الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
التجرية في الأسلوب العلمي وسيلة إلى غاية أكبر منها تصير فى
النهاية قاعدة أو قانوناً، وليس للتجرية بعد صياغة القاعدة منها أي قيمة إلا
من حيث هي مظهر " تاريخى " من مظاهر تطور العلوم.
أما التجرية في الأدب فهى نفسها " الغاية ".
(جـ) التكرار لا يُحمد في الأسلوب العلمي، بينما يقوم بوظيفة هامة فى
الأسلوب الأدبي إذا دعت إليه ضرورة بيانية.
مثاله من القرآن تشبيه المنافقين بـ " رجل استوقد ناراً " مرة" ثم تشبيههم
بعد ذلك مباشرة بـ " ذى صَيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق ". . .!
وتشبيه أعمال الكافرين بـ " السراب يحسبه الظمآن ماءً " مرة،
ثم تشبيهها بعد ذلك بـ " ظلمات في بحر لجي ". . .
* * *
*
صلة التعبير اللغوي بالتفكير:
ولتحديد المشكلة في هذا الفرع نسأل سؤالاً فحواه:
هل يمكن التفكير بدون لغة؟ أم اللغة ضرورية في كل عملية تفكير؟
ويجيب على هذا السؤال فريق من العلماء بما حاصله: إن اللغة ليست
ضرورية - دائماً - في كل عملية تفكير. إذ يمكن التفكير بدون لغة كما فى
حالات التأمل الذاتى - حديت النفس الصامت - وتنحصر وظيفة اللغة عند هذا الفريق في نقل الفكرة إلى الآخرين. فهى مظهر خارجى للتفكير فقط. . . .
وآخرون أجابوا عن السؤال بما يلى: إن اللغة ضرورلة في كل تفكير مفيد،
والإنسان يفكر بمعونة الكلمات لأنها ظلال للمعاني. ولا يمكن أن نفكر تفكيراً
منتظماً سليماً إلا بإدراك العلاقات بين مدلولات الألفاظ سواء أكان ذلك تفكيراً صامتاً - حديث النفس - أو كان ذا صوت مسموع.
أما التفكير بدون لغة فيمكن إذا استبدلنا باللغة رموزاً أخرى تحل محلها في الدلالة.
وإذا كان الأمر كذلك، فإن هذه الرموز تصير لغة بديلة. وتكن النتيجة أن اللغة ضرورية فى كل تفكير.
يقول الدكتور " بلارد ": هل نستطيع التفكير بدون لغة؟ نعم. . إذا
استطعنا أن نحل محل اللغة رموزاً أخرى. ولكن كلما زاد التفكير عمقاً من
المقارنة والاستنباط والوصول إلى الأحكام العامة. زادت حاجة العقل إلى
استخدام اللغة. وإذا أمكن التفكير بدون لغة فإن هذا التفكير لا يستمر طويلاً
وهو في هذه الحالة - أي التفكير - يحتاج إلى اللغة ليعتمد عليها في تحديده
ودقته. نعم إن اللغة غير ضرورلة لكل عمليات العقل. ولكنها لا بدَّ منها عند التفكير المعنوي المحض.
والذي أختاره في هذا المجال أن اللغة ضرورية لكل تفكير، لأن التفكير
عمل، ولكل عمل مادة ومجال، ومادة التفكير لا تتحقق إلا عن طريق وحدات تدل على أجزائها وهي - هنا - المفردات اللغوية.
وإذا تطورت الفكرة فلا بدَّ من تركيب وحداتها الدالة عليها - في جمل أو أسلوب - والعقل الفكر لا يصنع تفكيره من الوهم بل لا بدَّ من ضبط أجزاء الفكرة بضوابط يستطيع إخضاعها في عملية التفكير للتصور والقياس.
وإلا كان التفكير أوهاماً تتبدد سراعاً.
والإنسان يفكر - أحياناً - نتيجة لا يسمعه أو يقرأه.
والتفكير الاجتماعى يصحبه تعبير، والتعبير في أسمى مظاهره يتكون من جمل وأساليب، وإذن فلدينا دائرة متصلة الحلقات. تبدأ بتأثر المفرد بالمجتمع عن طريق اللغة - سمعاً أو قراءة أو رؤية - فيفكر نتيجة لهذا التأثر ثم يُعبِّر عن تفكيره وهكذا تصبح
اللغة سبباً ونتيجة معاً. سبباً في التفكير ونتيجة له.
* * *