الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن ما بقى بعد هذا الوجوه الثلاثة قد تطرق إليها مَنْ قبله.
وخاصة الباقلاني مع اختلاف في الأسلوب عند كل منهما.
* * *
*
ما يؤخذ عليه:
أولاً: أنه ينهج في كتابه منهج التعميم ولم يذكر أمثلة تدعم فكرته.
وكان حرياً به أن يفعل.
ثانياً: نفيه اعتماد القرآن على الخيال الشعرى. فإن كان قصده من ذلك
صور المجاز والتمثيل والتشبيه، فهو قطعاً غير موفق فيما ذهب إليه.
ولا إخاله قد قصد ذلك وإن كان قصده ما يجنح إليه بعض الشعراء من التصورات الوهمية كأطراف النار في أعواد كبريت، وما إلى ذلك مشبهاً بهما صوراً من الواقع. إن كان يريد ذلك فنحن معه في شيء من الحيطة.
وإلا فإنه قد أثبت نظيره لما سماه: اللغة العقلية التي تتنزل المعاني منها منزلة التوهم الطبيعى.
وعلى كل فإنه لم يفصح عن مراده ولم يضرب أمثلة كعادته في منهج
الكتاب.
ثالثاً: أنه لم يضع فواصل دقيقة بين الوجوه التي أوردها.
ولهذا فإن الباحث لا يعرض للخطأ إذا دمج بعضها في بعض.
* * *
*
دفاع عنه:
قال الرافعي: " فالقرآن معجز في تاريخه، دون سائر الكتب، ومعجز فى
أثره الإنسانى، ومعجز كذلك في حقائقه.
وهذه وجوه عامة لا تخالف الفطرة الإنسانية في شيء فهى باقية ما بقيت ".
لم يرض هذا القول عبد الكريم الخطيب، ونقده على أساس أننا لو قلنا إن
القرآن مُعجِز في تاريخه لكان معنى ذلك أن القرآن نزل خالياً من صفة الإعجاز واكتسب هذا الإعجاز بمرور الزمن أياماً ودهوراً.
وهذا نقد وجيه - كما ترى - إذ لا يمكن أن يكون الإعجاز المتحدَى به هو
هذا الوجه. ولكن يمكن حمل كلام الرافعي على أن تلك الوجوه المعجِزة التى
أفاض في الحديث عنها لم ينتقض منها وجه على مر الأيام والدهور.
فهى باقية كيوم تحدى بها.
وعلى هذا فلا حُجة للخطيب في نقده.
* * *
8 -
محمد عبد الله دراز:
وضع دراز كتاباً دعاه " النبأ العظيم "، أو " نظرات جديدة في القرآن ".
وقدم في هذا الكتاب دراسة غنية جداً عن القرآن الكريم،
وقد قسمها قسمين:
القسم الأول: خاص بتحديد معنى القرآن.
وقد استغرق منه اثنتى عشرة صفحة من القطع الكبير.
والقسم الثاني: وقفه على بيان مصدر القرآن. أهو من صنع بَشر؟
وهل فى المواهب البَشرية ما يمكن أن يصدر عنها بيان في صفة هذا الكتاب العظيم؟
ناقش هذه الفكرة متتبعاً جميع فروضها.
وانتهى من المناقشة إلى أن القرآن ليس له مصدر بَشرى لا في نفس محمد صلى الله عليه وسلم ولا في نفس غير محمد. بل ذلك
تنزيل العزيز الحكيم.
وقد استبد هذا القسم ببقية صفحات الكتاب البالغ عددها مائتين وعشر
صفحات. قدم خلالها بحوثاً عظيمة ونظريات رائعة في محيط القرآن وإعجازه، والذي يهمنا من هذا الكتاب ما أجمله المؤلف من خصائص الأسلوب القرآني فى قطعة قطعة منه. وكانت عنده على الوجه الآتى: