الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرجاء والخوف. ووجَّه النظر إلى الحَس المشاهَد.
وقاس عليه البعيد الغائب.
وقطع السبيل على المجادل وسد جميع الثغرات أمام الناظر، حتى لا يجد
غضاضة في التسليم، ولا مرارة في القبول، ولا محيصاً من الإذعان ".
* *
*
دعوى مردودة:
قال تعالى: (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) .
هنا مثل مضروب لاستبعاد البعث.
عظام إنسان محروقة مصحونة ذراها منكر البعث أمام الرسول قائلاً:
مَنْ يحيى العظام وهي رميم؟!
والاستفهام هنا إنكارى.
هذه دعواه فبماذا ردها القرآن؟
هذا المنكِر للبعث الضارب للمثل، نسي حقيقة هامة.
لو تأملها لما ساغ له أن ينكر كما لم يسغ له أن يضرب المثل.
إنه نسي خلقه من أين جاء وإلى أين يذهب. فَلْنُجارِه على نسيان خلقه،
ولنكتف بتلك الإشارة إلى هذا النسيان في عرض دعواه.
إن القرآن الكريم لم يطلب من هذا المنكِر وأمثاله صعباً، بل طلب منهم أن
ينظروا حولهم حتى يتبين لهم أن الذي يحيى العظام وهي رميم هو الذي أنشأها
أول مرة، وهو بخلقها وبخلق كل شيء عليم.
فإن شكُّوا في هذا فلينظروا إلى النار التي يوقدونها. وفيها متاع لهم.
الذي جعل لهم هذه النار من الشجر الأخضر - وبينهما تناف كما ترى - هو الذي يحيى العظام وهي رميم.
بل فلينظروا إلى السموات والأرض. هذه الأجرام العظيمة، أوَ ليس الذى
خلقها قادراً على أن يحيى الموتى. بلى إنه لقادر. إنما أمره إذا أراد سريع
التكوين. وبيده مقاليد السموات والأرض، ومقاليد كل شيء:
(كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) ، (كَمَا بَدَأكُمْ تَعُودُونَ) ،
(مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ) ، (وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29) .
(فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7) إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10) .
(مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى (55) .
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) .
هذه الأطوار التي يمر بها الإنسان نفسه في مراحل نموه وتكوينه، واقع
ثابت لا يمكن إنكاره.
وهو لا بدَّ له من موجد مؤثر غير متأثر حسبما يقتضي العقل.
أليس الذي أوجد هذه المخلوقات في أطوارها المختلفة بقادر على إعادتها.
بلى إنه لقادر. فما هي الحُجة التي يمكن أن يرتكن إليها المنكرون بعد. .؟
لا شيء. . . . . . .
* ومثال آخر:
(بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2) أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3) قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (5) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11) .
إن هذه الآيات العظام والمشاهد الضخام، التي يمرون عليها ليلاً ونهاراً، إذا
قيس بها أمر البعث كان في نفسه أيسر منها فعلاً، ينكرون وقوعه في وقت
لا ينكرون فيه ولا يُقبل منهم لو أنكروا هذه المقدمات؟
فليفكروا بعقولهم ففيما ذكر للعقل مجال.
وليتأملوا بحواسهم ففيما ذكر للحواس جمال.