الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
21 - باب في النَّفْخِ في الشَّرابِ والتَّنَفُّس فِيهِ
3728 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللَّهِ بْن مُحَمَّدٍ النُّفَيْليُّ، حَدَّثَنا ابن عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبدِ الكَرِيمِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قالَ: نَهَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَنَفَّسَ في الإِنَاءِ أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ (1).
3729 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُسْرٍ -مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ- قالَ: جاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَبي فَنَزَلَ عَلَيْهِ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ طَعامًا فَذَكَرَ حَيْسًا أَتَاهُ بِهِ ثُمَّ أَتَاهُ بِشَرابٍ فَشَرِبَ فَناوَلَ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ، وَأَكَلَ تَمْرًا فَجَعَلَ يُلْقي النَّوى عَلَى ظَهْرِ أُصْبَعَيْهِ السَّبّابَةِ والوُسْطَى، فَلَمّا قامَ قامَ أَبي فَأَخَذَ بِلِجامِ دابَّتِهِ فَقالَ: ادْعُ اللَّهَ لَي. فَقالَ: "اللَّهُمَّ بارِكْ لَهُمْ فِيما رَزَقْتَهُمْ واغْفِرْ لَهُمْ وارْحَمْهُمْ"(2).
* * *
باب في النفخ في الشراب
[3728]
(حدثنا عبد اللَّه بن محمد النفيلي، ثنا) سفيان (ابن عيينة، عن عبد الكريم) بن مالك الجزري (عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: نهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء) النهي عن التنفس في الذي يشرب منه لئلا يخرج من الفم بزاق يستقذر من يشرب بعده منه، أو يحصل فيه رائحة كريهة تتعلق بالماء أو بالإناء، وعلى هذا فإذا لم يتنفس في الإناء فليشرب في نفس واحد. قاله عمر بن عبد العزيز (3)،
(1) رواه الترمذي (1888)، وابن ماجه (3288، 3428، 3429)، وأحمد 1/ 220. صححه الألباني في "الإرواء" (1977).
(2)
رواه مسلم (2042).
(3)
رواه ابن أبي شيبة 5/ 104 (24155).
وأجازه جماعة، منهم: ابن المسيب (1) وعطاء بن أبي رباح (2) ومالك بن أنس. وكره ذلك جماعة، منهم: ابن عباس (3)، وراويه عكرمة (4)، وطاوس (5)، وقالوا: هو (6) شرب (7) الشيطان.
والقول الأول أظهر؛ لقوله في الحديث المتقدم للذي قال له أنه لا يروى من نفس واحد: "أبن القدح عن فيك ثم تنفس" وظاهره أنه أباح له الشرب في نفس واحد إذا كان يروى منه، وكما لا يتنفس في الإناء لا يتجشأ فيه، بل ينحيه عن فيه مع الحمد للَّه، ويرده إلى فيه مع التسمية، فيتنفس ثلاثًا، يحمد اللَّه في آخر كل نفس، ويسمي اللَّه في أوله.
(و) نهى (أن ينفخ فيه) أي: في الإناء الذي يشرب منه، والإناء يشمل إناء الطعام والشراب، فلا ينفخ في الإناء ليذهب ما في الماء أو (8) الشراب من قذاة ونحوها، فإنه لا يخلو النفخ غالبًا من بزاق يستقذر (9) منه.
وكذا لا ينفخ في الإناء ليبرد الطعام الحار، بل يصبر إلى أن يبرد كما
(1) رواه ابن أبي شيبة 5/ 105 (24163).
(2)
رواه ابن أبي شيبة 5/ 104 (24153).
(3)
رواه ابن أبي شيبة 5/ 105 (24158).
(4)
رواه ابن أبي شيبة 5/ 104 (24157).
(5)
رواه ابن أبي شيبة 5/ 104 (24156).
(6)
في (ل)، (م): هذا.
(7)
في (م): شراب.
(8)
مكررة في (ح).
(9)
في (ح): مستقذر.
تقدم، ولا يأكله حارًّا؛ فإن البركة تذهب منه (1)، وهو شراب أهل النار.
[3729]
[(حدثنا حفص بن عمر) الحوضي](2)(حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير) بضم الخاء المعجمة بعدها ميم مفتوحة، كذا ضبطه ابن ماكولا وغيره، وقال: هو الرحبي أبو عمر، كناه به شعبة (3) تلميذه، وهو حمصي همداني. أخرج له مسلم (عن عبد اللَّه بن بسر) بضم الموحدة وسكون السين المهملة (من بني سُلَيم) بضم السين وفتح اللام، وهو سليم بن منصور، قبيلة من مضر، وليس لعبد اللَّه في مسلم سوى هذا الحديث (4)، ولا في "صحيح البخاري" سوى: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان في عنفقته شعرات بيض (5).
(قال: جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أبي) بسر بن أبي بسر المازني (6)، وله ولأبيه صحبة.
(فنزل عليه فقدم (7) إليه طعامًا، فذكر حَيْسًا) بفتح الحاء المهملة وسكون التحتانية، وهو طعام يتخذ من تمر، ينزع نواه، ويعجن بالسمن والأقط، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت أو الرقاق، وهو
(1) ساقطة من (م)، (ل).
(2)
ساقطة من (م).
(3)
ساقطة من (م). وانظر: "الإكمال" 2/ 522.
(4)
مسلم (2042).
(5)
البخاري (3546).
(6)
انظر ترجمته في "الإصابة" 1/ 148.
(7)
في (ح): فقرب.
بمعنى الوطبة المذكورة في "صحيح مسلم"(1).
(أتاه به) يعني أتاه بالطعام والحيس، بدليل رواية ابن السني: فأتاه بطعام وحيسة وسويق وتمر (2). وفاء التعقيب تدل على مبادرته بالطعام، فإن من إكرام الضيف سرعة الطعام.
(ثم أتاه بشراب) فيه فضيلة الجمع في الضيافة بين الطعام والشراب (فشرب) منه (فناول مَنْ) بفتح الميم موصول بمعنى الذي (عن (3) يمينه) أي شرب منه أولًا، ثم ناول للذي عن يمينه، فإنه السنة كما تقدم قبله.
(وأكل تمرًا) لم يتقدم ذكر التمر فيما جاء به، لكن في مسلم (4): ثم أتي بتمر، فكان يأكله (5).
(فجعل يلقي النوى على ظهر أصبعيه) ثم فسر الأصبعين (السبابة) بالجر على البدل، سميت بذلك لأنها يشار بها عند السب، وتسمى المسبحة (والوسطى) هذا مبين أنه يجوز تصريف الأصبعين المذكورتين لذلك، لئلا يظن أنه لا يجوز تصريف السبابة إلا مع الإبهام، لأنه الأمكن والذي جرت به العادة. وفيه بيان الأدب (6) في أكل التمر والرطب ونحوهما، أن لا يجمع النوى في كفه، بل يضعه من فيه على
(1) مسلم (2042).
(2)
"عمل اليوم والليلة" لابن السني (476).
(3)
في هامش (ح): على.
(4)
كلمة غير مقروءة في جميع النسخ، ولعلها كما أثبتناها.
(5)
مسلم (2042/ 149).
(6)
في (م)، (ل): الإذن. والمثبت من (ح).
ظهر أصبعيه السبابة والوسطى، أو على ظهر كفه، ثم يلقيه خارج الوعاء الذي فيه التمر ولا يجمعه معه، وهذِه الصفة هي التي ذكرها الغزالي.
ورواية أحمد أنه ربما استعان بيديه جميعًا (1). فأكل يومًا الرطب في يمينه وكان يحفظ النوى في يساره، فمرت شاة، فأشار إليها بالنوى، فجعلت تأكل من كفه اليسرى ويأكل هو بيمينه حتى فرغ (2).
ورواية "صحيح مسلم" بلفظ: ثم أتي بتمر (3) فكان يأكله ويلقي النوى بين أصبعيه ويجمع السبابة والوسطى (4)، ولعله فعل بين الأصبعين في بعض الأيام، والأكثر على ظهرهما.
(فلما قام) ليذهب وركب دابته (قام أبي، فأخذ بلجام دابته) ظاهره أن الدابة كانت فرسًا، واللجام للفرس كالزمام والمقود للبعير، واللجام معرب، وقيل: عربي. جمعه لجم مثل كتاب وكتب، وفيه جواز (5) مسك لجام الآدمي (6) وإن لم يأذن راكبها في المسك، لكن لا يمسك إلا إذا كان له في ذلك حاجة.
(فقال: ادع اللَّه تعالى لي) يعني ولأهلي، بدليل رواية مسلم: ادع اللَّه
(1)"المسند" 4/ 188، 190.
(2)
ساقطة من (م).
(3)
رواه بنحوه أبو بكر الشافعي في "الغيلانيات" ص 716 (986) من حديث أنس، قال الحافظ العراقي في "المغني عن حمل الأسفار" 1/ 649 (2423): إسناده ضعيف.
(4)
مسلم (2042).
(5)
ساقطة من (م).
(6)
كذا بالأصل.
لنا (1). فيه طلب الدعاء من العلماء العاملين وأهل الدين والصلاح له ولأولاده وأهله.
(فقال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم) فيه دعاء الضيف لمن ضيفه بالبركة في الرزق، ولا يختص الرزق بالمأكول، بل يدخل فيه المشروب والعلم والملبوس والزوجة والخادم وكل ما ينتفع به، سواء طلبه منه كما في الحديث أو لم يطلبه، فإنه من باب المكافأة بالدعاء.
(واغفر لهم وارحمهم) كذا للمصنف، ولفظ مسلم:"فاغفر لهم فارحمهم"(2). بالفاء فيهما بدل الواو، وفي رواية لأحمد: فجاءت أمي بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح، فوضعته بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأكل، فقال:"اللهم أغفر لهم وارحمهم، وبارك لهم، ووسع لهم في أرزاقهم"(3). ورجال إسناده رجال الصحيح كلهم (4).
* * *
(1) مسلم (2042).
(2)
مسلم (2042) بالواو فيهما.
(3)
"المسند" 4/ 188.
(4)
كذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 5/ 27، وانظر:"الصحيحة" 6/ 346.