الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب ما جاءَ في العَيْنِ
3879 -
حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، حَدَّثَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبِّهِ قالَ: هذا ما حَدَّثَنا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"العَيْنُ حَقٌّ"(1).
3880 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها قالَتْ: كانَ يُؤْمَرُ العائِنُ فَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَغْتَسِلُ مِنْهُ المَعِينُ (2).
* * *
باب ما جاء في العين
[3879]
(حدثنا أحمد بن حنبل، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن همام ابن منبه قال: هذا ما حدثنا) به (أبو هريرة صلى الله عليه وسلم عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: والعين حق) لا يريد به الرجل، بل الإضرار بالعين والإصابة بها، كما يتعجب الشخص من الشيء بما يراه بعينه [فيتضرر ذلك الشيء بعينه](3) حيث نظر إليه بها.
قال النووي: أنكر طائفة العين فقالوا: لا أثر لها. والدليل على فساد قولهم أنه أمر ممكن، والصادق أخبر بوقوعه، فلا يجوز تكذيبه (4).
واعلم أن العين عينان: عين إنسية، وعين جنية، كما سيأتي في
(1) رواه البخاري (5740)، ومسلم (2187).
(2)
رواه البيهقي 9/ 591 من طريق أبي داود، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 7/ 332 (2892).
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(4)
"شرح مسلم" 14/ 171.
حديث سهل، وكما تصيب العين بالنظر تصيب بالوصف من غير رؤية لقوله تعالى:{وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ} (1) يعني من غير رؤية [وقال بعضهم](2): العائن تنبعث من عينه قوة سميَّة تتصل بالمعين فيهلك كما تنبعث من الأفعى. والمذهب أن اللَّه أجرى العادة بخلق الضر عند مقابلة هذا الشخص بشخص آخر، وأما انبعاث جوهر منه فهو من الممكنات.
[3880]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن إبراهيم) النخعي (عن الأسود) بن يزيد (عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يؤمر العائن) يعني: الذي أصاب الشيء بعينه (فيتوضأ بماء)(3) وكذا مالك في "الموطأ" في حديث سهل بن حنيف لما أصيب بالعين عند اغتساله، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائنه (4) أن يتوضأ (5). وصفة هذا الوضوء في رواية الإمام أحمد عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة، حتى إذا كانوا بشعب الخرار من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف، وكان رجلًا أبيض حسن الجسم والجلد، فنظر إليه عامر بن ربيعة، أخو عدي بن كعب وهو يغتسل فقال: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة! فلبط سهل، فأتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قيل له: يا رسول اللَّه،
(1) القلم: 51.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(3)
من (ل)، (م).
(4)
ساقطة من (م).
(5)
2/ 938، 939 من حديث محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه. وصححه الألباني في "الصحيحة"(2572).
هل لك في سهل؟ واللَّه ما يرفع رأسه، قال:"هل تتهمون فيه من أحد؟ " قالوا: نظر إليه عامر بن ربيعة. فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عامرًا، فتغيظ عليه وقال:"علام يقتل أحدكم أخاه، هلا إذا رأيت ما يعجبك بركت عليه (1) ". ثم [قال](2) له: "اغتسل له" فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفأ القدح وراءه ففعل به ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس (3).
وقوله: فلبط. هو بضم اللام وكسر الموحدة ثم طاء مهملة، أي: صرع وسقط إلى الأرض. وقوله: "بركت" أي: قلت: اللهم بارك عليه. فإنه يدفع عنه إصابة العين، ويدفع ذلك قوله: ما شاء اللَّه لا قوة إلا باللَّه. وداخلة إزاره فيه قولان: أحدهما أنه الطرف المتدلي الذي يلي حقوه الأيمن، والثاني أنه فرجه.
(ثم يغتسل منه المعين) بفتح (4) الميم، بأن يصب المعين الماء على رأسه. وقد اختلف العلماء في العائن هل يجبر على الوضوء للمعين أم لا، واحتج من أوجبه برواية مسلم:"وإذا استغسلتم فاغسلوا"(5) وبرواية "الموطأ" التي ذكرناها أنه صلى الله عليه وسلم أمره بالوضوء، والأمر
(1) ساقطة من (ح).
(2)
ليست في الأصول، والمثبت ما يقتضيه السياق.
(3)
"مسند أحمد" 3/ 486 - 487. صححه الألباني في "الصحيحة" (2572).
(4)
في (ل)، (م): بضم.
(5)
"صحيح مسلم"(2188) من حديث ابن عباس مرفوعًا.
للوجوب. قال المازري: والصحيح عندي الوجوب، ويبعد الخلاف فيه إذا خشي على المعين الهلاك، وقد علم أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر، فهذا أولى (1).
قال القاضي: في هذا من الفقه أنه ينبغي إذا عرف واحد بالإصابة بالعين أن يجتنب ويحترز منه، وينبغي للإمام أن يمنعه من مداخلة الناس [ويأمره بلزوم بيته، فإن كان فقيرًا رزقه ما يكفيه ويكف أذاه عن](2) الناس؛ فضرره أشد من ضرر آكل البصل والثوم (3).
* * *
(1)"المعلم بفوائد مسلم" 2/ 255، 256.
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(3)
"إكمال المعلم" 7/ 85.