المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى: - خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية - جـ ١

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌تقديم

- ‌الباب الأولمدخل إلى البحث* وظيفة التعبير اللغوي وتطورها.* قيمة الوجوه البلاغية في جمال التعبير اللغوي

- ‌الفصل الأولوظيفة التعبير اللغوي وتطورها

- ‌‌‌ الآراء حول نشأة اللغة:

- ‌ الآراء حول نشأة اللغة:

- ‌ أنواع التعبير اللغوي:

- ‌ تطور التعبير اللغوي:

- ‌ اللغة - إذن - - ما هي

- ‌ عناصر اللغة:

- ‌ عناصر المعنى اللغوي:

- ‌ الجملة اللغوية:

- ‌ رأى عبد القاهر الجرجانى:

- ‌ رأي ابن خلدون:

- ‌ الفروق بين العلمي والأدبي:

- ‌ صلة التعبير اللغوي بالتفكير:

- ‌ مناقشة سريعة:

- ‌ صلة التعبير اللغوي بالذكاء:

- ‌ وظيفة اللغة - إذن - ما هي

- ‌الفصل الثانيقيمة الوجوه البلاغية في جمال التعبير اللغوي

- ‌ العصر الجاهلي:

- ‌ العصر الإسلامي:

- ‌ العصر الأموي:

- ‌ العصر العباسي:

- ‌ كتاب البديع وسبب تأليفه:

- ‌ محاسن الكلام:

- ‌ قدامة بن جعفر:

- ‌ ابن طباطبا:

- ‌ أبو هلال العسكرى:

- ‌ قيمة الكتاب:

- ‌ الطبع والصنعة:

- ‌ صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى:

- ‌ تقديم اللفظ على المعنى:

- ‌ قيمة هذا المذهب:

- ‌ نظرة عادلة:

- ‌ وقفة:

- ‌ قيمة مذهب عبد القاهر:

- ‌ الموازنة بين معنى ومعنى:

- ‌ القاضي الجرجاني:

- ‌ حصيلة هذه الجولات

- ‌ الألفاظ:

- ‌ المعاني:

- ‌ منارات على الطريق:

- ‌الباب الثانيخصائص التعبير في القرآن الكريم* الإعجاز العلمي والتشريعي.* الإعجاز البياني الأدبي.* خصائص يغلب عليها جانب الألفاظ.* خصائص يغلب عليها جانب المعنى

- ‌الفصل الأولالإعجاز العلمي والتشريعي

- ‌ رأى آخر للنظام:

- ‌ تعقيب:

- ‌ رأى متطرف:

- ‌ ابن حزم والصرفة:

- ‌ الرماني والقول بالصرفة:

- ‌ ما هو مذهب الجاحظ في الإعجاز

- ‌ نقد مذهب الصرفة:

- ‌ مقارنة جديدة:

- ‌ وهم زائل:

- ‌ كيف تحدى القرآن العرب

- ‌ دليل آخر في إبطال القول بالصرفة:

- ‌ هل عورض القرآن

- ‌ التسليم بوجود المعارضة يخدم قضية الإعجاز:

- ‌ القيمة التاريخية لقصص القرآن:

- ‌ حكمة أُميًة النبي صلى الله عليه وسلم وقومه:

- ‌ قيمة هذه النظريات:

- ‌الفصل الثانيالإعجاز البياني الأدبى

- ‌ اضطراب الرماني في الرأي:

- ‌ نماذج من تحليلاته:

- ‌ وقفة مع الباقلاني:

- ‌ البديع والإعجاز عند الباقلاني:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ الإعجاز كائن في النظم:

- ‌ استداراك منصف:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ نماذج من تحليلاته البيانية:

- ‌ وجوه الإعجاز البياني عند الرافعي:

- ‌ إيضاح لازم:

- ‌ قيمة ما انتهى إليه الرافعي:

- ‌ ما يؤخذ عليه:

- ‌ دفاع عنه:

- ‌ خصائص أسلوب القرآن عند دراز:

- ‌ تعقيب:

- ‌ اجتهد فخالف نصاً

- ‌ ليس في الجديد جديد

- ‌ تنويه:

- ‌ آراء منثورة في الإعجاز القرآني:

- ‌ تعقيب ونقد:

- ‌ دور البلاغة في الأسلوب الجميل:

- ‌ رأي جامع:

- ‌الفصل الثالثخصائص يغلب عليها جانب الألفاظ

- ‌ نقد وتحليل:

- ‌ أرجح الآراء في هذا المجال:

- ‌ تمثيل وإيضاح:

- ‌ المجموعة الشرطية:

- ‌ خصائص المجموعة الشرطية:

- ‌ سر الحروف الساكنة:

- ‌ حقيقة كبرى:

- ‌ معان إضافية موحية:

- ‌ مطالع سور المجموعة الشرطية:

- ‌ سِرُّ " إذا

- ‌ إيثار غير " إذا

- ‌ ظاهرتان عامتان:

- ‌ آراء العلماء حول السجع في القرآن:

- ‌ دليل السجع من القرآن نفسه:

- ‌ رد هذا الدليل:

- ‌ وظيفة الفواصل اللفظية:

- ‌ وظيفة الفواصل المعنوية:

- ‌ اختلاف الفواصل لاختلاف المعاني:

- ‌ اختلاف الفواصل مع اتحاد المعنى:

- ‌ فواصل تحتاج إلى تأمل:

- ‌ دليل من الشعر العربي:

- ‌ أقسام الفواصل:

- ‌ بحث جديد في الفوصل القرآنية:

- ‌ فواصل الآي الطوال:

- ‌ فواصل الآي القصار:

- ‌ غرضان من سورة " الغاشية

- ‌ تحليل آية " التداين

- ‌ دليل يؤيد هذه الفكرة:

- ‌ روعة اللفظ القرآني في نفسه

- ‌ ألفاظ حسنت في القرآن وعيبت في غيره:

- ‌ سمات أخرى لحسن اللفظ في القرآن:

- ‌ سياسة لغوية:

- ‌ توجيه القرآن لانتقاء الألفاظ:

- ‌ ملحظ بياني دقيق:

- ‌ إيثار أحد اللفظين للمناسبة:

- ‌ كنايات القرآن عما يقبح التصريح به:

- ‌ شُبه مردودة:

- ‌ وجوه الرد:

- ‌ إصابة اللفظ القرآني:

- ‌ طريق الدلالة في اللفظ القرآني:

- ‌الظل

- ‌ الجرس:

- ‌ الظل والجرس:

- ‌ تناسب اللفظ القرآني مع معناه:

- ‌ الذم:

- ‌ إجمال:

- ‌ الترغيب:

- ‌ العتاب:

- ‌ عتاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ عتاب المؤمنين:

- ‌ التشريع:

- ‌ منهج الالتزام:

- ‌ وجه آخر لنظرية الالتزام:

- ‌ الأب ليس والداً

- ‌ ملحظان هامان:

- ‌ اعتراض مدفوع:

- ‌ والوالدة. . أب

- ‌ سر التغليب:

- ‌ النعمة ليست نعيماً:

- ‌ مغزى السؤال:

- ‌ والمرأة. . ليست زوجاً:

- ‌ استعمال كلمة " المرأة

- ‌ شُبهة وردها:

- ‌ استعمال كلمة " زوج

- ‌4 - النغم القرآني:

- ‌ فرق جديد بين القرآن وغيره:

- ‌ مجيئه على تفاعيل الشعر في الظاهر:

- ‌ النغم القرآني عند المحدَثين:

- ‌ مطاعنهم في القرآن. . مبعثها الإعجاب:

- ‌ لماذا سموه شِعرا:

- ‌ خاصتان بارزتان:

- ‌ النغم في الآيات القصار:

- ‌ مراحل إعداد الطعام:

- ‌ مشاهد مطوية:

- ‌ هندسة الجمل:

- ‌ ثلاث فواصل متحدة:

- ‌ مغزى الفاصلة معنوي أولاً:

- ‌ شمس الدين ابن الحنفى، والفواصل القرآنية:

- ‌ وقفة ناقدة:

- ‌ التكرار:

- ‌ وظيفة التكرار في القرآن:

- ‌ تكرار الكلمة مع أختها:

- ‌ تكرار الفاصلة:

- ‌ تكرار الفاصلة في " القمر

- ‌ تكرار آخر في " القمر

- ‌ التكرار في " الرحمن

- ‌ التكرار في " المرسلات

- ‌ سبب عام:

- ‌ التكرار في القصة:

- ‌ دواعي التكرار في القصة:

- ‌دراسة تحليلية لقصة آدم

- ‌ عناصر القصة في سورة " ص

- ‌ عناصر القصة في " طه

- ‌ عناصر القصة في " الإسراء

- ‌ عناصر القصة في " الحِجْر

- ‌ عناصر القصة في " الكهف

- ‌ عناصر القصة في سورة " البقرة

- ‌ ملاحظة جديرة بالتسجيل:

- ‌ ملاحظات:

- ‌ سكنى الجنة:

- ‌ وسوسة الشيطان لهما وما ترتب عليها:

- ‌ أمر الله لهم بالهبوط إلى الأرض:

- ‌ الجديد في القصة في العهد المدني:

- ‌ ملاحظة مهمة أخرى:

- ‌ الملامح الخاصة بكل مصدر من مصادر قصة آدم:

- ‌ لماذا اختلفت أساليب الحكاية والمحكي عنه واحد

- ‌ خلاصة:

- ‌الفصل الرابعخصائص يغلب عليها جانب المعنى

- ‌ لماذا كان المعنى في القرآن ثريا

- ‌ توارد المعاني على اللفظ الواحد:

- ‌ السوء:

- ‌ احتمال اللفظ لمعان متعددة:

- ‌ الجمل والفقرات:

- ‌ القراءات وتعدد المعنى:

- ‌ القيود وتعدد المعنى:

- ‌ سر هذه الظواهر:

- ‌ سؤال لا بدَّ منه:

- ‌ الباقلاني وبلاغة القرآن:

- ‌ الرافعي وبلاغة القرآن:

- ‌ نصح وعناد:

- ‌ طى اسم الرسول:

- ‌ جواب اليهود:

- ‌ دور الرد والمناقشة:

- ‌ إفحام الخصم:

- ‌ صناعة القرآن:

- ‌ هل في القرآن اقتضاب

- ‌ مبنى الشُّبهة:

- ‌ رد الشبهة:

- ‌ حسن التخلص في القرآن:

- ‌ قانون الربط بين الكلام:

- ‌ فيما بين الزركشي والباقلاني:

- ‌ رد جديد على الشُّبهة:

- ‌ الكوثر وجارتاها في المصحف:

- ‌ ملاحظتان مهمتان:

- ‌ سياسة حكيمة:

- ‌ الناس ثلاثة أنواع:

- ‌ المستحيل. . ممكن

- ‌ التسامح مع المخالفين:

- ‌ عودة للتشريع:

- ‌ لقطات مثيرة:

- ‌ نصيب العاطفة:

- ‌ إغراء:

- ‌ ترقيق العاطفة:

- ‌ الدعوة إلى الإصلاح:

- ‌ الجدل القرآني:

- ‌ قضية التوحيد

- ‌ عرض مقولة المشركين:

- ‌ موقف القرآن من هذه الشُّبهة:

- ‌ طريقان لدعوة الناس إلى الحق:

- ‌ استدراج يؤدى إلى العجز:

- ‌ نماذج أخرى فيها دلالة التوحيد:

- ‌ حوارٌ حيٌّ:

- ‌ منطق تصويري:

- ‌ الكون دلالة التوحيد الكبرى:

- ‌ ضعف الأصنام:

- ‌ نُذُر على ألسنة الرسل:

- ‌ إبراهيم يجادل قومه:

- ‌ و (هودٌ) يجادل قومه:

- ‌ نجاة وهلاك المخالفين:

- ‌ السخرية من الأصنام:

- ‌ منهج تربوي:

- ‌ عرض ونقد:

- ‌ هدفنا من النقد:

- ‌ قطب واحد:

- ‌ المشكلة الثانية - قضية البعث:

- ‌ رد شُبه الإنكار:

- ‌ سببان للإنكار:

- ‌ صحة البعث حقيقة:

- ‌ استدلال ممتع:

- ‌ دعوى مردودة:

- ‌ منزع الأدلة في المشكلتين:

- ‌ خصائص الجدل القرآني

- ‌ حقيقة مهمة:

- ‌ جرائم ثلاث:

- ‌ نقض ". . في القرآن:

- ‌ نتيجة:

- ‌ القطع والوصل:

- ‌ ضعف العقيدة:

- ‌ صورة أدبية موحية:

- ‌ إثارة الخيال:

- ‌ صورتان متماثلتان:

- ‌ مقومات الجمال في النص:

- ‌ مجازان تمثيليان:

- ‌ تحليل المجاز في (شَفَا حُفْرَةٍ) :

- ‌ موازنة بين الصور الثلاث:

- ‌ أثر هذه الفروق:

- ‌ ملاحظة أخرى في الموازنة:

- ‌ سر الاختلاف

- ‌ كواكب مضيئة:

- ‌الريح

- ‌ الليل والنهار والصبح:ولكنها في القرآن أنفس حية

- ‌ الأرض تهتز وتنشط:

- ‌ الدعاء له طول وعرض:

- ‌ الحيرة والقلق:

- ‌ لفتة خاطفة:

الفصل: ‌ صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى:

وثانيهما: مذهب " المتكلفون " الذين يبعدون في معانيهم ويحتالون لإيراد

" البديع " في شِعرهم يزينونه به، وإن كان ذلك على حساب المعنى. وجودة

التعبير، ويمثل هؤلاء أبو تمام.

وقد رأينا أن أول مَن حمل حملة شعواء على أصحاب البديع هو ابن المعتز،

بل إنه وضع كتابه للرد عليهم خاصة، وأنهم لم يأتوا بجديد لم يعرفه السابقون

بل إن إسرافهم فيه جعل له بهم شبه إضافة.

نقول: كانت هذه البوادر كلها سبباً في نشأة الخصومة الأدبية والفكرية بين

أنصار القديم والطبع. وأنصار الجديد والصنعة. وهذه الخصومة لم تقم على

غير أساس. بل كانت تعتمد على فروق في الأساليب بين المذهبين. - وهذه

الفروق لم تتضح إلا من كتابات البلاغيين، ولم تعتمد على شيء مثل اعتمادها على الوجوه البلاغية التي يستخدمها الشاعر أو الناثر في أسلوبه للكشف عن معانيه.

* * *

*‌

‌ صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى:

ونتيجة لذلك عالجت البلاغة قضيتين من أخطر قضايا النقد. وهما قضية

اللفظ والمعنى، وقضية الموازنة بين معنى ومعنى.

وليس من اليسير معالجة هاتين القضيتين في جزء من بحث. ولذلك فإننا

نتناولهما في إيجاز نتبين من خلاله صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى. ومدى

تأثيرها في صقل الأساليب وإجادة المعنى.

أما قضية اللفظ والمعنى فإن النقاد ينقسمون حولها ثلاثة أقسام:

فريق يُقدم المعنى على اللفظ. وينسب إليه كل فضل في صناعة الأدب ونقده، يقول ابن رشيق: " اللفظ جسمٌ روحه المعنى، وارتباطه به كارتباط الروح

ص: 80

بالجسم. يضعف بضعفه ويقوى بقوته، فإذا سلم المعنى واختل بعض اللفظ كان نقصاً في الشعر، وهجنة عليه. كما يعرض لبعض الأقسام من العرج والشلل والعور، وما أشبه ذلك من غير أن تذهب الروح، كذلك إذا ضعف المعنى واختل بعضه كان للفظ من ذلك أوفر حظ، كالذي يعرض للأجسام من المرض بمرض الروح. ولا نجد معنى يختل إلا من جهة اللفظ، وجريه فيه على غير

الواجب قياساً على ما قدمت من أدواء الجسوم والأرواح. فإن اختل المعنى

كله وفسد بقى اللفظ مواتا لا فائدة فيه وإن كان حسن الطلاوة في السمع.

كما أن الميت لم ينقص من شخصه شيء في رأي العين، إلا أنه لا ينتفع به.

ولا يفيد فائدة، وكذلك إن اختل اللفظ جملة وتلاشى لا نجد له معنى لأنا لا

نجد روحاً في غير جسم ألبتَّة ".

فابن رشيق - وإن بدا أنه يسوى بين اللفظ والمعنى - فإنه يقدم المعنى على

اللفظ ما دام المعنى روحاً والجسم هو اللفظ. . .

وكذلك يرى ابن الأثير: " اعلم أن العرب كما كانت تعنى بالألفاظ

فتصلحها وتهذبها فإن المعاني أقوى عندها وأكرم عليها وأشرف قدرا فى

نفوسها. فأول ذلك عنايتها بالألفاظ لأنها كانت عنوان معانيها. وطريقا إلى

إظهار أغراضها، أصلحوها وزينوها وبالغوا في تحسينها ليكون ذلك أوقع فى

النفس. وأذهب بها في الدلالة على القصد، فإذا رأيت العرب قد أصلحوا

ألفاظهم وحسنوها. ورققوا حواشيها وصقلوا أطرافها فلا تظن أن العناية إذ

ذاك بالألفاظ فقط. بل هي خدمة منهم للمعاني. ونظير ذلك إبراز الصور

الحسناء في الحلل الموشية. والأثواب الحبرة، فإنَّا قد نجد من المعاني الفاخرة

ما يشوِّه من حسنه بذاذة لفظه وسوء العبارة عنه ".

ص: 81

وابن الأثير - في هذا النص - أقوى دلالة على بيان مذهبه من ابن رشيق -

وإن سار هو على طريقته في التقرير.

ويرى الجاحظ أن أبا عمرو الشيبانى كان لا يحفل إلا بالمعنى، فمتى

كان المعنى رائقا حسناً ظل كذلك في أي عبارة وُضِعَ فيها. ورأيه هذا مطابق

لما حكاه " أرسطو " عن السوفسطائى " بريزون " من أنه لا حسن ولا قبح فى

اللغة، ففى أي الكلمات وضعت الفكرة فالمعنى سواء.

ومن أنصار المعنى، الآمدى من النقاد، وابن الرومى والمتنبي من الشعر اء،

فهؤلاء يطلبون صحة المعنى. ولا يبالون - أحياناً - حيث وقع من هجنة اللفظ وخشونته

على أن من هؤلاء مَن لا يهمل اللفظ في العمل الأدبي. بل ينظر إليه نظرة

تقدير واحترام، ولكنها نظرة ليست مثل نظرته إلى المعنى فهو السابق.

وإليه يعزَى كل فضل.

والذي حمل هذا الفريق على التعصب لناحية المعنى. ما رأوه من جودة

السبك دون العناية بجمال المعنى عند أصحاب التصنع الذين اتخذوا الأدب

صناعة، ولم يروا فيه إلا وصف الألفاظ وجودة السبك، دون العناية بخطر

الموضوع، وأهمية الموقف، وصدق المعنى وحسن الدلالة. . وهذا أمر ضاق به كثيرون من النقاد.

يقول الآمدى: " وقد رأيتُ جماعة من متخلفى هذه الصناعة يجعلون كل

همهم مقصوراً على الألفاظ التي لا حاصل وراءها، ولا كبير معنى تحتها. وإذا أتى أحدهم بلفظ مسجوع، على أي وجه كان من الغثاثة والبرد، يعتقد أنه

ص: 82