الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا إذا كانت رموزاً رياضية أو علمية لم ترتبط بشعور خاص مثل الرقم (990)
والعلامة (+) . . . وهكذا.
3 -
النغم: فكل متكلم يعطى اللفظ نغمة خاصة تناسب حاله النفسية
وتدل عليها مثل أن تقول: أنا فلان - في حالة فخر، وفي حالة إجابة عن
استفهام عادى. فإن النغمة في حالة الفخر تختلف عنها في حالة الاستفهام
العادى. . حادة قوية في الأولى، رقيقة في الحالة الثانية.
ولذلك كان النبر في الكلام ذا دلالة واضحة على اختلاف المعاني مع اتحاد
العبارات. ولذلك فإن كتابة العبارة تجردها من ميزة النغم. وتمخضها لدلالة
واحدة هي التي جرى عليها الوضع والعُرف اللغوي.
4 -
القصد: وهو ما يرادف الحال في البلاغة العربية. إذ هو الأمر الذى
يدعو المتكلم إلى أن يقول كلاماً ما. وهذا العنصر خارج عن مدلول اللفظ
الذاتى. بخلاف العناصر الثلاثة السابقة فإنها ذاتية له.
* * *
*
الجملة اللغوية:
الجملة اللغوية - سواء أكانت اسمية أو فعلية - أول مظهر مستقل من
مظاهر اللغة لأن مدلولها معنى تام غالباً. وفي الجملة يظهر نوع من براعة
التعبير حيث يُضَم معنى مفرد إلى آخر. واللوحة الفنية لا تحوز الإعجاب إن
كانت مصنوعة من لون واحد. وإنما تحوز نصيباً منه إذا تألفت من لونين مثلاً.
وإلى هذا المعنى يشير شيخ البلاغة العربية عبد القاهر الجرجانى في كتابه
" دلائل الإعجاز " إذ يقول:
" والألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجردة. ولا من حيث هي كلم
مفردة، ولكن الألفاظ تثبت لها الفضيلة وخلافها في ملاءمة معنى اللفظة لعنى
التي تليها، أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ، ومما يشهد لذلك
أنك ترى الكلمة تروقك وتؤنسك في موضع، ثم تراها بعينها تثقل عليك فى
موضع آخر ".
وتقوم فلسفة الجملة اللغوية على قاعدة مؤداها أن تكشف العلاقة بين مفردين
حقيقة أو تقديراً. حقيقة في الاسمية وتقديراً في الفعلية. وهذا هو أبسط
تصور للجملة. فإذا تجاور مفردان على جهة من جهات الارتباط المعتبرة فى
تكوين الجملة. صار ذلك المفردان " جملة " أو ألفاظاً مركبة تؤدى معنى من
أجله صيغ التركيب.
وأنواع الكلمات المكونة للجملة اسم أو فعل. لأن الاسم والفعل لهما دلالة
مستقلة كل واحد على حدة. ولا يدخل الحرف في تكوينها الأساسى لعدم دلالته على معنى مستقل يمكن جعله ركناً في جملة التركيب.
وقد تنوعت الجملة فى اللغة العربية إلى هذين النوعين:
جملة اسمية: وهي ما كان المسند إليه فيها اسماً مقدماً على المسند حقيقة
أو تقديراً، سواء أكان المسند اسماً كذلك أو جملة أو شبه جملة.
وهي تدل على ثبوت المعنى المؤدية له.
وجملة فعلية: وهي ما كان المسنَد إليه فيها اسماً مؤخراً على المسنَد
" الفعل " ضرورة. . وتدل على تجدد المعنى المؤدية له وعلى حدوثه.
وقد تقترن كلتا الجملتين بعناصر ثانوية - بعد ركنى الإسناد - تزيد المعنى
وضوحاً. . وترتيب تلك العناصر في الذكر راجع إلى قانون تنظيمى " نحوي "، أو إلى اعتبار معنوي " بلاغى ". . ولَا يجرى العمل فيها دونما توجيه.
والمنهج الذي تقوم عليه الجملة في اللغة العربية يختلف باختلاف نوع الجملة
نفسها.
فإن كانت فعلية كان تكوينها على النحو الآتى:
الفعل + الفاعل أو ما قام مقامه + متعلقات الفعل مثل المفعول به.
وقد يُذكر بعد الفعل مباشرة غير الفاعل وغير المفعول به كالظرف إذا اقتضى ذلك مقتض.
وإذا كانت اسمية جاء تكوينها على الوجه الآتى:
- المسند إليه مع توابعه + المسند + متعلقات الإسناد.
والسير على هذا المنهج العادى ليس بلازم، لأن تكوين الجملة في اللغة
العربية تراعى فيه أسس تعبيرية تقوم على اعتبارات بلاغية على هداها تكون
الجملة في وضع جديد. وهذا السلوك نراه في الأنماط الأدبية الرفيعة، كالقرآن الكريم، والآثار النبوية، والحِكَم والأمثال، ونراه في الأشعار الرائعة والنثر الفنى الأصيل.
فمن القرآن الكريم نذكر: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) ،
و (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) . . ففى الآيتين تقديم المسند " الخبر "
- وهو الظرف في الآية اَلأولى، والجار والمجرور في الآية الثانية - على المسند
إليه فيها وهو: " مَفَاتِحُ الْغَيْبِ " في الأولى. . . و " دار السلام " فى
الثانية.
ومثلها قوله تعالى: (أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا)، وقوله:
(بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقوله:(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) .
والحال كذلك في تقديم بعض المتعلقات كقوله تعالى:
(وَجَاءَ مِنْ أقْصَا المدينَة رَجُلٌ يَسْعَى) : ف " رجل ": فاعل قُدمَ عليه متعلق الفعل: " مَنَ أقصا المدينة " فاصلاً بينه وبين الفعل، والمنهج العادى يأبى مثل هذا لكن الاعتبار البلاغى يوجبه.
ومن الأدب النبوى قوله عليه الصلاة والسلام: " إخوانكم خَوَلكم "
والتقدير: خَوَلكم إخوانكم.
وقد قال الشُراح إن المراد بهذا الحديث تشبيه " الخول " بالإخوان في حسن المعاملة إليهم. وحفظ الود لهم. فهو من التشبيه
البليغ المؤكد. فقدم المسند على المسند إليه اعتناءً بشأن المقدم. واهتماماً به.
وفي الأدب النبوى كثير من اللفتات البلاغية من هذا النوع وغيره يطول بنا
التطواف لو أرخينا العنان. . فلنكتف بما قَل ودَلَّ.
ومن الشعر الرائع. . قال الشاعر:
أأتركُ إنْ قَلتْ دَرَاهِمُ خَالِدٍ. . . زِيَارَتَهُ إنَى إذَنْ للئِيمُ
وقال ابن المعتز:
وإنَى على إشْفاقِ عَيْنِى من العِدَى. . . لتَجْمَحُ مِنَى نَظرَةٌ ثم أطرِقُ
وقال أيضا:
وظلتْ تُدِيرُ الراحَ أيْدى جَآزِرٍ. . . عِتَاقِ دَنَانِيرِ الوُجُوهِ مِلَاحِ
هذه ثلاثة أبيات من الشعر لم تجر على النسق العادى.
ففى الأول فصل بين الفعل ومعموله بجملة الشرط، والأصل اتصال العامل بالمعمول.
كما فصل فى الشطر الثاني من نفس البيت بين اسم " إن " - الضمير - وخبرها بأجنبى هو " إذن ".
كما فصل ابن المعتز في البيت الثاني بين اسم: " ظل " وبينها بالخبر:
"تدير الراح " وفيه تقديم الخبر على المبتداً أيضاً، ففيه فصل وتقديم كما ترى.
وفى البيت الثاني فصل بين اسم " إن " وخبرها بأجنبى هو " على إشفاق
عينى من العدى " كما فصل بين الفعل: " لتجمح " وفاعله: " نظرة "
بالجار والمجرور: " منى ". . وغير ذلك كثير.
والطريقة التي يعتمد عليها المنهج العادى لتكوين الجملة الاسمية - إذا خلا
المقام من دواعى التقديم والتأخير - أنه يفرق بين الأعرف والأقل أعرفية من
ركنى الإسناد الخبرى.
فالأعرف هو المسند إليه، وتقديمه هو الأصل. والأقل
أعرفيه هو المسند. وذلك لأن المسند إليه هو موضوع الحديث ومحط الحكم، والحكم على المجهول لا يفيد. فإذا تساويا في التعريف فهما سيان في صحة
وقوع كل منهما مسنداً إليه أو مسنداً.
والفصل في ذلك هو الاعتبار الذى
يجعله المتكلم نصب عينيه - مراعياً في ذلك حال المخاطب.
إن طريقة التعبير في اللغة لا تخضع لقوالب جافة. وإنما هي مرنة طوع يد
العبر تصور أحاسيسه ومعانيه. على أي وجه أراد حسبما يقتضيه الحال.
* * *
الأسلوب اللغوي. . معناه، وأنواعه، ووظيفته:
معنى الأسلوب اللغوي: تشير معاجم اللغة إلى أن مفهوم الأسلوب هو
الطريقة، يقال: سلكت أسلوب فلان - أي طريقته. ويقال - كذلك -: كلامه على أساليب حسنة.
كما يقال للسطر من النخيل: أسلوب، وكل طريق ممتد فهو أسلوب.
والأسلوب: الطريق والوجه والمذهب. يقال: أنتم في أسلوب سوء، ويجمع
على أساليب، والأسلوب: الطريق تأخذ فيه. والأسلوب: الفن، يقال: أخذ فلان في أساليب من القول: أفانين منه.
هذا معنى الأسلوب في القواميس وأسفار اللغة.
والمتأخرون متأثرون بهذه التوجيهات في ضبط الأسلوب.
ونعرض فيما يأتى آراء اثنين فذَّين منهما: