الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
27 - باب كَيْف يَخلِفُ الذِّميُّ
3624 -
حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن يحيَى بْنِ فارِسٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، حَدَّثَنا رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ -وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ المُسيَّبِ-، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعني لِلْيَهُودِ: "أَنْشُدُكُمْ باللهِ الذي أَنْزَلَ التَّوْراةَ عَلَى مُوسَى ما تَجدُونَ في التَّوْراةِ عَلَى مَنْ زَنَى". وَساقَ الحَدِيثَ في قِصَّةِ الرَّجْمِ (1).
3625 -
حَدَّثَنا عَبْدُ العَزيزِ بْن يَحيَى أَبُو الأصبَغِ حَدَّثَني مُحَمَّدٌ -يَعْني: ابن سَلَمَةَ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنِ الزُّهْريِّ بهذا الحَدِيثِ وَبإسْنادِهِ، قالَ: حَدَّثَني رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ كانَ يَتَّبعُ العِلْمَ وَيَعِيهِ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ المُسيَّبِ وَساقَ الحَدِيثَ بِمَعْناه (2).
3626 -
حَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ المثَنَّى، حَدَّثَنا عَبْدُ الأعلَى، حَدَّثَنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ لَهُ- يَعْني لابنِ صُورِيا-:"أُذَكِّرُكُم باللهِ الذي نَجّاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ، وَأَقْطَعَكُمُ البَحْرَ وَظَلَّلَ عَلَيْكُمُ الغَمامَ، وَأنْزَلَ عَلَيْكُمُ المَنَّ والسَّلْوى، وَأَنْزَلَ عَلَيْكُمُ التَّوْراةَ عَلَى مُوسَى أتَجِدُون في كتابِكُمُ الرَّجْمَ؟ ". قالَ ذَكَّرْتَني بِعَظِيمٍ وَلا يَسَعُني أَن أَكْذِبَك وَساقَ الحَدِيثَ (3).
* * *
باب كيف يحلف الذمي
[3642]
(ثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي (ثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، ثنا رجل من مزينة ونحن عند
(1) رواه أحمد 2/ 279، وعبد الرزاق 7/ 315 (13330).
وضعفه الألباني.
(2)
إسناده كسابقه.
(3)
أنظر سابقيه، وصححه الألباني.
سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة صلى الله عليه وسلم: قال النبي صلى الله عليه وسلم. يعني لليهود) أي: الذين أتوا النبي (1) صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، وقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجل وامرأة منهم زنيا (أنشدكم) بفتح الهمزة وضم الشين (بالله) أي أسألكم بالله، وأقسم عليكم. وفي الرواية الآتية في الحدود من رواية البراء بن عازب:"ناشدتكم الله"(2)(الذي أنزل التوراة) اسم أعجمي على وزن تفعلة من الوري (على موسى) عليه السلام، وفي تحليفهم بالتوراة التي يعظمونها ويتوقون أن يحلفوا بها كاذبين دليل على أن من توجهت عليه اليمين يحلف بما يعظمه، ويتوقى الحلف به كاذبا، وفي تحليفهم بها أيضا إشارة وتلويح (3) بطلب إيمانهم؛ حيث علموا أن فيها التبشير بمحمد صلى الله عليه وسلم، والتصديق برسالته ووصفه فيها، كما أخبر الله تعالى في كتابه بقوله تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (4) أي: هدى لقوم موسى وتبيين شريعته، وفيها نور محمد صلى الله عليه وسلم الآتي بعده.
وفي الحديث دليل على أن الذمي تغلظ عليه اليمين بالزمان كما تغلظ بالمكان، ولم يختلفوا في الذمي، بل اختلفوا في المسلم، فذهب مالك والشافعي ورواية عن أحمد (5) إلى التغليظ بالزمان والمكان إن رأى
(1) في (م): إلى رسول الله.
(2)
يأتي برقمي (4447، 4448).
(3)
في (ل)، (م): وتلويحًا. والمثبت هو الصواب.
(4)
المائدة: 44.
(5)
"المدونة" 4/ 54 - 57، و"الأم" 7/ 637، "مسائل أحمد وإسحاق" للكوسج 6/ 616.
الإمام، وممن قال: لا يشرع التغليظ بالزمان والمكان للمسلم أبو حنيفة وصاحباه (1)، وهو ظاهر كلام الخرقي (2) وأبي بكر (3) من الحنابلة.
(ما تجدون في التوراة) عندكم (على من زنى؟ ) إذا أحصن، قالوا: يحمم ويُجَبَّهُ ويجلد. والتجبية أن يحمل الزانيان على حمار وتقابل أقفيتهما ويطاف بهما .. إلى آخر الحديث، كما سيأتي الحديث بلفظ سنده ومتنه في الحدود في باب رجم اليهوديين (4) إن شاء الله.
[3625]
(حدثنا عبد العزيز بن يحيى، أبو الأصبغ) الحراني، ثقة (حدثني محمد بن سلمة) بن عبد الله الباهلي الحراني، أخرج له مسلم (عن محمد بن إسحاق) صاحب "المغازي" (عن الزهري بهذا الحديث وبإسناده قال: حدثني رجل من مزينة) بنت كلب بن وبرة بن تغلب، ومزينة هذِه أم عثمان وأوس الذين منهم هذِه القبيلة الكبيرة المنسوب إليها خلق، منهم عبد الله بن سعد المزني (ممن كان يتبع العلم) أي: يجعله أمامه في أقواله وأفعاله كما يتبع المأموم الإمام.
وفي الحديث: أتبعوا القرآن، ولا يتبعنكم (5). أي: أجعلوه أمامكم
=وانظر: "اختلاف الأئمة العلماء" لابن هبيرة 2/ 429.
(1)
انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 186، و"المبسوط" 16/ 118.
(2)
انظر: "المغني" 14/ 224.
(3)
"أحكام أهل الملل" ص 252.
(4)
يأتي برقم (4450).
(5)
رواه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 81، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 257، والبيهقي في "الشعب" 3/ 396 (1866)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 85 من حديث أبي موسى الأشعري موقوفًا.
ثم اتلوه. ومعنى: لا يتبعنكم: لا تدعوا تلاوته والعمل به، فتكونوا ممن نبذتموه وجعلتموه وراء ظهوركم، وقيل: معناه: لا يطلبنكم بتضييعكم إياه كما يطلب الرجل صاحبه بالتبعة (ويعيه) أي: يحفظه، يقال: وعيت العلم عنه: إذا حفظته، ومنه الحديث:"نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها"(1)(وساق الحديث) المذكور وسيأتي في الحدود.
[3626]
(ثنا محمد بن المثنى، ثنا عبد الأعلى) بن مسهر الغساني (ثنا سعيد) بن ([عبد الرحمن])(2) التنوخي الدمشقي (عن قتادة) بن دعامة (عن عكرمة) مرسلا (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يعني: لابن صوريا) وفي رواية للمصنف من حديث جابر: فقال: "ائتوني بأعلم رجلين منكم "فأتوه [با بني صوريا، فنشدهما](3)(أذكركم) بتشديد الكاف المكسورة (بالله) أي: بنعمة الله (الذي نجاكم) أي: أنجى آباءكم كما قال تعالى: {لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ} (4) أي: حملنا آباءكم، وقيل: إنما قال (نجاكم)؛ لأن نجاة الآباء كان سببا لنجاة من خاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم، ومعنى نجينا [كم: ألقيناكم] (5) على نجوة من الأرض (من) عدو
(1) رواه الترمذي (2582) من حديث عبد الله بن مسعود، وابن ماجه (230) من حديث زيد بن ثابت، وأحمد 4/ 828، وابن ماجه (231) من حديث جبير بن مطعم وأحمد 3/ 225، وابن ماجه (236) من حديث أنس.
(2)
كذا في النسخ: عبد الرحمن. والصواب: عبد العزيز. انظر: "تهذيب الكمال" 10/ 539 (2320).
(3)
في الأصول: (بابن صوريا، فنشدهم)، والتصويب من "السنن"(4452).
(4)
الحاقة: 11.
(5)
انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي 1/ 381، وما بين المعقوفتين زيادة منه.
آبائكم وعدوكم من (آل فرعون) قومه وأتباعه (وأقطعكم) أقطع آباءكم (البحر) وأخرجكم منه سالمين وأغرق أعداءكم فيه، ذكر أن هذا البحر هو بحر القلزم.
(وظلل عليكم) أي: جعل على آبائكم (الغمام) كالظلة ليقيهم حر الشمس به وتنجلي عنهم في آخره؛ ليستضيئوا بالقمر ليلًا (1). وذكر المفسرون أن هذا جرى في التيه بين مصر والشام لما امتنعوا من قتال الجبارين ودخول مدينتهم، وقالوا لموسى:{فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ} (2) فعوقبوا بذلك الفحص أربعين سنة يتيهون في خمسة فراسخ، فكانوا يمشون النهار كله، وينزلون للمبيت فيصبحون حيث كانوا بكرة أمس. (وأنزل عليكم المن) أكثر المفسرين هو الترنجبين بتشديد الراء المفتوحة، ويقال: الطرنجبين. وعن وهب بن منبه: هو خبز الرقاق (3). وقيل: المن مصدر يعم جميع ما من الله به على عباده من غير تعب ولا زرع؛ لحديث: "الكمأة من المن الذي أنزل علي بني إسرائيل، وماؤها شفاء للعين"(4).
(والسلوى) ابن عطية: هو طير بإجماع المفسرين (5). قال القرطبي: لا يصح هذا الإجماع. وقد قال المؤرج -أحد علماء اللغة والتفسير-:
(1) ساقطة من (م).
(2)
المائدة: 24.
(3)
رواه الطبري في "تفسيره" 1/ 334 (973)، وابن أبي حاتم في "تفسيرها" 1/ 115 (557).
(4)
رواه البخاري (4478)، ومسلم (2049) من حديث سعيد بن زيد.
(5)
"المحرر الوجيز" 1/ 305.
إنه العسل. واستدل بقول الهذلي:
وقاسمها بالله جهدا لأنها
…
ألذ من السلوى إذا ما نشورها
وذكر أنه كذلك بلغة كنانة، سمي بذلك لأنه يسلى به (1). وقال الجوهري: السلوى: العسل (2). وقيل: السلوى هو السمان بعينه (وأنزل عليكم التوراة) التي هي هدى لبيان شريعتكم ونور محمد صلى الله عليه وسلم (على موسى) بدل من (عليكم) بدل بعض من كل (أتجدون في كتابكم الرجم؟ ) على من زنى.
وفيه دليل على أن اليمين تغلظ على أهل الذمة، فإن كان يهوديا قيل له: قل: والله الذي أنزل التوراة على موسى. وإن كان نصرانيا قيل له: قل: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام. وتغلظ في حق المجوسي، فيقال له: قل: والله الذي خلقني ورزقني. وإن كان وثنيا حلفه بالله وحده، وكذلك إن كان لا يعبد الله؛ لأنه لا يجوز أن يحلف بغير الله، لقوله عليه السلام:"من كان حالفا فليحلف بالله"(3) يعم كل حالف.
(قال: ) ابن صوريا (ذكرتني) بتشديد الكاف المفتوحة (بعظيم) العظماء (ولا يسعني) والله (أن أكذبك) بفتح الهمزة وكسر الذال (يعني فيما ذكرته) لي (وساق الحديث) المذكور.
(1) انظر: "الكشف والبيان" 2/ 98، و"الجامع لأحكام القرآن" 1/ 347.
(2)
"الصحاح" 1/ 2381.
(3)
تقدم برقم (3249) من حديث عمر بن الخطاب.