الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 - باب في طَلَبِ العِلْمِ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى
3664 -
حَدَّثَنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمانِ، حَدَّثَنا فُلَيْحٌ، عَنْ أَبي طُوالَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ الأَنْصاريِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسارٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ عز وجل لا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيامَةِ". يَعْني رِيحَها (1).
* * *
باب طلب العلم لغير الله
[3664]
(حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، حدثنا سريج) بضم السين المهملة، آخره جيم (ابن النعمان) البغدادي الجوهري اللؤلؤي، أخرج له البخاري في عمرة القضاء (حدثنا فليح)(2) بن سليمان العدوي، مولاهم المدني.
(عن أبي طوالة) بضم الطاء المهملة، وتخفيف الواو (عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري) النجاري قاضي المدينة (عن سعيد بن يسار) بالتحتانية والمهملة أبو الحباب المدني، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علمًا مما يبتغى) بضم أوله، وفتح المعجمة (به) أي: يطلب به (وجه) أي: رضا
(1) رواه ابن ماجه (252)، وأحمد 2/ 338، وأبو يعلى (6373)، وابن حبَّان (78)، والحاكم 1/ 85.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(6159).
(2)
فوقها في (ل): (ع).
الله بالرفع نائب عن الفاعل (الله) أي: صلاح دين الله من العلوم الظاهرة أو الباطنة، فكلاهما فرض عين أو كفاية، فكما أن علم أحوال القلب وعلاجه من علوم الآخرة فرض عين في فتوى علوم الآخرة، والمعرض عنه هالك بسطوة ملك الملوك في الآخرة، كما أن المعرض عن الأعمال الظاهرة هالك بسيف سلاطين الدنيا بحكم فتوى علماء الدنيا، فنظر الفقهاء في فروض العين بالإضافة إلى صلاح الدنيا، وعلوم المعاملة بالإضافة إلى صلاح الآخرة، واحترز به عن العلوم التي لا يبتغى [بها] صلاح قوام الدين، بل صلاح قوام هذا العالم الظاهر وانتظام أمره، كعلوم الفلاحة والتجارة والبيطرة والحياكة، وغير ذلك من علوم الحرف والصناعات فإن من تعلمها لطلب عرض الدنيا لا يدخل في هذا الوعيد العظيم.
(لا يتعلمه) هذا العلم الذي هو موضوع للعبادة الدينية (إلا ليصيب به عرضا) بفتح الراء (من الدنيا) أي: أخذ مالًا من الدنيا، ويسمى متاع الدنيا عرضًا؛ لأنه عارض (1) زائل غير ثابت.
قال أبو عبيدة: يقال: جميع متاع الدنيا عرض بفتح الراء، ومنه:"الدنيا عرض يأكل منها البر والفاجر"(2) والعرْض بسكون الراء ما سوى الدينار والدرهم (لم يجد عرف) بفتح العين، وسكون الراء
(1) ساقطة من (م).
(2)
رواه الطبراني 7/ 288 (7158)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 264، والبيهقيُّ 3/ 216 من حديث شداد بن أوس.
قال الهيثمي في "المجمع" 2/ 188: فيه أبو مهدي سعيد بن سنان، وهو ضعيف جدًّا.
المهملتين (الجنة) والعرف هو الريح الطيبة، وقال الفارسي: يستعمل العرف غالبا في الريح الطيبة، ونادرا في غير الطيبة (يوم القيامة، يعني: ريحها) الطيب، وإن ريحها ليشم من مائة عام.
وروى عبد الرزاق في كتابه موقوفًا عن ابن عباس، وفيه: كيف بكم إذا قلَّت فقهاؤكم، وكثرت قراؤكم، وتفقه لغير الدين، والتمست الدنيا بعمل الآخرة (1).
وروى الترمذي وابن ماجه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تعلم علمًا لغير الله، أو أراد به غير الله؛ فليتبوأ مقعده من النار"(2). وهذا الحديث معناه التهديد والزجر عن طلب الدنيا بعمل الآخرة، وفيه دلالة أن هذا الشخص لا يجد رائحة الجنة في يوم القيامة فقط ويجد ريحها في غير يومه، وطالب العلم لله يجد رائحة الجنة؛ ليقوى بها قلبه وبدنه فيسلي همومه وأشجانه ويسر بذلك، ومن تعلمه لله وللدنيا كان بمعزل عن هذا الوعيد، وتنكير (عرضا) يتناول جميع الأعراض قليلها وكثيرها من الجاه، والمال، والرفعة.
(1)"مصنف عبد الرزاق" 11/ 359 (20742) عن عبد الله بن مسعود ولم أجده فيه عن ابن عباس.
(2)
"سنن الترمذي"(2655) وقال الترمذي: حسن غريب. "سنن ابن ماجه"(258)، وضعفه الشيخ الألباني في "الضعيفة"(5018).