الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
فواصل الآي القصار:
ذلك شأن الفاصلة الغالب عليها في الآيات الطوال.
وفي السور الطوال أو ما قاربها، أما في الآيات القصار أو ما قاربها - وكثيراً ما يقع هذا فى السور القصار أو ما قاربها فإن الشأن مختلف.
فنجد الفاصلة فيها كلمة معمولة لعامل تقدم في بناء الآية قبل استيفاء
معناها الرئيسي فهى - إذن - داخلة في تأديته. وإذا وردت الفاصلة في هذه
الحالات " جملة " فهى جملة قصيرة قد يكتفى فيها بذكر أحد ركنيها.
ويضمر الثاني إن كانت فعلية وقد تتعلق بكلمة الفاصلة معمولات لها فتحذف تلك المعمولات. وتبقى الفاصلة ملحوظاً فيها ما أضمر أو ما حذف متعلقاً بها.
وقد ينتظم هذا المنهج سورة كاملة. وقد يقتصر على معظم آياتها.
هذا إجمال لا بدَّ له من تفصيل، ودعوى لا بدَّ لها من دليل، فلنأخذ فى
سوق الأمثلة، ولعل خير شاهد على ذلك سورة الواقعة، فهى تكاد آياتها كلها تكون من هذا النوع ونكتفى منها بما يأتي:
(إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) .
هذه الآيات تمثل مطلع السورة ثم الحديث عن أحد الأزواج الثلاثة حديثاً
تفصيلياً بعد الإثارة إليها إجمالاً في صدر السورة.
والمتأمل يلحظ في فواصل هذه الآيات - كما هو الشأن في آيات السورة
كلها تقريباً - أن دلالة الفاصلة جاءت جزءاً من المعنى الأصلى للآية. ومكملة له.
وكلمة " الفاصلة " خاضعة في الحكم النحوى لعامل في الآية.
إلا فى ثلاثة مواضع بدت فيها الفاصلة ذات دلالة مستقلة.
وهذه المواضع الثلاثة:
". . ولا ينزفون ". . ثم ". . يتخيرون " ثم " يشتهون "
وفيما عدا ذلك فإن الفاصلة تختلف، فهى فاعل في الآية الأولى.
وهي صفة لمحذوف واقع اسماً لـ " ليس " في الآية الثانية، وهي صفة أو خبر بعد خبر في الثالثة. ومفعول مطلق في الرابعة والخامسة، وصفة في السادسة والسابعة.
وهكذا تجد الفاصلة جزءاً أساسياً من الآية ودلالتها جزءاً من المعنى الأساسى الذي من أجله سيقت الآية.
وقبل سورة الواقعة. فإن " القمر " و " الرحمن " يغلب عليهما هذا الطابع
لأن العِلَّة - وهي قصر الآيات - مشتركة في المواضع الثلاثة.
ومثل هذه السور سورة الغاشية:
(هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4) تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5) لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6) لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16) أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)