الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب التَّوَقِّي في الفُتْيا
3656 -
حَدَّثَنَا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرَّازيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ الأوزاعيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الصُّنابِحيِّ عَنْ مُعاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الغَلُوطاتِ (1).
3657 -
حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَليٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ -يَعْني: ابن أَبي أَيُّوبَ- عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسارٍ أَبي عُثْمانَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَفْتَى". ح، وَحَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ، أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبي نُعَيْمَةَ، عَنْ أَبي عُثْمانَ الطُّنْبُذيِّ - رَضِيعِ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَرْوانَ - قالَ: سَمِعْنَا أَبا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أُفْتِيَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كانَ إِثْمُهُ عَلَى مَنْ أَفْتَاهُ". زادَ سُلَيْمانُ المَهْريّ في حَدِيثِهِ: "وَمَنْ أَشارَ عَلَى أَخِيهِ بِأَمْرٍ يَعْلَمُ أَنَّ الرُّشْدَ فِي غَيْرِهِ فَقَدْ خانَهُ".
وهذا لَفْظُ سُلَيْمانَ (2).
* * *
باب التوقي في الفتيا
[3656]
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي) شيخ البخاري (حَدَّثَنَا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق، كان يحج سنة ويغزو سنة (عن) عبد الرحمن بن عمرو (الأوزاعي عن [عبد الله بن سعد) الدمشقي، من
(1) رواه أحمد 5/ 435، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ 380 (892).
وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(6035).
(2)
رواه ابن ماجة (53)، وأحمد 2/ 321،
365، والبخاري في "الأدب المفرد"(259)، والدارمي (161)، والحاكم 1/ 103.
وحسنه الألباني في "المشكاة"(242).
التابعين، مجهول، لم يرو عنه سوى الأوزاعي، قال دحيم: لا أعرفه. (عن)، (1) عبد الرحمن بن عسيلة (الصنابحي) بضم الصاد، نسبة إلى صنابح بن زاهر قبيلة من مراد، قال ابن دريد: إن كانت النون زائدة فهو مشتق من الصبح وهو الضوء (2)(عن معاوية) بن أبي سفيان رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الغلوطات) بفتح الغين جمع غلوطة، للمسألة التي يغلط فيها، كما يقال: ناقة حلوب وفرس ركوب، فإذا جعلها اسما ردت فيها الهاء فقلت: غلوطة. كما يقال: حلوبة، وفي رواية: الأغلوطات. [بضم الهمزة، جمع أغلوطة، أفعولة من الغلط كالأحدوثة والأعجوبة، قال الهروي: الغلوطات](3) تركت منها الهمزة كما تقول: جاء الأحمر، جاء الحمر. بطرح الهمزة، وقد غلط من قال: إنها جمع غلوطة (4).
والمراد النهي عن المسائل الصعبة التي تلقى على العلماء ليستزلوا ويغلطوا فيها وتستسقط آراؤهم فيها، وإنما نهى عنها؛ لأنها غير نافعة في الدين ولا تكاد تكون إلا فيما لا يقع إلا نادرًا، ومثله قول ابن مسعود: أنذركم صعاب المنطق (5). يريد المسائل الدقيقة الغامضة لا المنطق الذي يقال: إنه ميراث الأفهام.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(2)
"الاشتقاق"(ص 415).
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"الغريبين" 4/ 1382.
(5)
انظر: "شرح السنة" 1/ 308، و"النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 378.
ويدخل في النهي من المسائل ما لا يدركه إلا بالتوقيف عليه ولا يدرك بالتأمل والفكر، فإن هذا إتعاب للأنفس وضياع في الأزمنة، فإن المسائل التي تدرك غالبًا بغزارة العلم وجودة القريحة مثل قولنا: مال يضمن كله ولا يضمن جزؤه، ومال يضمن جزؤه ولا يضمن كله. فهذا كثير الفوائد، ويدلى على جواز مثل هذا حديث ابن عمر في الصحيحين:"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المؤمن، حدثوني ما هي؟ "(1).
[3657]
(حَدَّثَنَا الحسن بن علي) الخلال شيخ الشيخين أو الواسطي (2)، وهو صدوق (حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمن)(3) عبد الله بن يزيد (المقرئ، ثنا سعيد (4) بن أبي أيوب) المصري (عن بكر بن عمرو) المعافري المصري إمام جامعها، عابد قدوة، أخرج له الشيخان (عن مسلم بن يسار) المصري (أبي عثمان) أخرج له البخاري في كتاب "الأدب"، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5) الطنبذي بضم الطاء المهملة وسكون النون نسبة إلى طنبذا قرية من قرى مصر من أعمال البهنسا، قال ابن السمعاني (6): رضيع عبد الملك بن مروان، روى له مسلم بن
(1)"صحيح البخاري"(61)، "صحيح مسلم"(2811).
(2)
كذا قال المصنف على الشك، وإنما هو الخلال جزمًا كما في ترجمة شيخه أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، من "التهذيب" 16/ 320.
(3)
فوقها في (ل): (ع).
(4)
فوقها في (ل): (ع).
(5)
"الثقات" 5/ 390.
(6)
في (ل)، (م): النعماني.
الحجاج في "صحيحه" حديثًا واحدًا في صدر كتابه (1). كذا قال:
(عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتى) بفتح الهمزة والتاء، وفي بعض النسخ المعتمدة من ابن ماجة (2) بضم الهمزة وكسر التاء، مبني لما لم يسم فاعله، وعلى هذا فالمعنى: من استفتى أحدًا من المفتين فأفتاه (بغير علم) عنده من الكتاب والسنة ونظر في استدلال، بل استحيا أن يقول: لا أدري. حرصًا على رئاسته.
ورواية ابن ماجة: "بغير ثبت" أي: تثبت في فتواه ومراجعه (كان إثمه) ولابن ماجة: "فإنما إثمه"(على من أفتاه) بغير الصواب، لا على المستفتي المقلد، ويحتمل أن الإثم على من أذن له في الفتوى، ويدل على أن ابن ماجة ذكر هذا الحديث عقب حديث:"إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم"[وفي رواية: "إذا لم يُبق عالمًا"](3)"اتخذ الناس رؤوسًا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"(4) وهذا لفظ روايته.
وأما المعنى على الرواية الأولى بفتح الهمزة والتاء فيحتمل أن يقال: معناه: من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على من أذن له في الفتوى، ورخص له في ذلك. ومعنى (إثمه على من أفتاه) أي: أجازه
(1)"الأنساب" 9/ 86 - 87.
(2)
"سنن ابن ماجة"(53).
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"سنن ابن ماجة"(52).
بالإفتاء، وهذا مما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم:"الإثم (1) ما حاك في صدرك وإن أفتاك الناس وأفتوك"(2).
قال في "النهاية": معناه وإن جعلوا لك رخصة فيه وجوازا (3). فلا يلتبس بما حاك في نفسك أنه إثم؛ فإن الله هو الذي أجراه.
قال المصنف (وحَدَّثَنَا سليمان بن داود) بن حماد أبو الربيع المهري، قال النسائي: ثقة (4).
(حَدَّثَنَا) عبد الله (ابن وهب قال: حدثني يحيى (5) بن أيوب) الغافقي المصري (عن بكر بن عمرو، عن عمرو بن أبي نعيمة) بضم النون المعافري ([عن أبي عثمان] (6) الطنبذي) بضم الطاء المهملة كما تقدم في سند هذا الحديث عن ابن السمعاني، وأنه (رضيع عبد الملك بن مروان) أحد الخلفاء (قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه) كما تقدم.
(1) ساقطة من (م).
(2)
صدره رواه مسلم (2553) من حديث النواس بن سمعان، ورواه بتمامه أحمد في "المسند" 4/ 228، والدارمي في "سننه" 3/ 1649 (2575) وأبو يعلى 3/ 160 (1586) والطبراني 16/ 21 (17858) من حديث وابصة بن معبد.
قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 175: رواه أحمد وأبو يعلى، وفيه أيوب بن عبد الله ابن مكرز، قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه، ووثقه ابن حبان.
(3)
"النهاية في غريب الحديث والأثر" 3/ 411.
(4)
انظر: "تهذيب الكمال" 11/ 410.
(5)
فوقها في (ل): (ع).
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، (م)، والمثبت من "سنن أبي داود".
(زاد سليمان) بن داود (المهري) بفتح الميم وسكون الهاء، نسبة إلى مهرة بن حيدان قبيلة من قضاعة كما تقدم (في حديثه: ومن أشار على أخيه) المسلم الذي استشاره واستنصحه (بأمر يعلم أن الرشد في غيره) أو يغلب على ظنه أنه الصواب، ويدخل في إطلاق الحديث من استشاره بغير الرشد، ومن أشار عليه ابتداء دون استشارة بغير الرشد (فقد خانه) في الانتقاص من حقه، فإن حق الأخوة النصح، ففي "صحيح مسلم":"حق المسلم على المسلم ستة" وفيها: "إذا استنصحك فانصح له"(1) فالنصح واجب لظاهر هذا الأمر ولغيره.
(وهذا) الشطر الأخير (لفظ سليمان) بن داود المهري دون الحسن بن علي.
* * *
(1)"صحيح مسلم"(2162/ 5) من حديث أبي هريرة.