الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
54 - باب ما جاءَ في الدُّعاءِ لِرَبِّ الطَّعامِ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ
3853 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن بَشّارٍ، حَدَّثَنا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنْ يَزِيدَ أَبي خالِدِ الدّالانيِّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: صَنَعَ أَبُو الهَيْثَمِ بْن التَّيْهانِ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم طَعامًا فَدَعا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ فَلَمَّا فَرَغُوا قالَ: "أَثِيبُوا أَخاكُمْ". قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ وَما إِثابَتُهُ قالَ: "إِنَّ الرَّجُلَ إِذا دُخِلَ بَيْتُهُ فَأُكِلَ طَعامُهُ وَشُرِبَ شَرابُهُ فَدَعَوْا لَهُ فَذَلِكَ إِثابَتُهُ"(1).
3854 -
حَدَّثَنا مَخْلَدُ بْن خالِدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ ثابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جاءَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبادَةَ فَجاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ ثمَّ قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصّائِمُونَ وَأَكَلَ طَعامَكُمُ الأَبْرارُ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلائِكَةُ"(2).
* * *
باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام
[3853]
(حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو أحمد)(3) محمد بن عبد اللَّه الزبيري (حدثنا سفيان) بن سعيد الثوري (عن يزيد أبي خالد) بن عبد الرحمن بن سلامة، وثقه غير واحد، شهرته (الدالاني) بفتح الدال المهملة وسكون الألفين بينهما لام مفتوحة في آخرها نون، نسبة إلى
(1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 4/ 146 (4605).
ضعفه الألباني في "الإرواء"(1990).
(2)
رواه عبد الرزاق 4/ 311 (7907)، وأحمد 3/ 138.
صححه الألباني في "المشكاة"(4249).
(3)
فوقها في (ح)، (ل):(ع).
دالان بن سابقة بن رافع، بطن من همدان، كان ينزل في بني دالان [فنسب إليهم وليس منهم، كذا قال السمعاني (1). قال ابن دريد: دالان](2) ضرب من مشي الفرس (3).
(عن رجل، عن جابر بن عبد اللَّه رضي الله عنهما قال: صنع أبو الهيثم) أسمه مالك (بن التيهان)، بفتح المثناة فوق وكسر المثناة التحتانية المشددة، بعدها هاء، وألف ونودن، أنصاري بدري عقبي (للنبي صلى الله عليه وسلم طعامًا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه) فيه استحباب طبخ الطعام لأهل العلم والصلاح المقيمين والقادمين، وفيه فضيلة دعائهم إلى دار صاحب الطعام تبركًا بحضورهم في بيته ودعائهم له عقب الطعام، وليتبرك أهل المنزل بالأكل مما يفضل منهم، وأنه إذا دعا العالم والصالح يدعو جماعته معه.
(فلما فرغوا) من أكل الطعام وشرب الماء (قال) النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه الآكلين معه (أثيبوا أخاكم) أي: أعطوه ثوابه وجازوه على صنيعه فيما صنع لكم من الطعام. يقال: أثابه يثيبه إثابة. والاسم الثواب، ويكون في الخير والشر، إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالًا (قالوا: يا رسول اللَّه، وما إثابته) فيه السؤال عما لا يتضح معناه.
(قال: إن الرجل إذا دخل) بضم أوله، وهو الدال وكسر ثانيه (بيته) بالرفع نائب عن الفاعل، وكذا ما بعده (فأكل) بضم الهمزة وكسر الكاف
(1)"الأنساب" 5/ 297 - 298.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(3)
"الاشتقاق"(ص 426).
(طعامه وشرب شرابه) فيه: تقديم الطعام على الشراب، كقوله تعالى {كُلُوا وَاشْرَبُوا} (1).
(فدعوا له) عقب أكلهم وشربهم، يعني: وإن لم يسأل الدعاء صاحب الطعام. وفيه: أن الكبير إذا دعي إلى وليمة وأصحابه معه فأكلوا وشربوا ينبغي له أن يذكرهم ويأمرهم بالدعاء لصاحب الطعام (فذلك إثابته) لعل هذا محمول على من عجز عن إثابته بشيء من المأكول أو غيره؛ لما رواه المصنف والحاكم وابن حبان في صحيحيهما عن ابن عمر: "من آتى إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم كافأتموه"(2) فجعل الدعاء عند العجز عن المكافأة، ولعل (3) هذا في غير الضيافة، ويدل على معنى حديث الباب ما رواه النسائي عن أنس قال: قالت المهاجرون: يا رسول اللَّه، ذهب الأنصار بالأجر كله، ما رأينا أحسن بذلًا لكثير ولا أحسن مواساة في قليل منهم، ولقد كفونا المؤنة. قال:"أليس تثنون عليهم به، وتدعون اللَّه لهم؟ " قالوا: بلى. قال: "فذاك بذاك"(4).
(1) البقرة: 60.
(2)
سلف برقم (1672)، وسيأتي برقم (5109). "المستدرك" 2/ 63 - 64، "صحيح ابن حبان" 8/ 199 (3408). ورواه أيضًا النسائي 5/ 82، وأحمد 2/ 68، 99. وصحح إسناده الحافظ العراقي في "المغني" 1/ 170 (686)، والشيخ أحمد شاكر في "شرح المسند" 7/ 195 (5365)، 8/ 89 (5743). وصححه الألباني في "الإرواء"(1617)، وفي "الصحيحة"(254).
(3)
في (ل)، (م): ويحل.
(4)
"السنن الكبرى" 6/ 53. ورواه أيضًا البزار في "البحر الزخار" 13/ 349 (6978)، =
وقد جاء في حديث أنس أيضًا تخصيص الدعاء بأن يكون بعد الصلاة، وهو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زار أهل بيت من الأنصار فطعم عندهم طعامًا، فلما أراد أن يخرج أمر بمكان من البيت، فنضح له على بساط، فصلى عليه ودعا لهم (1).
قال البغوي في "شرح السنة": حديث صحيح (2).
[3854]
(حدثنا مخلد بن خالد) الشعيري، شيخ مسلم (حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن ثابت) البناني (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة) بن دليم، سيد الخزرج، نقيب بني ساعدة، شهد بدرًا. وكذا رواه ابن حبان في "صحيحه" عند (3) سعد ابن عبادة (4). ولفظ ابن ماجه: عن عبد اللَّه بن الزبير: أفطر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ فقال: "أفطر عندكم الصائمون". . الحديث (5).
(فجاء بخبز وزيت) الظاهر أنه من أدم البيت، وهذا هو الأولى أن يقدم للزائر ما حضر من أدم البيت، ولا يذهب إلى السوق ليشتري شيئًا
= وصححه الضياء في "المختارة" 5/ 47 - 48 (1662)، والألباني في "صحيح الترغيب"(977).
(1)
رواه البخاري في "الأدب المفرد"(347)، والبغوي في "شرح السنة" 11/ 342 (3005).
(2)
"شرح السنة" 11/ 342. وصححه ابن حبان أيضًا 6/ 84 (2309)، والألباني في "صحيح الترغيب" (347).
(3)
في (ل، م، ح): وعنده، والمثبت هو الموافق للسياق.
(4)
"صحيح ابن حبان" 12/ 107 (5296) عن عبد اللَّه بن الزبير. وفيه: (عند سعد، فقال).
(5)
"سنن ابن ماجه"(1747).
فيطول انتظار الزائر (1)، ويشق عليه تكلفه وذهابه إلى السوق أو أحد من جهته.
(فأكل) منه (ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم) بعد فراغه من الأكل وإن لم يسأله صاحب الطعام الدعاء، بل دعا له، لما ذكر في الحديث قبله:"أثيبوا أخاكم"(أفطر عندكم) فيه: أن من حضر عند صاحب الطعام لا يفطر من الصيام إلا من طعامه أو شرابه، ولقد كان بعضهم إذا دعاه أحد ليفطر عنده يحترص ألا يفطر إلا على طعامه وإن دخل عليه وقت الإفطار قبل أن يأتي إليه وتيسر له أكل شيء فلا يفطر إلا عند من دعاه؛ ليحوز صاحب الطعام أجر من فطر صائمًا فله مثل أجره.
(الصائمون) يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صائمًا فأفطر عنده، وقد صرح بذلك ابن ماجه فيما تقدم: أفطر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عند سعد (2). وفيه أن المزور لا يتكلف لزائره، وإن كان كبيرًا، فهذا سيد الخزرج زاره سيد الأولين والآخرين، فأحضر له الخبز والزيت، ولو أحضر هذا لأحاد الناس في هذا الزمان لاحتقره الزائر والمزور. وفيه أن إظهار الصيام لفائدة ليس هو من الرياء، بل ليدخل على قلبه السرور بأنه يكتب له مثل أجر صيام النبي صلى الله عليه وسلم.
(وأكل طعامكم الأبرار) جمع بار، وهو الطائع التقي. وفي الحديث إشارة وتنبيه لصاحب الطعام أن لا يتقصد بدعوته إلا الأبرار الأتقياء دون العصاة والفساق؛ لما روى المصنف والترمذي: "لا تصحب إلا مؤمنًا،
(1) ساقطة من (م)، (ل).
(2)
"سنن ابن ماجه"(1747).
ولا يأكل طعامك إلا تقي" (1).
(وصلت عليكم الملائكة) يحتمل أن يكونوا الحفظة، ويحتمل غيرهم، والظاهر العموم، فإذا قالها [الحفظة، قالها](2) من فوقهم، ثم من فوقهم.
آخر كتاب الأطعمة
* * *
(1) يأتي برقم (4832)، "سنن الترمذي"(2395) من حديث أبي سعيد الخدري. ورواه أيضًا أحمد 3/ 38، والدارمي 2/ 1307 (2101)، والبغوي في "شرح السنة" 13/ 68 - 69 (3484) وحسنه. وصححه ابن حبان 2/ 314 - 315. (554 - 555)، 2/ 320 (560)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 128.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).