الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
22 - باب في النُّجُومِ
3905 -
حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ وَمُسَدَّدٌ -المَعْنَى- قالا: حَدَّثَنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَخْنَسِ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ ماهَكَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ زادَ ما زادَ"(1).
3906 -
حَدَّثَنا القَعْنَبي، عَنْ مالِكٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خالِدٍ الجُهَني أَنَّهُ قالَ: صَلَّى لَنا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ في إِثْرِ سَماءٍ كانَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَلَمّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النّاسِ فَقالَ: "هَلْ تَدْرُونَ ماذا قالَ رَبُّكُمْ". قالُوا: اللَّه وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قالَ: "قالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبادي مُؤْمِنٌ بي وَكافِرٌ، فَأَمّا مَنْ قالَ مُطِرْنا بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بي كافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمّا مَنْ قالَ مُطِرْنا بِنَوْءِ كَذا وَكَذا فَذَلِكَ كافِرٌ بي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ"(2).
* * *
باب في النجوم
[3905]
(حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ومسدد المعنى، قالا: ثنا يحيى) بن سعيد، (عن عبيد (3) اللَّه) بالتصغير (بن الأخنس) أبي مالك النخعي الخزاز (عن الوليد بن عبد اللَّه) بن أبي مغيث، ثقة.
(عن يوسف بن ماهك) قال النووي: بفتح الهاء لا ينصرف؛ لأنه
(1) رواه ابن ماجه (3726)، وأحمد 1/ 227.
وصححه الألباني في "الصحيحة"(793).
(2)
رواه البخاري (846)، ومسلم (71).
(3)
فوقها في (ل)، (ح):(ع).
أعجمي علم (1)، وفي "المشارق" أنه بفتح الهاء أيضًا (2).
(عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من اقتبس) أي: تعلم (علمًا من النجوم) يقال: قبست العلم واقتبسته إذا تعلمته، وأصل (3) القبس: الشعلة من النار، واقتباسها الأخذ منها، وفيه حذف تقديره: من اقتبس علمًا من النجوم كان كمن (اقتبس شعبة) أي: قطعة من السحر، فكما أن تعلم السحر والعمل به حرام فكذا تعلم النجوم والكلام فيه حرام، والمنهي عنه ما يدعيه أهل التنجيم من علم الحوادث والكوائن التي لم تقع وستقع في مستقبل الزمان، ثم يجيء ويزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب في مجاريها واجتماعها وافتراقها، وهذا تعاطٍ لعلم استأثر اللَّه تعالى به.
وأما علم النجوم الذي يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقي فغير داخل فيما نهى عنه، ومن المنهي عنه التحدث بمجيء المطر، ووقوع الثلج، وهبوب الرياح، وتغير الأسعار.
و(زاد) من علم النجوم كمثل (ما زاد) من السحر.
وفيه: النهي عن الزيادة على قدر الحاجة من القبلة والوقت.
[3906]
(حدثنا) عبد اللَّه بن محمد (4)(القعنبي، عن مالك، عن صالح بن كيسان)(5) المدني، مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز (عن عبيد
(1)"شرح مسلم" 3/ 131.
(2)
1/ 398.
(3)
ساقطة من (م).
(4)
كذا في جميع النسخ والصواب: مسلمة، كما في مصادر ترجمته.
(5)
فوقها في (ل)، (ح):(ع).
اللَّه) بالتصغير (بن عبد اللَّه) بن عتبة بن مسعود (عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: صلى لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية) بضم الحاء المهملة وفتح الدال وخفة المثناة تحت التي قبل الهاء عند بعض المحققين، وقال أكثر المحدثين بتشديدها، سميت الغزوة ببئر هناك عند شجرة الرضوان، وهي على مرحلة فأكثر من مكة.
(في) وللبخاري: على (1)(إثر) بفتح الهمزة والثاء المثلثة، وبكسر الهمزة وسكون المثلثة (سماء) أي: مطر (كانت من الليل) وسمي المطر سماء، لأنه ينزل من السماء.
(فلما انصرف [من الصلاة أقبل على الناس) قال المهلب: استقبال الرسول الناس بوجهه هو عوض من] (2) قيامه من مصلاه، لأن قيامه إنما هو ليعرف الناس بفراغ الصلاة؛ ولذلك قال مالك في إمام مسجد القبائل والجماعات: لا بد أن يقوم من موضعه ولا يقوم في داره وسفره إلا أن يشاء، وفي بقاء الإمام في موضعه تخليط على الداخلين، وكان إبراهيم النخعي إذا سلم انحرف واستقبل القوم (3).
(فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم) فيه حسن الأدب في مخاطبة المعلم والأستاذ.
(قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر) قال القرطبي: ظاهره أنه الكفر الحقيقي؛ لأنه قابل المؤمن الحقيقي، فيحمل على من اعتقد أن
(1)"صحيح البخاري"(846)، (1038).
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
(3)
انظر: "شرح ابن بطال" 2/ 460.
المطر من فعل الكواكب وخلقها، لا من فعل اللَّه كما يعتقده بعض جهال المنجمين والطبائعيين والعرب، فأما من اعتقد أن اللَّه هو خالق المطر، ثم تكلم بهذا القول، فليس بكافر، لكنه مخطئ من وجهين، أحدهما: أنه خالف الشرع فإنه قد حذر من هذا الإطلاق.
وثانيهما: أنه قد تشبه بأهل الكفر في قولهم، وذلك لا يجوز؛ لأنا قد أمرنا بمخالفتهم، فقال:"خالفوا المشركين وخالفوا اليهود" ونهينا عن التشبه بهم، وذلك يقتضي الأمر بمخالفتهم في الأقوال والأفعال، وقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} (1)(2).
(فأما من قال: مطرنا بفضل اللَّه تعالى ورحمته فذلك مؤمن بي) لأنه صدق أن المطر من خلق اللَّه تعالى ونعمته وبفضله على خلقه كما قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ} (3).
(وكافر بالكوكب) أنه من مخلوقات اللَّه تعالى، ليس له تدبير ولا خلق ولا ضر ولا نفع (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا) النوء لغة هو: النهوض بثقل، يقال: ناء بكذا إذا نهض به متثاقلًا، ومنه قوله تعالى:{لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ} (4) أي: لتثقلهم عند النهوض بها، وكانت العرب إذا طلع نجم من المشرق وسقط آخر من المغرب، فحدث عند ذلك مطر أو ريح، فمنهم من ينسبه إلى الطالع، ومنهم من ينسبه إلى
(1) البقرة: 104.
(2)
"المفهم" 1/ 259.
(3)
الشورى: 28.
(4)
القصص: 76.
الغارب الساقط، فنهى الشارع عن هذا القول؛ لئلا يتشبه بهم في نطقهم.
(فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) في زعمهم أن النجوم تمطرهم وترزقهم، فهذا كفر باللَّه وإيمان بالنجم الذي هو الكوكب. أخرجه النسائي في التفسير من "سننه الكبير" عن إسحاق بن إبراهيم عن محمد ابن عوف (1)، وأخرجه ابن حبان في البيوع، في السادس (2).
* * *
(1) لم أقف عليه في التفسير من "السنن الكبرى" للنسائي، وإنما وقفت عليه في "السنن الكبرى" 1/ 562 - 563 (1833)، (1834)، 6/ 229 (10760)، (10761) عن محمد بن سلمة عن ابن القاسم، عن مالك، عن صالح بن كيسان عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه عن زيد بن خالد الجهني. ومن طريق قتيبة بن سعيد عن سفيان عن صالح بن كيسان عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه، عن زيد بن خالد. ولم أقف على هذا الطريق الذي ذكره الشارح.
(2)
"صحيح ابن حبان" 13/ 503 (6132).