الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب في الشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ
3723 -
حَدَّثَنا حَفْص بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابن أَبي لَيْلَى قالَ: كانَ حُذَيْفَةُ بِالمَدائِنِ فاسْتَسْقَى فَأَتاهُ دِهْقانٌ بإناءٍ مِنْ فِضَّةٍ فَرَماهُ بِهِ وقالَ: إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ بِهِ إِلَّا أَنّي قَدْ نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الحَرِيرِ والدِّيباجِ، وَعَنِ الشُّرْبِ في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وقالَ:"هِيَ لَهُمْ في الدُّنْيا وَلَكُمْ في الآخِرَةِ "(1).
* * *
باب الشرب في آنية الذهب والفضة
[3723]
(حدثنا حفص بن عمر) الحوضي، شيخ البخاري (ثنا شعبة، عن الحكم)(2) بن عتيبة الكندي، مولاهم، فقيه الكوفة (عن) عبد الرحمن (ابن أبي ليلى قال: كان حذيفة) بن اليمان (بالمدائن) بهمزة قبل النون، وكان عمر قد ولاه عليها (فاستسقى) أي: طلب شرابًا يشربه (فأتاه دِهقان) بكسر الدال المهملة على الأشهر (3) كما قاله الزمخشري (4)، منصرف وغير منصرف وجهان، وهو زعيم القرية ورئيسها ومقدم أصحاب الزراعة، وهو معرب، ونونه أصلية؛ لقولهم: تدهقن الرجل، وله دهقنة، أي رياسة، وقيل: النون زائدة، وهو من الدهق، وهو الامتلاء، من قوله تعالى:{وَكَأْسًا دِهَاقًا} (5).
(1) رواه البخاري (5426)، ومسلم (2067).
(2)
فوقها في (ح، ل): (ع).
(3)
في (ل، م): الأفصح.
(4)
"الفائق في غريب الحديث والأثر" 3/ 181.
(5)
النبأ: 34.
(بإناء) لفظ مسلم (1): فجاءه دهقان بشراب في إناء (من فضة). ولفظ البخارفي: فأتاه دهقان بقدح فضة فرماه به (2).
(فرمى به وقال: إني لم أرمه به، إلا أني قد نهيته) عنه (فلم ينته) لفظ مسلم: إني قد أمرته أن لا يسقيني فيه (3). فيه تعزير من ارتكب معصية، لاسيما إن كان قد سبق نهيه عنها كقضية الدهقان مع حذيفة، وفيه أنه لا بأس أن يعزر الإمام بنفسه بعض مستحقي التعزير.
(وإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن) لبس (الحرير والديباج) بكسر الدال وفتحها، الكسر أشهر، جمعه ديابيج، عجمي معرب، وهي الثياب المتخذة من الإبريسم، وأصله دياج، ولذلك قيل في جمعه دباييج بمثناتين من تحت. (ونهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة، وقال: هي لهم) أي: للكفار (في الدنيا) والسياق يدل عليه، وليس فيه أن الكفار غير مخاطبين بالفروع الشرعية (4)؛ لأنه لم يصرح بإباحته لهم، بل أخبر عن الواقع في العادة أنهم هم الذين يستعملونه في الدنيا، وإن كان حرامًا عليهم كما هو حرام على المسلمين، وهذا كقوله عليه السلام في الحرير:"إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة"(5) وهم الكفار؛
(1) مسلم (2067).
(2)
البخاري (5632).
(3)
مسلم (2067).
(4)
ما ذكره المصنف من أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة هو الصواب، وهو الذي عليه رأى الأكثرين. انظر:"روضة الناظر" لابن قدامة 1/ 229، "إرشاد الفحول" 1/ 567.
(5)
رواه البخاري (5835)، ومسلم (2068/ 7) من حديث عمر.
لأنهم لما كان مأكولهم في أواني الذهب والفضة في الدنيا وآثروه على ما أعده اللَّه لأوليائه في الآخرة وأحبوا العاجلة ذمهم بذلك. ونهى المسلمين أن يتشبهوا بهم؛ لئلا يدخلوا في قوله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (1)، وقال مالك بن دينار: قرأت فيما أنزل اللَّه: أن قل لأوليائي: لا تطعموا مطاعم أعدائي، ولا تلبسوا لباس أعدائي؛ فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي (2).
(ولكم في الآخرة) دونهم.
* * *
(1) الأحقاف: 20.
(2)
رواه ابن أبي الدنيا في "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"(77، 96)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 371، وعبد الغني المقدسي في "الأمر بالمعروف"(87).