الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أما تعريف المفكرين من غير علماء النفس فهو: " اللغة ألفاظ يُعبِّر بها كل
قوم عن مقاصدهم. وتتخذ أداة للفهم والتفاهم والتفكير ونشر الثقافة والمعارف الإنسانية ".
وقد روعى في هذا التعريف ما تتركه اللغة من آثار في واقع الحياة وهي:
1 -
التعبير عما يجول في النفس من أحاسيس وأفكار.
2 -
سهولة التفاهم بين الناس. وفهم ما يتبادلونه من آراء وأفكار.
3 -
ضبط التفكير ودقته.
4 -
نشر الثقافة بين الناس وتسجيلها ونقلها للأجيال.
وأما تعريف - علماء النفس فهو: " اللغة هي الوسيلة التي يمكن بها تحليل
صورة أو فكرة ذهنية إلى أجزائها أو خصائصها بعيث يمكن بها تركيب هذه
الصورة مرة أخرى في أذهاننا أو أذهان غيرنا بوساطة تأليف كلمات في وضع
خاص ".
هذا التعريف يبين الخصائص النفسية للغة.
وقد روعى فيه جانبان:
1 -
حالة التعبير أو الإرسال.
2 -
حالة الاستقبال أو التلقى.
* * *
*
عناصر اللغة:
وما دامت اللغة هي ألفاظاً، فإن موضوعها يشمل العناصر الآتية:
1 -
المفرد:
واللفظ المفرد هو أول ما وُضِعَ من الكلام. وفيه تبدو اللغة في أبسط
مظاهرها. لأن دلالته هي الفكرة الواحدة البسيطة سواء أكانت دلالة مستقلة
أو بطريق الاشتراك مع ألفاظ أخرى مثل الترادفات. .
وسواء خُص اللفظ بمعنى واحد أو كانت له معان ويظهر المراد منها بالقرائن. .
ونريد ب " اللفظ المفرد " - هنا - الأسماء مطلقاً. دون الأفعال أو الحروف
لأن الفعل لا يقع مفرداً وإن أمكن النطق به كذلك. لاستلزام الفعل فاعله.
والحروف ليست لها دلالة مستقله.
والاسم المفرد - سواء أكانت دلالته حسيَّة مثل الورق، أو معنوية مثل الحرية، فإن هذه الدلالة لا يمكن استفادتها من الاسم إلا بعد تجارب يمر بها الإنسان مع اللفظ نفسه، وهذه التجارب في الغالب تعتمد على المراحل الآتية:
أولاً: كثرة المشاهدة والتكرار.
ثانياً: موقف الإنسان من هذا الشيء المتكرر المشاهَد.
ثالثاً: اختيار الإنسان ضابطاً لهذا الشيء وإطلاقه عليه.
رابعاً: اشتهار ذلك الشيء بهذا الإطلاق وارتباطه به في الذهن وجوداً
أو عدماً.
هذه المراحل نظنها ضرورية لمشكلة وضع الأسماء على مسمياتها.
ويمكن أن نسميها تجارب أصلية عامة كان لها دور كبير - وما زال - في وضع المفردات وهناك تجارب طارئة خاصة تكتنف دلالة المفرد. وتثير في الذهن شعوراً خاصاً مفرحاً أو مقبضاً حسب تجارب الشخص ونوعها.
فكان لفظ يحمل معه تجربة عامة أصلية. كانت السبب المؤثر في الوضع
اللغوي، ولعل هذه التجارب هي التي حدت ببعض اللغويين إلى القول بأن
بين الألفاظ ومدلولاتها تلازماً طبيعياً.
وقد يحمل اللفظ معه تجربة خاصة طارئه "فكلمة " سجن " أو " حبس "
تثير في النفس شعور القلق والنفور. . . وهذه تجربة أصلية عامة.
وقد تثير هذه الكلمة - سجن - لشعور الابتهاج السرور إذا كان بين مَن يسمعها إنسان قد عمل في السجن، وترقى في درجات الوظائف فيه.
وعاد عليه نفع كبير طيلة توليه عمله به. أو تمتع فيه بإدارة عمل حققت له نجاحا وشُهرة.
وهذه تجربة طارئة خاصة لا يحس بها إلا مَن كانت له هذه الصفة.
فإذا سمع هذه الكلمة آخر كان قد أمضى عقوبة في السجن وذاق في أثنائها ألوان العذاب والبؤس. فإنه يكاد يطير فزعاً لما تثيره فيه هذه الكلمة من الظلال الرهيبة، والذكريات الأليمة. . وذلك لاختلاف التجرية عند الرجلين فاختلفت آثار الكلمة فى النفس، وتباينت قيمتها الشعورية. .
كل حسب تجربته الخاصة فهذه كلمة واحده، لكن معناها النفسي يختلف من فرد إلى آخر، لأنه معنى ذاتى خاص مقيَّد بتجارب الشخص نفسه.
فالمعنى النفسي للفظ إحساس وشعور خاص وليد التجارب، والتجارب
تختلف. فهو معنى قانوى إذا ما قيس بالمعنى الواقعى لمدلول الألفاظ.
ويراد بالمعنى الواقعى: الخصائص التي استفيدت من التجارب الأصلية
العامة التي مَر بنا شرحها.
وعلى هذا فإن الدلالة الواقعية هي الأصل المعتَبر في كل تعبير وهو المعنى
الثابت للكلمة أو الدلالة القاموسية.
وإلى هنا يمكننا أن نوجز وظيفة اللفظ المفرد من حيث الدلالة على معناه المستفَاد من التجارب الأصلية العامة.
ونحلل هذه الوظيفة إلى المظاهر الآتية:
إن لكل لفظ دلالة واقعية عامة هي الأصل. وقد تكون له دلالة طارئة خاصة
ناتجة عن تجربة خاصة عاناها بعض الأفراد. والدلالة الواقعية العامة ضربان:
الأول: دلالة سارة بأصل وضعها مثل: السعادة، النور، الفاكهة، الورد،
العسل.
الثاني: دلالة مقبضة بأصل وضعها - كذلك - مثل: الشوك، الظلام
الحنظل.
والمرجع في هذا كله هو التجارب. فإذا وجد إنساناً لم يكون تجربة عن كلمة، أولم يدرك تجربتيا الأصلية العامة. وجهل معناها.
فإنه يكون ذا شعور متبلد لدى سماعه لها لا تثير فيه شعوراً أى شعور.
ويقارن علماء النفس بين الدلالتين - الأصلية العامة والطائة الخاصة - على
النحو التالي
أولا: أن المعنى الواقعى العام موضوعى مشترك. يدرك مغزاه الجميع،
ويمكن نقله.
أما المعنى النفسي. . فذاتى خاص لا يدركه إلا الشخص نفسه موضوع
التجربة، ولا يمكن نقله.
ثانياً: أن المعنى الخارجى العام هو الدعامة التي يقوم عليها أساس
التخاطب بين الناس ليمكن تصور المعنى على وجهة لا تختلف من فريق إلى
فريق.