المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ليس في الجديد جديد - خصائص التعبير القرآني وسماته البلاغية - جـ ١

[عبد العظيم المطعني]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الأولى

- ‌تقديم

- ‌الباب الأولمدخل إلى البحث* وظيفة التعبير اللغوي وتطورها.* قيمة الوجوه البلاغية في جمال التعبير اللغوي

- ‌الفصل الأولوظيفة التعبير اللغوي وتطورها

- ‌‌‌ الآراء حول نشأة اللغة:

- ‌ الآراء حول نشأة اللغة:

- ‌ أنواع التعبير اللغوي:

- ‌ تطور التعبير اللغوي:

- ‌ اللغة - إذن - - ما هي

- ‌ عناصر اللغة:

- ‌ عناصر المعنى اللغوي:

- ‌ الجملة اللغوية:

- ‌ رأى عبد القاهر الجرجانى:

- ‌ رأي ابن خلدون:

- ‌ الفروق بين العلمي والأدبي:

- ‌ صلة التعبير اللغوي بالتفكير:

- ‌ مناقشة سريعة:

- ‌ صلة التعبير اللغوي بالذكاء:

- ‌ وظيفة اللغة - إذن - ما هي

- ‌الفصل الثانيقيمة الوجوه البلاغية في جمال التعبير اللغوي

- ‌ العصر الجاهلي:

- ‌ العصر الإسلامي:

- ‌ العصر الأموي:

- ‌ العصر العباسي:

- ‌ كتاب البديع وسبب تأليفه:

- ‌ محاسن الكلام:

- ‌ قدامة بن جعفر:

- ‌ ابن طباطبا:

- ‌ أبو هلال العسكرى:

- ‌ قيمة الكتاب:

- ‌ الطبع والصنعة:

- ‌ صلة البلاغة بقضايا النقد الكبرى:

- ‌ تقديم اللفظ على المعنى:

- ‌ قيمة هذا المذهب:

- ‌ نظرة عادلة:

- ‌ وقفة:

- ‌ قيمة مذهب عبد القاهر:

- ‌ الموازنة بين معنى ومعنى:

- ‌ القاضي الجرجاني:

- ‌ حصيلة هذه الجولات

- ‌ الألفاظ:

- ‌ المعاني:

- ‌ منارات على الطريق:

- ‌الباب الثانيخصائص التعبير في القرآن الكريم* الإعجاز العلمي والتشريعي.* الإعجاز البياني الأدبي.* خصائص يغلب عليها جانب الألفاظ.* خصائص يغلب عليها جانب المعنى

- ‌الفصل الأولالإعجاز العلمي والتشريعي

- ‌ رأى آخر للنظام:

- ‌ تعقيب:

- ‌ رأى متطرف:

- ‌ ابن حزم والصرفة:

- ‌ الرماني والقول بالصرفة:

- ‌ ما هو مذهب الجاحظ في الإعجاز

- ‌ نقد مذهب الصرفة:

- ‌ مقارنة جديدة:

- ‌ وهم زائل:

- ‌ كيف تحدى القرآن العرب

- ‌ دليل آخر في إبطال القول بالصرفة:

- ‌ هل عورض القرآن

- ‌ التسليم بوجود المعارضة يخدم قضية الإعجاز:

- ‌ القيمة التاريخية لقصص القرآن:

- ‌ حكمة أُميًة النبي صلى الله عليه وسلم وقومه:

- ‌ قيمة هذه النظريات:

- ‌الفصل الثانيالإعجاز البياني الأدبى

- ‌ اضطراب الرماني في الرأي:

- ‌ نماذج من تحليلاته:

- ‌ وقفة مع الباقلاني:

- ‌ البديع والإعجاز عند الباقلاني:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ الإعجاز كائن في النظم:

- ‌ استداراك منصف:

- ‌ والخلاصة:

- ‌ نماذج من تحليلاته البيانية:

- ‌ وجوه الإعجاز البياني عند الرافعي:

- ‌ إيضاح لازم:

- ‌ قيمة ما انتهى إليه الرافعي:

- ‌ ما يؤخذ عليه:

- ‌ دفاع عنه:

- ‌ خصائص أسلوب القرآن عند دراز:

- ‌ تعقيب:

- ‌ اجتهد فخالف نصاً

- ‌ ليس في الجديد جديد

- ‌ تنويه:

- ‌ آراء منثورة في الإعجاز القرآني:

- ‌ تعقيب ونقد:

- ‌ دور البلاغة في الأسلوب الجميل:

- ‌ رأي جامع:

- ‌الفصل الثالثخصائص يغلب عليها جانب الألفاظ

- ‌ نقد وتحليل:

- ‌ أرجح الآراء في هذا المجال:

- ‌ تمثيل وإيضاح:

- ‌ المجموعة الشرطية:

- ‌ خصائص المجموعة الشرطية:

- ‌ سر الحروف الساكنة:

- ‌ حقيقة كبرى:

- ‌ معان إضافية موحية:

- ‌ مطالع سور المجموعة الشرطية:

- ‌ سِرُّ " إذا

- ‌ إيثار غير " إذا

- ‌ ظاهرتان عامتان:

- ‌ آراء العلماء حول السجع في القرآن:

- ‌ دليل السجع من القرآن نفسه:

- ‌ رد هذا الدليل:

- ‌ وظيفة الفواصل اللفظية:

- ‌ وظيفة الفواصل المعنوية:

- ‌ اختلاف الفواصل لاختلاف المعاني:

- ‌ اختلاف الفواصل مع اتحاد المعنى:

- ‌ فواصل تحتاج إلى تأمل:

- ‌ دليل من الشعر العربي:

- ‌ أقسام الفواصل:

- ‌ بحث جديد في الفوصل القرآنية:

- ‌ فواصل الآي الطوال:

- ‌ فواصل الآي القصار:

- ‌ غرضان من سورة " الغاشية

- ‌ تحليل آية " التداين

- ‌ دليل يؤيد هذه الفكرة:

- ‌ روعة اللفظ القرآني في نفسه

- ‌ ألفاظ حسنت في القرآن وعيبت في غيره:

- ‌ سمات أخرى لحسن اللفظ في القرآن:

- ‌ سياسة لغوية:

- ‌ توجيه القرآن لانتقاء الألفاظ:

- ‌ ملحظ بياني دقيق:

- ‌ إيثار أحد اللفظين للمناسبة:

- ‌ كنايات القرآن عما يقبح التصريح به:

- ‌ شُبه مردودة:

- ‌ وجوه الرد:

- ‌ إصابة اللفظ القرآني:

- ‌ طريق الدلالة في اللفظ القرآني:

- ‌الظل

- ‌ الجرس:

- ‌ الظل والجرس:

- ‌ تناسب اللفظ القرآني مع معناه:

- ‌ الذم:

- ‌ إجمال:

- ‌ الترغيب:

- ‌ العتاب:

- ‌ عتاب النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ عتاب المؤمنين:

- ‌ التشريع:

- ‌ منهج الالتزام:

- ‌ وجه آخر لنظرية الالتزام:

- ‌ الأب ليس والداً

- ‌ ملحظان هامان:

- ‌ اعتراض مدفوع:

- ‌ والوالدة. . أب

- ‌ سر التغليب:

- ‌ النعمة ليست نعيماً:

- ‌ مغزى السؤال:

- ‌ والمرأة. . ليست زوجاً:

- ‌ استعمال كلمة " المرأة

- ‌ شُبهة وردها:

- ‌ استعمال كلمة " زوج

- ‌4 - النغم القرآني:

- ‌ فرق جديد بين القرآن وغيره:

- ‌ مجيئه على تفاعيل الشعر في الظاهر:

- ‌ النغم القرآني عند المحدَثين:

- ‌ مطاعنهم في القرآن. . مبعثها الإعجاب:

- ‌ لماذا سموه شِعرا:

- ‌ خاصتان بارزتان:

- ‌ النغم في الآيات القصار:

- ‌ مراحل إعداد الطعام:

- ‌ مشاهد مطوية:

- ‌ هندسة الجمل:

- ‌ ثلاث فواصل متحدة:

- ‌ مغزى الفاصلة معنوي أولاً:

- ‌ شمس الدين ابن الحنفى، والفواصل القرآنية:

- ‌ وقفة ناقدة:

- ‌ التكرار:

- ‌ وظيفة التكرار في القرآن:

- ‌ تكرار الكلمة مع أختها:

- ‌ تكرار الفاصلة:

- ‌ تكرار الفاصلة في " القمر

- ‌ تكرار آخر في " القمر

- ‌ التكرار في " الرحمن

- ‌ التكرار في " المرسلات

- ‌ سبب عام:

- ‌ التكرار في القصة:

- ‌ دواعي التكرار في القصة:

- ‌دراسة تحليلية لقصة آدم

- ‌ عناصر القصة في سورة " ص

- ‌ عناصر القصة في " طه

- ‌ عناصر القصة في " الإسراء

- ‌ عناصر القصة في " الحِجْر

- ‌ عناصر القصة في " الكهف

- ‌ عناصر القصة في سورة " البقرة

- ‌ ملاحظة جديرة بالتسجيل:

- ‌ ملاحظات:

- ‌ سكنى الجنة:

- ‌ وسوسة الشيطان لهما وما ترتب عليها:

- ‌ أمر الله لهم بالهبوط إلى الأرض:

- ‌ الجديد في القصة في العهد المدني:

- ‌ ملاحظة مهمة أخرى:

- ‌ الملامح الخاصة بكل مصدر من مصادر قصة آدم:

- ‌ لماذا اختلفت أساليب الحكاية والمحكي عنه واحد

- ‌ خلاصة:

- ‌الفصل الرابعخصائص يغلب عليها جانب المعنى

- ‌ لماذا كان المعنى في القرآن ثريا

- ‌ توارد المعاني على اللفظ الواحد:

- ‌ السوء:

- ‌ احتمال اللفظ لمعان متعددة:

- ‌ الجمل والفقرات:

- ‌ القراءات وتعدد المعنى:

- ‌ القيود وتعدد المعنى:

- ‌ سر هذه الظواهر:

- ‌ سؤال لا بدَّ منه:

- ‌ الباقلاني وبلاغة القرآن:

- ‌ الرافعي وبلاغة القرآن:

- ‌ نصح وعناد:

- ‌ طى اسم الرسول:

- ‌ جواب اليهود:

- ‌ دور الرد والمناقشة:

- ‌ إفحام الخصم:

- ‌ صناعة القرآن:

- ‌ هل في القرآن اقتضاب

- ‌ مبنى الشُّبهة:

- ‌ رد الشبهة:

- ‌ حسن التخلص في القرآن:

- ‌ قانون الربط بين الكلام:

- ‌ فيما بين الزركشي والباقلاني:

- ‌ رد جديد على الشُّبهة:

- ‌ الكوثر وجارتاها في المصحف:

- ‌ ملاحظتان مهمتان:

- ‌ سياسة حكيمة:

- ‌ الناس ثلاثة أنواع:

- ‌ المستحيل. . ممكن

- ‌ التسامح مع المخالفين:

- ‌ عودة للتشريع:

- ‌ لقطات مثيرة:

- ‌ نصيب العاطفة:

- ‌ إغراء:

- ‌ ترقيق العاطفة:

- ‌ الدعوة إلى الإصلاح:

- ‌ الجدل القرآني:

- ‌ قضية التوحيد

- ‌ عرض مقولة المشركين:

- ‌ موقف القرآن من هذه الشُّبهة:

- ‌ طريقان لدعوة الناس إلى الحق:

- ‌ استدراج يؤدى إلى العجز:

- ‌ نماذج أخرى فيها دلالة التوحيد:

- ‌ حوارٌ حيٌّ:

- ‌ منطق تصويري:

- ‌ الكون دلالة التوحيد الكبرى:

- ‌ ضعف الأصنام:

- ‌ نُذُر على ألسنة الرسل:

- ‌ إبراهيم يجادل قومه:

- ‌ و (هودٌ) يجادل قومه:

- ‌ نجاة وهلاك المخالفين:

- ‌ السخرية من الأصنام:

- ‌ منهج تربوي:

- ‌ عرض ونقد:

- ‌ هدفنا من النقد:

- ‌ قطب واحد:

- ‌ المشكلة الثانية - قضية البعث:

- ‌ رد شُبه الإنكار:

- ‌ سببان للإنكار:

- ‌ صحة البعث حقيقة:

- ‌ استدلال ممتع:

- ‌ دعوى مردودة:

- ‌ منزع الأدلة في المشكلتين:

- ‌ خصائص الجدل القرآني

- ‌ حقيقة مهمة:

- ‌ جرائم ثلاث:

- ‌ نقض ". . في القرآن:

- ‌ نتيجة:

- ‌ القطع والوصل:

- ‌ ضعف العقيدة:

- ‌ صورة أدبية موحية:

- ‌ إثارة الخيال:

- ‌ صورتان متماثلتان:

- ‌ مقومات الجمال في النص:

- ‌ مجازان تمثيليان:

- ‌ تحليل المجاز في (شَفَا حُفْرَةٍ) :

- ‌ موازنة بين الصور الثلاث:

- ‌ أثر هذه الفروق:

- ‌ ملاحظة أخرى في الموازنة:

- ‌ سر الاختلاف

- ‌ كواكب مضيئة:

- ‌الريح

- ‌ الليل والنهار والصبح:ولكنها في القرآن أنفس حية

- ‌ الأرض تهتز وتنشط:

- ‌ الدعاء له طول وعرض:

- ‌ الحيرة والقلق:

- ‌ لفتة خاطفة:

الفصل: ‌ ليس في الجديد جديد

2 -

علو الجهة التي نزل منها القرآن: وأن هذا العلو ليطلع عليه كل مَن

يتصل بالقرآن قارئاً أو مستمعاً أو دارساً، مؤمناً أو غير مؤمن. وهكذا.

3 -

حسن الأداء: ويعنى به الوً لف روعة النظم، وحسن الصورة البيانية

وقد اهتم الخطيب بهذا الوجه اهتماما فائقاً، ومما ذكره فيه:

أن ألفاظ القرآن مختارة للدلالة على المعنى، ومختار للفظ القرآني موضعه

فى الجملة أو التركيب الذي هو فيه. ولذلك فإن نظم القرآن يخالف نظوم البيان عند العرب لأنه نظم مفصل - بآيات مفصلة بفواصل.

ثم تحدث عن الفواصل القرآنية باعتبارها مظهراً من مظاهر حُسن الأداء

وأطال في هذا الفرع، لكنه لم يأت فيه بأكثر مما ذكره السابقون اللهم إلا

اختلاف طريقة العرض التي لا يسلم منها كاتب.

4 -

روحانية القرآن: وهذا وجه رابع يرى الخطيب أنه جديد لم يقل به أحد، وصلة هذا الوجه بالوجوه الثلاثة المتقدمة أن القرآن روح وتلك الوجوه (الصدق، علو الجهة، وحسن الأداء) كل أولئك تجليات الروح القرآنية. ولعل المؤلف يقصد بهذه الروحانيهَ أثر القرآن على النفوس وما تجده من نشوة فرح، أو جزعة خوف عندما تسمع أو تقرأ القرآن.

* * *

*‌

‌ ليس في الجديد جديد

!

هذه الأربعة هي ما ذكره الخطيب على أنها فتوح جديدة في قضية الإعجاز.

وبعد. . فهل أضاف الخطيب جديداً كما قال؟

لا. . . لم يأت الخطيب بجديد، وإن اعترف هو بذلك قائلاً إن الجديد الذي جاء به هو حُسن العرض. . ليكن هذا صحيحاً. أوَ ليس هذا تناقضاً مع ما يدل عليه العنوان؟

ص: 169

إن القرآن كله صدق، لكنه ليس للإعجاز. ولو كان كذلك لعارضوه بحديث

كله صدق كوصف صحراء أو ليلة مقمرة. . ولما عجزوا.

والقرآن نازل من أعلى جهة. . ولكنه ليس للإعجاز. ولو كان كذلك لا

عابهم أن عجزوا عن معارضته، لأن المعارضة تكون حينئذ أن يعلوا هم ويأتوا

بكلام مثله. لأن هذا مستحيل والإعجاز كان في أمر ظاهره الإمكان.

وحُسن الأداء عبارة لروعة النظم والتأليف، وهذا كاد يجمع عليه السابقون

الذين سبقوا الخطيب. فليس ما جاء به بجديد، إلا التسمية!

وروحانية القرآن قال بها الرماني منذ عهد طويل، والخطيب يعلم هذا.

فكان أجدر به أن يلتزم الدقة في عنوان كتابه ما دام لم يأت بجديد!

* * *

11 -

أبو زهرة:

وضع محمد أبو زهرة كتاباً في إعجاز القرآن آسماه " المعجزة الكبرى. .

القرآن ". وقد تحدث فيه عن نزوله وكتابته، جمعه وإعجازه، جدله وعلومه، تفسيره وحكم الغناء به. وهو من الكتب ذات النفع في هذا المجال.

والذي يهمنا من هذا الكتاب رأى أبى زهرة نفسه في الإعجاز، وهو يلخصه

فى العبارات الآتية، قال:

" إن كل شيء في القرآن مُعجِز، من حيث قوة الموسيقى في حروفه، وتآخيها

فى كلماته وتلاقى الكلمات في عباراته، ونظمه، الحكم في رنينه. وما وصل

إليه من تأليف بين الكلمات. وكون كل كلمة لفقاً مع أختها، وكأنما نسيج كل واحدة قطعة منه تكمل صورته، وتُوَخَد غايته. ومعانيه بحدها مؤتلفة مع

ألفاظه. وكأن المعاني جاءت مؤاخية لللأفاظ، وكأن الألفاظ قُطعت لها وسُوِيت على حجمها. . ".

وهذا تفصيل للإعجاز البياني الأدبي.

ص: 170

ثم قال: ". . وإنه لأجل هذا يصعب على الكاتب أن يأتى بكل وجوه

الإعجاز البياني، ولكنه يقارب ولا يباعد.

ولنذكر ستة وجوه نتكلم فيها عسانا نصل إلى تقريب معاني الإعجاز من غير حد ولا استقراء كامل وهي:

1 -

الألفاظ والحروف

2 -

الأسلوب وما يكون من صور بيانية.

3 -

التصرف في القول والمعاني

4 -

النظم وفواصل الكلمة.

5 -

الإيجاز المعجز والحِكَم والإمثال والإخبار عن الغيب.

6 -

جدل القرآن ".

ونراه في هذا يخلط بين الإعجاز البياني الأدبي، وبين ما يراه فريق من وجوه

إعجاز أخرى مرفوضة عند التحقيق، كالإخبار عن الغيب.

هذا. . وقد أخذ المؤلف في بيان الأوجه التي ذكرها مستفيداً من كتابات

السابقين القدماء مثل الرماني والخطابى والباقلاني وعبد القاهر، ومحدَثين مثل

الرافعي.

والباحث يرى أن أبا زهرة في مذهبه الإعجازى بياني أدبي، وإن جمع إلى

الأدب والبيان خصائص أخرى للقرآن خارجة عن نطاق الإعجاز أدباً وبيانا".

* * *

12 -

عائشة عبد الرحمن:

أحدث كتاب وُضِعَ في إعجاز القرآن هو " الإعجاز البياني للقرآن ومسائل

ابن الأزرق " إعداد عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) .

ص: 171

واسم الكتاب مشعر برأى المؤلفة في فهم الإعجاز، وهو كامن في بيان

القرآن بقدر ما تتسع له هذه الكلمة " البيان " من معان وأفانين يسمو بها

التعبير حتى يصل إلى مرحلة الإعجاز.

والكتاب من أثمن ما وقفتُ عليه حديثاً من الكتب الموضوعة في هذا المجال

إذ لم تنح فيه المؤلفة منحى الوصف غير العلل ولم يكن وصفها للإعجاز أكثر

من توجيهها وتعليلها لخصائصه، كما هو الحال عند غيرها. بل إن قارئ هذا

الكتاب يرى المؤلفة تذكر كثيراً من نصوص القرآن ثم تقارن وتدرس وتنتهى إلى نتائج مسلمة في كثير من الأحيان.

وموضوعات الكتاب: مدخل وثلاثة مباحث وخاتمة.

البحث الأول: يشتمل على المعجزة، الجدل والتحدى. وجوه الإعجاز والبيان القرآني، البلاغيون

والإعجاز (ص 33 - 121) .

والبحث الثاني يشمل: فواتح السور وسر الحروف، إضافة إلى جهد

السَّلف، حروف قرآنية، دلالات الألفاظ وسر الكلمة، الأسلوب وسر التعبير (ص 123 - 265) .

والبحث الثالث. . وقفته على مسائل ابن الأزرق (ص 267 - 507) .

والذي يهمنا هنا هو رأى المؤلفة في الإعجاز وقد علمنا إشارة اسم الكتاب

إلى رأيها، وهو كذلك في تضاعيفه. وقد قامت بدراسة كثير من النصوص

القرآنية وعالجت كثيراً من خصائص التعبير القرآني.

ونذكر فيما يلى نماذج مختصرة لنتائجها مع الإشارة إلى موضعها من الكتاب.

ص: 172

1 -

فهى ترى - مثلاً - أن القرآن يُفرق بين كلمتى " حلف " و " أقسم "

ونصها في ذلك: ". . لا يهون أبداً أن نفسر القَسَم بالحلف وصنيع القرآن يلفت إلى فرق وثيق بينهما. فإن لم نقل إن القَسَم اليمين الصادقة حقيقة أو وهماً -

والحلف لليمين الكاذبة على إطلاقها. فلا أقلَّ أن يكون بين دلالتهما الفرق بين العام والخاص فيكون القَسَم لمطلق اليمين بعامة.

ويختص الحلف بالحنث فى اليمين على ما اطرد استعماله في البيان القرآني ".

وكان مبنى هذا الاستنتاج عندها استعراض الآيات القرآنية التي وردت فيها

الكلمتان. ومن العرض ظهر أن القرآن لم يستخدم " حلف " إلا في مواضع

الحنث، بينما استخدم " أقسم" في مواضع الصدق الحقيقي أو ما كان مبعثه

الاعتقاد المجرد.

فمن النوع الأول قوله تعالى: (وَلَا تُطِعْ كل حَلافٍ مهِينٍ) .

وقوله: (وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إنَّهُمْ لمِنكُمْ وَمَا هُم منكُمْ) ْ

ومن الثاني قوله تعالى: (وَإنَّهُ لقَسَمٌ لو تَعْلمُونَ عَظِيمٌ) .

وقوله تعالى: (هَلْ فِى ذَلِكَ قَسَمٌ لذِي حِجْرٍ) .

2 -

وهي ترى - مثلاً - أن القرآن الكريم كثيراً ما يستغنى عن الفاعل فى

سياق الحديث عن القيامة وأهوالها. إما ببناء الفعل للمجهول، وإما بالإسناد

المجازى. أو بالمطاوعة.

ص: 173

ومثال الأول قوله تعالى: (فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) .

ومثال الثاني قوله تعالى: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) .

والآية صالحة للدلالة على الإسناد المجازى في إسناد الاقتراب إلى الساعة

والمطاوعة في انشقاق القمر.

وقد حاولت المؤلفة توجيه ذلك بيانياً ونصها فيه: " فبناء الفعل للمجهول

فيه تركيز الاهتمام على الحَدَث بصرف النظر عن محدثه والمطاوعة فيها بيان

للطواعية التي يتم بها الحَدَث تلقائياً أو على وجه التسخير وكأنه ليس في حاجة إلى فاعل. والإسناد المجازى يعطى المسند إليه فاعليه محققة يستغنى بها عن ذكِر الفاعل الأصلى ".

وعلى هذا المنهج الموضوعى تمضى الكاتبة في دراستها فلا تعتسف القول

اعتسافاً. بل تستخرج ملاحظاتها من النص. وهذه طريقة مجدية وعملية فى

دراسة البيان القرآني، ومحاولة الاقتراب من خصائصه ووجوه إعجازه.

كما نراها تنهج نفس الطريقة في دراستها لمسائل ابن الأزرق وبها استطاعت أن تُخرجها على صورة ممتعة لم تُسبَق إليها.

وليس معنى هذا أن كل ما وصلت إليه الكاتبة بمنأى عن الأخذ والرد فتلك

قضية أخرى. فقد يختلف معها غيرها بحق أو بغير حق. وإنما أردتُ أن أبين

رأيها في الإعجاز، وطريقتها في تناوله.

* * *

ص: 174