الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (81) الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ (82)
فقد أنكر إبراهيم على أبيه وقومه أن يتخذوا أصناماً آلهة، ورماهم بالضلال
المبين ثم سلك معهم مسلك مجاراة الخصم فيما يزعم من باطل ليستعرض شُبهة واحدة تلو الأخرى. فيبطلها. وهكذا حتى إذا ما بقى له شيء يمكنه التمسك به دفع شُبهه مرة واحدة وأثبت المطلوب الذي يريد إثباته.
* * *
*
عرض ونقد:
ولستُ مع بعض المفسرين والكُتَّاب الذين يُجوِّزون أن يكون إبراهيم قال ذلك فى فتوته على سبيل الاعتقاد متدرجاً من صورة إلى أخرى.
حتى اهتدى إلى الحق. لستُ مع هؤلاء لأسباب. .
أولاً: إن هذا يتنافى مع الرسالة لأن القرآن صريح في أن إبراهيم إنما قال
ذلك وهو رسول.
ثانياً: إنه في أثناء هذه المراحل بعد أن رأى القمر بازغاً، وقبل أن يرى
الشمس قال: (لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) .
فمَن هو ربه إذن ومَن هم القوم الضالون إن لم يكونوا هم الذين اتخذوا الأصنام أرباباً من دون الله؟
ثالثاً: إن القرآن افتتح هذا الفصل بإنكار إبراهيم عليه السلام على أبيه
وقومه أن يتخذوا أصناماً آلهة. ووصفهم بالضلال المبين.
رابعاً: إن إبراهيم عليه السلام فرغ من تجاربه هذه إلى إثبات العقيدة
الصحيحة في زمن لا يزيد عن يوم وليلة.
* إيضاح ذلك:
إنه رأى - والله أعلم - الكوكب في أول الليل فقال: هذا ربى. .
فلما أفل فى جزء من الليل نفسه بزغ القمر. فأقلع عن فكرة الكوكب
وأقبل على فكرة القمر. فلما أشرقت الشمس في الصباح وسطع ضوؤها فلم يعد معه وجود للقمر أقلع عن فكرة القمر.
وأقبل على فكرة الشمس. .
وذلك كله في ليل سابق ويوم لاحق. وأى تفسير غير هذا يلزم منه امتداد
زمن التجارب الثلاث فنحتاج إلى تخريجات لسنا في حاجة إليها مع إمكان هذا
الإيضاح الذي أوردناه.
وإذا تقرر ذلك فهل كان انتقال إبراهيم عليه السلام من مرحلة عدم الاهتداء
إلى الإله الحقيقي، إلى مرحلة الاهتداء إليه انتقالاً طبيعياً في هذه المدة
الوجيزة؟
قد يُجاب على هذا بأن صفاء الفطرة يمكن معه مثل هذا الانتقال السريع.
ونحن نقول بدورنا: إن صفاء الفطرة هذا كفيل بصيانة إبراهيم عليه السلام من مثل هذا التخبط، والقرآن نفسه يقول:(وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (51) .
* *