الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك أمر أدعى إلى تعظيم الله القادر. والانكباب من عَلَّ على الجباه تقديراً له حق قدره. وذلك لأن: (فَقَعُواْ لهُ سَاجدينَ) في معنى الانكباب الفورى وهو معنى زائد على مجرد الأمر الوارد في المواضع الأخرى: (اسْجُدُواْ لآدَمَ) .
ويلاحَظ - كذلك - أن إحدى هاتين العبارتين جاءت في سورة " ص "،
وسورة " ص " هذه هي أول سورة تحدثت عن القصة، وهي مكية.
فإن سورة الحجْر مكية كذلك.
والقوم في مكة شديدو العناد للإسلام. فناسب حالتهم هذه
التفصيل في القول والاتجاه به نحو القوة.
وذلك ما تكفلت به السورتان: سورة "ص " و "الحِجْر ".
* *
*
ملاحظة جديرة بالتسجيل:
هذه خلاصة وجيزة لما اشترك من عناصر القصة في جميع المصادر.
ونرى أن نذكر ملاحظة جديرة بالتسجيل هي أن الإشارة جاءت عابرة عن قصة آدم فى سورة الكهف.
وهي وإن اشتملت على العناصر الثلاثة التي لم يخل منها مصدر
من مصادر القصة. فإن جانب القصص غير ظاهر فيها.
وإنما جيء بها تمهيداً لإنكار أن يتخذ الناس إبليس وذُرِّيته أولياء من دون الله
. . والعهد المكي لم يكن في حاجة إلى تفصيل بعد أن تحدثت عنها خمس سور
مكية في تفصيل ووضوح.
لذلك جاءت آية " الكهف " لمحة عابرة إلى حديث طويل معلوم وذائع أمره.
كما أن هذه السورة على وجازة ما جاء في آيتها من حديث القصة فإنها اشتملت على جديد لم يُصرَّح به في غيرها.
وذلك الجديد هو: (إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ)
فنسبته إلى الجن. والحكم علَيه بالفسق لَم يرَد إلا في آية " الكهَف ".
وهذا يعطينا قيمة عظيمة هي أن القصة المتكررة في القرآن لم تخل من جديد
وإن قصرت في موضع دون آخر.
2 -
المعاني المشتركة بين مجموعة دون أخرى:
من المعاني المشتركة بين مجموعة دون أخرى: سؤال الله - سبحانه - إبليس
عن عدم امتثاله لأمره وما ترتب على ذلك من أمور.
وقد ورد هذا السؤال في ثلاثة مصادر.
الأول - الأعراف، قال سبحانه:(قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (15) قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (18) .
الثاني - الحجْر، قال سبحانه:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (35) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44) .
الثالث - سورة " ص "، قال سبحانه:(قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ (75) قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (76) قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (78) قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81) قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83) قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) .
والباحث يرى أن السؤال قد اختلف في صياغته من موضع إلى آخر.
وأنه قد ترتب عليه أمور:
1 -
اعتذار إبليس وحُجَّته إنه مخلوق من نار، وآدم من طين مع اختلاف فى
الصياغة.
ْ2 - رد عليه من الله. رافض لعذره وآمر له بالخروج أو الهبوط من الجنة،
منكر عليه أن يتكبر فيها، موجب عليه اللعنة مع الاختلاف في طرق تعريف
اللعنة. مرة بـ " الـ ". وأخرى بالإضافة إلى الله.
3 -
طلب إبليس أن ينظره ربه إلى يوم البعث. واستجابة الله له.
4 -
إعلان إبليس - مقسماً مرة، ومعللاً أخرى - ليغوين الناس إلا مَنْ
يعصمه الله.
5 -
إعلام الله إبليس بحصانة عباده المخلصين. وتوعده لإبليس بأن يملأ منه
جهنم وممن اتبعه أجمعين.
6 -
إن في المواضع الثلاثة فروقاً دقيقة في الصياغة. وفي تصوير المعاني.
سواء فيما قاله الله لإبليس أو فيما حكاه القرآن من مقولة اللعين.