المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌13 - باب في القصص - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌23 - باب اليَمِينِ علَى المُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌24 - باب كَيفَ اليمينُ

- ‌25 - باب إذا كانَ المُدَّعَى عَلَيْه ذِمِّيّا أيَحْلف

- ‌26 - باب الرّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى علْمِه فِيما غاب عَنْهُ

- ‌27 - باب كَيْف يَخلِفُ الذِّميُّ

- ‌28 - باب الرَّجُلِ يحْلِف عَلى حَقِّهِ

- ‌29 - باب في الحبسِ في الدَّيْنِ وَغيْرِهِ

- ‌30 - باب في الوَكالةِ

- ‌31 - باب في القَضاءِ

- ‌كتاب العلم

- ‌1 - باب الحَثِّ عَلَى طَلبِ العِلْمِ

- ‌2 - باب رِوايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌3 - باب في كِتَابةِ العِلْمِ

- ‌4 - باب في التَّشْدِيدِ في الكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللِّه صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - باب الكَلامِ في كِتَابِ الله بغَيْرِ عِلْمٍ

- ‌6 - باب تَكْريرِ الحَدِيثِ

- ‌7 - باب في سَرْدِ الحَدِيث

- ‌8 - باب التَّوَقِّي في الفُتْيا

- ‌9 - باب كَراهِيَةِ مَنْعِ العِلْمِ

- ‌10 - باب فَضْلِ نَشْرِ العِلْمِ

- ‌11 - باب الحَدِيثِ عَنْ بَني إِسْرائِيلَ

- ‌12 - باب في طَلَبِ العِلْمِ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى

- ‌13 - باب في القَصَصِ

- ‌كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

- ‌1 - باب في تَحْرِيمِ الخَمْرِ

- ‌2 - باب العِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في الخَمْرِ تُخَلَّلُ

- ‌4 - باب الخَمْرِ مِمّا هُوَ

- ‌5 - باب النَّهْي عَنِ المُسْكِرِ

- ‌6 - باب في الدّاذيِّ

- ‌7 - باب في الأَوْعِيَةِ

- ‌8 - باب وفد عبد القيس

- ‌9 - باب في الخَلِيطَيْنِ

- ‌10 - باب في نَبِيذِ البُسْرِ

- ‌11 - باب في صِفَةِ النَّبِيذِ

- ‌12 - باب في شَرابِ العَسَلِ

- ‌13 - باب في النَّبِيذِ إِذا غَلَى

- ‌14 - باب في الشُّرْبِ قائِمًا

- ‌15 - باب الشَّرابِ مِنْ فِيِّ السِّقاءِ

- ‌16 - باب في اخْتِناثِ الأَسْقِيَةِ

- ‌17 - باب في الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ

- ‌18 - باب في الشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ

- ‌19 - باب في الكَرْعِ

- ‌20 - باب في السّاقي مَتَى يَشْرَبُ

- ‌21 - باب في النَّفْخِ في الشَّرابِ والتَّنَفُّس فِيهِ

- ‌22 - باب ما يَقُولُ إِذا شَرِبَ اللَّبَنَ

- ‌23 - باب في إِيكاءِ الآنِيَةِ

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌1 - باب ما جاءَ في إجابَةِ الدَّعْوَةِ

- ‌2 - باب في اسْتِحْبابِ الوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكاحِ

- ‌3 - باب في كَمْ تُسْتحَبُّ الوَلِيمَةُ

- ‌4 - باب الإِطْعامِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في الضِّيافَةِ

- ‌6 - باب نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مِنْ مالِ غَيْرِهِ

- ‌7 - باب في طَعامِ المُتَبارِيَيْنِ

- ‌8 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرى مَكْرُوهًا

- ‌9 - باب إِذا اجْتَمَعَ داعِيانِ أَيُّهُما أَحَقُّ

- ‌10 - باب إِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ والعَشاءُ

- ‌11 - باب في غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعامِ

- ‌12 - باب في طَعامِ الفُجاءَةِ

- ‌13 - باب في كَراهِيَةِ ذَمِّ الطَّعامِ

- ‌14 - باب في الاجْتِماعِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌15 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌17 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الجُلُوسِ عَلَى مائِدَةٍ عَليْها بَعْضُ ما يُكْرَهُ

- ‌19 - باب الأَكْلِ بِاليَمِينِ

- ‌20 - باب في أَكْلِ اللَّحْمِ

- ‌21 - باب في أَكْلِ الدُّبّاءِ

- ‌22 - باب في أَكْلِ الثَّرِيدِ

- ‌23 - باب في كَراهِيَة التَّقَذُّر لِلطَّعامِ

- ‌24 - باب النَّهْي عَنْ أَكْلِ الجَلَّالَةِ وَأَلْبانِها

- ‌25 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ

- ‌26 - باب في أَكْلِ الأَرْنَبِ

- ‌27 - باب في أَكْلِ الضَّبِّ

- ‌28 - باب في أَكْل لَحْمِ الحُبَارى

- ‌29 - باب فِي أَكْلِ حَشَراتِ الأَرْضِ

- ‌30 - باب ما لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ

- ‌31 - باب في أَكْلِ الضَّبُعِ

- ‌32 - باب النَّهْي عنْ أَكْلِ السِّبَاعِ

- ‌33 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ

- ‌34 - باب في أَكْلِ الجَرَادِ

- ‌35 - باب في أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ

- ‌36 - باب فِي المُضْطَرِّ إِلَى المَيْتَةِ

- ‌37 - باب في الجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌38 - باب في أَكْل الجُبْنِ

- ‌39 - باب في الخَلِّ

- ‌40 - باب في أَكْلِ الثُّومِ

- ‌41 - باب في التَّمْرِ

- ‌42 - باب فِي تَفْتِيشِ التَّمْرِ المُسَوَّسِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌43 - باب الإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌44 - باب في الجَمْعِ بَيْن لَوْنَيْنِ في الأَكْلِ

- ‌45 - باب الأَكْلِ في آنِيَةِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌46 - باب في دَوابِّ البَحْرِ

- ‌47 - باب فِي الفَأْرَة تَقَعُ فِي السَّمْنِ

- ‌48 - باب في الذُّبابِ يَقَعُ في الطَّعامِ

- ‌49 - باب في اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ

- ‌50 - باب في الخادِمِ يَأْكُلُ مع المَوْلَى

- ‌51 - باب في المِنْدِيلِ

- ‌52 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إذا طَعِمَ

- ‌53 - باب في غَسْلِ اليَدِ من الطَّعامِ

- ‌54 - باب ما جاءَ في الدُّعاءِ لِرَبِّ الطَّعامِ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌كتاب الطب

- ‌1 - باب في الرَّجُلِ يَتَداوى

- ‌2 - باب في الحِمْيَةِ

- ‌3 - باب في الحِجامَةِ

- ‌4 - باب في مَوْضِعِ الحِجامَةِ

- ‌5 - باب مَتَى تُسْتَحَبُّ الحِجامَةُ

- ‌6 - باب في قَطْعِ العِرْقِ وَمَوْضِعِ الحَجْمِ

- ‌7 - باب في الكَي

- ‌8 - باب في السَّعُوطِ

- ‌9 - باب في النُّشْرَةِ

- ‌10 - باب في التِّرْياقِ

- ‌11 - باب في الأَدْوِيَةِ المَكْرُوهَةِ

- ‌12 - باب في تَمْرَةِ العَجْوَةِ

- ‌13 - باب في العِلاقِ

- ‌14 - باب في الأَمْر بِالكُحْلِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في العَيْنِ

- ‌16 - باب في الغَيْلِ

- ‌17 - باب في تَعْلِيقِ التَّمائِمِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الرُّقَى

- ‌19 - باب كَيْفَ الرُّقَى

- ‌20 - باب في السُّمْنَةِ

- ‌21 - باب في الكاهِنِ

- ‌22 - باب في النُّجُومِ

- ‌23 - باب في الخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ

- ‌24 - باب في الطِّيَرَةِ

الفصل: ‌13 - باب في القصص

‌13 - باب في القَصَصِ

3665 -

حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَني عَبّادُ بْنُ عَبّادٍ الخَوّاصُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبي عَمْرٍو السَّيْبانِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ السَّيْبانيِّ، عَنْ عَوْفِ ابْنِ مالِكٍ الأَشْجَعيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يَقُصُّ إِلَّا أَمِيرٌ أَوْ مَأْمُورٌ أَوْ مُخْتالٌ"(1).

3666 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمانَ، عَنِ المُعَلَّى بْنِ زِيادٍ عَنِ العَلاءِ ابْنِ بَشِيرٍ المُزَنيِّ، عَنْ أَبي الصِّدِّيقِ النّاجيِّ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ قَالَ: جَلَسْتُ في عِصابَةِ مِنْ ضُعَفاءِ المُهاجِرِينَ وَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَيَسْتَتِرُ بِبَعْضٍ مِنَ العُري وَقارِئٌ يَقْرَأُ عَلَيْنا إِذْ جاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقامَ عَلَيْنا فَلَمّا قامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَكَتَ القارِئُ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "ما كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ". قُلْنا: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ كانَ قارِئٌ لَنا يَقْرَأُ عَلَيْنا فَكُنّا نَسْتَمِعُ إِلَى كِتابِ اللهِ. قَالَ: فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الحَمْدُ لله الذي جَعَلَ مِنْ أُمَّتي مَنْ أُمِرْتُ أَنْ أَصْبِرَ نَفْسي مَعَهُمْ". قَالَ: فَجَلَسَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسَطَنا لِيَعْدِلَ بِنَفْسِهِ فِينا ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ هَكَذا، فَتَحَلَّقُوا وَبَرَزَتْ وُجُوهُهُمْ لَهُ قَالَ: فَما رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَرَفَ مِنْهُمْ أَحَدًا غَيْرِي. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَبْشِرُوا يا مَعْشَرَ صَعالِيكِ المُهاجِرِينَ بِالنُّورِ التّامِّ يَوْمَ القِيامَةِ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِياءِ النّاسِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَذاكَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ"(2).

3667 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى حَدَّثَني عَبْدُ السَّلامِ -يَعْني: ابن مُطَهَّرٍ أَبُو ظَفَرٍ- حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ خَلَفٍ العَمِّيُّ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعالَى مِنْ صَلاةِ الغَداةِ حَتَّى تَطْلُعَ

(1) رواه أحمد 6/ 22، 27، والبزار (2762).

وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(2020).

(2)

رواه الترمذي (2351)، وابن ماجه (4123)، وأحمد 3/ 63، 96.

وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(40).

ص: 121

الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْماعِيلَ وَلأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً" (1).

3668 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ غِياثٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اقْرَأْ عَليَّ سُورَةَ النِّساءِ". قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". قَالَ: فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ حَتَّى إِذا انْتَهَيْتُ إِلَى قَوْلِهِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} الآيَةَ فَرَفَعْتُ رَأْسي فَإِذا عَيْناهُ تَهْمِلانِ (2).

* * *

باب في القصص

بفتح القاف.

[3665]

(حدثنا محمود بن خالد، حدثنا أبو مسهر)(3) عبد الأعلى ابن مسهر الغساني (حدثنا عباد بن عباد) الرملي الأرسوفي (الخواص) الزاهد، وهو الذي كتب إليه الثوري بالرسالة المشهورة في الآداب والزهد، وثقه ابن معين (4) وأحمد العجلي (5)(عن يحيى بن أبي عمرو السيباني) بفتح السين المهملة، وسكون الياء المثناة تحت، نسبة إلى سيبان بطن من حمير، وهو: سيبان بن الغوث بن سعد، ويحيى هذا هو شامي ثقة،

(1) رواه أبو يعلى (3392)، والبيهقيُّ في "شعب الإيمان"(561)، (562).

وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحة"(2916).

(2)

رواه البخاري (4582)، (5055)، ومسلم (800).

(3)

فوقها في (ل): (ع).

(4)

"تاريخ ابن معين" برواية الدارمي (495).

(5)

"معرفة الثقات" 2/ 16 (838).

ص: 122

يكنى أبا (1) زرعة (عن عمرو بن عبد الله السيباني) بالسين المهملة أيضًا كما تقدم، [كنيته أبو](2) العجماء الحمصي، ذكره ابن حبَّان في "الثقات"(3)(عن عوف بن مالك الأشجعي) كانت معه راية أشجع يوم الفتح.

(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقص) على الناس، لا ينبغي أن يفعل ذلك (إلا أمير) قيل: هذا في الخطبة، كان الخلفاء والأمراء يخطبون فيعظون الناس ويخبرونهم بما مضى من المتقدمين، ويذكرونهم بأيام الله ليعتبروا ويتعظوا.

(أو) يقص (مأمور) بذلك يقيمه الإمام خطيبا، فيكون حكمه حكم الأمير (أو مختال) يعني: أو يكون القاص مختالا يفعل ذلك تكثيرا على الناس، وينصب نفسه لذلك من غير أن يؤمر به طلبا للرئاسة، فهو يرائي بذلك ويختال بذلك في قوله وعلمه، وقيل: إن المتكلمين على الناس ثلاثة: مذكر وواعظ وقاص، فالمذكر يذكر بنعمة الله ويحثهم على شكرها، وواعظ يخوفهم العقوبة، وقاص يروي أخبار الماضين وأيامهم، ويأتي بالقصة على وجهها، كأنه يتبع معانيها وألفاظها، فمن القصص ما ينفع سماعه، ومنها ما يضر سماعه وإن كان صدقا، ومن فتح ذكر القصص على نفسه أخلط عليه الصدق بالكذب، والنافع بالضار، وكذلك قال أحمد بن حنبل: ما أحوج الناس إلى قاص صادق (4)! فإن كانت القصة من قصص الأنبياء فيما

(1) في (ل، م): أبو. والجادة ما أثبتناه.

(2)

في (ل، م): تلميذه أبي، والمثبت من مصادر ترجمته.

(3)

"الثقات" 5/ 179.

(4)

انظر: "الفروع" 4/ 480.

ص: 123

يتعلق بأمر دينهم، وكان صحيح الرواية قال الغزالي: فلا أرى بأسا (1).

[3666]

(حدثنا مسدد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان) الضبعي البصري، نزل في ضبيعة فنسب إليهم، قال ابن معين وغيره: ثقة (2). أخرج له البخاري في "الأدب"(3)(عن المعلي بن زياد) القردوسي، والقراديس حي من الأزد، استشهد به البخاري (عن العلاء بن بشير) بالموحدة، والشين المعجمة (عن أبي الصديق) بكر بن عمرو (الناجي) بالنون والجيم نسبة إلى ناجية بن شامة قبيلة كبيرة.

(عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جلست في عصابة) العصابة: جماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين، لا واحد لها من لفظها. (من ضعفاء المهاجرين) أي: صعاليكهم (إن) بكسر الهمزة والتشديد؛ لأنَّ من المواضع التي تكسر فيها أن تحل محلّ الحال نحو: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} (4) وأكثر النسخ المعتمدة جاءت هكذا بحذف واو الحال، فيصلح هذا أن يكون شاهدا على ذلك.

ومما استشهدوا به على حذف واو الحال في الجملة الاسمية قولهم: نصف النهار الماء غامر. أصله: والماء غامر. والمعنى: انتصف النهار وحمي النهار والحال إن الماء غامر لمن يغوص فيه، والتقدير في الحديث: جلست في عصابة من ضعفاء المهاجرين وإن حال (بعضهم

(1)"إحياء علوم الدين" 1/ 35.

(2)

"تاريخ ابن معين" برواية الدوري 40/ 130.

(3)

"الأدب المفرد"(571).

(4)

الأنفال: 5.

ص: 124

ليستتر) عن رؤية الناظر إليهم (ببعض) حتى لا يرى حالهم (من) كثرة (العري) لشدة فقرهم (وقارئ يقرأ علينا) من كتاب الله ونحن نسمع في المسجد.

(إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام علينا) أي: وقف على رؤوسنا (فلما قام) أي: وقف (رسول الله صلى الله عليه وسلم) عند رؤوسنا (سكت القارئ) عن القراءة استحياء من النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، وليسمع كلامه، وربما ظن أنَّه جاء لحاجة عندهم (فسلم) علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يتكلم (ثمَّ قال: ما كنتم تصنعون؟ ) فيه أن الصناعة لا تختص بعمل اليد، بل تطلق على القول أيضًا والقراءة والاستماع ونحو ذلك (قلنا: يا رسول الله، كان قارئ لنا يقرأ علينا فكنا نستمع إلى كتاب الله) قد يؤخذ منه أن قراءة قارئ على الجماعة والباقون يسمعون أفضل من قراءة الكل جماعة، ولعله كان يقرأ وهم لا يقرؤون، أو يكون أكثرهم حفظا، وأحسنهم صوتا، وأعذبهم لفظا ونغمة، فكانت قراءته واستماعهم أولى.

(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) عند ذلك [(الحمد لله الذي جعل من أمتي) وفي رواية لغير المصنف: "الذي جعل في أمتي"](1)(من أمرت أن أصبر نفسي معهم) هذا الذي أمر به هو قوله تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} أي: احبسها لتثبت جالسة {مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} (2) قال قتادة: هذِه الآية نزلت في أصحاب الصفة، كانوا

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م)، والرواية أخرجها أبو يعلى 2/ 382 (1151)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 342.

(2)

الكهف: 28.

ص: 125

سبعمائة رجل فقراء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرجعون إلى تجارة ولا زرع ولا ضرع، يصلون الصلاة وينتظرون الأخرى.

(قال: فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وسْطنا) أي: بيننا وزنًا ومعنًى، فقد قال جماعة: كل مكان صلح أن يكون موضع (وسط) كلمة (بين) فهو بسكون السين على وزن بين، وكل موضع لا يصلح فيه (بين) فهو بفتح السين، وقيل: كل منهما يقع موقع الآخر، والأكثر التفصيل المذكور، وهذا أشبه (ليعدل) بنصب اللام (بنفسه فينا) أي: ليساوي بنفسه الزكية جلوسه عندنا، من العدل، وهو التسوية، تقول: عدل الشيء بالشيء: إذا ساواه به، ومنه قوله تعالى:{ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (1).

(ثمَّ قال بيده هكذا فتحلقوا) فيه التعليم بالإشارة المفهمة، وفيه جلوس القوم حلقة للذكر وغيره، وإن كان بعضهم مستدبر القبلة، ليصير وجه الشيخ إليهم فيكون لهم كالقبلة (وبرزت) أي: ظهرت (وجوههم له) جميعهم عندما تحلقوا حوله، وصارت وجوههم كلهم إليه.

(قال: فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف) بفتح الراء (منهم أحدا غيري) فيه منقبة لأبي سعيد رضي الله عنه (فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا) بفتح الهمزة (يا معشر) المعشر جماعة الرجال دون النساء (صعاليك المهاجرين بالفوز التام) لكل واحد منهم (يوم القيامة) وإنكم (تدخلون الجنة قبل أغنياء الناس بنصف يوم) من اليوم المذكور في قوله تعالى: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (2)(وذاك) النصف (خمسمائة سنة) من سني الدنيا.

(1) الأنعام: 1.

(2)

السجدة: 5.

ص: 126

وقد أخرج مسلم في "صحيحه" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا"(1). فيجمع بين الحديثين بأن فقراء المهاجرين يسبقون إلى الجنة قبل فقراء المسلمين بهذِه المدة؛ لما لهم من فضل الهجرة وكونهم تركوا أموالهم بمكة رغبة فيما عند الله عز وجل. وقد أخرج الترمذي وابن ماجه: "إن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بخمسمائة عام"(2) وهو نصف يوم عند الله.

[3667]

(حدثنا محمَّد بن المثنى، قال: حدثني عبد السلام بن مطهر) بفتح الهاء المشددة، ابن حسام الأزدي، أخرج له البخاري (3)(حدثنا موسى بن خلف) العمي بفتح العين المهملة، وتشديد الميم، نسبة إلى البطن، وهو بطن من تميم، وهو ثقة عابد، يعد من الأبدال.

(عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لأنَّ) بفتح الهمزة التي بعد لام القسم (أقعد مع قوم يذكرون الله) هذا لا يختص بذكر لا إله إلا الله، بل يلحق به ما في معناه؛ لما روى الإمام أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لأنَّ أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أعتق" الحديث، رواه أحمد بإسناد حسن (4)، والتلاوة في معناه أيضًا (من صلاة الغداة) فيه تسمية الصبح غداة (حتى تطلع الشمس) ثمَّ صلى ركعتين أو أربع

(1)"صحيح مسلم"(2979).

(2)

"سنن الترمذي"(2351)، "سنن ابن ماجه" (4123). قال الترمذي: حسن غريب.

(3)

في موضعين من صحيحه (39)، (6419).

(4)

"مسند أحمد" 5/ 255.

ص: 127

ركعات، جاء مفسرا في بعض الروايات:"أحب إلي من أن أعتق" بضم الهمزة، وكسر التاء (أربعة من ولد إسماعيل) زاد أبو يعلى:"دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفا"(1).

ورواه ابن أبي الدنيا بالشطر الأوّل إلا أنَّه قال: "أحب إلى مما طلعت عليه الشمس".

(ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله) فيه فضيلة الذكر جماعة بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، وظاهر الحديث أن هذِه الفضيلة تحصل لمن جلس مع الذاكرين وإن لم يذكر؛ لأنَّ الاستماع قائم مقام الذكر، وهم القوم لا يشقى جليسهم، (من بعد صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلى من أن أعتق أربعة) من ولد إسماعيل، بيَّن أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار، فقد حصل بعتق رقبة واحدة تكفير جميع الخطايا مع ما يبقى منه من زيادة عتق الرقاب الزائدة على الواحدة، لا سيما من أولاد الأنبياء والمرسلين صلوات الله تعالى عليهم أجمعين (2).

[3668]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا حفص (3) بن غياث) النخعي قاضي الكوفة (عن الأعمش، عن إبراهيم) بن يزيد النخعي

(1)"مسند أبي يعلى" 6/ 119 (3392).

(2)

المفهوم من قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من ولد إسماعيل" أنَّه يعني العرب؛ لأنهم من نسله، ولأن رقابهم أشرف وأكرم من رقاب غيرهم من العجم، وإلا فلِمَ خص أولاد إسماعيل دون غيره من الأنبياء، وهذا هو الذي عليه شارحو الحديث والفقهاء، والله أعلم.

(3)

فوقها في (ل): (ع).

ص: 128

الكوفي (عن عبيدة) بفتح العين، وكسر الباء الموحدة، السلماني، وفيه لطيفة: ثلاثة تابعيون يروي بعضهم عن بعض (عن عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه (قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي سورة النساء) فيه استحباب طلب القراءة من غيره؛ ليسمع منه إذ هو أبلغ في الفهم والتدبر من قراءته بنفسه، وفيه تواضع أهل العلم والفضل، ولو مع أتباعهم كما تقدم قريبا، وجواز قراءة الطالب على الشيخ، والعرض عليه، وتخصيص سورة النساء، لما فيها من هذِه الآي التي فيها انتصاف كل مظلوم ممن ظلمه، ولو مثقال ذرة، والذرة قالوا: ليس لها وزن. وقيل: الذرة: الخردلة الصغيرة. وشهادة كل نبي على أمته، وشهادة النبي صلى الله عليه وسلم على المنافقين ممن رآه وممن لم يره.

(قال: قلت: أقرأ عليك، وعليك أنزل؟ ! ) القرآن، فيه منقبة عظيمة لابن مسعود، وإشارة أكيدة إلى الأخذ بقراءته والعمل بها (قال: إني أحب أن أسمعه من غيري) وإنما أمره بالقراءة عليه؛ ليبين قراءة الطالب على الشيخ؛ ولأن السامع قد يكون يحصل له حضور قلب وتدبر أكثر من قراءة نفسه؛ لاشتغال القارئ بالقراءة وكيفيتها.

(قال ابن مسعود: قرأت عليه) من أول سورة النساء (حتى إذا أتيت إلى قوله تعالى {فَكَيْفَ إِذَا}) ظرف زمان والعامل فيها {جِئْنَا} وموضع {كَيْفَ} نصب بفعل مضمر، التقدير: يكون حالهم في ذلك الزمان ({جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ}) من الأمم المتقدمة ({بِشَهِيدٍ}) يعني: جئنا على كل أمة بنبيها يشهد عليها (الآية، فرفعت رأسي) ولفظ البخاري: حتى بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ

ص: 129

شَهِيدًا} (1) قال: "أمسك" فإذا عيناه تذرفان (2).

وأخرجه مسلم وقال: بدل قوله: "أمسك" فرفعت وغمزني رجل إلى جنبي فرفعت رأسي ودموعه تسيل (3). (فإذا عيناه تهملان) بفتح التاء، وضم الميم من باب: قعد، يقال: همل الدمع والمطر همولا وهملانا: جرى وسال، كما في رواية مسلم، وبكاؤه صلى الله عليه وسلم لعظيم ما تضمنته هذِه الآية، من هول المطلع وشدة الأمر، إذ يؤتى بالأنبياء شهداء على أممهم بالتصديق والتكذيب، ويؤتى به صلى الله عليه وسلم شهيدا على كل هؤلاء.

والإشارة بـ {هَؤُلَاءِ} إلى كفار قريش وغيرهم من الكفار، وإنما خص كفار قريش بالذكر؛ لأنَّ وظيفة العذاب أشهد عليهم منها على غيرهم لشدة عنادهم عند رؤية المعجزات.

آخر كتاب العلم

حامدا لله مستعيذا من خطأ موجب للإثم،

وصلى الله على سيدنا محمَّد وآل محمَّد

الذي كان كالبدر وكل منهم كالنجم،

يتلوه كتاب الأشربة.

(1) النساء: 41.

(2)

"صحيح البخاري"(4582).

(3)

"صحيح مسلم"(800).

ص: 130