الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم العطف دون التثنية]
قال ابن مالك: (ولا يغني العطف عن التّثنية دون شذوذ أو اضطرار إلّا مع قصد التّكثير أو فصل ظاهر أو مقدّر).
ــ
حالة التثنية فتنقلب ألف كلا إلى الواو كما تنقلب ألف عصا، وتنقلب ألف كلتا إلى الياء (1) كما تنقلب ألف ذكرى فكنت تقول: قام الزيدان كلواهما ورأيتهما كلويهما ومررت بهما كلويهما، وقامت الهندان كلتياهما ورأيت الهندين كلتييهما ومررت بهما كلتييهما» انتهى (2).
والجواب: أنه إنما كان يلزم ذلك أن لو ادعى أن كلا وكلتا قد ثنيا؛ وهو لا يدعي ذلك، وإنما حكم عليهما بأنهما مثنيان معنى مع أنهما مفردان لفظا.
ثم إن المصنف قد قام عنده الدليل بلغة كنانة وبغيرها أن الأعراب بالحروف؛ فوجب له القول به؛ وهذا الإلزام المذكور إن تم إنما كان يلزم العرب لا المصنف.
والعجب أن الشيخ ألزم ذلك في لغة كنانة ولا أدري كيف يلزم أصحاب اللسان.
قال ناظر الجيش: استعمال التثنية بدلا من العطف تخفيف يشبه الإعلال الملتزم؛ فكما لا يراجع التصحيح في مثل أعان واستعان إلا في شذوذ واضطرار (3)، كذا لا يراجع العطف بعد التثنية إلا في شذوذ واضطرار كقول الراجز:
112 -
كأنّ بين فكّها والفكّ
…
فأرة مسك ذبحت في سكّ (4)
-
(1) في الأصل: إلى التاء وهو خطأ.
(2)
انظر: التذييل والتكميل (1/ 260). وكلمة انتهى ساقطة من نسخة (ب)، (جـ).
(3)
مثال الشذوذ قولهم: استحوذ واستنوق الجمل وأعول الرجل (كثرت عياله) وأغيلت المرأة إذا أرضعت طفلها وهي حامل. ومثال الاضطرار قول عمر بن أبي ربيعة (من الطويل):
صددت فأطولت الصّدود وقلّما
…
وصال على طول الصّدود يدوم
(4)
البيتان من الرجز المشطور في وصف امرأة بطيب رائحة الفم نسبا لمنظور بن مرثد شاعر إسلامي (انظر ترجمته وأخباره في معجم الشعراء ص 281) وقد وجدتهما أيضا منسوبين لرؤبة في ملحقات ديوانه (ص 191). -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أراد بين فكيها، فجاء بالأصل المتروك إما شذوذا بحيث لو كان في غير شعر لم يمتنع، وإما لضرورة إقامة الوزن.
ومثله قول الآخر:
113 -
كأنّ بين خلفها والخلف
…
كشّة أفعى في يبيس قفّ (1)
وقول الآخر:
114 -
ليث وليث في محلّ ضنك
…
[كلاهما ذو أنف ومحك](2)
وقول الآخر:
115 -
[بين ابن مروان قريع الإنس
…
وبنت عباس قريع عبس]
أنجب عرس ولدا وعرس (3)
-
- اللغة: فأرة المسك: رائحته أو وعاؤه. ذبحت: شقت: السّك: بالضم نوع من الطيب.
واستشهد به على أن أصل المثنى العطف بالواو ولذلك يرجع إليه للضرورة والأصل: بين فكيها.
وانظر الشاهد في شرح التسهيل (1/ 68) والتذييل والتكميل (1/ 261) ومعجم الشواهد (ص 511).
(1)
البيتان من الرجز المشطور أيضا يشبه فيهما الشاعر صوتا بصوت.
اللغة: كشة أفعى: كشيش الأفعى صوتها من جلدها لا من فيها ويقال فيه: كش يكش وكشكش.
اليبس: ما كان رطبا فجف. القفّ: يقال قف العشب قفوفا إذا يبس ويقال قف أيضا إذا انضم بعضه إلى بعض ومن معاني القف: الشجرة العالية اليابسة (القاموس: 1/ 192). وشاهده كالذي قبله.
وانظر البيت في شرح التسهيل: (1/ 68) وفي التذييل والتكميل (1/ 261).
(2)
البيتان من الرجز المشطور أيضا قيل هما لواثلة بن الأسقع. والصحيح أنهما لجحدر بن مالك الحنفي قالهما مع أبيات أخر في قصة رواها صاحب الدرر (1/ 18) وملخصها أن الحجاج بن يوسف أطلق ليثا على جحدر حين تجرأ عليه وعصاه، ويروى أن جحدرا ضرب الليث بالسيف ففلق هامته، فعفا عنه الحجاج.
اللغة: الضنك: الضيق. الأشر: الأنف والاستكبار. المحك: بالسكون اللجاج.
وشاهده: عطف الليث على الليث والمقصود بأحدهما الإنسان وبالآخر الحيوان والشاعر لولا الضرورة لقال ليثان. وانظر البيت في معجم الشواهد (ص 514) والتذييل والتكميل (1/ 261).
(3)
الأبيات من الرجز المشطور وهي في الشعر والشعراء (2/ 599) منسوبة لرؤبة يعلم فيها ابنه الشعر -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يستعمل العطف في موضع الجمع؛ لأنه أشق من استعماله في التثنية ولأن الجمع ليس محدودا فتذكر آحاده معطوفا بعضها على بعض كما فعل بالمثنى [1/ 89] فلو كان الجمع مدلولا عليه ببعض ألفاظ العدد جاز استعمال العطف في موضعه.
كقول الشاعر:
116 -
ولقد شربت ثمانيا وثمانيا
…
وثمان عشرة واثنتين وأربعا (1)
وكقول الآخر:
117 -
وردن اثنتين واثنتين وأربعا
…
يبادرن تغليسا ثمال المداهن (2)
ومثال قصد التكثير ما تقدم من قول الشاعر: لو عدّ قبر وقبر
…
البيت، وما ذكر معه من الأبيات. -
- وليست في ديوانه. وهي في المديح ومعناها: إن هذا الخليفة أبوه عبد الملك بن مروان، وأمه ولادة ابنة عباس العبسية.
وعرس الرجل امرأته وهو أيضا عرسها لأنهما اشتركا في الاسم لمواصلة كل واحد منهما صاحبه وإلفه إياه. ومعنى أنجب عرس وعرس أي أنجب رجل وامرأة حيث ولدا هذا الرجل الممدوح.
وبيت الشاهد رواه صاحب اللسان (مادة عرس) وذكر أن تثنية الفعل تدل على أن ما عطف بالواو بمنزلة ما جاء في لفظ واحد؛ لأن الصفة لا تتقدم على الموصوف. وضبط بعضهم: ولدا بالتنوين (التذييل والتكميل: 1/ 262) وهو خطأ لأن الكلمة فعل مسند إلى ألف الاثنين.
وبيت الشاهد في التذييل والتكميل: (1/ 262)، وفي معجم الشواهد (ص 487).
(1)
البيت من بحر الكامل نسبته مراجعه إلى الأعشى (معجم الشواهد ص 214) وليس في ديوانه وليست له قصيدة عينية من بحر الكامل مما يشكك في نسبته إليه، وإن كان فيه روح الأعشى في كثرة شرب الخمر، ومجموع ما شربه وحدثنا به في هذا البيت أربعون مرة.
واختلف الاستشهاد بهذا البيت: فصاحب اللسان (ثمن) على أنه يكتفى بالكسرة في ثمان عن الياء.
وحاشية الصبان: (4/ 72) على أنه يجوز الفتح بعد حذف الياء في الموضع نفسه.
أما هنا فشاهده غير ذلك وهو استعمال العطف في موضع الجمع لأنه مدلول عليه بألفاظ العدد.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 69)، والتذييل والتكميل (1/ 263)، ومعجم الشواهد (ص 214).
(2)
البيت من بحر الطويل ولم يرد في معجم الشواهد وورد في شرح التسهيل (1/ 69)، والتذييل والتكميل (1/ 263)، غير منسوب ولم أقف على قائله.
اللغة: الثمال: بالضم جمع ثمالة وهو الماء القليل في الحوض أو في أي مكان. المداهن: جمع مدهن بضمتين ومن معانيه مستنقع الماء.
والشاعر يصف في البيت ركبا من الإبل يشرب على فترات من ماء قليل. واستشهد به على ما في البيت قبله.