المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1 - باب الحث على طلب العلم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌23 - باب اليَمِينِ علَى المُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌24 - باب كَيفَ اليمينُ

- ‌25 - باب إذا كانَ المُدَّعَى عَلَيْه ذِمِّيّا أيَحْلف

- ‌26 - باب الرّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى علْمِه فِيما غاب عَنْهُ

- ‌27 - باب كَيْف يَخلِفُ الذِّميُّ

- ‌28 - باب الرَّجُلِ يحْلِف عَلى حَقِّهِ

- ‌29 - باب في الحبسِ في الدَّيْنِ وَغيْرِهِ

- ‌30 - باب في الوَكالةِ

- ‌31 - باب في القَضاءِ

- ‌كتاب العلم

- ‌1 - باب الحَثِّ عَلَى طَلبِ العِلْمِ

- ‌2 - باب رِوايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌3 - باب في كِتَابةِ العِلْمِ

- ‌4 - باب في التَّشْدِيدِ في الكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللِّه صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - باب الكَلامِ في كِتَابِ الله بغَيْرِ عِلْمٍ

- ‌6 - باب تَكْريرِ الحَدِيثِ

- ‌7 - باب في سَرْدِ الحَدِيث

- ‌8 - باب التَّوَقِّي في الفُتْيا

- ‌9 - باب كَراهِيَةِ مَنْعِ العِلْمِ

- ‌10 - باب فَضْلِ نَشْرِ العِلْمِ

- ‌11 - باب الحَدِيثِ عَنْ بَني إِسْرائِيلَ

- ‌12 - باب في طَلَبِ العِلْمِ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى

- ‌13 - باب في القَصَصِ

- ‌كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

- ‌1 - باب في تَحْرِيمِ الخَمْرِ

- ‌2 - باب العِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في الخَمْرِ تُخَلَّلُ

- ‌4 - باب الخَمْرِ مِمّا هُوَ

- ‌5 - باب النَّهْي عَنِ المُسْكِرِ

- ‌6 - باب في الدّاذيِّ

- ‌7 - باب في الأَوْعِيَةِ

- ‌8 - باب وفد عبد القيس

- ‌9 - باب في الخَلِيطَيْنِ

- ‌10 - باب في نَبِيذِ البُسْرِ

- ‌11 - باب في صِفَةِ النَّبِيذِ

- ‌12 - باب في شَرابِ العَسَلِ

- ‌13 - باب في النَّبِيذِ إِذا غَلَى

- ‌14 - باب في الشُّرْبِ قائِمًا

- ‌15 - باب الشَّرابِ مِنْ فِيِّ السِّقاءِ

- ‌16 - باب في اخْتِناثِ الأَسْقِيَةِ

- ‌17 - باب في الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ

- ‌18 - باب في الشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ

- ‌19 - باب في الكَرْعِ

- ‌20 - باب في السّاقي مَتَى يَشْرَبُ

- ‌21 - باب في النَّفْخِ في الشَّرابِ والتَّنَفُّس فِيهِ

- ‌22 - باب ما يَقُولُ إِذا شَرِبَ اللَّبَنَ

- ‌23 - باب في إِيكاءِ الآنِيَةِ

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌1 - باب ما جاءَ في إجابَةِ الدَّعْوَةِ

- ‌2 - باب في اسْتِحْبابِ الوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكاحِ

- ‌3 - باب في كَمْ تُسْتحَبُّ الوَلِيمَةُ

- ‌4 - باب الإِطْعامِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في الضِّيافَةِ

- ‌6 - باب نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مِنْ مالِ غَيْرِهِ

- ‌7 - باب في طَعامِ المُتَبارِيَيْنِ

- ‌8 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرى مَكْرُوهًا

- ‌9 - باب إِذا اجْتَمَعَ داعِيانِ أَيُّهُما أَحَقُّ

- ‌10 - باب إِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ والعَشاءُ

- ‌11 - باب في غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعامِ

- ‌12 - باب في طَعامِ الفُجاءَةِ

- ‌13 - باب في كَراهِيَةِ ذَمِّ الطَّعامِ

- ‌14 - باب في الاجْتِماعِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌15 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌17 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الجُلُوسِ عَلَى مائِدَةٍ عَليْها بَعْضُ ما يُكْرَهُ

- ‌19 - باب الأَكْلِ بِاليَمِينِ

- ‌20 - باب في أَكْلِ اللَّحْمِ

- ‌21 - باب في أَكْلِ الدُّبّاءِ

- ‌22 - باب في أَكْلِ الثَّرِيدِ

- ‌23 - باب في كَراهِيَة التَّقَذُّر لِلطَّعامِ

- ‌24 - باب النَّهْي عَنْ أَكْلِ الجَلَّالَةِ وَأَلْبانِها

- ‌25 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ

- ‌26 - باب في أَكْلِ الأَرْنَبِ

- ‌27 - باب في أَكْلِ الضَّبِّ

- ‌28 - باب في أَكْل لَحْمِ الحُبَارى

- ‌29 - باب فِي أَكْلِ حَشَراتِ الأَرْضِ

- ‌30 - باب ما لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ

- ‌31 - باب في أَكْلِ الضَّبُعِ

- ‌32 - باب النَّهْي عنْ أَكْلِ السِّبَاعِ

- ‌33 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ

- ‌34 - باب في أَكْلِ الجَرَادِ

- ‌35 - باب في أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ

- ‌36 - باب فِي المُضْطَرِّ إِلَى المَيْتَةِ

- ‌37 - باب في الجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌38 - باب في أَكْل الجُبْنِ

- ‌39 - باب في الخَلِّ

- ‌40 - باب في أَكْلِ الثُّومِ

- ‌41 - باب في التَّمْرِ

- ‌42 - باب فِي تَفْتِيشِ التَّمْرِ المُسَوَّسِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌43 - باب الإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌44 - باب في الجَمْعِ بَيْن لَوْنَيْنِ في الأَكْلِ

- ‌45 - باب الأَكْلِ في آنِيَةِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌46 - باب في دَوابِّ البَحْرِ

- ‌47 - باب فِي الفَأْرَة تَقَعُ فِي السَّمْنِ

- ‌48 - باب في الذُّبابِ يَقَعُ في الطَّعامِ

- ‌49 - باب في اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ

- ‌50 - باب في الخادِمِ يَأْكُلُ مع المَوْلَى

- ‌51 - باب في المِنْدِيلِ

- ‌52 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إذا طَعِمَ

- ‌53 - باب في غَسْلِ اليَدِ من الطَّعامِ

- ‌54 - باب ما جاءَ في الدُّعاءِ لِرَبِّ الطَّعامِ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌كتاب الطب

- ‌1 - باب في الرَّجُلِ يَتَداوى

- ‌2 - باب في الحِمْيَةِ

- ‌3 - باب في الحِجامَةِ

- ‌4 - باب في مَوْضِعِ الحِجامَةِ

- ‌5 - باب مَتَى تُسْتَحَبُّ الحِجامَةُ

- ‌6 - باب في قَطْعِ العِرْقِ وَمَوْضِعِ الحَجْمِ

- ‌7 - باب في الكَي

- ‌8 - باب في السَّعُوطِ

- ‌9 - باب في النُّشْرَةِ

- ‌10 - باب في التِّرْياقِ

- ‌11 - باب في الأَدْوِيَةِ المَكْرُوهَةِ

- ‌12 - باب في تَمْرَةِ العَجْوَةِ

- ‌13 - باب في العِلاقِ

- ‌14 - باب في الأَمْر بِالكُحْلِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في العَيْنِ

- ‌16 - باب في الغَيْلِ

- ‌17 - باب في تَعْلِيقِ التَّمائِمِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الرُّقَى

- ‌19 - باب كَيْفَ الرُّقَى

- ‌20 - باب في السُّمْنَةِ

- ‌21 - باب في الكاهِنِ

- ‌22 - باب في النُّجُومِ

- ‌23 - باب في الخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ

- ‌24 - باب في الطِّيَرَةِ

الفصل: ‌1 - باب الحث على طلب العلم

36 -

العلم

‌1 - باب الحَثِّ عَلَى طَلبِ العِلْمِ

3641 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرهَدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللْهِ بْنُ داوُدَ، سَمِعْتُ عاصِمَ بْنَ رَجاءِ بْنِ حَيْوَةَ يُحدِّثُ، عَنْ داوُدَ بْنِ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قالَ: كُنْت جالِسًا مَعَ أَبي الدَّرْداءِ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجاءَهُ رَجُل فَقالَ: يا أَبا الدَّرْداءِ إِنّي جِئْتكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم لَحِدِيثٍ بَلَغَني أَنَّكَ تُحَدِّثهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ما جِئْتُ لحِاجَةٍ. قالَ: فَإنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقولُ: "مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الجَنَّةِ، وَإِنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَها رِضًا لِطالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السَّمَواتِ وَمَنْ في الأرْضِ والحِيتانُ في جَوْفِ الماءِ، وَإِنَّ فَضْلَ العالِمِ عَلَى العابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ عَلَى سائِرِ الكَواكِبِ، وَإِنَّ العُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبياءِ وَإِنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا وَلا دِرْهَمًا وَرَّثُوا العِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وافِرٍ"(1).

(1) رواه أحمد 5/ 196، والترمذي (2682)، وابن ماجه (223).

وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(6297).

ص: 61

3642 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن الوَزِيرِ الدِّمَشْقيُّ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ قالَ: لَقِيث شَبِيبَ بْنَ شَيْبَةَ فَحَدَّثَني بِهِ عَنْ عُثْمانَ بْنِ أَبي سَوْدَةَ، عَنْ أَبي الدَّرْداءِ -يَعْني: عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْناهُ (1).

3643 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن يُونُسَ، حَدَّثَنا زائِدَة، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما مِنْ رَجُلٍ يَسْلُكُ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا إِلا سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقَ الجَنَّةِ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرعْ بِهِ نَسَبُهُ"(2).

* * *

{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

أول كتاب العلم

الحث على طلب العلم

[3641]

(حدثنا مسدد بن مسرهد، حدثنا عبد الله بن داود) بن عامر ابن الربيع الهمداني الكوفي، أخرج له البخاري (قال: سمعت عاصم بن رجاء بن حيوة) الكندي الفلسطيني، ويقال: الأردني، قال أبو زرعة [لا بأس به، (3)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(4)(يحدث عن داود بن جميل) بفتح الجيم، وقيل: الوليد بن جميل، ذكره ابن حبان في "الثقات" عن كثير ابن قيس (5). وفي رواية لابن ماجه: كبير بن قيس. بالباء الموحدة بدل

(1) أنظر الحديث السابق.

(2)

رواه مسلم (2699).

(3)

ليست في (م)، (ل) والمثبت من "الجرح والتعديل" 6/ 342.

(4)

"الثقات" 7/ 259.

(5)

"الثقات" 6/ 280.

ص: 62

المثلثة (1)(قال: كنت جالسا مع أبي الدرداء) وأخرجه الترمذي وقال فيه: عن قيس بن كثير، قال: قدم رجل من المدينة على أبي الدرداء، فذكره (2). قال المنذري: وفي بعض طرقه أنه جاءه رجل من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي بعضها: عن كثير بن قيس قال: أتيت أبا الدرداء وهو جالس (3)(في مسجد دمشق) بكسر الدال وفتح الميم، ومنهم من يكسر الميم، والأول المشهور، نسبت إلى رجل اسمه دمشق، وقيل: دمشق بالرومية أي: مسك يضاعف؛ لطيبها. وقيل: هي من قول العرب: ناقة دمشق اللحم. إذا كانت خفيفة، ويقال: دمشق اللحم دمشقة: إذا ضرب ضربًا سريعًا (4).

(فجاءه رجل فقال: يا أبا الدرداء) واسمه عويمر (فقال: إني جئتك من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم لحديث بلغني أنك تحدثه) ولابن ماجه: تحدث به (5). وهو الأصل (عن النبي صلى الله عليه وسلم) وفيه فضيلة الارتحال إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث واحد كما ارتحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد، أخرجه البخاري [وبوب عليه: باب الخروج -يعني: للسفر- في طلب العلم (6)، والحديث الذي رحل فيه جابر

(1)"سنن ابن ماجه"(223) وفيه بالثاء.

(2)

"سنن الترمذي"(2682).

(3)

"مختصر سنن أبي داود" 5/ 244.

(4)

الذي في "تاريخ دمشق" 1/ 19: ويقال: دمشق الضرب دمشقة إذا ضرب ضربًا سريعًا خفيفًا.

(5)

"سنن ابن ماجه"(223).

(6)

"صحيح البخاري" قبل حديث (78).

ص: 63

أخرجه البخاري] (1) في "الأدب المفرد"(2) وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما عن جابر: بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتريت بعيرًا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرًا حتى قدمت الشام، فإذا عبد الله، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب. فقال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم. فخرج فاعتنقني، فقلت: حديث بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن أموت قبل أن أسمعه. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يحشر الناس يوم القيامة عراة، فيناديهم" الحديث (3)(ما جئت لحاجة) أوضحه ابن ماجة مع زيادة، ولفظه: قال: فما جاء بك، تجارة؟ قال: لا. ولا جاء بك غيره؟ قال: لا (4).

(قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سلك طريقًا يطلب فيه) وللترمذي وابن ماجة: "يلتمس فيه"(5)(علمًا) نكر (علمًا) ليتناول أنواع العلوم الدينية (6)، ويندرج فيه القليل والكثير - نافعًا - من فروض العين، أو من فروض الكفاية، أو من الفضائل، حتى يدخل فيه علم الطب، إذ هو

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(2)

"الأدب المفرد"(970).

(3)

"مسند أحمد" 3/ 495 ورواه أبو يعلى كما في "إتحاف الخيرة" 8/ 169 (7713)، وذكره البخاري تعليقًا قبل حديث (78)، وقبل حديث (7481).

(4)

"سنن ابن ماجة"(223).

(5)

"سنن الترمذي"(2945) من حديث أبي هريرة، "سنن ابن ماجة"(223) من حديث أبي الدرداء.

(6)

ساقطة من (م).

ص: 64

ضروري في حاجة بقاء الإنسان، والحساب إذ هو ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا، فإنهما من العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها أثم أهل البلد. ويدخل فيه علم أحوال القلب المذمومة والمحمودة، ويدخل فيه علم النحو واللغة، ومنه: علم القراءات وأصول الفقه وعلم الحديث، ويدخل فيه علم صناعة الزراعة والحياكة والحدادة وغيرها من الصنائع المحمودة.

(سلك الله به) وللترمذي وابن ماجة: "سهل له"(1)(طريقا إلى الجَنَّة) والمراد به على الروايتين: سهل الله بسبب سلوكه في طريق تحصيله سلوك طريق الجَنَّة؛ لأن بالعلم يعرف السالك إلى جنة الله تعالى كيف تسلك، فيصير كمن يسلك طريقًا يعرفها، وأما من سلك طريقًا من طرق العبادة التي [هي] سبب لدخول الجَنَّة من صلاة وصيام ونحوهما بغير علم (2)، ضل عن طريقهما وصار كخابط ليل في عشواء، فأنى يهتدي إلى مقصوده.

(وإن الملائكة لتضع أجنحتها) وقد اختلف في وضع أجنحتها، فقيل: هو كناية عن التواضع كما أن {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (3) كناية عن التواضع وإلانة القول لهم، ورواية الترمذي:"ما من خارج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما صنع"(4).

وقيل: هو عبارة عن النزول إليه وترك الطيران والمشي معه والجلوس

(1) انظر التخريج السابق.

(2)

ساقطة من (م).

(3)

الحجر: 88.

(4)

هذا لفظ ابن ماجة (226) من حديث صفوان بن عسال.

ص: 65

عنده بسماع العلم والتبرك، كما أنهم يجلسون لذكر الله تعالى، ويحفون مجالسيه إذ هو طلبتهم ورغبتهم.

وقيل: المراد به توقير الملائكة أهل العلم وتعظيمهم كما يوقر أهل الدين والصلاح.

وقيل: معناه أن الملائكة تحمل طلبة العلم بأجنحتها، فيمشي عليها وهي تعينه ليصل إلى مقصوده سريعًا. وعلى هذا فيكون الجناح حقيقة. وقد شك بعضهم في هذا الحديث فطعن فيه وبالغ، حتى إنه استعمل لنعاله مسامير وقال: إن كان يمشي على أجنحة الملائكة فهم يتأذون بالمسامير، فعوقب سريعًا عاجلًا وابتلاه الله تعالى بالعقوبة عاجلا (1).

وقيل: المراد به إظلال طلبة العلم بأجنحتها في طرقهم ومجالستهم.

ومنه الحديث الآخر: "تظلهم الطير بأجنحتها"(2) وجناح الطير يده (رضا) هو مفعول لأجله. أي: تضع أجنحتها لرضا قلب طالب العلم وتألف خاطره، فإن (لطالب العلم) حرمة عند الله تعالى ومنزلة عظيمة.

(وإن العالم) العامل بعلمه الذي ينتفع بعلمه وينتفع به (ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض) توضحه رواية الترمذي بزيادة ولفظه: "إن

(1) روى أبو طاهر السلفي في "الطيوريات" 2/ 270 (198) بسنده عن أبي داود السجستاني قال: كان في أصحاب الحديث رجل خليج لما أن سمع بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع" فجعل في نعليه حديد مسامير وقال: أريد أن أطأ أجنحة الملائكة فأصابته الأكلة في رجله.

(2)

لم أجده مسندًا، وأظن المصنف نقله من "النهاية في غريب الحديث والأثر" 1/ 305.

ص: 66

الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في جحرها، حتى الحوت ليصلون على معلمي الناس الخير" (1) وهذا الاستغفار يعم الحقيقة والمجاز، كما عم: افعلوا الخير. الواجب والمندوب. أي: يدعو لمعلم الناس الخير كل من في السماوات والأرض من ملائكة وإنس وجن وطير ووحش ودابة لوصول نفعه إليهم؛ فإن نفع العلم يعم الجميع بما يدعو الخليقة إليه.

(والحيتان) هذا من عطف الخاص على العام، فإن الحيتان داخلة فيما قبله، وهو على قسمين، فإنه تارة يكون لعطف الأعلى على الأدنى، كقدم الناس والأنبياء وبالعكس، كقَدِمَ الحاجُ حتى المشاة كما هنا، وهذا يستعمل بـ (حتى) في الثاني دون الأول، كما في رواية الترمذي.

رواية عائشة: "معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر"(2) ولابن ماجة: "حتى الحيتان في الماء"(3).

(في جوف الماء) وبمعنى إلهام الحيتان وغيرها من الحيوانات بالاستغفار للعالم، فقيل: إنها خلقت لمصالح العباد ولمنافعهم. والعلماء هم الذين يوصون بالإحسان إليها ونفي الضرر كما في قوله: "وليرح أحدكم ذبيحته"(4) ويبينون ما يحل منها وما يحرم، و "إن في

(1)"سنن الترمذي"(2609) من حديث أبي أمامة الباهلي.

(2)

رواه البزار كما في "الترغيب والترهيب" للمنذري 1/ 60، وانظر "السلسلة الصحيحة"(3024).

(3)

"سنن ابن ماجة"(223).

(4)

تقدم برقم (2815) من حديث شداد بن أوس.

ص: 67

كل كبد حرَّاء أجرًا" (1) حتى في إلقاء ما يفضل من الأطعمة ومن فتات الخبز في الماء للسمك أجر.

(وإن فضل العالم) الذي يعلم الناس الخير (على العابد) الذي يقتصر نفع عبادته على نفسه (كفضل القمر) إذا تكامل نوره (ليلة البدر على سائر الكواكب) السيارة وغيرها، ولفظ الأصبهاني في معناه من رواية ابن عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد سبعون درجة، كل درجتين حضر الفرس سبعين عامًا" ثم زاد ما هو كالعلم؛ ليفضل العالم على العابد، فقال في تتمة الحديث:" وذلك لأن الشيطان يبدع البدعة للناس، فيبصرها العالم فينهى عنها، والعابد مقبل على عبادته لا يتوجه لها ولا يعرفها"(2).

وروى الأصبهاني أيضًا عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بالعالم والعابد فيقال للعابد: ادخل الجَنَّة، ويقال للعالم: قف حتى تشفع للناس"(3) زاد البيهقي في روايته بلفظ: "يقال للعالم: اثبت حتى تشفع للناس بما أحسنت إليهم"(4).

(وإن العلماء ورثة الأنبياء) وحسبك بهذِه الدرجة مجدًا وفخرًا، وبهذه الرتبة شرفًا وكرمًا، فكما لا رتبة فوق رتبة النبوة لا شرف فوق شرف

(1) رواه أحمد 4/ 175 من حديث سراقة بن مالك، 2/ 222 من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.

(2)

"الترغيب والترهيب" للأصبهاني 3/ 95 (2143).

(3)

"الترغيب والترهيب" 3/ 100 (2157).

(4)

"شعب الإيمان" 2/ 268 (1717) من حديث جابر، وفيه: أدبهم. بدل: إليهم.

ص: 68

وارث تلك الرتبة، والعلماء ورثوا الأنبياء في سياسة إصلاح الخلق وإرشادهم إلى النجاة في الدنيا والآخرة، فالسياسة على أربع مراتب:

الأولى: وهي العليا: سياسة الأنبياء وحلمهم على الخاصة والعامة في ظاهرهم وباطنهم.

والثانية: الخلفاء والملوك وحكمهم على الخاصة والعامة جميعا، ولكن على ظاهرهم لا على باطنهم.

والثالث: العلماء بالله وبدين الله الذين هم ورثة الأنبياء وحكمهم على باطن الخاصة ولا تستطيع قوتهم على التصرف في ظواهرهم بالإلزام والمنع، وأشرف هذِه السياسات الأربع بعد النبوة إفادة العلم وتهذيب نفوس الناس عن الأخلاق المذمومة المهلكة، وإرشادهم إلى الأخلاق المحمودة والمسعدة، وهو المراد بالتعليم، فتعليم العلم من وجه عبادة لله، ومن وجه خلافة لله، وهو أجل خلافة، فأية رتبة أجل من كون العبد واسطة بين الله وبين خلقه في دلالتهم عليه وتعريفهم إياه.

(وإن الأنبياء لم يورثوا) من بعدهم (دينارا ولا درهما) كما يورث غيرهم إنما (ورثوا العلم) الذي قد نقل عنهم ولا يتملك ورثته ما ترك من أموال بني النضير، بل هو كما قال:"ما تركت بعدي صدقة"(1).

وفيه رد للشيعة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم يورث كما يورث غيره متمسكين بعموم آية المواريث، معرضين كما كان معلوما عند الصحابة من الحديث الدال على الخصوص، وهو قوله: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما

(1) تقدم برقم (2974) من حديث أبي هريرة ولفظه: "لا تقتسم ورثتي دينارًا، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة".

ص: 69

تركنا صدقة" (1) كما تقدم.

(فمن أخذه) وفي ابن ماجة: "أخذ به"(2)(أخذ بحظ وافر) كثير، وأي حظ أوفر من أن يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودم الشهداء، قال بعضهم: وهذا مع أن أعلى ما في الشهيد دمه وأدنى ما للعالم مداده، ونقل القاضي حسين بن محمد في أول"تعليقته" أنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من أحب العلم والعلماء لم تكتب عليه خطيئة أيام حياته"(3).

[3642]

(حَدَّثَنَا محمد (4) بن الوزير) بن الحكم السلمي الدمشقي، وثقه أبو حاتم (5) والدارقطني (6)(حَدَّثَنَا الوليد) بن مزيد العذري بضم العين المهملة وسكون الذال، ثقة (قال: لقيت شعيب) بن رزيق بتقديم الراء على الزاي (بن شيبة) المقدسي، وثقه الدارقطني (7)(فحدثني به عن عثمان بن أبي سودة) القرشي، أدرك عبادة بن الصامت وهو مولاه (عن أبي الدرداء) عويمر بن مالك، وكان حكيم الأمة (يعني: عن النبي صلى الله عليه وسلم وبمعناه) المذكور.

[3643]

(حَدَّثَنَا أحمد) بن عبد الله (بن يونس) اليربوعي (حَدَّثَنَا

(1) تقدم برقم (2963) من حديث عمر دون قوله: "نحن معاشر الأنبياء".

(2)

"سنن ابن ماجة"(223)، وفيه: فمن أخذه.

(3)

ورواه أيضًا ابن مفلح في "مشيخة ابن أبي الصقر"(7) من حديث أنس، وأورده ابن عراق في "تنزيه الشريعة" 1/ 229 (102).

(4)

فوقها في (ل): (د).

(5)

"الجرح والتعديل" 8/ 115.

(6)

انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 583.

(7)

انظر: "تاريخ بغداد" 9/ 244.

ص: 70

زائدة) (1) بن قدامة الثقفي (2) الكوفي (عن) سليمان بن مهران (الأعمش عن أبي صالح) باذام مولى أم هانئ، روى عنه الأربعة.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يسلك طريقا يطلب) لفظ مسلم: "يلتمس"(3)(فيه علما) فيه فضل المشي في طلب العلم، ويلزم من ذلك فضل الاشتغال بالعلم، والمراد العلم الشرعي بشرط أن يقصد به وجه الله تعالى، وإن كان شرطا في كل عبادة، لكن عبادة العلماء وطلب الإخلاص منهم أبلغ؛ لأنهم يقتدى بهم وإنما نلفت لهذا؛ لأن بعض طلبة العلم يتساهل في هذا ويغفل عنه، ولا ينظر في الإخلاص ولا شروطه ولا يعتني به.

(إلا سهل الله له به طريق الجَنَّة) فيه ما تقدم (ومن أبطأ) لفظ مسلم: "بطأ" وآخره همزة، يقال: بطأ وأبطأ بمعنىً (به عمله لم يسرع به نسبه) معناه: من كان عمله ناقصا، لم يلحقه نسبه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي ألا يتكل الآدمي على شرف النسب وفضيلة الآباء، ويقصر في العمل.

* * *

(1) فوقها في (ل): (ع).

(2)

في (م) الليثي.

(3)

"صحيح مسلم"(2699).

ص: 71