الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب كَراهِيَةِ مَنْعِ العِلْمِ
3658 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْن إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ، أَخْبَرَنَا عَليُّ بْن الحَكَم، عَنْ عَطَاءٌ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سُئِلَ، عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أَلْجَمَهُ اللهُ بِلِجامٍ مِنْ نارٍ يَوْمَ القِيامَةِ"(1).
* * *
باب كراهية منع العلم
[3658]
(حَدَّثَنَا موسى بن إسماعيل، حَدَّثَنَا حماد) بن سلمة (أنا علي ابن الحكم) البناني، أخرج له البخاري في الإجارة (عن عطاء) بن أبي رباح (عن أبي هريرة لجنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سئل عن علم) يعلمه (فكتمه) وله في (2) رواية أخرى مبينة للعلم من رواية أبي سعيد الخدري بلفظ: "من كتم علما مما ينفع الله به في أمر الناس في الدين"(3). وله من رواية أخرى: "ما من رجل يحفظ علمًا فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجمًا بلجام من نار"(4) ولابن ماجة أيضًا من رواية
(1) رواه الترمذي (2649)، وابن ماجة (261)، (266)، وأحمد 2/ 263، 305، 344، 495، 499، 508، وابن حبان (95).
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(6284).
(2)
ساقطة من (م).
(3)
رواه ابن ماجة (265)، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 40: هذا إسناد ضعيف فيه محمد بن داب كذبه أبو زرعة"علل الحديث " لابن أبي حاتم 4/ 132، وغيره، ونسب إلى وضع الحديث.
وقال الألباني في "ضعيف ابن ماجة"(56): ضعيف جدًّا.
(4)
رواه ابن ماجة (261) من حديث أبي هريرة.
جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا لعن آخر هذِه الأمة أولها فمن كتم حديثًا فقد كتم ما أنزل الله"(1) وفيه انقطاع.
وحمله سحنون المالكي على كتمان الشهادة التي يحملها، قال ابن العربي: والصحيح خلافه؛ لأن لفظ الحديث: "من سئل عن علم" ولم يقل: عن شهادة. والعمل على بقاء الحديث على ظاهره حتى يأتي مخصص له كما سيأتي، فما كان من العلوم غير نافع في الدين جاز كتمه، لا سيما إن كان مع ذلك خوف، فإن ذلك آكد في الكتمان، فقد كتم أبو هريرة راوي الحديث حين خاف فقال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم. أخرجه البخاري (2). قال العلماء: وهذا الذي لم يبثثه وخاف على نفسه فيه الفتنة أو القتل إنما هو فيما يتعلق بأمر الفتن، والنص على أعيان المرتدين والمنافقين، ونحو ذلك.
وقد استدل بهذا الحديث والآية التي قال أبو هريرة عنها: لولا آية في كتاب الله ما حدثتكم. وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} (3) على وجوب تبليغ العلم وإظهاره للانتفاع به، ودل
= وحسنه الألباني في "صحيح ابن ماجة"(210).
(1)
رواه ابن ماجة (263)، قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 39: هذا إسناد فيه الحسين بن أبي السري كذاب، وعبد الله بن السري ضعيف، وذكر المزي في "الأطراف" 2/ 368 أن عبد الله بن السري لم يدرك محمد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر.
(2)
"صحيح البخاري"(120).
(3)
البقرة: 159.
الحديث بتخصيصه على أن ما لا ينتفع به في الدين لا يجب إظهاره ولا تعليمه، فلا يجوز تعليم الكافر القرآن والعلم حتى يسلم، وكذلك لا يجوز تعليم المبتدع الجدال والحجاج ليجادل به أهل الحق، ولا يعلم الخصم على خصمه حجة يقتطع بها ماله، ولا يعلم المفتي المستفتي حيلًا يتوصل بها إلى أكل مال غرمائه بالباطل، ولا يعلم السلطان تأويلًا يتطرق به على مكاره الرعية، ولا تنشر الرخص عند السفهاء؛ فيجعلوا ذلك طريقًا إلى ارتكاب المحذورات وترك الواجبات؛ لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تعلقوا الدر في أعناق الخنازير"(1). وروى ابن ماجة عن أنس: "واضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ"(2). يريد تعليم الفقه لمن ليس من أهله.
(ألجمه الله تعالى بلجام من نار يوم القيامة) في هذا بيان تعظيم تحريم كتمان العلم المحتاج إليه، فإن التحريم يزيد بزيادة الاحتياج، كمن يرى
(1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 141، وابن الجوزي في "الموضوعات" 1/ 232 من حديث أنس.
قال ابن الجوزي: قال الدارقطني: تفرد به يحيى بن عقبة. قال المصنف: قلت: وهو المتهم به، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به بحال.
(2)
رواه ابن ماجة (224).
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 1/ 30: هذا إسناد ضعيف؛ لضعف حفص ابن سليمان البزاز.
وضعفه الألباني جدًّا في "ضعيف الجامع"(3626).
وقال في "ضعيف ابن ماجة"(42): صحيح دون قوله: "وواضع العلم
…
" إلخ، فإنه ضعيف جدًّا.
رجلًا حديث عهد بالإسلام ولا يحسن الصلاة وقد حضر وقتها فيقول: علمني أصلي.
ومقتضى هذا الحديث أن الكاتم للعلم يفعل به ما فعل بالناس في الدنيا، فكما ألجم نفسه في الدنيا بلجام السكوت يلجمه الله يوم القيامة بلجام من نار؛ ليظهر للناس في الآخرة كتمه للعلم الذي تفضل الله عليه به في الدنيا فكتمه عن خلقه، فيجمع له يوم القيامة بين العقوبة بلجام النار ومذمة الناس له في الموقف وشهرته بذلك. كما أن من أظهر العلم ونشره للناس ورفع بعضهم به في الدنيا بتعليمه يرفعه الله تعالى يوم القيامة على منابر من نور؛ ليظهروا للناس ويقصدوهم بالشفاعة؛ فإنهم يشفعون بعد الأنبياء، جعلنا الله تعالى منهم.
* * *