الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
الإعجاز البياني الأدبى
لم يرتض أهل النظر أن يكون واحد مما سبق وجهاً من وجوه الإعجاز المقصود
بالتحدى. فقد رفضوا الصرفة مطلقاً حين لم يَرْوا فيها معنى للإعجاز،
ورفضوا غيرها كذلك. حتى ولو كان في نفسه مُعجِزاً.
مثل الإشارات العلمية الصادقة التي طابقها العلم الحديث بعد قرون.
ومثل الإخبار الغيبى عما سيكون وقد كان.
ومثل الإخبار عن الماضي الذي ليس لمعرفته سبيل عند البَشر.
ومثل التوجيه التشريعي الذي لم ينقض ولن ينقض لأنه تشريع حكيم عليم. رفضوا كل ذلك، وكان الحق معهم. وقد طلبوا للإعجاز وجهاً آخر أو وجوهاً تشمل القرآن كله من الفاتحة حتى الخاتمة.
ولم يكن بدٌّ عند هؤلاء الحققين إلا أن يكون
الإعجاز القرآني إعجازاً بيانياً أدبياً كامناً في أسلوبه ونظمه، وبلاغته
وفصاحته، وحول هذا المعنى وضع كثير من العلماء مصنفات متخصصة فى
بيان الإعجاز، واكتفى بعضهم بالإشارة دون البسط، فلم يضعوا في ذلك
مصنفات. ونُبين في هذا الفصل آراء العلماء في ذلك مقدمين أصحاب
المصنفات قديماً وحديثاً على غيرهم.
أولاً - أصحاب المصنفات
1 -
الواسطى:
وضع الواسطى كتاباً في الإعجاز ذكره ابن النديم وابن العماد
وحاجى خليفة، وعنوانه:" إعجاز القرآن في نظمه وتأليفه".
وعنوان الكتاب موح بأن الواسطى كان يقول بالإعجاز البياني الأدبي رافضا
ما عداه.
ويؤيد هذا المحمل أن عبد القاهر الجرجانى شرح كتاب الواسطى شرحين،
وعبد القاهر من أبرز القائلين بالإعجاز الأدبي البياني، وبحوثه في نظرية النظم
معروفة. وهذا يدل على أن عبد القاهر كان معجباً بآراء الواسطى، وأنه ربما
انتفع بها في وضع كتابه " دلائل الإعجاز " فهما إذن متفقان مذهباً.
وقد مال إلى هذا الرأي بعض المحدثين. ومع هذا فإن الجزم بهذا الحكم
غير مستساغ لضياع كتاب الواسطى نفسه، ولضياع شرحى الجرجانى عليه.
* * *
2 -
الرماني:
سبقت الإشارة إلى أن الرماني يرجع وجوه الإعجاز إلى سبع جهات.
إحداها الصرفة وهي أمر خارج عن حقيقة القرآن كما سبق، لكنه لم يتحمس للصرفة كما تحمس لغيرها خاصة البلاغة التي جعلها وجهاً من وجوه الإعجاز، ثم قسمها عشرة أقسام وتناول كل قسم منها بالشرح والتمثيل فكان بارعاً فى ذلك كله.