).

(1)

البيتان من بحر الكامل وهما من مقطوعة صغيرة لكثير عزة (انظر ديوانه ص 441)، ومعناهما واضح، وهما في العشق والهيام بالمحبوب.

ويستشهد النحاة بالبيت الثاني: على أن الفعل المضارع إذا وقع بعد لو الشرطية صرفته إلى المضي؛ فمعنى لو يسمعون كما سمعت: لو سمعوا كما سمعت.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 27) والتذييل والتكميل (1/ 104) ومعجم الشواهد (ص 98).

(2)

البيت من بحر الرمل من قصيدة طويلة للبيد بن ربيعة صدرها ابن قتيبة في الشعر والشعراء (1/ 286) بقوله: وممّا يستجاد له. وذكر أبياتا منها. والقصيدة في الديوان (ص 139).

وزحل: في معنى زل أيضا. والشاهد فيه كما في البيت قبله.

والبيت في التذييل والتكميل (1/ 99) وليس في معجم الشواهد.

(3)

وهي التي يتخلص المضارع معها للاستقبال، كقوله تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ

[البقرة: 96].

(4)

شرطية في المستقبل وهي التي بمعنى إن، وشرطية في الماضي وهي المسماة بالامتناعية.

(5)

وافق الأول الثاني؛ لأن ابن مالك توفي سنة (672 هـ)، والجزولي توفي سنة (610 هـ). وانظر رأي الجزولي في تسمية لو الامتناعية شرطية، كتابه المسمى بالمقدمة الجزولية (ص 33) تحقيق د./ شعبان عبد الوهاب.

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجزولي في ذلك، فقال: ليست - يعني الامتناعية - شرطا لا في اللفظ؛ لأنها لا تجزم، ولا في المضي؛ لأن الشرط إنما يكون بالنظر إلى الاستقبال.

ومنها إذ:

نحو قوله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ (1) المعنى:

وإذ قلت.

ومنها ربما:

نحو قول الشاعر:

39 -

ربّما تكره النّفوس من الأم

ر له فرجة كحلّ العقال (2)

أي ربما كرهت.

وإنما صرفت معنى المضارع إلى المضي (3)؛ لأنها قبل اقترانها بما مستعملة في المضي، فاستصحب بعد الاقتران ما كان لها قبله؛ بل هي بذلك أحق؛ لأن ما -

(1) سورة الأحزاب: 37.

(2)

البيت من بحر الخفيف وهو في معجم الشواهد العربية (ص 323) مذكور في مراجع كثيرة جدّا.

وقد اختلف في قائله، فقيل: لأبي قيس اليهودي وقيل لابن صرمة الأنصاري وقيل لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب، وقد وجدته في معجم الشعراء (ص 72) منسوبا لعمير الحنفي مع قصة له. كما وجدته في ديوان أمية بن أبي الصلت (ص 49)، وأيضا في ديوان عبيد بن الأبرص (ص 111) ثالث أبيات ثلاثة وقبله:

لا تضيقنّ بالأمور فقد تك

شف غمّاؤها بغير احتيال

اللغة: الفرجة: بالفتح المرة من الفرج وبالضم في الحائط ونحوه، واقرأ قصة فتح الفاء وضمها في الدرر:(1/ 4).

والشاهد في البيت هنا قوله: ربما تكره؛ حيث جعل ربما صارفة المضارع إلى المضي بعد أن جعل ربما كلها كلمة واحدة، واستشهد سيبويه بالبيت على أن رب لا يليها إلا نكرة؛ فما فيه بمعنى شيء والجملة بعدها صفة (الكتاب: 1/ 109، 309) وانظر هذا البيت لهذا الشاهد في باب الموصول.

وانظر البيت في التذييل والتكميل (1/ 106) وفي معجم الشواهد (ص 323).

ترجمة عبيد بن الأبرص: هو عبيد بفتح العين وكسر الباء ابن الأبرص، أحد شعراء الجاهلية المشهورين ويعد من المعمرين، قتله النعمان بن المنذر في يوم بؤسه، وكان عبيد يريد أن ينشده شعرا، فقال له النعمان: حال الجريض دون القريض. فسارت مثلا والجريض هي الغصة، والمعنى: حال الموت دون الشعر ثم قتله.

انظر ترجمته في وفيات الأعيان (3/ 329)، الشعر والشعراء (1/ 273).

(3)

انظر في التعليل: شرح التسهيل (1/ 29) ولم يشر إليه الشارح.

ص: 209

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للتوكيد فيتأكد بها معنى ما يتصل به ما لم يقلبه من معنى إلى معنى كما فعلت بإذ حين قيل فيها إذما. ومفارقتها

في الدلالة على المضي وحدث فيها معنى المجازاة.

وقد ذكر المصنف في باب حروف الجر من هذا الكتاب أنه لا يلزم مضي ما يتعلق بربّ؛ بل قد يكون مستقبلا، وأنشد أبياتا منها قول جحدر اللص (1):

40 -

فإن أهلك فربّ فتى سيبكي

على مهذّب رخص البنان (2)

وقول سليم القشيري (3):

41 -

ومعتصم بالحيّ من خشية الرّدى

سيودي وغاز مشفق سيئوب (4)

قال: وقد يكون حالا، انتهى (5). -

(1) هو جحدر بن مالك الحنفي، شاعر أموي عاصر الحجاج، وكان يقطع الطريق على هجر وناحيتها، فأمر به الحجاج، فأتي به إليه، فسأله عما حمله على ذلك فقال جحدر: جراءة الجنان، وجفوة السلطان، وكلب الزمان

فجمعه الحجاج بأسد ليقتله، فقتل جحدر الأسد، وخلّى الحجاج سبيله.

(2)

البيت من بحر الوافر، قائله جحدر بن مالك اللص من قصيدة طويلة. (انظر القصيدة كلها وخبر ذلك في الأمالي لأبي علي (1/ 332). وبعد بيت الشاهد قوله:

ولم أك قد قضيت حقوق قومي

ولا حقّ المهنّد والسّنان

ويستشهد به هنا على أن ما بعد ربّ قد يكون مستقبلا.

والبيت في التذييل والتكميل (1/ 106)، وفي شرح التسهيل:(3/ 179)(باب حروف الجر).

(3)

لم أعثر له على ترجمة أبدا في كتب التراجم أو الطبقات على الرغم من كثرة ما رأيته .... معجم الأدباء لياقوت، معجم الشعراء للمرزباني. طبقات الشعراء لابن قتيبة وابن المعتز وابن سلام، الأعلام للزركلي، معجم المؤلفين لكحالة، وفيات الأعيان. فوات الوفيات. الوافي بالوفيات

إلخ.

(4)

البيت من بحر الطويل نسبه الشارح وهو من الحكم، ومعناه من قوله تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ [النساء: 78] كما أن الأمر هو: كم من خائض سبيل الموت ثم ينجو.

وشاهده قوله: ومعتصم .. سيودي حيث جاء الفعل بعد الواو النائبة عن ربّ مستقبلا والبيت في شرح التسهيل (3/ 179)(باب حروف الجر).

(5)

انظر شرح التسهيل لابن مالك (3/ 179).

ومما أنشده أيضا من مجيء ما يتعلق بربّ مستقبلا قول هند أم معاوية (مجزوء الكامل):

يا ربّ قائلة غدا

يا لهف أمّ معاوية

ومثله (من البسيط):

يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم

لاقى مباعدة منّا وحرمانا

ومما أنشده من مجيئه حالا قول عمر بن أبي ربيعة (من الطويل): -

ص: 210

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والقائلون بأن ربما تصرف معنى المضارع إلى المضي يوردون على أنفسهم قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (1).

فيقولون: ظاهره أن الفعل بعد ربما مستقبل [1/ 45]؛ لأنهم لا يودون ذلك إلا في الآخرة.

ويجيبون بأن التقدير ربما ودّ؛ فيكون من قبيل ما جعل فيه المستقبل بمنزلة الماضي؛ فربّ صارفة معنى يود إلى الماضي. وجاز التعبير بالماضي عن المستقبل لصدق الوعد به، ولقصد التقريب لوقوعه، فجعل كأنه وقع مجازا، كما قال الله تعالى: أَتى أَمْرُ اللَّهِ (2).

وفي كلام المصنف ما يشعر بأنه لا يلتزم السؤال الذي أورد هنا، وأنه يحمل الآية الكريمة على ظاهرها من الاستقبال؛ لأنه قال:

قال ابن السراج (3) في قوله تعالى: رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ (4) بأنه لصدق الوعد، كأنه قد كان، كما قال تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ (5). والصحيح عندي: أن إذ قد يراد بها الاستقبال كما يراد بها -

-

تقول ولم تعلم عليّ خيانة

ألا ربّ باغ الرّبح ليس برابح

وقول الآخر:

ألا ربّ من تغتشّه لك ناصح

ومؤتمن بالغيب غير أمين

(1)

سورة الحجر: 2.

(2)

سورة النحل: 1. وقوله: وجاز التعبير

إلخ أي بناء على أن ما يلي ربّ هو الماضي في الأصل لفظا ومعنى أو معنى فقط كهذه الآية وعليه يصح التعليل في قوله السابق. وإلا فالفعل في الآية: رُبَما يَوَدُّ مستقبل لفظا ومعنى.

(3)

انظر كتابه المشهور له: أصول النحو: (1/ 511) بتحقيق عبد الحسين الفتلي (بغداد - العراق).

وابن السراج: هو محمد بن السري البغدادي النحوي أبو بكر، قرأ كتاب سيبويه على المبرد ثم انصرف عن النحو إلى الاشتغال بعلم

الموسيقى. وذات يوم حضر مجلس الزجاج فأخطأ في مسألة فوبخه الزجاج فيها فعاد إلى النحو ونظر في دقائق مسائله حتى برع فيه، توفي شابّا سنة (316 هـ).

مصنفاته: كتاب الأصول في النحو، وهو مطبوع مشهور في ثلاثة أجزاء. وهو كتاب عظيم، قيل فيه قديما: ما زال النحو مجنونا حتى عقله ابن السراج بأصوله.

وذكرت المراجع له كتبا أخرى وهي: شرح كتاب سيبويه، جمل الأصول، الشعر والشعراء .. إلخ.

وانظر ترجمته في بغية الوعاة (1/ 109)، الأعلام (7/ 6).

(4)

سورة الحجر: 2.

(5)

سورة سبأ: 51.

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المضي فمنه قوله تعالى: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ (1) وقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (2) فأبدل يومئذ من إذا (3)؛ فلو لم تكن صالحة للاستقبال ما أبدل يوم المضاف إليها من إذا، انتهى.

ومنها قد:

قال المصنف: إذا دخلت قد على المضارع فهي كربما في التقليل والصرف إلى معنى المضي. هذا ظاهر قول سيبويه؛ فإنه قال في باب عدة ما يكون عليه الكلم (4):

وأمّا قد فجواب لقوله لمّا يفعل فتقول قد فعل ثم قال: فتكون قد بمنزلة ربّما.

قال الهزلي:

42 -

قد أترك القرن مصفرّا أنامله

كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (5)

كأنه قال ربما. هذا نصه.

فإطلاقه القول بأنها بمنزلة رب موجب للتسوية بينهما في التقليل والصرف إلى المضي (6) فإن خلت من التقليل خلت غالبا من الصرف إلى معنى المضي وتكون -

(1) سورة غافر: 70، 71.

(2)

سورة الزلزلة: 4.

(3)

أي في قوله تعالى: إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها [الزلزلة: 1].

(4)

انظر: الكتاب (4/ 223).

(5)

البيت من بحر البسيط قاله عبيد بن الأبرص من قصيدة يفتخر فيها بنفسه وبقومه (انظر ديوانه ص 49، ومختارات ابن الشجري ص 407).

اللغة: القرن: الشجاع الكفء في الشجاعة، مصفرّا أنامله: ميتا. مجت بفرصاد: رشت به وهو ماء التوت؛ يريد أن الدم على ثيابه كماء التوت؛ وفي البيت فخر بالشجاعة والحماس في القتال.

وتداول الاستشهاد على أن قد بمنزلة ربّما، قال ابن مالك: في التقليل والصرف إلى المضي، ورده أبو حيان وانظر تعليقنا بعد قليل.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 29) والتذييل والتكميل (1/ 107) ومعجم الشواهد (ص 120).

(6)

اعترض أبو حيان على ابن مالك في هذا الفهم فقال:

لم يبين سيبويه الجهة التي فيها قد بمنزلة ربما وعدم التبيين لا يدل على التسوية في الأحكام؛ بل يستدل بكلام سيبويه على نقيض ما فهم منه المصنف وهو أن قد بمنزلة ربما في التكثير فقط؛ ويدل عليه إنشاد البيت؛ لأن الإنسان لا يفتخر بشيء يقع منه على سبيل القليل والندرة؛ وإنما يفتخر بما يقع منه على سبيل الكثرة فتكون قد هنا بمنزلة ربما في التكثير كقول امرئ القيس (من الطويل):

ويا ربّ يوم قد لهوت وليلة

بآنسة كأنّها خطّ تمثال

انظر: التذييل والتكميل (1/ 108).

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حينئذ للتحقيق، كقوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ (1).

ومنه قول الشاعر:

43 -

وقد يدرك الإنسان رحمة ربّه

ولو كان تحت الأرض سبعين واديا (2)

وقد تخلو من التقليل وهي صارفة لمعنى المضي، كقوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ (3)، (4). فثبت لها مع المضارع معنيان وهما التقليل والتحقيق وأنها مع التقليل تصرف معنى الفعل إلى المضي ومع التحقيق لا تصرفه غالبا وقد تصرفه (5).

وقوله: في بعض المواضع (6) قيد في قد فقط. وقد يوهم إظهار حرف الجر مع إذ؛ حيث قال: وبإذ وربما وقد أن ذلك قيد في الثلاثة، وليس كذلك لما تبين من أن إذ وربما يصرفانه إلى المضي، ولا يكفي أن يقال: قد يخلصانه للمستقبل كما هو اختيار المصنف؛ لأن ذلك قليل والصرف إلى المضي هو الكثير فلا يقيده بقوله: في بعض المواضع.

قال الأبذي: «ومن القرائن الصّارفة معنى المبهم إلى المضيّ عطفه على الماضي نحو قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً (7) أي فأصبحت، وعطف الماضي عليه كقول الشاعر: -

(1) سورة الأنعام: 33.

(2)

البيت من بحر الطويل ولم ينسب فيما ذكر من مراجع. ومعناه من قوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [الأعراف: 156].

وشاهده: وقوع قد للتحقيق وإن دخلت على المضارع.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 29) والتذييل والتكميل (1/ 108) وليس في معجم الشواهد.

(3)

سورة البقرة: 144.

(4)

هذا آخر ما نقله الشارح من المصنف. وانظر شرح التسهيل (1/ 29).

(5)

وعليه فأحوال قد مع المضارع ثلاثة:

1 -

مفيدة للتقليل والصرف إلى المضي، كقول الشاعر: قد أترك القرن، أي قد تركت.

2 -

مفيدة للتحقيق مع بقاء الاستقبال، كقوله تعالى: قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ.

3 -

مفيدة للتحقيق مع صرفه إلى المضي، كقوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ. والاستعمال الثالث هو القليل.

(6)

أي في المتن، وذلك لأنه قال فيه: وينصرف المضارع إلى المضي بلم ولما الجازمة ولو الشرطية غالبا، وبإذ وربما وقد في بعض المواضع.

(7)

سورة الحج: 63.

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

44 -

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت لا يعنيني (1)

[1/ 46] يريد: ولقد مررت».

قال (2): «ومنها لمّا المحتاجة إلى جواب نحو قولهم: لمّا يقوم زيد قام عمرو.

وقال تعالى: فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا (3) أي جادلنا.

هكذا قال، وأطلق؛ فيفهم منه أنه ينصرف بها إلى المضي سواء اتصل بها كما مثل به، أم كان جوابا لها كما في الآية الكريمة. لكن في تمثيله بلما يقوم زيد قام عمرو نظر:

وهو أنه قد تقدم في كلام المصنف (4) أن لما غير الجازمة لا يليها إلا الماضي لفظا ومعنى إن كانت بمعنى حين، أو الماضي لفظا المستقبل معنى إن كانت بمعنى إلا.

وأما جواب لما في الآية الكريمة ففيه وجهان:

أحدهما: ما ذكره وهو (يجدلنا) فهو مستقبل لفظا ماض معنى.

والثاني: أنه محذوف تقديره: أقبل يجادلنا ويجادلنا حال، فلم يتعين ما ذكره في الآية الكريمة، ولم يتحقق صحة المثال الذي ذكره؛ فلا استدراك حينئذ.

قال: ومنها: وقوعه خبرا لكان وأخواتها، نحو كان زيد يقوم؛ فأما وقوعه حالا من اسم قد عمل فيه عامل معناه المضي، نحو جاء زيد يضحك؛ فإنما ذلك على حكاية الحال الماضية فليس إذا مصروفا عن معناه.

قال: ومنها أيضا عندي إعماله في الظرف الماضي: نحو: -

(1) البيت من بحر الكامل من مقطوعة عدتها أربعة أبيات لشمر بن عمرو الحنفي أحد شعراء بني حنيفة الذي قتل المنذر بن ماء السماء مع جماعة وهي في الأصمعيات (ص 126) وبعده:

غضبان ممتلئا عليّ إهابه

إني وربّك سخطه يرضيني

ونسبه صاحب الدرر (1/ 4)، البيت لرجل من بني سلول يصف نفسه بالحكمة والوقار.

وقد اختلف الاستشهاد بالبيت:

فابن هشام رأى فيه شاهدا على تعدي مر بعلى، وإن كان الأكثر فيه التعدي بالباء (المغني: 1/ 102). وغيره على أن التعريف بأل الجنسية لفظي لا يفيد التعيين، فاستشهدوا به في أبواب الحال والنعت والمعرف بأل.

وهو شاهد هنا على تعين المضارع للمضي إذا عطف الماضي عليه.

والبيت في التذييل والتكميل (1/ 109) وفي معجم الشواهد (ص 411) في مراجع كثيرة.

(2)

القائل هو الأبذي. وهي مستدركات استدركها على الجزولي عند شرحه لكتابه القانون في النحو.

(3)

سورة هود: 74.

(4)

انظر شرح أول هذا المتن.

ص: 214