الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
علو الجهة التي نزل منها القرآن: وأن هذا العلو ليطلع عليه كل مَن
يتصل بالقرآن قارئاً أو مستمعاً أو دارساً، مؤمناً أو غير مؤمن. وهكذا.
3 -
حسن الأداء: ويعنى به الوً لف روعة النظم، وحسن الصورة البيانية
وقد اهتم الخطيب بهذا الوجه اهتماما فائقاً، ومما ذكره فيه:
أن ألفاظ القرآن مختارة للدلالة على المعنى، ومختار للفظ القرآني موضعه
فى الجملة أو التركيب الذي هو فيه. ولذلك فإن نظم القرآن يخالف نظوم البيان عند العرب لأنه نظم مفصل - بآيات مفصلة بفواصل.
ثم تحدث عن الفواصل القرآنية باعتبارها مظهراً من مظاهر حُسن الأداء
وأطال في هذا الفرع، لكنه لم يأت فيه بأكثر مما ذكره السابقون اللهم إلا
اختلاف طريقة العرض التي لا يسلم منها كاتب.
4 -
روحانية القرآن: وهذا وجه رابع يرى الخطيب أنه جديد لم يقل به أحد، وصلة هذا الوجه بالوجوه الثلاثة المتقدمة أن القرآن روح وتلك الوجوه (الصدق، علو الجهة، وحسن الأداء) كل أولئك تجليات الروح القرآنية. ولعل المؤلف يقصد بهذه الروحانيهَ أثر القرآن على النفوس وما تجده من نشوة فرح، أو جزعة خوف عندما تسمع أو تقرأ القرآن.
* * *
*
ليس في الجديد جديد
!
هذه الأربعة هي ما ذكره الخطيب على أنها فتوح جديدة في قضية الإعجاز.
وبعد. . فهل أضاف الخطيب جديداً كما قال؟
لا. . . لم يأت الخطيب بجديد، وإن اعترف هو بذلك قائلاً إن الجديد الذي جاء به هو حُسن العرض. . ليكن هذا صحيحاً. أوَ ليس هذا تناقضاً مع ما يدل عليه العنوان؟
إن القرآن كله صدق، لكنه ليس للإعجاز. ولو كان كذلك لعارضوه بحديث
كله صدق كوصف صحراء أو ليلة مقمرة. . ولما عجزوا.
والقرآن نازل من أعلى جهة. . ولكنه ليس للإعجاز. ولو كان كذلك لا
عابهم أن عجزوا عن معارضته، لأن المعارضة تكون حينئذ أن يعلوا هم ويأتوا
بكلام مثله. لأن هذا مستحيل والإعجاز كان في أمر ظاهره الإمكان.
وحُسن الأداء عبارة لروعة النظم والتأليف، وهذا كاد يجمع عليه السابقون
الذين سبقوا الخطيب. فليس ما جاء به بجديد، إلا التسمية!
وروحانية القرآن قال بها الرماني منذ عهد طويل، والخطيب يعلم هذا.
فكان أجدر به أن يلتزم الدقة في عنوان كتابه ما دام لم يأت بجديد!
* * *
11 -
أبو زهرة:
وضع محمد أبو زهرة كتاباً في إعجاز القرآن آسماه " المعجزة الكبرى. .
القرآن ". وقد تحدث فيه عن نزوله وكتابته، جمعه وإعجازه، جدله وعلومه، تفسيره وحكم الغناء به. وهو من الكتب ذات النفع في هذا المجال.
والذي يهمنا من هذا الكتاب رأى أبى زهرة نفسه في الإعجاز، وهو يلخصه
فى العبارات الآتية، قال:
" إن كل شيء في القرآن مُعجِز، من حيث قوة الموسيقى في حروفه، وتآخيها
فى كلماته وتلاقى الكلمات في عباراته، ونظمه، الحكم في رنينه. وما وصل
إليه من تأليف بين الكلمات. وكون كل كلمة لفقاً مع أختها، وكأنما نسيج كل واحدة قطعة منه تكمل صورته، وتُوَخَد غايته. ومعانيه بحدها مؤتلفة مع
ألفاظه. وكأن المعاني جاءت مؤاخية لللأفاظ، وكأن الألفاظ قُطعت لها وسُوِيت على حجمها. . ".
وهذا تفصيل للإعجاز البياني الأدبي.
ثم قال: ". . وإنه لأجل هذا يصعب على الكاتب أن يأتى بكل وجوه
الإعجاز البياني، ولكنه يقارب ولا يباعد.
ولنذكر ستة وجوه نتكلم فيها عسانا نصل إلى تقريب معاني الإعجاز من غير حد ولا استقراء كامل وهي:
1 -
الألفاظ والحروف
2 -
الأسلوب وما يكون من صور بيانية.
3 -
التصرف في القول والمعاني
4 -
النظم وفواصل الكلمة.
5 -
الإيجاز المعجز والحِكَم والإمثال والإخبار عن الغيب.
6 -
جدل القرآن ".
ونراه في هذا يخلط بين الإعجاز البياني الأدبي، وبين ما يراه فريق من وجوه
إعجاز أخرى مرفوضة عند التحقيق، كالإخبار عن الغيب.
هذا. . وقد أخذ المؤلف في بيان الأوجه التي ذكرها مستفيداً من كتابات
السابقين القدماء مثل الرماني والخطابى والباقلاني وعبد القاهر، ومحدَثين مثل
الرافعي.
والباحث يرى أن أبا زهرة في مذهبه الإعجازى بياني أدبي، وإن جمع إلى
الأدب والبيان خصائص أخرى للقرآن خارجة عن نطاق الإعجاز أدباً وبيانا".
* * *
12 -
عائشة عبد الرحمن:
أحدث كتاب وُضِعَ في إعجاز القرآن هو " الإعجاز البياني للقرآن ومسائل
ابن الأزرق " إعداد عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) .
واسم الكتاب مشعر برأى المؤلفة في فهم الإعجاز، وهو كامن في بيان
القرآن بقدر ما تتسع له هذه الكلمة " البيان " من معان وأفانين يسمو بها
التعبير حتى يصل إلى مرحلة الإعجاز.
والكتاب من أثمن ما وقفتُ عليه حديثاً من الكتب الموضوعة في هذا المجال
إذ لم تنح فيه المؤلفة منحى الوصف غير العلل ولم يكن وصفها للإعجاز أكثر
من توجيهها وتعليلها لخصائصه، كما هو الحال عند غيرها. بل إن قارئ هذا
الكتاب يرى المؤلفة تذكر كثيراً من نصوص القرآن ثم تقارن وتدرس وتنتهى إلى نتائج مسلمة في كثير من الأحيان.
وموضوعات الكتاب: مدخل وثلاثة مباحث وخاتمة.
البحث الأول: يشتمل على المعجزة، الجدل والتحدى. وجوه الإعجاز والبيان القرآني، البلاغيون
والإعجاز (ص 33 - 121) .
والبحث الثاني يشمل: فواتح السور وسر الحروف، إضافة إلى جهد
السَّلف، حروف قرآنية، دلالات الألفاظ وسر الكلمة، الأسلوب وسر التعبير (ص 123 - 265) .
والبحث الثالث. . وقفته على مسائل ابن الأزرق (ص 267 - 507) .
والذي يهمنا هنا هو رأى المؤلفة في الإعجاز وقد علمنا إشارة اسم الكتاب
إلى رأيها، وهو كذلك في تضاعيفه. وقد قامت بدراسة كثير من النصوص
القرآنية وعالجت كثيراً من خصائص التعبير القرآني.
ونذكر فيما يلى نماذج مختصرة لنتائجها مع الإشارة إلى موضعها من الكتاب.
1 -
فهى ترى - مثلاً - أن القرآن يُفرق بين كلمتى " حلف " و " أقسم "
ونصها في ذلك: ". . لا يهون أبداً أن نفسر القَسَم بالحلف وصنيع القرآن يلفت إلى فرق وثيق بينهما. فإن لم نقل إن القَسَم اليمين الصادقة حقيقة أو وهماً -
والحلف لليمين الكاذبة على إطلاقها. فلا أقلَّ أن يكون بين دلالتهما الفرق بين العام والخاص فيكون القَسَم لمطلق اليمين بعامة.
ويختص الحلف بالحنث فى اليمين على ما اطرد استعماله في البيان القرآني ".
وكان مبنى هذا الاستنتاج عندها استعراض الآيات القرآنية التي وردت فيها
الكلمتان. ومن العرض ظهر أن القرآن لم يستخدم " حلف " إلا في مواضع
الحنث، بينما استخدم " أقسم" في مواضع الصدق الحقيقي أو ما كان مبعثه
الاعتقاد المجرد.
فمن النوع الأول قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كل حَلافٍ مهِينٍ) .
وقوله: (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إنَّهُمْ لمِنكُمْ وَمَا هُم منكُمْ) ْ
ومن الثاني قوله تعالى: (وَإنَّهُ لقَسَمٌ لو تَعْلمُونَ عَظِيمٌ) .
وقوله تعالى: (هَلْ فِى ذَلِكَ قَسَمٌ لذِي حِجْرٍ) .
2 -
وهي ترى - مثلاً - أن القرآن الكريم كثيراً ما يستغنى عن الفاعل فى
سياق الحديث عن القيامة وأهوالها. إما ببناء الفعل للمجهول، وإما بالإسناد
المجازى. أو بالمطاوعة.
ومثال الأول قوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) .
ومثال الثاني قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) .
والآية صالحة للدلالة على الإسناد المجازى في إسناد الاقتراب إلى الساعة
والمطاوعة في انشقاق القمر.
وقد حاولت المؤلفة توجيه ذلك بيانياً ونصها فيه: " فبناء الفعل للمجهول
فيه تركيز الاهتمام على الحَدَث بصرف النظر عن محدثه والمطاوعة فيها بيان
للطواعية التي يتم بها الحَدَث تلقائياً أو على وجه التسخير وكأنه ليس في حاجة إلى فاعل. والإسناد المجازى يعطى المسند إليه فاعليه محققة يستغنى بها عن ذكِر الفاعل الأصلى ".
وعلى هذا المنهج الموضوعى تمضى الكاتبة في دراستها فلا تعتسف القول
اعتسافاً. بل تستخرج ملاحظاتها من النص. وهذه طريقة مجدية وعملية فى
دراسة البيان القرآني، ومحاولة الاقتراب من خصائصه ووجوه إعجازه.
كما نراها تنهج نفس الطريقة في دراستها لمسائل ابن الأزرق وبها استطاعت أن تُخرجها على صورة ممتعة لم تُسبَق إليها.
وليس معنى هذا أن كل ما وصلت إليه الكاتبة بمنأى عن الأخذ والرد فتلك
قضية أخرى. فقد يختلف معها غيرها بحق أو بغير حق. وإنما أردتُ أن أبين
رأيها في الإعجاز، وطريقتها في تناوله.
* * *