الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَنْ يشاء من عباده دون أن يحاسبه أحد لماذا
رزقه؟ لأنه يعطى عن حرية تامة.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَنْ يشاء بغير محاسبة لنفسه، خشية نفاد
ما بيديه لأنه غني.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء، حيث لا يكون في حسبان
المرزوق جهة وكيفية الأرزاق، لأن ذلك قد اختص الله به.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء بغير معاقبة أو محاسبة له على
عمله لأنه يغفر لمن يشاء، ويعذب مَن يشاء لا معقب لحكمه.
وقد يكون المعنى: أن الله يرزق مَن يشاء رزقاً كثيراً، لا يدخل تحت
حساب أو حصر.
هذه خمسة معان احتملتها هذه الكلمة الجامعة لا يشذ واحد منها عن
طبيعتها وإن بدا بينها - أي المعاني - التباين في الأرجحية والمرجوحية.
فأقواها فيما يبدو: الرزق الكثير، وأقلها قوة - فيما يبدو كذلك - أن يترك الله حسابه ومعاقبته إذ لا ضرورة تقتضيه، هو وجه محتمل فقط.
* *
*
الجمل والفقرات:
ذلك شأن مفرداته. أما شأن تراكيبه فعجب عاجب.
ومن ذلك قوله تعالى:
(أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (21) .
فقد حَكى الزمخشري في بيان قوله تعالى: (سَوَاء فحْيَاهُمْ) ثلاثة آراء:
الأول: إنكار أن يستوى المسيئون والمحسنون محياً، وأن يستووا مماتاً،
لافتراق أحوالهم.
إحياءً: حيث عاش هؤلاء على القيام بالطاعات، وأولئك على ركوب
المعاصي.
ومماتاً: حيث مات هؤلاء على البشر بالرحمة والوصول إلى ثواب الله
ورضوانه وأولئك على اليأس من رحمة الله، والوصول إلى هول ما أعد لهم.
الثاني: إنكار أن يستووا في الممات كما استووا في الحياة، لأن المسيئين
مستو محياهم في الرزق والصحة. كما يرزق المحسنون ويصحون.
وإنما يفترقون في الممات.
الثالث: أن يكون: (سَواءً محْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ) كلاماً مستأنفاً
على معنى: أن محيا المسيئين ومماتهم سواء، وكذلك محيا المحسنين ومماتهم.
كل يموت على حسب ما عاش عليه.
وقال سبحانه: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (15) .
قال العلامة أبو السعود في بيان هذه الآية: ". .
والمعنى أنه تعالى ناصر لرسوله في الدنيا والآخرة. من غير صارف يلويه وعاطف يثنيه.
فمَنْ كان يغيظه ذلك من أعاديه وحساده، ويظن أن لن يفعله تعالى بسبب مدافعته ببعض الأمور، ومباشرة ما يردده من المكايد فليبالغ في استفراغ المجهود وليجاوز في التحدي كل حد معهود، فقصارى أمره وعاقبة مكره أن يختنق خنقاً مما يرى من خلال مساعيه، وعدم إنتاج - مقدماته ومباديه، (فَليَمْدُدْ بسَبَبٍ إلى السماء) - يعنى حبلاً إلى سقف بيته:(ثُمَّ لْيَقْطعْ)
أى ليَختنق من قطع إذا اخَتنق لأنه يقطع نفسه بحبس مجاريه
وقيل: ليقطع الحبل