الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: (وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ (9) .
وظاهر من الآيتين الفرق بين المعنى الذي تعنيه الآيات الأولى. .
والمعنى الذى تعنيه هاتان الآيتان. إذ المراد فيهما ب " الفروج ": الشقوق والفتوق.
* *
*
وجوه الرد:
وليس ورود هذه الكلمة في القرآن بخارج عما ثبت لألفاظه من النزاهة
والشرف وذلك لعدة أمور:
أولاً: أن هذه الكلمة لم توضع وضعاً خاصاً للدلالة على موضع العِرض. بل
هى كناية عنه شاعت فيه حتى قربت من الحقيقة العُرفية.
هذا لأن الكلمة في اللغة تقع مشتركاً لفظياً بين عدة مسميات.
وقد جاء فى المفردات: " الفرج، والفرجة: الشق بين الشيئين كفرجة الحائط. والفرج ما بين الرجلين وكنى به عن السوأة حتى صار كالصريح فيها.
قال تعالى: (وَالتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا) ، (لفُرُوجهِمْ حَافظونَ) ،
(وَيَحْفَظن فُرُوجَهُن) واستعير الفرج للثَغر. وكَل موضع مَخافة. .
وقوله: (وَمَا لهَا مِن فُرُوج) أي شقوق وفتوق، قال:(وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ) : أى انشقت.
والفَرَج: انكشاف الغم، يقال: فرَّجَ الله عنك.
ورجل فرج: لا يكتم سره. . . ".
فأنت ترى من هذا العرض أن هذه المادة: " فرج " تُطلق على عدة معان.
وموضع العِرض من الإنسان واحد منها، وقد علمنا أن إطلاقها عليه من قبيل
الكناية لا التصريح. وأن عِلَّة الإطلاق ملحوظة فيه بحسب الوضع العام فى
اللغة.
ثانياً: أن هذه الكلمة لم تُستخدم في القرآن إلا في سياق الإحصان أو الحفظ
بحسب ما كان كما في الحديث عن مريم ابنة عمران.
أو بحسب ما هو كائن كقوله تعالى: (وَالذينَ هُمْ لفُرُوجهمْ حَافِظونَ) .
أو بحسب ما ينبغى أن يكون كقوله تعالَى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ) ، (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) .
ثالثاً: أن ورود هذه الكلمة في القرآن إما في موضع مدح أو تشريع،
المدح
فيما كان أو فيما هو كائن. والتشريع فيما ينبغى أن يكون، فلذكرها
- إذن - داع قوى لأنها في مقام المدح - حيث قرنت بالإحصان أو الحفظ - هى دليل العفة التي من أجلها كان المدح.
ولأنها في مقام التشريع: الوضع الذي يجب أن يُصان: يُحفظ فصرَّح بها
اعتناءً بأمرها وحتى لا يحتمل المقام سواها.
أما قوله تعالى: (أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ) : فإن " الغائط "
هو المكان الذي تُقضى فيه الحاجات، فالتعبير كنائي - كما ترى - والمقام مقام تشريع؟ مع هذا فقد عدل القرآن عن الاسم الصريح إلى ما هو وارد مورده حفظاً للفظه من الابتدْال. ولو فعل لكانت الضرورة التشريعية خير مبرر.
ثم انظر إلى قوله تعالى في شأن آدم وحواء حين أضلهما الشيطان فأكلا من
الشجرة التي حرمها الله عليهما: (فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) .