الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبعد:
فقد ظهر لنا مما تقدم من الحجج التي ركن إليها كل من الفريقين. الذين يجوزون، والذين لا يجوزون الاستشهاد بالحديث. ويعدّ ناظر الجيش - في رده هذا على أبي حيان - أول من كشف القناع أو النقاب عن وجه هذه القضية، وأول من فصّل فيها وعلّل. هذا، وإذا كان أبو حيان قد سار مع ابن الضائع فإن ناظر الجيش قد وافق ابن مالك في مذهبه هذا
…
ولكل من الفريقين - بعد ذلك - أتباع (1).
بقي أن نذكر أن شواهد الحديث الشريف في هذا الشرح الكبير بلغت أو قاربت الخمسمائة حديث، وهذا نموذج منها مقرون بشرح وتخريج ناظر الجيش له:
قال المصنف: وممن رأى زيادة من في الإيجاب الكسائي وحمل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» فقال: أراد:
إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون، وكان المصنف قد قال في المتن:
«وتزاد لتنصيص العموم، أو لمجرد التوكيد بعد نفي، أو شبهه» قال الناظر:
«وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» فقد كفى المصنف مؤونة الجواب عنه إذ قال في باب الأحرف الناصبة الاسم الرافعة الخبر لما ذكر أن ضمير الشأن يكون اسما لإن،
وأنه يحذف معها كثيرا قال:
وعليه يحمل «إن من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون» لا على زيادة من خلافا للكسائي» (2).
رابعا: الشعر:
لقيت الشواهد الشّعرية - كغيرها - من النحاة تفضيلا، ورفضا، وقبولا، واهتم بعضهم بها اهتماما لم يتحقق لغيرها فإذا ما جاء - بعضهم - يشرح شواهد كتاب في النحو، أو الصرف - جعل جلّ اهتمامه - أو كلّه -
(1) وانظر: الاقتراح (ص 52 - 55)، والبحث اللغوي (ص 32 - 39)، ودراسات في العربية وتاريخها (ص 34 - 40)، ومقدمة خزانة الأدب للبغدادي.
(2)
انظر ذلك في باب حروف الجر.
بالشواهد الشعرية حتى كدنا إذا قيل: هذا كتاب يشرح الشواهد عرفنا أنه في شرح الشواهد الشعرية.
وقد ذهب علماء اللغة - وهم يستشهدون بشعر العرب - إلى تقسيم الشعراء أربع طبقات:
الأولى: طبقة الشعراء الجاهليين، وهم من كانوا قبل الإسلام، ومن هؤلاء: امرؤ القيس، وزهير، وطرفة، وعدي بن زيد، وعلقمة الفحل ..
الثانية: طبقة الشعراء المخضرمين، ويعنى بهم الّذين أدركوا الجاهلية والإسلام. ومنهم: الأعشى ميمون بن قيس، وحسان بن ثابت.
الثالثة: طبقة الشعراء الإسلاميين، وهؤلاء هم الذين كانوا في صدر الإسلام، وفي طليعتهم جرير، والفرزدق.
أما الطبقة الرابعة والأخيرة: فهي طبقة المولدين، وهم شعراء ما بعد الطبقة الثالثة إلى زماننا هذا، ومنهم: بشار، والمتنبي، وأبو نواس.
وقد أجمع علماؤنا على الاستشهاد بشعر الطبقتين الأولى، والثانية، وأما الثالثة فقد اختلفوا في شعرها.
والصحيح جواز الاستشهاد بشعر هذه الطبقة. أما الطبقة الأخيرة فالصحيح أنه لا يستشهد بكلام شعرائها.
وأما صاحبنا - ناظر الجيش - فقد وجدناه - في أثناء دراستنا وتحقيقنا - قد أورد، واستشهد بشعر من تلك الطبقات على اختلافها، وأنه قد أكثر من الاستشهاد بالشعر؛ حتى بلغت شواهد الشعر عنده أربعة آلاف بيت أو زادت على ذلك.
وكان موقفه من تلك الشواهد كالآتي:
1 -
الإشارة غالبا إلى الشاهد في البيت الذي يورده في أكثر الأبيات المستشهد بها.
2 -
توضيح معاني بعض مفردات البيت.