الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أحكام ضمائر التثنية والجمع]
قال ابن مالك: (ويلي الكاف والهاء في التّثنية والجمع ما ولي التّاء، وربّما كسرت الكاف فيهما بعد ياء ساكنة أو كسرة، وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة باختلاس قبل ساكن وبإشباع دونه أقيس، وضمّها قبل ساكن وإسكانها قبل متحرّك أشهر. وربّما كسرت قبل ساكن مطلقا).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): «قد تقدم أن تاء الضمير توصل مضمومة بميم وألف للمخاطبين والمخاطبتين، وبميم مضممومة ممدودة للمخاطبين، وبنون مشددة للمخاطبات، وإن تسكين ميم الجمع إن لم يلها ضمير متصل أعرف، وإن وليها لم يجز التسكين خلافا ليونس. فإلى جميع ذلك أشرت بقولي: ويلي الكاف والهاء في التّثنية والجمع ما ولي التّاء. فكما قيل فعلتما وفعلتم وفعلتن، يقال لكما معهما وإنكم معهم وإنكن معهن.
ومن كسر هاء المفرد إتباعا للكسرة والياء الساكنة كسر هاء التثنية والجمع، ومن لم يكسر لم يكسر.
وبعض العرب يكسر كاف التثنية والجمع بعد كسرة أو ياء ساكنة؛ إلحاقا بالهاء نحو: مررت بكما وبكم وبكن، ورغبت فيكما وفيكم وفيكن. قال الشاعر:
202 -
وإن قال مولاهم على كلّ حادث
…
من الدّهر ردّوا بعض أحلامكم ردّوا (2)
-
(1) شرح التسهيل (1/ 133).
(2)
البيت من بحر الطويل من قصيدة مشهورة للحطيئة في مدح بني سعد وبها عدة شواهد وأبيات محفوظة جرت مجرى الأمثال:
يسوسون أحلاما بعيدا أناتها
…
وإن غضبوا جاء الحفيظة والجدّ
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا
…
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا
وانظر القصيدة في ديوان الحطيئة (ص 144).
والمعنى: إذا قال ابن عمهم تفضلوا بأحلامكم عند ما يحدث جليل من الأمر فعلوا. وإذا كان ابن مالك قد قرر كسر هذه الكاف في هذا البيت دون حكم على ذلك، فإن ابن جني حكم عليه بالغلط الفاحش يقول (المحتسب: 1/ 270):
«وناس من بكر بن وائل يجرون الكاف مجرى الهاء إذ كانت مهموسة مثلها وكانت علامة إضمار كالهاء، وذلك غلط منهم فاحش؛ لأنها لم تشبهها في الخفاء الّذي من أجله جاز ذلك في الهاء، وإنّما ينبغي أن يجري الحرف مجرى غيره إذا أشبهه في علّته ثمّ أنشد البيت قائلا: وهذا خطأ عند -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
روي بكسر الكاف من أحلامكم» انتهى.
ثم إذا كسرت الهاء فلميم الجمع بعدها حالتان:
إحداهما: أن يكون بعدها ساكن، فيجوز في الميم وجهان: الكسر وهو أقيس؛ لأن الخروج من الكسر إلى الضم ثقيل، ولأنهم قصدوا الإتباع. والضم وهو أشهر، ولذا قرأ به أكثر القراء ومثال ذلك: بِهِمُ الْأَسْبابُ (1)، يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ (2).
ولا يخفى أن حركة الميم قبل الساكن مختلسة؛ لأن الإسكان لا يجوز لملاقاة ساكن بعدها، والإشباع يؤدي إلى حذف الحرف لالتقاء الساكنين.
الثانية: أن يكون بعدها متحرك. فحقها الإشباع (3) وهو أقيس، والإسكان وهو أشهر نحو: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ (4)، تُشَاقُّونَ فِيهِمْ (5).
وإنما كان الإشباع أقيس لأن الضمير لما استعمل للمثنى؛ زيد على اللفظ الذي للمفرد حرفان، وهما الميم والألف، ولما استعمل للجمع المؤنث زيد عليه نون مشددة، ولا شك أنهما حرفان، فوجب أن يزاد عليه حرفان. وإذا كان للجمع المذكر وهما الواو والميم: فمن أثبتها فعلى الأصل، ومن قصد التخفيف حذف الواو وسكن الميم. -
- أهل النّظر مردود».
وبيت الشاهد في معجم الشواهد (ص 100)، وشرح التسهيل:(1/ 134)، والتذييل والتكميل:(2/ 172).
ترجمة الشاعر: هو جرول بن أوس، ولقب بالحطيئة لقصره، كان من بني عبس ولكنه كان ينتسب إلى قبائل مختلفة أثناء تجواله. مدح الأشراف وأخذ عطاياهم. ومن بخل عليه هجاه. واشتهر بالهجاء لأنه هجا كل الناس حتى أباه وأمه ونفسه. مات سنة (30 هـ)، فهو جاهلى إسلامي أسلم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حبسه عمر بن الخطاب لهجائه الناس ثم أخرجه من الحبس عند ما أرسل إليه (من البسيط):
ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ
…
زغب الحواصل لا ماء ولا شجر
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة
…
فاغفر عليك سلام الله يا عمر
انظر ترجمته في الشعر والشعراء (1/ 328). بروكلمان (1/ 168).
(1)
سورة البقرة: 166. قال ابن خالويه في مثله: «قرئ بكسر الهاء والميم وبضمّهما، وبكسر الهاء وضمّ الميم ثم احتجّ لكلّ». انظر الحجة في القراءات السبع له (ص 80).
(2)
سورة النور: 25.
(3)
أي مضمومة إتباعا لحركة الهاء قبلها.
(4)
سورة الأنفال: 16.
(5)
النحل: 27. وأولها: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعلم من قول المصنف: وكسر ميم الجمع بعد الهاء المكسورة: أن الميم بعد الهاء المضمومة لا تكسر بل تضم.
أما كون الميم توصل بواو بعد الهاء المضمومة، أو لا توصل فتختلس الحركة أو تسكن، فقد عرف مما تقدم.
وأشار المصنف بقوله: وربّما كسرت قبل ساكن مطلقا إلى أنه قد تكسر الميم قبل ساكن (1) وإن لم يكن قبلها كسرة ولا ياء ساكنة كقول القائل:
203 -
فهم بطانتهم وهم وزراؤهم
…
وهم القضاة ومنهم الحكّام (2)
وقول الآخر [1/ 148]:
204 -
ألا إنّ أصحاب الكنيف وجدتهم
…
هم النّاس لمّا أخصبوا وتموّلوا (3)
-
(1) والأولى أن تضم إتباعا لضمة الهاء قبلها كقوله تعالى: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ [التوبة: 61].
(2)
البيت من بحر الكامل وقائله مجهول وهو في المدح.
قال فيه ابن جني (المحتسب: 1/ 46): قوله: وهم القضاة يحتمل كسر الميم وجهين: أحدهما أن يكون ذلك لالتقاء الساكنين، والآخر أن يكون ذلك على لغة من قال عليهمي، فحذف الياء لالتقاء الساكنين من اللفظ وهو ينويها في الوقف. ووجه ثالث أن يكون على لغة من قال عليهم بكسر الميم من غير ياء.
وانظر البيت في شرح التسهيل (1/ 134)، والتذييل والتكميل (2/ 175)، وفي معجم الشواهد (ص 354).
(3)
البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة لعروة بن الورد، قدمها محقق الديوان بمقدمة طويلة. ملخصها شكوى عروة من قومه وغدرهم به بعد أن أعزهم عروة وأغناهم عن الناس.
وانظر القصيدة والشاهد في «ديوانا عروة بن الورد والسّموأل» (ص 56).
اللغة: الكنيف: الحظيرة من الشجر تحظر على الناس ويقصد بأصحاب الكنيف قومه. أخصبوا وتموّلوا:
أي صاروا في خصب ومال وفيرين.
وشاهده كالذي قبله.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 134)، وفي التذييل والتكميل (2/ 175)، وفي معجم الشواهد (ص 280).
ترجمة عروة: هو عروة بن الورد من بني عبس، ويلقب بعروة الصعاليك، كان جاهليّا لئيما اشترك أبوه في حرب داحس، ومن أجل ذلك مدحه عنترة. قدّر بنو عبس عروة شاعرا وقدروا عنترة شجاعا.
له ديوان شعر مطبوع مع شعر السموأل.
انظر ترجمته في الشعر والشعراء (2/ 679)، بروكلمان (1/ 109).