المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌24 - باب في الطيرة - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٥

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌23 - باب اليَمِينِ علَى المُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌24 - باب كَيفَ اليمينُ

- ‌25 - باب إذا كانَ المُدَّعَى عَلَيْه ذِمِّيّا أيَحْلف

- ‌26 - باب الرّجُلِ يَحْلِفُ عَلَى علْمِه فِيما غاب عَنْهُ

- ‌27 - باب كَيْف يَخلِفُ الذِّميُّ

- ‌28 - باب الرَّجُلِ يحْلِف عَلى حَقِّهِ

- ‌29 - باب في الحبسِ في الدَّيْنِ وَغيْرِهِ

- ‌30 - باب في الوَكالةِ

- ‌31 - باب في القَضاءِ

- ‌كتاب العلم

- ‌1 - باب الحَثِّ عَلَى طَلبِ العِلْمِ

- ‌2 - باب رِوايَةِ حَدِيثِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌3 - باب في كِتَابةِ العِلْمِ

- ‌4 - باب في التَّشْدِيدِ في الكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللِّه صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - باب الكَلامِ في كِتَابِ الله بغَيْرِ عِلْمٍ

- ‌6 - باب تَكْريرِ الحَدِيثِ

- ‌7 - باب في سَرْدِ الحَدِيث

- ‌8 - باب التَّوَقِّي في الفُتْيا

- ‌9 - باب كَراهِيَةِ مَنْعِ العِلْمِ

- ‌10 - باب فَضْلِ نَشْرِ العِلْمِ

- ‌11 - باب الحَدِيثِ عَنْ بَني إِسْرائِيلَ

- ‌12 - باب في طَلَبِ العِلْمِ لِغَيْرِ اللهِ تَعالى

- ‌13 - باب في القَصَصِ

- ‌كِتَابُ الأَشْرِبَةِ

- ‌1 - باب في تَحْرِيمِ الخَمْرِ

- ‌2 - باب العِنَبِ يُعْصَرُ لِلْخَمْرِ

- ‌3 - باب ما جاءَ في الخَمْرِ تُخَلَّلُ

- ‌4 - باب الخَمْرِ مِمّا هُوَ

- ‌5 - باب النَّهْي عَنِ المُسْكِرِ

- ‌6 - باب في الدّاذيِّ

- ‌7 - باب في الأَوْعِيَةِ

- ‌8 - باب وفد عبد القيس

- ‌9 - باب في الخَلِيطَيْنِ

- ‌10 - باب في نَبِيذِ البُسْرِ

- ‌11 - باب في صِفَةِ النَّبِيذِ

- ‌12 - باب في شَرابِ العَسَلِ

- ‌13 - باب في النَّبِيذِ إِذا غَلَى

- ‌14 - باب في الشُّرْبِ قائِمًا

- ‌15 - باب الشَّرابِ مِنْ فِيِّ السِّقاءِ

- ‌16 - باب في اخْتِناثِ الأَسْقِيَةِ

- ‌17 - باب في الشُّرْبِ مِنْ ثُلْمَةِ القَدَحِ

- ‌18 - باب في الشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ

- ‌19 - باب في الكَرْعِ

- ‌20 - باب في السّاقي مَتَى يَشْرَبُ

- ‌21 - باب في النَّفْخِ في الشَّرابِ والتَّنَفُّس فِيهِ

- ‌22 - باب ما يَقُولُ إِذا شَرِبَ اللَّبَنَ

- ‌23 - باب في إِيكاءِ الآنِيَةِ

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌1 - باب ما جاءَ في إجابَةِ الدَّعْوَةِ

- ‌2 - باب في اسْتِحْبابِ الوَلِيمَةِ عِنْدَ النِّكاحِ

- ‌3 - باب في كَمْ تُسْتحَبُّ الوَلِيمَةُ

- ‌4 - باب الإِطْعامِ عِنْدَ القُدُومِ مِنَ السَّفَرِ

- ‌5 - باب ما جاءَ في الضِّيافَةِ

- ‌6 - باب نَسْخِ الضَّيْفِ يَأْكُلُ مِنْ مالِ غَيْرِهِ

- ‌7 - باب في طَعامِ المُتَبارِيَيْنِ

- ‌8 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرى مَكْرُوهًا

- ‌9 - باب إِذا اجْتَمَعَ داعِيانِ أَيُّهُما أَحَقُّ

- ‌10 - باب إِذا حَضَرَتِ الصَّلاةُ والعَشاءُ

- ‌11 - باب في غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الطَّعامِ

- ‌12 - باب في طَعامِ الفُجاءَةِ

- ‌13 - باب في كَراهِيَةِ ذَمِّ الطَّعامِ

- ‌14 - باب في الاجْتِماعِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌15 - باب التَّسْمِيَةِ عَلَى الطَّعامِ

- ‌16 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌17 - باب ما جاءَ في الأَكْلِ مِنْ أَعْلَى الصَّحْفَةِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الجُلُوسِ عَلَى مائِدَةٍ عَليْها بَعْضُ ما يُكْرَهُ

- ‌19 - باب الأَكْلِ بِاليَمِينِ

- ‌20 - باب في أَكْلِ اللَّحْمِ

- ‌21 - باب في أَكْلِ الدُّبّاءِ

- ‌22 - باب في أَكْلِ الثَّرِيدِ

- ‌23 - باب في كَراهِيَة التَّقَذُّر لِلطَّعامِ

- ‌24 - باب النَّهْي عَنْ أَكْلِ الجَلَّالَةِ وَأَلْبانِها

- ‌25 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الخَيْلِ

- ‌26 - باب في أَكْلِ الأَرْنَبِ

- ‌27 - باب في أَكْلِ الضَّبِّ

- ‌28 - باب في أَكْل لَحْمِ الحُبَارى

- ‌29 - باب فِي أَكْلِ حَشَراتِ الأَرْضِ

- ‌30 - باب ما لَمْ يُذْكَرْ تَحْرِيمُهُ

- ‌31 - باب في أَكْلِ الضَّبُعِ

- ‌32 - باب النَّهْي عنْ أَكْلِ السِّبَاعِ

- ‌33 - باب في أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ

- ‌34 - باب في أَكْلِ الجَرَادِ

- ‌35 - باب في أَكْلِ الطَّافِي مِنَ السَّمَكِ

- ‌36 - باب فِي المُضْطَرِّ إِلَى المَيْتَةِ

- ‌37 - باب في الجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌38 - باب في أَكْل الجُبْنِ

- ‌39 - باب في الخَلِّ

- ‌40 - باب في أَكْلِ الثُّومِ

- ‌41 - باب في التَّمْرِ

- ‌42 - باب فِي تَفْتِيشِ التَّمْرِ المُسَوَّسِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌43 - باب الإِقْرَانِ فِي التَّمْرِ عِنْدَ الأَكْلِ

- ‌44 - باب في الجَمْعِ بَيْن لَوْنَيْنِ في الأَكْلِ

- ‌45 - باب الأَكْلِ في آنِيَةِ أَهْلِ الكِتَابِ

- ‌46 - باب في دَوابِّ البَحْرِ

- ‌47 - باب فِي الفَأْرَة تَقَعُ فِي السَّمْنِ

- ‌48 - باب في الذُّبابِ يَقَعُ في الطَّعامِ

- ‌49 - باب في اللُّقْمَةِ تَسْقُطُ

- ‌50 - باب في الخادِمِ يَأْكُلُ مع المَوْلَى

- ‌51 - باب في المِنْدِيلِ

- ‌52 - باب ما يَقُولُ الرَّجُلُ إذا طَعِمَ

- ‌53 - باب في غَسْلِ اليَدِ من الطَّعامِ

- ‌54 - باب ما جاءَ في الدُّعاءِ لِرَبِّ الطَّعامِ إذا أُكِلَ عِنْدَهُ

- ‌كتاب الطب

- ‌1 - باب في الرَّجُلِ يَتَداوى

- ‌2 - باب في الحِمْيَةِ

- ‌3 - باب في الحِجامَةِ

- ‌4 - باب في مَوْضِعِ الحِجامَةِ

- ‌5 - باب مَتَى تُسْتَحَبُّ الحِجامَةُ

- ‌6 - باب في قَطْعِ العِرْقِ وَمَوْضِعِ الحَجْمِ

- ‌7 - باب في الكَي

- ‌8 - باب في السَّعُوطِ

- ‌9 - باب في النُّشْرَةِ

- ‌10 - باب في التِّرْياقِ

- ‌11 - باب في الأَدْوِيَةِ المَكْرُوهَةِ

- ‌12 - باب في تَمْرَةِ العَجْوَةِ

- ‌13 - باب في العِلاقِ

- ‌14 - باب في الأَمْر بِالكُحْلِ

- ‌15 - باب ما جاءَ في العَيْنِ

- ‌16 - باب في الغَيْلِ

- ‌17 - باب في تَعْلِيقِ التَّمائِمِ

- ‌18 - باب ما جاءَ في الرُّقَى

- ‌19 - باب كَيْفَ الرُّقَى

- ‌20 - باب في السُّمْنَةِ

- ‌21 - باب في الكاهِنِ

- ‌22 - باب في النُّجُومِ

- ‌23 - باب في الخَطِّ وَزَجْرِ الطَّيْرِ

- ‌24 - باب في الطِّيَرَةِ

الفصل: ‌24 - باب في الطيرة

‌24 - باب في الطِّيَرَةِ

3910 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِيسَى ابْنِ عاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"الطِّيَرَةُ شِرْكٌ الطِّيَرَةُ شِرْكٌ -ثَلاثًا- وَما مِنّا إِلَاّ ولكنَّ اللَّه يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ"(1).

3911 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُتَوَكِّلِ العَسْقَلاني والحَسَنُ بْنُ عَلي، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا عَدْوى وَلا طِيَرَةَ وَلا صَفَرَ وَلا هامَةَ". فَقالَ أَعْرابي: ما بالُ الإِبِلِ تَكُونُ في الرَّمْلِ كَأَنَّها الظِّباءُ فَيُخالِطُها البَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُها قالَ: "فَمَنْ أَعْدى الأَوَّلَ؟ ".

قالَ مَعْمَرٌ: قالَ الزُّهْري: فَحَدَّثَني رَجُلٌ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ". قالَ: فَراجَعَهُ الرَّجُلُ فَقالَ أَليْسَ قَدْ حَدَّثْتَنا أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ: "لا عَدْوى وَلا صَفَرَ وَلا هامَةَ؟ ". قالَ: لَمْ أُحَدِّثْكُمُوهُ.

قالَ الزُّهْري: قالَ أبو سَلَمَةَ: قَدْ حَدَّثَ بِهِ وَما سَمِعْتُ أَبا هريرَةَ نَسي حَدِيثًا قَطُّ غَيْرَهُ (2).

3912 -

حَدَّثَنا القَعْنَبي، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْني: ابن مُحَمَّدٍ-، عَنِ العَلاءِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لا عَدْوى وَلا هامَةَ وَلا نَوْءَ وَلا صَفَرَ"(3).

3913 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ البَرْقي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الحَكَمِ حَدَّثَهُمْ قالَ: أَخْبَرَنا يَحْيَى بْنُ أيُّوبَ، حَدَّثَني ابن عَجْلانَ، حَدَّثَني القَعْقاعُ بْنُ حَكِيمٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ

(1) رواه الترمذي (1614)، وابن ماجه (3538)، وأحمد 1/ 389.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(429)

(2)

رواه البخاري (5717)، ومسلم (2220/ 101).

(3)

رواه مسلم (2220/ 102).

ص: 670

مِقْسَمٍ وَزَيْدُ بْن أَسْلَمَ، عَنْ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا غُولَ"(1).

3914 -

قالَ أبو داوُدَ: قُرِئَ عَلَى الحارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنا شاهِدٌ، أَخْبَرَكُمْ أَشْهَبُ قالَ: سُئِلَ مالِكٌ عَنْ قَوْلِهِ: "لا صَفَرَ". قالَ إِنَّ أَهْلَ الجاهِلِيَّةِ كَانُوا يُحِلُّونَ صَفَرَ يُحِلُّونَهُ عامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عامًا فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "لا صَفَرَ"(2).

3915 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُصَفَّى، حَدَّثَنا بَقِيَّةُ قالَ: قُلْتُ لِمُحَمَّدٍ -يَعْني: ابن راشِدِ- قَوْلُهُ: "هامَ". قالَ: كانَتِ الجاهِلِيَّةُ تَقُولُ: لَيْسَ أَحَدٌ يَمُوتُ فَيُدْفَنُ إِلَّا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ هامَةٌ. قُلْتُ: فَقَوْلُهُ: صَفَرَ. قالَ: سَمِعْتُ أَنَّ أَهْلَ الجاهِلِيَّةِ يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَرَ فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "لا صَفَرَ". قالَ مُحَمَّدٌ: وَقَدْ سَمِعْنا مَنْ يَقُول هُوَ وَجَعٌ يَأْخُذُ في البَطْنِ فَكانُوا يَقُولُونَ هُوَ يُعْدي فَقالَ: "لا صَفَرَ"(3).

3916 -

حَدَّثَنا مُسْلِمٌ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا عَدْوى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْحِبُني الفَأْلُ الصّالِحُ والفَأْلُ الصّالِحُ الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ"(4).

3917 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا وُهَيْبٌ، عَنْ سُهَيْلِ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبي هريرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ كَلِمَةَ فَأَعْجَبَتْهُ فَقالَ:"أَخَذْنا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ"(5).

3918 -

حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ، حَدَّثَنا أبو عاصِمٍ، حَدَّثَنا ابن جُرَيْجٍ، عَنْ عَطاءٍ

(1) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 308.

وصححه الألباني.

(2)

قال الألباني: صحيح مقطوع.

(3)

قال الألباني: صحيح مقطوع.

(4)

رواه البخاري (5756)، ومسلم (2224).

(5)

رواه أحمد 2/ 388.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(726).

ص: 671

قالَ: يَقُولُ النّاسُ الصَّفَرُ وَجَعٌ يَأْخُذُ في البَطْنِ. قُلْتُ: فَما الهامَةُ؟ قالَ: يَقُولُ النّاسُ: الهامَةُ التي تَصْرُخُ هامَةُ النّاسِ وَلَيْسَتْ بِهامَةِ الإِنْسانِ إِنَّما هي دابَّةٌ (1).

3919 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ المَعْنَى، قالا: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابِتٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عامِرٍ، قالَ أَحْمَدُ القُرَشي: قالَ ذُكِرَتِ الطِّيَرَة عِنْدَ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقالَ: "أَحْسَنُها الفَأْلُ وَلا تَرُدُّ مُسْلِمًا فَإِذَا رَأى أَحَدُكُمْ ما يَكْرَهُ فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ لا يَأْتي بالحَسَناتِ إِلَّا أَنْتَ وَلا يَدْفَعُ السّيِّئاتِ إِلَّا أَنْتَ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِكَ"(2).

3920 -

حَدَّثَنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا هِشامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كانَ لا يَتَطيَّرُ مِنْ شَيء وَكانَ إِذا بَعَثَ عامِلًا سَأَلَ عَنِ اسْمِهِ فَإذا أَعْجَبَهُ اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئي بِشْرُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئي كَراهِيَةُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ، وَاذا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنِ اسْمِها فَإِنْ أَعْجَبَهُ اسْمُها فَرِحَ بِها وَرُئي بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، وَإِنْ كَرِهَ اسْمَها رُئي كَراهِيَةُ ذَلِكَ في وَجْهِهِ (3).

3921 -

حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا أَبانُ، حَدَّثَني يَحْيَى أَنَّ الحَضْرَمي ابْنَ لاحِقٍ حَدَّثَهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسيَّبِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقُولُ:"لا هامَةَ وَلا عَدْوى وَلا طِيَرَةَ، وَإِنْ تَكُنِ الطِّيَرَةُ في شَيء فَفي الفَرَسِ والمَرْأَةِ والدّارِ"(4).

(1) قال الألباني: صحيح مقطوع.

(2)

رواه البيهقي في "الكبرى" 8/ 139، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 262.

وقال الألباني في "الضعيفة"(1619): ضعيف الإسناد.

(3)

رواه أحمد 5/ 347.

وصححه الألباني.

(4)

رواه أحمد 1/ 174.

وصححه الألباني في "الصحيحة"(789).

ص: 672

3922 -

حَدَّثَنا القَعْنَبي، حَدَّثَنا مالِكٌ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ حَمْزَةَ وَسالِمِ ابني عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"الشُّؤْمُ في الدّارِ والمَرْأَةِ والفَرَسِ".

قالَ أَبُو داوُدَ: قُرِئَ عَلَى الحارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنا شاهِدٌ أَخْبَرَكَ ابن القاسِم قالَ: سُئِلَ مالِكٌ عَنِ الشُّؤْمِ في الفَرَسِ والدّارِ قالَ: كَمْ مِنْ دارٍ سَكَنَها ناسٌ فَهَلَكَوا ثُمَّ سَكَنَها آخَرُونَ فَهَلَكوا، فهذا تَفْسِيرُهُ فِيما نَرى، واللَّه أَعْلَمُ.

قالَ أَبُو داوُدَ: قالَ عُمَرُ رضي الله عنه حَصِيرٌ في البَيْتِ خَيْرٌ مِنَ امْرَأَةٍ لا تَلِدُ (1).

3923 -

حَدَّثَنا مَخْلَدُ بْنُ خالِدٍ وَعَبّاسٌ العَنْبَري، قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَحِيرٍ، قالَ: أَخْبَرَني مَنْ سَمِعَ فَرْوَةَ بْنَ مُسَيْكٍ قالَ: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضٌ عِنْدَنا يُقالُ لَها أَرْضُ أَبْيَنَ هي أَرْضُ رِيفِنا وَمِيرَتِنا، وَإِنَّها وَبِئَةٌ أَوْ قالَ: وَباؤُها شَدِيدٌ. فَقالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "دَعْها عَنْكَ فَإِنَّ مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ"(2).

3924 -

حَدَّثَنا الحَسَنُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنا بِشْرُ بْن عُمَرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمّارٍ، عَنْ إِسْحاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ قالَ: قالَ رَجُلٌ يا رَسُولَ اللَّهِ إِنّا كُنّا في دارٍ كَثِيرٌ فِيها عَدَدُنا، وَكَثِيرٌ فِيها أَمْوالُنا، فَتَحَوَّلْنا إِلَى دارٍ أُخْرى فَقَلَّ فِيها عَدَدُنا وَقَلَّتْ فِيها أَمْوالُنا. فَقالَ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"ذَرُوها ذَمِيمَةً"(3).

3925 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أَبي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنا مُفَضَّلُ بْنُ فَضالَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

(1) رواه البخاري (2858)، مسلم (2225).

(2)

رواه أحمد 3/ 451.

وضعفه الألباني في "الضعيفة"(1720).

(3)

رواه البخاري في "الأدب المفرد"(918)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 140.

وحسنه الألباني في "المشكاة"(4589).

ص: 673

أَخَذَ بِيَدِ مَجْذومٍ فَوَضَعَها مَعَهُ في القَصْعَةِ وقالَ: "كُلْ ثِقَةً باللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ"(1)

* * *

باب في الطيرة

[3910]

(حدثنا محمد بن كثير) العبدي (ثنا سفيان) الثوري (عن سلمة بن كهيل، عن عيسى بن عاصم) الأسدي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(2).

(عن زر بن حبيش، عن عبد اللَّه بن مسعود رضي الله عنه الطيَرة) بكسر الطاء، وفتح الياء كما تقدم (شرك) لفظ الترمذي:"من الشرك"(3)(الطِّيَرة شرك) قالها (ثلاثًا) وللترمذي وابن ماجه وابن حبان من غير تكرار (4)(وما منا) أحد (إلا) تفاءل. كذا في "المصابيح"، ولم أجد تفاءل في السنن.

قال الحافظ أبو القاسم الأصبهاني والمنذري وغيرهما: في الحديث إضمار، والتقدير: وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، يعني: قلوب (5) أمته (6). وقيل: معناه: ما منا إلا من يعتريه التطير، وسبق إلى

(1) رواه الترمذي (1817)، وابن ماجه (3542).

(2)

7/ 231.

(3)

"سنن الترمذي"(1614).

(4)

"سنن الترمذي"(1614)، "سنن ابن ماجه"(3538)، "صحيح ابن حبان" 13/ 491 (6122).

(5)

في (ل)، (م): يكون.

(6)

"الترغيب والترهيب" لأبي القاسم الأصبهاني 1/ 418، "الترغيب والترهيب" للمنذري 5/ 25.

ص: 674

قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصارًا واعتمادًا على فهم السامع (1).

(ولكن اللَّه تعالى يذهبه) وإنما جعل الطيرة من الشرك؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن التطير يجلب لهم نفعًا، أو يدفع عنهم ضررًا إذا عملوا بموجبه، فكأنهم أشركوه مع اللَّه تعالى، ولكن ابن آدم إذا تطير وخطر له عارض التطير أذهبه (بالتوكلل) على اللَّه عز وجل، وأعرض عن هذا الخاطر بالالتجاء إلى اللَّه تعالى والتفويض إليه، ولم يعمل بما خطر له سلم من ذلك، ولم يؤاخذه اللَّه بما عرض له من التطير.

قال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث سلمة. قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان سليمان بن حرب يقول في قوله: (وما منا إلا ولكن يذهبه بالتوكل). قال سليمان: هذا عندي قول عبد اللَّه بن مسعود (2). قال المنذري: الصواب ما ذكره البخاري وغيره أن قوله: (وما منا. . .) إلى آخره من كلام ابن مسعود مدرج آخر الحديث غير مرفوع (3).

[3911]

(حدثنا محمد بن المتوكل) بن عبد الرحمن (العسقلاني) قال إبراهيم بن الجنيد عن ابن معين: ثقةٌ (4). وقال ابن حبان في "الثقات": كان من الحفاظ (5).

(1)"معالم السنن" 4/ 215.

(2)

"سنن الترمذي" عقب حديث (1614).

(3)

"الترغيب والترهيب" 5/ 25.

(4)

"سؤالات إبراهيم بن الجنيد لابن معين"(554).

(5)

9/ 88.

ص: 675

(والحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن الزهري، (عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا عدوى) أي: المرض، والعاهة، لا تعدي بطبعها، بل بفعل اللَّه. يقال (1): والعدوى اسم من الإعداء، كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء. ويقال: أعداه الداء يعديه إعداء، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء، وذلك أن يكون ببعير جرب مثلًا، فيتقي مخالطته بإبل أخرى حذار (2) أن يتعدى بما به من الجرب فيصيبها ما أصابه، وقد أبطله الإسلام، لأنهم كانوا يظنون أن الجرب بنفسه يعدي، وأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس الأمر كذلك، وإنما اللَّه هو الذي يمرض وينزل الداء، ولهذا جاء في الحديث:"فمن أعدى الأول؟ ! "(3).

(ولا صَفَر) بفتح الفاء، قيل: هو ما كانت الجاهلية تعتقده أن في البطن دابة كالحية تهيج عند جوع الآدمي وتؤذيه، وأبطل الإِسلام هذا.

وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، وهو تأخير شهر المحرم إلى صفر، ويجعلون صفرًا هو الشهر الحرام، فأبطله اللَّه في الإِسلام.

(ولا هامَة) بتخفيف الميم على المشهور، ورجح القرطبي التشديد (4)، وفيه تأويلان، أحدهما: أن العرب كانت تتشاءم بالهامة،

(1) ساقطة من (ل)، (م).

(2)

في (ل)، (م): حذارًا.

(3)

رواه البخاري (5717)، (5770)، ومسلم (2220) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.

(4)

"المفهم" 5/ 622.

ص: 676

وهي الطائر المعروف من طير الليل، قيل: هي البومة، كانوا إذا سقطت على دار أحدهم رآها ناعية له نفسه أو بعض أهله. هذا تفسير مالك (1).

والثاني: أن العرب كانت تعتقد أن روح الآدمي، وقيل: عظامه تنقلب هامة تطير، ويسمونها الصدى، وقيل: روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تفسير هامة، فتقول: اسقوني. فإذا أدرك. بثأره طارت. والثاني قول أكثر العلماء.

(فقال أعرابي: ) لم يعرف اسمه (ما بال الإبل تكون في الرمل) لفظ البخاري في رواية: فقام أعرابي فقال: رأيت الإبل تكون في الرمال (2)(كأنها الظباء) من حسن جسمها وسرعة نشاطها وقوتها وسلامتها من الداء (فيخالطها البعير الأجرب) في كتب الطب أن الجرب خلط غليظ يحدث تحت الجلد يكون معه بثور (فيُجربها) بضم (3) المثناة تحت، ولفظ مسلم:"فيجيء البعير الأجرب، فيدخل فيها فيجربها كلها"(4).

وبيانه أنهم كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل في الأصحاء أمرضهم وأعداهم، وكذلك في الإبل، فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وأبطله، ثم إنهم لما أوردوا على النبي صلى الله عليه وسلم الشبهة الحاملة لهم على ذلك في الإبل، فأقطع النبي صلى الله عليه وسلم حجتهم وأزاح شبهتهم بكلمة واحدة، وهي أن (قال: فمن

(1) انظر: "التمهيد" 24/ 199.

(2)

"صحيح البخاري"(5775).

(3)

في (ل)، (م): بلفظ.

(4)

"صحيح مسلم"(2220).

ص: 677

أعدى) الجمل (الأول؟ ! ) ومعنى ذلك أن البعير الأجرب الذي أجرب هذِه الصحاح -على زعمهم- من أين جاءه الجرب؟ من قبل نفسه أم من بعير آخر؟ ! فيلزم التسلسل، فظهر أن الذي فعل الأول والثاني هو اللَّه تعالى الخالق لكل شيء، وهذِه الشبهة التي وقعت لهؤلاء هي التي وقعت للطبائعيين أولًا وللمعتزلة ثانيًا، فقال الطبائعيون بتأثيرات الأشياء بعضها في بعض وإيجادها إياها، وسموا المؤثر طبيعة.

وقالت المعتزلة ذلك في أفعال الحيوانات والمتولدات. وقالوا: إن قدرهم مؤثرة فيها الإيجاد، وأنهم خالقو أفعالهم مستقلون باختراعها كما هو مقرر في علم الكلام، وفيه دليل على جواز مشافهة من وقعت له شبهة في اعتقاده بذكر البرهان العقلي إذا كان السائل أهلًا لفهمه.

(قال الزهري: رجل) أبو سلمة أو غيره (عن أبي هريرة رضي الله عنه) ولمسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف حدثه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى". وحدثني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لا يورد ممرض على مصح". قال أبو سلمة: وكان أبو هريرة يحدث بهما كليهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. ثم صمت أبو هريرة عند ذلك عن قوله: "لا عدوى"، وأقام على أن لا يورد ممرض على مصح (1).

(أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: لا يورِدَنَّ) بكسر الراء، وفتح الدال، ونون التوكيد الثقيلة.

(مُمْرِض) بضم الميم الأولى، وسكون الثانية، وكسر الراء، ومفعول

(1)"صحيح مسلم"(2221).

ص: 678

مورد محذوف، التقدير: لا يورد صاحب الإبل المراض إبله المراض (على مصِح) بكسر الصاد، أي: على صاحب الإبل الصحاح، والمراد بالممرض صاحب الإبل المراض، وبالمصح صاحب الإبل الصحاح.

قال ابن بطال: قوله (لا عدوى) إعلام بأنها لا حقيقة لها، وأما النهي فلئلا يتوهم المصح أن مرضها حدث من أجل ورد المريض عليها، فيكون داخلًا بتوهمه ذلك في تصحيح ما أبطله النبي صلى الله عليه وسلم من العدوى (1).

وقال النووي: المراد بقوله: (لا عدوى) نفي ما كانوا يعتقدونه أن المرض يعدي بطبعه، ولم ينف حصول المرض عند ذلك بقدرة اللَّه وفعله، وبقوله:(لا يورد) الإرشاد إلى مجانبة ما يجعل الضرر عنده في العادة بفعل اللَّه وقدره (2).

وقيل: النهي ليس للعدوى بل للتأذي بالرائحة الكريهة ونحوه.

(قال: فراجعه) الزهري (الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى، ولا صفر، ولا هامة. قال: لم أحدثكموه) تركه التحدث به يحتمل أوجهًا، أحدها: النسيان كما سيأتي، ثانيها: أنهما لما كانا خبرين متعارضين لا ملازمة بينهما جاز للمحدث أن يحدث بأحدهما ويسكت عن الآخر حسبما تدعو إليه الحاجة، ثالثها: أن يكون خاف اعتقاد جاهل يظنهما متناقضين؛ فسكت عن أحدهما،

(1)"شرح ابن بطال" 9/ 450.

(2)

"شرح مسلم" 1/ 35، 14/ 213 - 214.

ص: 679

حتى إذا أمن من ذلك حدث بهما جميعًا، رابعها: أن يكون حمله على ذلك وجه غير ما ذكرنا لم يطلع عليه أحد.

(قال الزهري: قال أبو سلمة) بن عبد الرحمن (فحدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثًا قط غيره) فإن قلت: تقرر في حديث أبي هريرة وحفظه العلم: قال: فما نسيت شيئًا بعد (1). أي: بعد بسط الرداء بين يدي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. أجيب بأن قوله: (ما سمعت أبا هريرة نسي) لا يلزم من سماعه النسيان نسيانه؛ لما في "صحيح مسلم": لا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين (2)؟ !

[3912]

(حدثنا) عبد اللَّه (القعنبي، ثنا عبد (3) العزيز بن محمد) الدراوردي (عن العلاء) بن عبد الرحمن أبي شبل مولى الحرقة، أخرج له مسلم، أحد علماء المدينة (4).

(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني مولى الحرقة، أخرج له مسلم (عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا عدوى) (لا) في هذا الحديث وإن كانت نفيًا لما ذكر بعدها فمعناه النهي عن الالتفات لتلك الأمور والاعتناء بها؛ لأنها في أنفسها ليست بصحيحة، إنما هي من أوهام جهال العرب.

(ولا هامة) بتخفيف الميم كما تقدم (ولا نَوْء) بفتح النون وسكون

(1) رواه البخاري (119).

(2)

(2221) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.

(3)

فوقها في (ل)، (ح):(ع).

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 8/ 166 (336).

ص: 680

الواو ثم همزة يعدها، كقولهم: مطرنا بنوء كذا. وحديث عمر: كم بقي من نوء الثريا (1).

والأنواء ثمانية وعشرون [منزلة، ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها، ويسقط في المغرب كل ثلاث عشرة](2) ليلة منزلة مع طلوع الفجر، وتطلع أخرى مقابلها ذلك الوقت في الشرق، فيسقط جميعها مع انقضاء السنة، وكانت العرب تزعم أن مع سقوط منزلة وطلوع رقيبها يكون مطر؛ فينسبون إليها ويقولون:[مطرنا بنوء](3) كذا (ولا صَفَر) بفتح الفاء كما مر.

[3913]

(حدثنا محمد) بن عبد اللَّه (بن عبد الرحيم) بن سعية بن أبي زرعة مولى بني زهرة (بن البَرْقِي) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وكسر القاف، نسبة إلى برقة من أول بلاد المغرب، كان محمد وأخواه أحمد وعبد الرحيم يتجرون إلى برقة؛ فنسبوا إليها، ومحمد هذا وثقه ابن يونس (4) (أن سعيد (5) بن عبد الحكم) (6) بن أبي محمد الجمحي (حدثهم قال: أنا يحيى بن أيوب) الغافقي المصري (حدثني) محمد (ابن عجلان قال: حدثني القعقاع بن حكيم) بفتح الحاء -هو الكناني-

(1) رواه الحميدي في "مسنده" 2/ 201 (1009)، والبيهقي 3/ 359 موقوفًا على عمر.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(3)

في (ح): مطرنوء.

(4)

انظر: "تهذيب الكمال" 25/ 504 (5358)، "الكاشف" 2/ 188 (4961)، "تهذيب التهذيب" 3/ 609.

(5)

فوقها في (ل)، (ح):(ع).

(6)

كذا في الأصول. وهو خطأ، والصواب: سعيد بن الحكم. وانظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 10/ 391.

ص: 681

أخرج له مسلم (1)(وعُبَيْد اللَّه) بالتصغير (ابن مِقْسَم) بكسر الميم، وفتح السين، مولى ابن أبي نَمِر القرشي المدني، أخرج له الشيخان (وزيد ابن أسلم، عن أبي صالح) ذكوان السمان.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه رضي الله عنه قال: لا) زاد مسلم فقال: "لا عدوى ولا طيرة ولا"(2)(غُول) بضم الغين المعجمة، كانت العرب تتحدث أن الغيلان تتراءى للناس في الفلوات، فتتغول لهم، أي: تتلون لهم تلونًا؛ فتضلهم عن الطريق فتهلكهم. قال الجوهري: الغُول بالضم: السعالي، الجمع أغوال وغيلان، وكل ما اغتال الإنسان فأهلكه فهو غول (3).

ومقصود الحديث إبطال ما كانت العرب تقوله وتعتقده في هذِه الأمور، فلا يلتفت لشيء من ذلك لا بالقلب ولا باللسان.

[3914]

(قال) المصنف (قرئ على الحارث بن مسكين) أبي عمرو الأموي مولى مروان المصري الفقيه. قال الخطيب: كان ثبتًا في الحديث، فقيهًا على مذهب مالك (4).

(وأنا شاهد) عنده، فقيل (أخبركم أشهب) بن عبد العزيز بن داود القيسي المصري (5) الفقيه، أحد الأعلام (قال: سئل مالك) بن أنس (عن قوله صلى الله عليه وسلم: لا صفر) ما معناه؟ (قال: إن أهل الجاهلية كانوا

(1)"صحيح مسلم"(629، 2014، 2709).

(2)

"صحيح مسلم"(2222) من حديث جابر مرفوعًا.

(3)

"الصحاح" 5/ 1786.

(4)

"تاريخ بغداد" 8/ 216 (4331)

(5)

ساقطة من (ل)، (م).

ص: 682

يحلون) بضم أوله شهر (صفر) كانت العرب تحرم الأشهر الأربعة، وكانوا أصحاب حروب وغارات، وربما كان يشق عليهم أن يمكثوا ثلاثة أشهر متوالية لا يغيرون فيها، فكانوا يؤخرون تحريم المحرم إلى صفر فيحرمونه، ثم يردون التحريم إلى المحرم، ولا يفعلون ذلك إلا في ذي الحجة إذا اجتمعت العرب للموسم، فينادي منادٍ أن افعلوا ذلك لحرب أو لحاجة (يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا) قال ابن عباس: إذا قاتلوا فيه أحلوه وحرموا مكانه صفرًا، وإذا لم يقاتلوا فيه حرموه ليواطئوا عدة ما حرم اللَّه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) عند ذلك (لا صفر) أي: لا تؤخروا المحرم إلى صفر.

[3915]

(حدثنا محمد بن المُصفَّى) بضم الميم، وتشديد الفاء، ابن بهلول القرشي الحمصي، قال أبو حاتم: صدوق (1). قال محمد بن عوف الطائي: رأيته في النوم، فقلت: إلام صرت؟ فقال: إلى خير، ونرى اللَّه كل يوم مرتين، فقلت: صاحب سنة في الدنيا، وصاحب سنة في الآخرة، فتبسم (2).

(ثنا بقية) بن الوليد (قال: قلت لمحمد بن راشد) المكحولي الدمشقي: ما معنى (3)(قوله: هام؟ قال: كانت (4) الجاهلية تقول: ليس أحد يموت فيدفن) في قبره (إلا خرج من قبره هامة) تشبه الحية (قلت:

(1)"الجرح والتعديل" 8/ 104 (446)، "تهذيب الكمال" 26/ 468 (5613).

(2)

"الثقات" لابن حبان 9/ 101، "تهذيب الكمال" 26/ 469 (5613).

(3)

بعدها في (ل، م): قوله: لا.

(4)

ساقطة من (ل)، (م).

ص: 683

فقوله) لا (صفر. قال: سمعت أن أهل الجاهلية يستشْئمون) وزنه يستفعلون من الشؤم، فإنه بهمزة مكسورة بعد سكون الشين المعجمة (بصفر) ويكرهونه كما يكرهون الشتم، ويتخذون فيه الشؤم، فأبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:(لا صفر) أي: لا شؤم فيه، فلا تتخذوا الشؤم فيه.

(قال محمد) بن راشد (وقد سمعنا من يقول: ) عن الصفر (هو وجع يأخذ في البطن) أي: بطن الإنسان عند الجوع يجد كأن دودًا ينهش في بطنه (فكانوا يقولون: هو يَعْدِي) بفتح أوله، بل كانت تراه أعدى من الجرب، وأنه يعدي كما يعدي الجرب، وأنشدوا:

ولا يتأرى لما في القِدْر يرقبه

ولا بعض على شرسوفه الصفر (1)

وإلى هذا التفسير ذهب مطرف وابن وهب وابن حبيب (2)، وهو اختيار أبي عبيدة (3).

[3916]

(حدثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي (ثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأْل) بسكون الهمزة بعد الفاء، جمعه فُؤول بضم الفاء والهمزة (4)، وقد أولع الناس بترك الهمز في المفرد، والفأل يكون في

(1) هذا البيت لأعشى باهلة (بحر البسيط) من قصيدة يرثي بها أخًا له يقال له: المنتشر. انظر: "الإمتاع والمؤانسة" 2/ 200.

(2)

انظر: "غريب الحديث" 1/ 26.

(3)

انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين" 1/ 307.

(4)

السابق.

ص: 684

الخير، كما أن الطيرة تكون في الشر.

وذكر الأصمعي: قلت لابن عون (1): ما الفأل؟ قال: أن تكون مريضًا، فتسمع من يقول: يا سالم. فتتفاءل به، أو تكون طالب ضالة، فتسمع من يقول: يا واجد. فتتفاءل به (2). ولهذا جاء في الحديث: "ويعجبني الفأل الصالح"(3).

قيل: (و) ما (الفأل الصالح؟ ) قال: هو (الكلمة الحسنة) يسمعها الإنسان وإنما كان يعجبه الفأل؛ لأن الناس إذا أملوا فائدة اللَّه ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي فهم حينئذٍ على خير ولو غلطوا في جهة الرجاء، فإن الرجاء لهم خير، وإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من اللَّه كان ذلك من الشر، والطيرة فيها ظن السوء باللَّه وتوقع البلاء.

[3917]

(حدثنا موسى بن إسماعيل) الأزدي (4)(ثنا وهيب)(5) بن خالد الباهلي (عن سهيل) بن أبي صالح، ذكوان (عن رجل، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته) لكونها حسنة [(فقال: أخذنا فألك من فيك) فيه حذف تقديره: قد أخذنا فألك

(1) في جميع النسخ الخطية: معين. والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

رواه ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 72 - 73، 192، والطيوري في "الطيوريات"(799).

(3)

رواه البخاري (5756) بهذا اللفظ من حديث أنس أيضًا.

(4)

كذا في الأصول: الأزدي. ولم أجد في ترجمة موسى بن إسماعيل شيخ أبي داود هذِه النسبة. انظر: "تهذيب الكمال" 29/ 21.

(5)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

ص: 685

الحسن يا أيها المتكلم] (1) من فيك، وإن لم تقصد خطابنا. وروى ابن السني عن كثير بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقول: يا خضرة. قال: "أخذنا فألك من فيك"(2).

[3918]

(حدثنا يحيى بن خلف) الباهلي، أخرج له مسلم (3)(حدثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (ثنا) عبد الملك (ابن جريج، عن عطاء) بن أبي رباح (قال: يقول الناس): إن (الصفر) هو (وجع يأخذ في البطن. قلت): فما (الهامة؟ قال: يقول الناس: الهامة التي تصرخ) هي (هامة الناس) التي تصرخ لهم وتنزل في بيوتهم يتشاءمون بها (وليست بهامة الإنسان) التي تخرج من عظام الميت أو رأسه وتنقلب فتصير هامة تطير، ويسمى ذلك الطائر الصدى، قال لبيد:

فليس الناس بعدك في نقير

ولا هم [غير](4) أصداء وهام (5)

(إنما هي دابة) معروفة تسمى البوم.

[3919]

(حدثنا أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة، قالا: ثنا وكيع، عن سفيان) بن سعيد الثوري (عن حبيب (6) بن أبي ثابت)

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(2)

"عمل اليوم والليلة"(290).

(3)

(218، 2203).

(4)

ساقطة من النسخ الخطية، وأثبتناها من كتب اللغة والأدب.

(5)

انظر: "حياة الحيوان الكبرى" 2/ 375.

(6)

فوقها في (ح): (ع).

ص: 686

الأسدي مولاهم الكوفي (عن عروة بن عامر) القرشي، ذكره ابن حبان في "الثقات" (1) (قال أحمد) بن حنبل في روايته عروة بن عامر (القرشي) وقيل فيه: الجهني. حكاه البخاري (2)، ذكر البخاري وغيره أنه سمع من ابن عباس (3)؛ فعلى هذا يكون الحديث مرسلًا.

(قال: ذُكرت الطِيَرة) بكسر الطاء وفتح الياء (عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها) أي: أحسن أنواع الطيرة، فجعل الطيرة جنس تحته أنواع، وأحسن هذِه الأنواع (الفأل) بالكلمة الحسنة يسمعها. والطيرة جنس، والفأل نوع من هذا الجنس. (ولا ترُدّ) بضم الراء وتشديد الدال المهملة (مسلمًا) فمن كامل الإِسلام فرأى شيئًا يتطير منه فلا يرجع عن حاجته، لما روى ابن السني في "عمل اليوم والليلة" عن عبد اللَّه بن عمرو: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من رجعته الطيرة من حاجته فقد أشرك". قالوا: وما كفارة ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: "يقول أحدكم: اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك"(4).

ورواه البيهقي وزاد في آخره: "ولا حول ولا قوة إلا بك". قال كعب: والذي نفسي بيده، إنها لرأس التوكل، وكنز العبد في الجنة، ولا يقول ذلك ثم يمضي إلا لم يضره شيء (5).

(1) 5/ 195.

(2)

"التاريخ الكبير" 7/ 33 (141).

(3)

"التاريخ الكبير" 7/ 33 (441)، "الجرح والتعديل" 6/ 396 (2210)، "أسد الغابة" 4/ 28.

(4)

"عمل اليوم والليلة"(292)، وصححه الألباني في "الصحيحة" 3/ 54 (1065).

(5)

"شعب الإيمان" 2/ 65 (1180).

ص: 687

وروى الطبراني عن أبي الدرداء: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا ينال الدرجات العلى من تكهن، أو استقسم، أو رجع من سفره تطيرًا"(1).

وفي "مراسيل أبي داود" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس عبد إلا سيدخل قلبه طيرة، فإذا أحس بذلك فليقل: أنا عبد اللَّه، ما شاء اللَّه، لا قوة إلا باللَّه، إن اللَّه على كل شيء قدير"(2).

(فإذا رأى أحدكم ما يكره) لفظ البيهقي في "الدعوات": "فإذا رأيت من الطيرة ما تكره فقل"(3).

(فليقل: اللهم لا يأتي بالحسنات) أي: بالأشياء الحسنة من منفعة تحدث وخير يتجدد (إلا أنت) ليس لما تطير منه شيء من ذلك، بل كله من اللَّه، فهو موجده ومقدره.

(ولا يدفع السيئات) الأشياء السيئة من المضار والمكروهات (إلا أنت) وقد كان قوم موسى إذا أصابهم الخصب والأشياء المحبوبة قالوا: نحن مستحقوها. وإن أصابهم الضيق والجدب وما يكرهونه تطيروا بموسى عليه السلام وقالوا: هذا بشؤم موسى (4)، ولولاه ما أصابنا

(1)"المعجم الأوسط" 3/ 118 - 119 (2663). وأورده الهيثمي في "المجمع" 1/ 128 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد، وهو كذاب. قال الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" 3/ 197 (3099): حسن لغيره.

(2)

(539) من حديث عبد الرحمن بن سابط الجمحي مرسلًا.

(3)

2/ 287 (500).

(4)

ساقطة من (م).

ص: 688

هذا. كما قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ} (1)(ولا حول) عن المعاصي والسيئات (ولا قوة) على الطاعات والحسنات (إلا بك) إلا بقدرتك وتوفيقك لعمله.

[3920]

(حدثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا هشام) الدستوائي (عن قتادة، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه) بريدة بن الحصيب بن عبد اللَّه بن الحارث الأسلمي رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير من) رؤية (شيء) يتطير به غيره من العرب وغيرهم، ويقولون: من لي بالسانح بعد البارح. والسانح من الصيد ما ولاك ميامنه، وذلك إذا مر من مياسرك إلى ميامنك، والعرب تتيمن به وتتشاءم بالبارح، وهو الصيد الذي ولاك مياسره، يمر من ميامنك إلى مياسرك، وإنما تشاءمت بالبارح؛ لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف إليه.

(وكان إذا بعث عاملًا) من عماله، أي: إذا أراد أن يبعت عاملًا على الزكاة إلى جهة (سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به) واستبشر (ورُئي) بضم الراء مبني للمجهول (بشر) أي: علامة الاستبشار (في وجهه) وكان إذا سر استنار وجهه.

قال محيي السنة: ينبغي أن يختار الرجل لأولاده وخدمه الأسماء الحسنة، فإن الأسماء المكروهة قد توافق القدر (2). يعني: لو سمى ابنه بخسار فربما جرى قضاء اللَّه بأن يلحق خسار ذلك المسمى بخسار، فيعتقد بعض الناس أنه بسبب اسمه، فيتشاءم به فيحترزون عنه

(1) الأعراف: 131.

(2)

"شرح السنة" للبغوي 12/ 177.

ص: 689

ويصير معروفًا بالشؤم، فلا ينبغي أن يسمى باسم يصير بسببه مبغوضًا، وكراهيته عليه الصلاة والسلام (وإذا دخل) أي: أراد دخول (قرية) أو بلدة (سأل عن اسمها، فإن أعجبه فرح بها) واستبشر (ورئي بشر ذلك في وجهه) باستنارة وجهه (وإن كره اسمها ربي كراهية ذلك في وجهه) وسبب كراهيته الاسم القبيح؛ لئلا يحصل لهم في القرية مكروه (1)، فيحدث لهم التشاؤم والتطير المنهي عنه، فإن الاسم القبيح مبغوض في الطباع، كما أن الاسم الحسن محبوب في الطباع.

[3921]

(حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا أبان) لا ينصرف على الأكثر (قال: حدثني يحيى) بن أبي كثير (أن الحضرمي (2) بن لاحق) التميمي السعدي، ذكره ابن حبان في "الثقات"(3)، وقال ابن معين: ليس به بأس (4)(حدثه عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن مالك) أبي وقاص ابن وهيب الزهري رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: لا هامة ولا عدوى) تقدما (ولا طيرة، وإن تكن الطيرة) المنهي عنها (في شيء ففي الفرس والمرأة والدار) قال القرطبي: لا نظن أن الذي رخص فيه من الطيرة هذِه الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد وتفعل، فإنها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه، فإن هذا ظن خطأ، وإنما

(1) في جميع النسخ: مكروهًا. والمثبت هو الصواب.

(2)

فوقها في (ح)، (ل):(س).

(3)

6/ 249.

(4)

"الجرح والتعديل" 3/ 302 (1347)، "تهذيب الكمال" 6/ 554 (1381)، "تهذيب التهذيب" 1/ 448.

ص: 690

معنى ذلك أن هذِه الثلاثة المذكورة أكثر ما يتشاءم الناس بها ويتطيرون بها لملازمتهم الفرس التي يرتبطونها للجهاد ونحوه، والمرأة التي يتزوجونها خصوصًا إن جاء منها أولاد، والدار التي يسكنونها، فمن وقع له شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره، ولم يلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه، أو يستمر مع امرأة يكرهها، بل قد فسح له في ترك ذلك كله ببيع وعتق وطلاق ونحو ذلك (1).

[3922]

(حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن) أبي عمارة (حمزة)(2) أحد الفقهاء بالمدينة (و) شقيقه (سالم ابني عبد اللَّه ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (عن) أبيهما (عبد اللَّه بن عمر رضي الله عنهما أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال) زاد البخاري: "إنما"(3)(الشؤم في) ثلاث، والشؤم بهمزة ساكنة، ويجوز تخفيفها، وهو ضد اليمن، تقول: ما أشأم فلانًا. قال في "الصحاح": والعامة تقول: ما أيشمه (4). وهي (الدار والمرأة والفرس) قال معمر: سمعت من يقول: شؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الدابة إذا لم يغز عليها، وشؤم الدار جار السوء (5). وهذا حسن، لكن مع اعتقاد أن اللَّه تعالى هو الفَعَّال لما يريد، وليس

(1)"المفهم" 5/ 629 - 630.

(2)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

(3)

"صحيح البخاري"(2858)، (5772).

(4)

5/ 1957.

(5)

رواه البيهقي 8/ 140.

ص: 691

لشيء من هذِه (1) الأشياء أثر في الوجود، وهذا قريب من المجذوم، فإن قيل: هذا يجري في كل متطير به، فما وجه خصوصية هذِه الثلاثة بالذكر؟ .

إن أكثر ما يقع التطير في هذِه الثلاثة، فخصت بالذكر. فإن قيل: فما الفرق بين الدار وبين موضع الوباء؟ فإن الدار إذا تطير منها فقد وسع له الارتحال منها، وموضع الوباء فقد منع من الخروج منه.

وأجاب بعض العلماء أن الأمور بالنسبة إلى هذا المعنى ثلاثة أقسام: أحدها: ما لم يقع التطير منه لا نادرًا ولا مكررًا، فهذا لا يصغى إليه، وقد أنكر الشارع الالتفات إليه كنعي الغراب في السفر أو صراخ بومة في دار، ففي مثل هذا قال عليه السلام:"لا طيرة" وهذا كانت العرب تعتبره.

ثانيها: ما يقع به الضرر، ولكنه [يعم و](2) لا يخص، ويندر ولا يتكرر كالوباء، فهذا لا يقدم عليه ولا يفر منه.

وثالثها: سبب يخص ولا يعم، ويلحق به الضرر بطول الملازمة كهذه الثلاثة، فيباح له الاستبدال والتوكل على اللَّه والإعراض عما يقع في النفس.

(قال) المصنف (قرئ على الحارث بن مسكين) مولى مروان، الفقيه المالكي (وأنا شاهد: أخبرك عبد الرحمن بن القاسم) العتقي، صحب مالكًا عشرين سنة، ومات بمصر.

(1) ساقطة من (ل)، (م).

(2)

ساقطة من (ل)، (م).

ص: 692

(قال: سئل مالك رضي الله عنه عن الشؤم في حديث الفرس والدار والمرأة. قال: كم من دار سكنها ناس فهلكوا) فذكر في كتاب الجامع من "العتبية": رب دار سكنها قوم فهلكوا (ثم سكنها) قوم (آخرون فهلكوا)(1) بفتح اللام.

قال القرطبي: حمل الحديث على ظاهره ولم يتأوله (2).

(فهذا تفسيره فيما نرى) بضم النون (واللَّه تعالى أعلم) ويعضد ما قاله مالك الحديث (3) الآتي بعده، وهو:

[3923]

(حدثنا مخلد بن خالد) الشعيري العسقلاني نزيل مصر (4) شيخ مسلم (وعباس) بالموحدة والسين المهملة ابن عبد العظيم (العنبري) شيخ مسلم، والبخاري تعليقًا (5).

(قالا: حدثنا عبد الرزاق، أنا معمر، عن يحيى بن عبد اللَّه بن بكير) بفتح الباء الموحدة وكسر الحاء المهملة القاص، ذكره ابن حبان في "الثقات"(6).

(قال: أخبرني من سمع فروة) بفتح الفاء والواو (بن مسيك) بضم الميم وفتح السين المهملة بالتصغير، ابن الحارث المرادي، أصله من

(1)"البيان والتحصيل" 17/ 275.

(2)

انظر: "المفهم" 5/ 629.

(3)

ساقط من (ل)، (م).

(4)

كذا في الأصول: مصر. والصواب: طرسوس. انظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 27/ 334.

(5)

"صحيح البخاري" عقب حديث (6412) من حديث ابن عباس مرفوعًا.

(6)

7/ 606.

ص: 693

اليمن، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع وأسلم، فبعثه على قومه (قال: قلت يا رسول اللَّه، أرض عندنا) باليمن (يقال لها أرض أبين) غير منصرف، ذكره سيبويه بكسر الهمزة على وزن إفعل مع إصبع وإشفى، قال الطبري: أبين وعدن ابنا عدنان سميت بهما البلدتان (1). وقال أبو حاتم: سألت أبا عبيدة: كيف تقول: إبين أو أبين؟ فقال: إبين وأبين جميعًا، وهو عدن أبين من بلاد اليمن، نسب إلى أبين بن زهير بن الهميسع بن حمير بن سبأ.

(هي أرض ريفنا) بكسر الراء وسكون المثناة تحت ثم فاء، والريف كل أرض فيها زرع ونخل، وقيل: هو ما قارب الماء من أرض العرب ومن غيرها، ومنه حديث العرنيين: كنا أهل ضرع ولم نكن أهل ريف (2). أي: إنا من أهل البادية لا من أهل المدن وفي رواية "المصابيح": هي أرض ريعنا (3). [بفتح الراء](4) وبالعين بدل الفاء، والريع: الزيادة والنماء. يعني: يحصل لنا فيها الثمار والنبات.

(وميرتنا) بكسر الميم، والميرة هي: القمح والشعير وغيرهما من الأطعمة ونحوها مما يجلب للبيع، قال اللَّه تعالى:{وَنَمِيرُ أَهْلَنَا} (5).

(وإنها وبيئة) بالمد، الوباء بالقصر والمد والهمز: الطاعون والمرض

(1)"تاريخ الطبري" 2/ 270.

(2)

رواه البخاري (4192)، (5727) من حديث أنس.

(3)

في "مشكاة المصابيح"(4590) بتحقيق الشيخ الألباني: (ريفنا). بالفاء.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(5)

يوسف: 65.

ص: 694

العام، وقد وبئت الأرض فهي وبئة، ووبئت أيضًا فهي موبوءة، وأوبأت فهي موبئة (أو قال: وباؤها) بالقصر والمد كما ذكر وبؤها (شديد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعها عنك) أي: لا تأتها (فإن من القرف) بفتح القاف والراء ثم فاء، وهو ملابسة الداء ومقاربة الوباء ومداناة المرضى، وكل شيء قاربته فقد قارفته.

(التلف) هو الهلاك، يعني: من قارب متلفًا يتلف، يعني: إذا لم يكن هواء تلك الأرض موافقًا لك فاتركها، وليس هذا من باب العدوى، إنما هو من باب الطب، فإن استصلاح الهواء من أعون الأشياء على صحة الأبدان، وفساد الهواء من أسرع الأشياء إلى الإسقام، وفي حديث عمر قال له رجل من البادية: متى تحل لنا الميتة؟ قال: إذا وجدت قرف الأرض فلا تقربها. أراد ما يقترف من بقل الأرض وعروقه، أي: يقتلع، وأصله: أخذ القشر منه، وفي حديث ابن الزبير: ما على أحدكم إذا أتى المسجد أن يخرج قرفة أنفه (1). أي: قشرته، يريد المخاط اليابس اللازق به.

واعلم أن في المنع من الدخول إلى الأرض الوبئة حِكمًا:

أحدها: تجنب الأسباب المؤدية والبعد منها.

الثاني: الأخذ بالعاقبة التي هي مادة مصالح المعاش والمعاد.

الثالث: أن لا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد، فيكون سببًا للتلف.

(1) انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة 2/ 443.

ص: 695

الرابع: أن لا يجاوروا المرضى الذين قد مرضوا بذلك، فيحصل لهم بمجاورتهم من جنس أمراضهم. والحديث يدل على هذا.

[3924]

(حدثنا الحسن (1) بن يحيى) بن هشام البصري الرازي (2). قال ابن حبان في "الثقات": كان صاحب حديث (3). أخرج له المصنف حديثين (4)، أحدهما هذا (5)(حدثنا بشر)(6) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، ابن [الزهراني البصري.

(عن عكرمة بن عمار) الحنفي اليمامي، أخرج له مسلم، وكان مجاب الدعوة (عن] (7) إسحاق (8) بن عبد اللَّه بن أبي طلحة) زيد بن سهل الأنصاري (عن) عمه لأمه (أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول اللَّه، إنا كنا في دارٍ كثيرٌ) بالجر [(فيها عددنا، وكثير) بالرفع](9).

(فيها أموالنا) ورواية مالك في "الموطأ" عن يحيى بن سعيد: جاءت امرأة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: دار سكناها والعدد كثير والمال وافر،

(1) فوقها في (ح)، (ل):(د).

(2)

كذا في الأصول: الرازي. والصواب: الرزي. كما في مصادر ترجمته. انظر: "تهذيب الكمال" 6/ 336.

(3)

8/ 180.

(4)

في جميع النسخ: حديثان. والمثبت هو الصواب.

(5)

والثاني سبق برقم (312) من حديث أم سلمة.

(6)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

(7)

ما بين المعقوفتين ساقط من (ل)، (م).

(8)

فوقها في (ح): (ع).

(9)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

ص: 696

فقل العدد وذهب المال. فقال: "دعوها فإنها ذميمة"(1)(فتحولنا) عنها (إلى دار أخرى، فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ذروها) هذا ليس من الطيرة ولا العدوى، بل من الطب، فإن الهواء والماء والنبات مختلف، فبعضها يوافق الطباع وبعضها يخالفها، والأرض الأولى كان هواؤها وماؤها ونباتها موافقة لهم، والدار الثانية التي انتقلوا إليها مخالفة لهم، فأمرهم أن يتركوها إرشادًا إلى المصالح الدنيوية والدينية.

(فإنها ذميمة) أي: اتركوا هذِه الدار فإنها مذمومة، فعيلة بمعنى مفعولة، أي: هواؤها غير موافق لكم. وإنما أمرهم بالتحول عنها؛ إبطالا لما وقع في نفوسهم من أن المكروه إنما أصابهم بسبب سكنى الدار، فإذا تحولوا عنها انقطعت مادة ذلك الوهم وزال ما خامرهم من الشبهة.

[3925]

(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يونس (2) بن محمد) المؤدب البغدادي (حدثنا مفضل بن فضالة) بن أبي أمية البصري مولى زيد بن الخطاب، قال أبو حاتم: يكتب حديثه (3). وذكره ابن حبان في "الثقات"(4)، وله هذا الحديث عندهم.

(عن حبيب (5) بن الشهيد) الأزدي البصري (عن محمد بن المنكدر،

(1) 2/ 972.

(2)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 317 (1460).

(4)

7/ 496.

(5)

فوقها في (ح)، (ل):(ع).

ص: 697

عن جابر) بن عبد اللَّه رضي الله عنهما (أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخذ بيد مجذوم) هذا المجذوم هو معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي حليف بني أمية، من مهاجرة الحبشة، توفي سنة أربع (فوضعها معه في القصعة) بفتح القاف، أي: أكل معه، وهذا فعله لبيان الجواز لما في البخاري عن أبي هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "فر من المجذوم كما تفر من الأسد"(1) وهذا محمول على الاستحباب والاحتياط، فبهذا يجمع بين الحديثين.

(وقال: كل) زاد الترمذي: باسم اللَّه (2)(ثقة باللَّه تعالى وتوكلًا عليه) في الأكل مع المجذوم. قيل: إنما أمر أن يفر من المجذوم؛ لأنه إذا رآه صحيح البدن عظمت حسرته ونسي نعم ربه تعالى، فأُمر أن يفر منه؛ لئلا يكون سببًا للزيادة في محنة أخيه وبلائه، واللَّه تعالى أعلم بالصواب (3).

آخر كتاب الطب والحمد للَّه تعالى كما يرضى ربنا ويحب وصلى اللَّه على سيدنا محمد وعلى كل من له صحب في نصف ذي الحجة عام اثنين وثلاثين وثمان مائة يتلوه كتاب العتق

* * *

(1) رواه البخاري (5707) معلقًا، وقال ابن حجر في "الفتح" 10/ 158: وصله أبو نعيم. . . وابن خزيمة أيضًا.

(2)

"سنن الترمذي"(1817).

(3)

بعدها في (ل)، (م): قال المصنف.

ص: 698