الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8 - باب الرَّجُلِ يُدْعَى فَيَرى مَكْرُوهًا
3755 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، أَخْبَرَنَا حَمّادٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهانَ، عَنْ سَفِينَةَ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ رَجُلًا أَضافَ عَليَّ بْنَ أَبي طالِبٍ فَصَنَعَ لَهُ طَعامًا فَقالَتْ فاطِمَةُ: لَوْ دَعَوْنا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَنا. فَدَعَوْهُ فَجاءَ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى عِضادَتَى البابِ فَرَأى القِرامَ قَدْ ضُرِبَ بِهِ في ناحِيَةِ البَيْتِ، فَرَجَعَ فَقالَتْ فاطِمَةُ لِعَليٍّ: الحَقْهُ فانْظُرْ ما رَجَعَهُ. فَتَبِعْتُهُ فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ ما رَدَّكَ؟ فَقالَ: "إِنَّهُ لَيْسَ لي أَوْ لِنَبيٍّ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتًا مُزَوَّقًا"(1).
* * *
باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه
[3755]
(حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: ثنا حماد) بن سلمة (عن سعيد بن جمهان) بضم الجيم وبعد الألف نون، كنيته أبو حفص الأسلمي البصري. قال يحيى بن معين: ثقة (2).
(عن سفينة) بفتح المهملة وكسر الفاء (أبي عبد الرحمن) أعتقته أم سلمة، في اسمه أقوال، مات مع جابر.
(أن رجلًا أضاف علي بن أبي طالب) أي: نزل عليه ضيفًا (فصنع له) علي (طعامًا فقالت) له (فاطمة) زوجته، وهي سيدة نساء العالمين (لو دعونا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم)(لو) هنا للتمني، كما في قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا
(1) رواه ابن ماجه (3360)، وأحمد 5/ 220.
وحسنه الألباني.
(2)
"تاريخ ابن معين" رواية الدوري (3433).
كَرَّةً} (1)(فأكل معنا، فدعوه فجاء) فيه جواز دعاء غير الضيف من قريب وصديق ونحوه ليأكل مع الضيف، ويستحب هذا لمن يرجى التبرك بحضوره، أو الانتفاع بعلمه.
(فوضع يده على عضادتي) بكسر العين، وهي جانب العتبة من (الباب)، ولكل باب عضادتان، وفيه أنه يستحب للداخل من الباب أن يضع يده على عضادته، وكذا عضادتا باب المسجد؛ لما روى ابن السني عن أبي هريرة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة أخذ بعضادتي باب المسجد، ثم قال:"جعلني اللَّه من أوجه من توجه إليك، وأقرب من تقرب إليك، وأفضل من سأل ورغب إليك"(2).
(فرأى القرام) بكسر القاف وتخفيف الراء وبعد الألف ميم، هو الستر الرقيق، وقيل: الصفيق من صوف ذي ألوان، وقيل: القرام: الستر الرقيق وراء الستر الغليظ. (قد ضرب به في ناحية البيت) أي: جعلوه في ناحية من نواحي البيت، والباء زائدة عند بعضهم (فرجع) فيه دليل على أن من دعي إلى وليمة فرأى فيها الحائط أو الحيطان مستورة بستر، ولو لم يكن فيه صورة، جاز له الرجوع عن حضور الدعوة؛ لما روى الخلال بإسناده عن ابن عباس وعلي بن الحسين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن تستر الجدر (3).
(1) الشعراء: 102.
(2)
"عمل اليوم والليلة"(374).
(3)
انظر: "المغني" لابن قدامة 10/ 204. ورواه عن علي بن حسين أيضًا ابن أبي شيبة 5/ 204 (25241)، والبيهقي 7/ 272.
وروى الأثرم عن سالم بن عبد اللَّه بن عمر، قال: أعرست في عهد أبي، فآذن أبي الناس، فكان أبو أيوب فيمن آذن وقد ستروا بيتي بجنادي أخضر، فأقبل أبو أيوب مسرعًا فاطلع، فرأى البيت مسترًا بجنادي أخضر، فقال: يا (1) عبد اللَّه، أتسترون الجدر؟ فقال أبي واستحيا: غلبتنا النساء يا أبا أيوب. فقال: من خشيت أن يغلبه النساء فلم يغلبنك، ثم قال: لا أطعم لكم طعامًا، ولا أدخل لكم بيتًا، ثم خرج (2).
الجنادي بضم الجيم وتخفيف النون، هو جنس من الأنماط أو الثياب، تستر بها الجدران، فإذا ثبت هذا فإن ستر الحيطان مكروه غير محرم، وهذا مذهب الشافعي (3)؛ إذ لم يثبت في تحريمه دليل، وقد فعله ابن عمر، وفعل (4) في زمن الصحابة رضي الله عنهم، وإنما كره لما فيه من السرف، وقيل: هو محرم؛ للنهي عنه، والأول أولى؛ فإن النهي لم يثبت، ولو ثبت لحمل على الكراهة.
(فقالت فاطمة لعلي: الحقه انظر ما رجعه، فتبعته، فقلت: يا رسول اللَّه ما ردك؟ فقال: إنه ليس لي أو لنبي أن يدخل بيتًا مزوقًا).
* * *
(1) بعدها في النسخ: أبا.
(2)
علقه البخاري قبل حديث (5181)، ورواه ابن أبي شيبة 5/ 204 (25243)، والطبراني 4/ 118 - 119.
(3)
انظر: "الأم" ط. دار الوفاء 7/ 452، "الحاوي" 9/ 565، "البيان" 9/ 489.
(4)
ساقطة من (م).