الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتفرقة بين أدوات الشرط على هذا الأساس ليست خاصة بمجموعة السور
الشرطية بل عامة في جميع سور القرآن، ولا يخالف إلا لداع بلاغى. وإنما
آثرنا الحديث عما جاء منه في هذه المجموعة لأن المجال خاص بها.
* * *
*
ظاهرتان عامتان:
والذي أريد إثباته - هنا - أن مجموعة كل نوع تحكمها ظاهرتان:
الأولى: أن كل مجموعة من هذه السور انتظمت تحت أصل واحد من هذه
الأصول العشرة بينها مناسبات وخصائص كانت سبباً في أن تكون هذه المجموعة جدولاً متميزاً يتقدمه مطلع واحد متحد السمات أو متقاربها.
بحيث يتضح عند التأمل أن انتظامها تحت ذلك الأصل لم يكن محض صدفة. بل هو تدبير حكيم. وصنع خبير.
الثانية: أن تلك الأصول - في جملتها - ضرب من البيان رفيع، ونمط من
التعبير معجز، ولون من البلاغة فريد، إذ هي آنق، وأنسب الكلام مطالع،
وأجزلها وأعذبها ألفاظاً، وأشرفها وأنبلها مقاصد، وأحسنها وأجودها سبكاً، وأدقها وأروعها نظماً.
ومطالع الكلام هي أول ما يقرع السمع ويصل إلى النفس.
فإذا توافرت لها خصائص التعبير الجميل خفت النفس لسماعه.
وأقبلت على فهم معناه.
وانتهاج نهجه وصارت معه حيث يكون.
وقد جاءت هذه الفواتح كلها وافية بهذا الغرض عامرة بتلك الخصائص وهو
أمر شهد به أرباب القول وحُذاق الكلام حتى من أعداء القرآن أنفسهم. والحق ما شهدت به الأعداء.
والآن. . فقد بانَ لنا أن كلتا المجموعتين - ما بدئت بحروف الهجاء، وما
بدئت بأساليب شرط - لم يكن هذا السلوك في أي منهما أمراً صنعته الصدفة.
بل كان لخصائص تعم أفراد المجموعة. وتربط بينها فتجعلها قسماً ذا ملامح
خاصة.
وقد حاولت جهد ما أستطيع أن أكشف عن شيء من تلك الخصائص
التي تسرى بين وحدات كل مجموعة وكان مرجعى في ذلك هو القرآن نفسه.
وهذه براعة استهلال. ذات دلالات بيانية تضاف إلى وجوه إعجازه وجمال
أسلوبه وسحر بيانه.
* * *
2 -
فواصل القرآن:
فاصلة الآية هي آخر كلمة فيها. وللعلماء تعريفات متعددة في تحديد معنى
الفاصلة فمرة يُعرفونها بأنها كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينية السجع،
وقال الدانى: هي كلمة آخر الجملة. والفرق بين التعريفين واضح.
الأول يخص الفاصلة بآخر الآية وهو ما عليه العمل، والثاني يعتبر الفاصلة كلمة آخر الجملة سواء أكانت هذه الجملة في أول الآية أو وسطها أو آخرها فهو غير مانع إذ تدخل فيه الفاصلة اللغوية مع الفاصلة الاصطلاحية وهذا عيب في التعريف.
لذلك نقده الجعبرى فقال: " وهذا خلاف المصطلح ولا دليل له في تمثيل
سيبويه بـ (يَوْمَ يَأتِ) و (مَا كُنا نَبْغِ) . وليسا رأسي آية
لأن مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية ".
وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: " الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع يقع
بها إفهام المعنى.
ولعل عِلَّة التسمية " فاصلة " لأنها تفصل بين الآي، وتميز بينهاً.