الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) .
(فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ) .
(ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) .
* *
*
نصيب العاطفة:
ونصيب العاطفة من هذا البيان جانبان:
1 -
أن يذكر الأمر الأولى بالاعتبار فيثير القرآن في العاطفة مشاعر النبل
للإقبال عليه والعمل به.
2 -
أن يذكر الأمر الأولى بالترك أو الذي لا يليق. فيثير فيها مشاعر
النفور لتنأى عنه وفي بعض الألفاظ دلالة مشعة على كلا الجانبين:
الترغيب والتنفير.
فعند حدوث النزاع يسمَّى الإبقاء على الحياة الزَوجية " إمساك "،
والإنسان لا يمسك إلا بشيء له فيه منفعة.
*
إغراء:
وهذا إغراء على الحفاظ بكيان الأسرة، والعدول عن الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله. . . وضرورة تشريعية لا يُلجأ إليها إلا في حالة اليأس التام من إصلاح الأمور.
وقد صرَّح القرآن نفسه بهذا المعنى في موضع آخر، فقال:(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) .
كما سمى القرآن الطلاق " تسريح " لا ترغيباً فيه، وإنما لا يجب على
المسلمين من حُسن المعاملة، وجمال الكيفية التي يوقعون بها الطلاق حيث
اقتضته الضرورة ولا بديل له.
لأن التسريح في الأصل: الإرسال للمرعى.
ففيه إيحاء للأزواج العازمين على الطلاق أن يُحسنوا معاملة زوجاتهم، ولا يُسيئوا إليهن. ولم يكتف القرآن بالدلالة اللغوية للفظ " تسريح " حتى اشترط أن يكون:" تسريح بإحسان "
كما وصفه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم يخاطب زوجاته: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) .
قال الراغب: " السرح: شجر له ثمر - وسرحت الإبل: أصله أن ترعيه
السرح، ثم جُعِلَ لكل إرسال في الرعى. . والتسريح في الطلاق نحو قوله تعالى:(أَوْ تَسْرِيحٌ بِإحْسَانٍ) . وقوله: (وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا)
مستعار من تسريح الإبل كالطلاق في كونه مستعاراً من إطلاق الإبل ".
وقال في مادة " م س ك ": " إمساك الشيء المتعلق به وحفظه قال تعالى:
(فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)، وقال:(وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ)، وقال:(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ)
فهذان اللفظان اللذان يترددان كثيراً في تشريع الطلاق حظ النفس منهما أكثر من حظ العقل.
وهما مختاران اختياراً دقيقاً للدلالة على المراد منهما.