الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
ذكر قائل البيت إذا ذكره ابن مالك أو أبو حيان.
4 -
الاكتفاء بذكر شطر واحد أحيانا إذا كان فيه الشاهد.
وهذا مثال من الشواهد الشعرية يبين موقف ناظر الجيش من تلك الشواهد.
يقول: واعلم أن ابن عصفور حكم على «عن وعلى» بالاسمية إذا باشرهما حرف جرّ كما قال المصنف، كقول القائل:
[فـ] دع عنك نهبا صيح في حجراته
…
ولكن حديثا ما حديث الرّواحل
وكقول الآخر:
[و] هوّن عليك فإنّ الأمور
…
بكفّ الإله مقاديرها
وفي ما ذكره نظر.
فإن «عنك» في «دع عنك» و «عليك» في «هوّن عليك» ليسا مفعولي الفعلين اللّذين هما: دع وهوّن وإن كانا من متعلقاتهما؛ إنما مفعول دع:
نهبا، وأما مفعول هوّن فمحذوف يدل عليه المعنى. التقدير هوّن عليك ما تلقاه. ولو كانت «عن» في البيت لتعدية الفعل الذي قبلها إلى ما بعدها لكان التقدير: دع إياك أي: نفسك، وليس المعنى على هذا. وكذا كان يكون التقدير في البيت الآخر: هون إياك أي: نفسك. وهذا لا يقال (1).
خامسا: النّثر:
قال أبو نصر الفارابي في أول كتابه المسمى «الألفاظ والحروف» : «كانت قريش أجود العرب انتقادا للأفصح من الألفاظ وأسهلها على اللسان عند النطق، وأحسنها مسموعا وأبينها إبانة عمّا في النفس، والذين عنهم نقلت اللغة العربية، وبهم اقتدي، وعنهم أخذ اللسان العربي من بين قبائل العرب، وهم: قيس، وتميم، وأسد؛ فإن هؤلاء هم الذين عنهم أكثر ما أخذ ومعظمه، وعليهم اتكل في الغريب، وفي الإعراب، والتصريف، ثم هذيل، وبعض
(1) انظر ذلك في باب حروف الجر في هذا الكتاب الذي بين يديك.
كنانة، وبعض الطائيين، ولم يؤخذ عن غيرهم من سائر قبائلهم» (1).
أما الشواهد النثرية فتشمل نوعين من اللغة:
الأول: ما جاء في شكل خطبة، أو وصية، أو مثل، أو حكمة أو نادرة.
ويعدّ هذا النوع من آداب العرب ذات الأهمية ويأخذ في الاستشهاد مكانة مكانة الشعر، وشروطا كشروطه.
الآخر: ما نقل عن بعض الأعراب ومن يستشهد بكلامهم في حديثهم دون أن يتحقق له ذيوع وانتشار كالذي تحقق للأول.
ولهذا شروط في الزمان وفي المكان:
فمن ناحية الزمان: حددت نهاية الفترة التي يستشهد بها بآخر القرن الثاني الهجري بالنسبة لعرب الأمصار. وأما عرب البادية فآخر القرن الرابع. ويرتبط المكان بفكرة البداوة والحضارة؛ فكلما كانت القبيلة بدوية أو أقرب إليها كانت لغتها أفصح، والثقة فيها أكبر، وكلما كانت متحضرة أو قريبة منها كانت أساليبها وألفاظها محلّ شك، ومثار شبهة؛ ولذلك تجنّبوا الأخذ عنها؛ ذلك لأن انعزال القبيلة في بطن الصحراء يصون لغتها عن أي مؤثر خارجي، واختلاط قبيلة يفسد لغتها ويحرف لسانها (2).
وقد استشهد ابن مالك وتبعه ناظر الجيش - بكل ما ورد عن العرب من نثر فصيح: سواء ما جاء في شكل خطبة أو حكمة وما جاء في صورة نقل عن بعض الأعراب وإن لم يشتهر؛ فكله فصيح وكله يحتج به، ولا تكاد تخلو صفحة - أو صفحتان - من شرح التسهيل لابن مالك أو ناظر الجيش إلا وفيها قول مأثور عن العرب أو حكمة وردت عنهم، من ذلك قولهم: إن الذود إلى الذود إبل، وقول عمر رضي الله عنه: لا يمنعنك قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك - أن ترجع إلى الحق.
* * *
(1) المزهر: (1/ 211).
(2)
وانظر الخصائص (2/ 2 - 12)، واللغة والنحو (ص 24).