الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
37 -
إثبات هاء السكت. نحو: (هَلكَ عَنًى سُلطانيَهْ) .
38 -
الجمع ببن المجرورات. نحو: (ثُمَّ لَاْ تَجدُوا لكُمْ عَلَيْنَا به تَبِيعاً)
قال: " فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن الفاصَلة اقتضت عدمه وَتَأخير تبيعا.
39 -
العدول عن صيغة المضى إلى الاستقبال: (فَفَريقاً كَذبْتُمْ وَفَريقاً
تَقْتُلونَ) .
40 -
تغيير صيغة الكلمة. نحو: (وَطور سينينَ) والأصل: سيناء
* *
*
وقفة ناقدة:
الحقيقة التي يجب التسليم بها - ولا بديل لذلك أبداً - أن تحقيق الانسجام
الصوتى في القرآن الكريم قد اختص بمثل هذه العوامل.
على أن هذه الحقيقة يجب أن تُشفع بحقيقة أخرى. مؤداها: أن هذه
التسهيلات لم تكن لرعاية اللفظ على جانب المعنى وإلا ما كنا نرى في آى
القرآن مواضع كثيرة - وكثيرة جداً - تركت تلك الرعاية اللفظية وخولف بين الفواصل فيها مع إمكان مجيئها على نسق واحد.
فهذه التسهيلات إنما أوفت بحق المعنى كما أوفت بحق اللفظ ولا شك في أن
ما كان شأنه كذلك كان بالجودة والحسن أولى.
ولنذكر لذلك مثلاً:
قال تعالى في سورة الإسراء: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا (45) .
جاءت هذه الآية في سياق فاصلتها الراء المسبوَقة بحرف مد.
والحجاب يكون ساتراً لا مستوراً، فكان أن يقال:" ساتراً ".
وهذا أغرى صاحب الملاحظات أن يقول: إن وقوع مفعول مكان فاعل إنما جاء من أجل الرعاية اللفظية. وهذا وهْمٌ.
وإنما الداعي إلى ذلك هو المبالغة في قوة المعنى.
وأن الحجاب الذي جُعِلَ بين الكافرين وبين الرسول صلى الله عليه وسلم وما يتلوه من آيات بينات. لعدم انتفاعهم بها وشدة
نفورهم عنها. كاد يكون لقوة ستره مستوراً. أي أن أثره تعدى موضعه حتى
شمل الحجاب نفسه ففى التعبير تخييل على حد قول الشاعر:
وَمَا أنَا وَحْدِى قُلتُ ذا الشِعْرَ كلهُ. . . وَلكِنْ لِشِعْرِى فِيكَ مِن نَفْسِهِ آياتُ شِعْرِ
ففى العبارة مجاز عقلي. وكذلك يقال في قوله تعالى: (فَهُوَ فِى عِيشَةٍ
راضِيَةٍ) مما أطلق عليه: إيقاع فاعل موقع مفعول.
وقد ذهب - كذلك إلى أن إجراء غير العاقل مجرى العاقل من أجل رعاية
الفاصلة. والواقع يخالفه.
لأن العِلَّة في إجرائه هذا الجرى أن أسند إليه من الأعمال ما لا يصدر إلا عن
العاقل، وواضح أن السجود والسبح من أعمال العاقلين. ذلك هو السبب.
وليس رعاية الفاصلة وحدها كما زعم.
والتعبير بهذا الأسلوب فيه تحقيق للمعنى وتقوية. فالسجود المصادر من
الشمس والقمر والكواكب مماثل لما يصدر ممن هو أهل له في الفهم والإدراك.
والسبح المصادر منهما مماثل لسباحة السباحين الماهرين في السهولة
والانبساط والانتظام حيث لا اضطراب فيه. ولا اختلال في سيره.
وهذه ظاهرة أسلوبية في القرآن لم تقف عند ما ذكره. فقد جاء فيه عن
الأرض والسماء: (قَالتَا أتَيْنَا طائِعِينَ) وغير ذلك كثير.
على أن بعض المواضع التي ذكرها تبدو عليها سمة الضعف. إذ لا دليل له
فيما ذكره من حذف الياء لأجل الفاصلة مستشهداً بقوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ (4)
إذن فماذا يصنع بقوله: (ذَلكَ مَا كُنا نَبْغِ)، وقوله: (مَن يَهْدِ
اللهُ فَهُوَ المُهتَدِي) وليسا بَرأسيي آية؟
ومثلها في الضعف ما ذكره من تقديم هارون على موسى. وقد ناقشنا هذا
فى البحث السابق. بما لا حاجة إلى ذكره هنا.
وكذلك ما ذكره دليلا على الفصل بين الصفة والموصوف: (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (4) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى (5) .
حيث جوز أن يكون " أحوى " صفة للمرعى ليسلم له الدليل وما الداعي لذلك؟ ولماذا لا يكون " أحوى " صفة "غثاء"؟
"""
" توجيه ابن أبى الإصبع لوضع مماثل:
والذي يجب التنبيه عليه هنا - أيضاً - أن القرآن الكريم يُرى - أحياناً -
قد سلك مسلكاً يبدو مخالفاً للعرف اللغوي والنحوى حسبما هو مشهور عند
العلماء. لكن كل موضع حدث فيه ذلك يتضح من البحث العميق فيه ألا
مجافاة ولا مخالفة لغوية ولا نحوية وإنما هو أسلوب محكم قد بدت فيه اللغة
فى أسمى ما تكون.
ونسوق مثالاً على ذلك:
قال الله تعالى: (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111) .
قال ابن أبى الإصبع في توجيه هذه الآية: " فإن على ظاهر هذه الآية
إشكالين: أحدهما من جهة الإعراب. والآخر من جهة المعنى.
فأما الذي من جهة الإعراب فعطف ما ليس بمجزوم على المجزوم، والذي من جهة المعنى أن صدر الآية يغنى عن فاصلتها لأن توليهم عند القاتلة دليل على الخذلان. . .
والخذلان والنصر لا يجتمعان ".
" والجواب أن الله سبحانه وتعالى أخبر المؤمنين بأن عدوهم هذا إن قاتلهم
انهزم. ثم أراد - وهو أعلم - تكميل القوة بإخبارهم أنه مع توليه الآن لا يُنصر أبداً في الاستقبال. فهو مخذول أبداً ما قاتلهم. فيثق المؤمنون بنصر الله
تعالى لهم على هذا العدو. ويتيقنوا أنه متى قاتلهم كان مخذولاً. فيقدموا
على لقائه كلما أرادوا ذلك بثبات قلوب، وقوة نفوس. لا يتوقفون في لقائه
ولا يخشون مغبة قتاله. ولو وقع الاقتصار على دون الفاصلة لم يوف الكلام
بهذا المعنى. لأنه لا يعطى: (وَإن يُقَاتِلوكُمْ يُوَلُوكُمُ الأدبارَ) أنهم
متى قاتلوهم كان الأمر ذلك. . . ولا علم سبحانه - وهو أعلم - أن الاقتصار على ما دون الفاصلة لا يُفهم منه دوام هذه البشارة إلى آخر الأبد. والمقصود دوامها قال: (ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ) . ومنع الفعل الجزم. وإن عطف على مجزوم ليبقى المعنى الذي وضعت له صيغة المضارع من الدلالة على الحال والاستقبال.
فيُعلم أنه أراد - وهو أعلم - أنهم لا يُنصرون في الحال. ولا في الاستقبال.
ونوى من الفعل الاستئناف لا العطف على ما تقدم فيُقدر أنه قال: " ثم هم
لا يُنصرون ". .
وأحسن ما وقع في هذا النظم اختيار لفظة " ثم " دون سائر حروف العطف لا
تدل عليه من التراخى والمهلة الملائمة لما قصد من الاستقبال فاتضح المعنى
وارتفع الإشكال.
وتضمنت هذه اللفظات السبع: ستة عشر ضرباً من البديع:
" التعليق، والمطابقة المعنوية، والاحتراس، والتكميل، والتنكيت، والمقارنة، والإيضاح، والإدماج، والترشيح، والإيغال، والإيجاز، والافتنان،