الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تثنية اسم الجمع وجمع التكسير]
قال ابن مالك: (ويثنّى اسم الجمع والمكسّر بغير زنة منتهاه).
ــ
قدر الإعراب فيها في ذو (1) وتحركت في تثنيته، فقالوا: ذوا مال.
ومن مجيء ذاتا قول الراجز:
153 -
يا دار سلمى بين ذاتي العوج (2)
قال ناظر الجيش: قال المصنف: «مقتضى الدليل ألا يثنى ما دل على جمع؛ لأن الجمع يتضمن التثنية، إلا أن الحاجة داعية إلى عطف جمع على جمع، كما كانت داعية إلى عطف واحد على واحد؛ فإذا اتفق لفظا جمعين مقصود عطف أحدهما على الآخر، استغني فيهما بالتثنية عن العطف، كما استغني بها عن عطف الواحد على الواحد ما لم يمنع من ذلك عدم شبه الواحد، كما منع في نحو مساجد ومصابيح.
وفي المثنى والمجموع على حده مانع آخر، وهو استلزام تثنيتهما اجتماع إعرابين في كلمة واحدة، ولأجل سلامة
نحو مساجد ومصابيح من هذا المانع الآخر جاز أن يجمع جمع تصحيح، كقولهم في أيامن أيامنون وفي صواحب صواحبات. وامتنع ذلك في المثنى والمجموع على حده. والمسوغ لتثنية الجمع مسوغ لتكسيره. والمانع من تثنيته مانع من تكسيره.
ولما كان شبه الواحد شرطا في صحة ذلك، كان ما هو أشبه بالواحد أولى به؛ فلهذا كان تثنية اسم الجمع أكثر من تثنية الجمع، كقوله تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ (3)، وكقوله تعالى: يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ (4). -
(1) أي على مذهب سيبويه القائل بأن هذه الأسماء معربة بالحركات المقدرة على حروف العلة.
(2)
البيت من مشطور السريع أقصى نسبة له أنه لبعض بني سعدة (انظر اللسان: سهج).
وذاتي العوج: موضع. وشاهده واضح على هذه الرواية. وقد روي بإفراد ذات كما روي:
يا دار سلمى بين دارات العوج
وعليهما لا شاهد فيه. كما روى صاحب اللسان بعد البيت أبياتا أخرى.
والبيت في شرح التسهيل لابن مالك (1/ 105) وفي التذييل والتكميل (2/ 63).
(3)
سورة آل عمران: 13.
(4)
سورة آل عمران: 155.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المنافق كمثل الشّاة العائرة بين الغنمين» (1). انتهى (2).
ولم يصرح المصنف بقياس في الحكم الذي ذكره. وصرح ابن عصفور بأنّ جمع التّكسير لا يثنّى إلّا في ضرورة أو نادر كلام (3) وأنشد:
154 -
لأصبح النّاس أوبادا ولم يجدوا
…
عند التّفرّق في الهيجا جمالين (4)
(1) انظر الحديث في صحيح مسلم: (8/ 125) من كتاب صفات المنافقين وأحكامهم؛ ونصه:
حدثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المنافق كمثل الشّاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرّة وإلى هذه مرّة» .
وهو في مسند الإمام أحمد بن حنبل: (2/ 82) ونصه أيضا: «مثل المنافق كمثل الشاة بين الغنمين؛ إن أقبلت إلى هذه الغنم نطحتها، وإن أقبلت إلى هذه نطحتها» . وهو بنص المخطوطة في مسند الإمام أيضا في: (2/ 88). والشاة العائرة: المترددة الحائرة لا تدري من تتبع. ومعنى تعير: تتردد وتذهب.
(2)
انظر: شرح التسهيل (1/ 105).
(3)
انظر المقرب في النحو لابن عصفور (ص 438) وهو بنصه والمقرب ومعه مثل المقرب مطبوع (بيروت) بتحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض.
(4)
البيت من بحر البسيط قائله عمرو بن العداء الكلبي. وكان معاوية قد بعث إلى كلب ابن أخيه عمرو بن عقبة بن أبي سفيان ليجمع منهم الزكاة فجمعها عن آخرها، واعتدى عليهم فقال عمرو بن العداء هذا الشعر وقبله:
سعى عقالا فلم يدرك لنا سبدا
…
فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
اللغة: سعى عقالا وعقالين: عنى به صدقة عام وعامين. سبدا: شعرا ووبرا. أوباد: جمع وبد وهو شدة العيش وسوء الحال. الهيجا: الحرب. جمالين: تثنية جمال وهو موضع الشاهد، وفيه جعل الجمال صنفين واحد لحمل الأثقال وآخر للركوب والحرب. والمعنى: تولى عمرو علينا سنة فظلمنا ونهب أموالنا؛ فكيف حالنا لو تولى علينا سنتين لا شك أننا سنصير فقراء.
وانظر البيت في معجم الشواهد (ص 402) وهو في التذييل والتكميل (1/ 222).
(5)
انظر ذلك بنصه في: التذييل والتكميل (2/ 65).